! الحرية.. الطغيان.. الفوضي في غمرة التطورات المتسارعة التي تعيشها مصر والمنطقة العربية كأحد أهم تداعيات الثورة التونسية والثورة المصرية.. أخشي أن يشتبه علينا الأمر فلا نفرق بين الحرية والفوضي.. فالحرية فضيلة بين نقيصتين هما الطغيان والفوضي! إن الطغيان ينشأ من مغالاة الفرد في حريته الفردية لدرجة أن يجيز لنفسه حق التعدي علي حرية الآخرين,... وقد يظهر الطغيان في المجتمعات الدولية فيضغط الأقوي علي الأضعف وهنا يتوفر المدخل لقوي الهيمنة والسيطرة العالمية التي تستبيح لنفسها حق سلب الشعوب الضعيفة حرياتها وثرواتها. فالطغيان مظهر إفراط في السيطرة علي الغير.. سيطرة فرد علي شعب.. أو طبقة علي طبقة أخري.. أو سيطرة أمة علي غيرها من الشعوب و الأمم. الطغيان إفراط في سيطرة السلطة يقابله تفريط فيها يقول به الفوضويون.. ففي الفوضي محاولة إزالة السلطات وإفراط في حرية الأفراد فلا حاكم ولا محكوم ولا شريعة ولا نظام إلا ما يستوحيه الفرد من رؤيته وهواه! وعلي طول التاريخ كان نضال الشعوب الحية يتركز في طلب الحرية المسئولة ليس فقط باعتبارها المنقذ من الطغيان والفوضي, وإنما لأنه ليس معقولا السماح لأي فرد مهما علا شأنه أن تكون له حرية لا تتقيد بحرية الآخرين في المجتمع,.. وهذا هو أحد أسباب نشوء الدولة الحديثة لكي تحفظ للناس حرياتهم من خلال هيبة السلطة وقوة القانون. عظمة الحرية في أنها نظام وسطي يقبل بمبدأ السلطة علي أن تكون حامية للحرية التي يستظل بها الجميع من خلال الفرص المتكافئة والقدرة علي مقاومة الفوضي والطغيان.. وتلك هي أهم سمات النظم الديمقراطية التي تدفع المواطنين إلي احترام الدستور والقانون بعيدا عن القهر والإجبار ومن خلال حسن الإدراك والفهم والاقتناع بأنه عندما يلتزم الإنسان بالقانون فإن ذلك يتم بملء حريته وليس خوفا من جبروت السلطة! الأمة العربية سئمت الطغيان ولا تحتمل الفوضي وخيارها الوحيد هو الحرية!
خير الكلام: هي الأيام إن جمحت عنادا... أذلت كل جبار عنيد! [email protected]