أصل كلمة "موال»: جذر الكلمة هو " المواليا"، وهو شكل شعبى عربى، إيقاعه واحد لا يتغير هو بحر البسيط، الذى احتفظ به الموال الشعبى فى مصر. أشكال الموال: 1- البغدادى: وهو يتركب من أربع شطرات متحدة القافية (أ أ أ أ)، وفى الممارسة العملية نرى من النماذج المنشورة، أن الموال البغدادى أو الرباعى أحياناً يكون «أعرج»، أى به شطرة غير مقفاة وسنتحدث بعد قليل عن الموال الأعرج الخماسى. ومن النماذج اللطيفة لهذا الموال الرباعى المسمى بالبغدادى وهو هنا أعرج (أ أ ب أ) هذه الطقطوقة: سحبوا علينا سلاح الهجر وجه فينا ولبسوا علينا ثياب الهجر وجافينا والله اللى جفانا لا نجفاه ونعمله سِنّ للمحرات وجافينا. 2- الموال الخماسى المعروف بالأعرج: يتركب هذا الموال من أربع شطرات متحدة القافية عدا السطر الرابع، ويرمز له بالآتى ( أ أ أ ب أ). وفى التطبيق العملى هناك حالات تكون كالتالى: (أ أ ب ب أ) مثال على ذلك. يا واخد القرد إوعى يخدعك مالُه تحتار فى طبعه وتتعذب بأحوالُه حبل الوداد إن وصلته يقطع احباله تقضّى عمرك حليف الفكر والأحزان ويذهب المال ويبقى القرد على حاله 3- الموال السداسى، المسمَّى أيضاً ب "المرصّع.” يتكون من ستة سطور متحدة القافية ماعدا السطر الخامس (أ أ أ أ ب أ)، وأحيانا كما يتضح من بعض النماذج المنشورة يكون نمط التقفية كالتالى: (أ أ أ ب ب أ)، والنموذج الذى اخترته ينتمى لهذه التنويعة الأخيرة: تعبان يا قلبى، من مَشْى الردِى تعبان ياريت الطعام اللى كَلُه الردِي كان بَخّ فيه تٍعبان شوف الردِي! ماش يتلَوْلَو كما التٍعبان قال ح تزور النبى؟ أنا قلت عاقد النية وحقّ تٍربة نبى زين، والختمة الإلهية من خالِف الوالدين طول عمره يعيش تعبان 4- الموال السباعى: (أ أ أ ب ب ب أ) يادهر مالك عليّا بالأسى عتماه (أى عتمة) صبحتنى أبكى، ودمعى ع الخدود عتماه زاد الهنا مُرّ بعد ما حِلِى عتماه صبّحتنى أبكى وف زندى اليمين قايد أنا من بعد ما كنت أمشى فى الطريق قايد عجبى على ناس دايماً شمعهم قايد صبحم غلابة وديارهم بقت عتماه ألوان الموال: الموَّال الفرح الغزِل المحتفى بالحب والحياة يسمى بالموال الأخضر، أما المواويل التى فيها عنصر المأساة وأحياناً الدم فتسمى بالموال الأحمر. وهناك من يتحدثون عن موال أبيض، لكنى لم أعثر على نماذج تؤيد ذلك، إذ يُعَرّف الموال الأبيض بأن فيه وصفاً للطبيعة، والله أعلم.
الموال القصصى: لا يرتبط بعدد معين من السطور، ولا بنمط معين للقافية، إنما هو شكل مُرسَل ومسترسل يصل طوله أ حياناً إلى ثلاثمائة سطر. وأشهر المواويل الشعبية القصصية الطويلة ترتبط بقصص الحب فى معظم الحالات، كما هو الحال فى موال: “حسن ونعيمة” و”ياسين وبهية” و”أيوب وناعسة”, و”شفيقة ومتولى” الذي يرتبط بمفهوم الشرف الصعيدى أ كثر من الحب. وهناك مواويل بطولية كموال “أدهم الشرقاوى”، وأقصر المواويل القصصية الشعبية هو “موال الطير”، وهو أيضاً قصة حب لكن الشاعر الشعبى يتناولها رمزاً: يا تاجر الود هو الود سَجَرُه قل ولا سواقى الوداد نزحت وماءها قل أنا سألت شيخ عالم التفت قال لى من عاشر الندل بعد الغندره بينذل أصل الحكاية فرشت للطير شيشان الحرير والفل تَنُّه يعافر معايا فى الزرد الرفيع وحَل (أى عافر حتى هرب من القفص) أنا سألت على الطير.. قالوا لى الطير راح جرجا بلد عيسى والقلب منى استوى لما بقى بسيسه كنا فى شهر ر مضان والفقى سهران قابلنى الفقى ف إيده قلم بيزوم قال لى تكتم السر قلت له والله العظيم ما أقول قال لى طيرك راح دمياط وهو خافى دمياط كبيرة قوى عليها كل الطيور تورد انا نصبت للطير الشَّرَك وقويت له المضرب من وِسع بختى طلع الطير فى وسط الطيور يشرب مديت ايدى بصنعة وقمت ماسك فيه أنا قلت له يا طير أنا جايبك حتة لحمه م السوق من غير ريش وعلمتك الطيران والزك و التعشيش ليه يا طير تلوف بغيرى وتجعل طعمتى بقشيش اتمحك الطير وقال لى بلاش تعفيش التفت أقول له يا طير أنا جبت طير احسن منك وأ كحل عين من عينك اتمحك الطير وقال لى عريان اكسينى قميص ملس ومن تحت القميص صينى التفتّ أقول له يا طير القرشين اللى كان عِلمك بهم راحوا وصبحت من عشرتك أنضف من الصينى اتمحك الطير وقال لى دا كان ريقى عسل يرويك التفت أقول له هنيئا وامنع الساقى اتمحك الطير وقال لى عصاتى فى الهوى ترميك التفت أقول له اضرب متين وانا الاقى وأصل الحكاية فرشت للطير شيشان الحرير والفل وسواء فى الأشكال القصصية الطويلة أو الغنائية القصيرة، فإن الشاعر الشعبى المجهول، الذى لم يدرس رغم شاعريته قواعد العروض، أى أوزان الشعر، تمتلئ أشعاره بما يسميه المتخصصون "الكسر" فى الوزن، أى الخلل فى الإيقاع وموسيقى الشعر. لكنه استطاع رغم هذا أن يأتى بصياغات شعرية عالية، و إن كان يعيبه الإفراط فى الافتتان بلزوم ما يلزم فى قوافيه، والتضحية بالمعنى أو بوضوح المعنى فى سبيل ذلك. كل هذه الهنات أو العيوب حولها جيل الرواد من شعراء الخمسينيات إلى مزايا، وحين أقول “جيل الرواد” و”شعراء الخمسينيات” فأنا أقصد شاعرين بالتحديد: فؤاد حداد وصلاح چاهين. أرجو من القارئ العزيز أن يحتفظ بهذه المقالة، لأنها الجزء الأول الذى يقدم لمقالة تكميلية عن كيف استلهم الشعر المصرى الحديث الموال بأشكاله المختلفة الموروثة عن الشاعر التراثى المجهول، وسنركز كما أسلفت على الشاعرين اللذين أسسا لحركة التحديث فى الشعر العامى، وحولاه من زجل إلى المصطلح الذى صار شعار ثورتهما: “أشعار بالعامية المصرية».