فى كتابه الصغير الجميل, رأيتُ رام الله، يقول مريد البرغوثى، الراحل الفلسطينى الكبير المغترب، الذى أخيرا وجد وطنه السمائى النهائى، بعد شتات فى البلاد وطواف فى الزمن: يصاب المرء بالغربة كما يصاب بالربو، ولا علاج للاثنين.. والشاعر أسوأ حالاً، لأن الشعر (...)
يبدأ النصف الأول من رواية إيزابيل الليندى ابنة الحظ بحلم الحب وينتهى بحلم الذهب. وفى النصف الثانى نشهد الإفاقة التدريجية من الحلمين معا- ذكرى الحب الأول ووهم الثراء السهل - على حقيقة أن بحر الذهب قابل للنفاد إذا تكالب عليه ملايين الغارفين، وأن (...)
الكاتبة الشيلية إيزابيل الليندى يقال عنها - ضمن ما يقال - إنها أكثر من كتب بالإسبانية رواجاً بين القراء. وبصرف النظر عن مدى دقة هذه المقولة، فإن روايات الليندى تتمتع بلا شك بمزيج آسر من البساطة والعمق والشاعرية؛ من الواقعية والنقل المباشر من التجربة (...)
كان يحبها لأنها فرصته الأخيرة فى الفرح، وهى تحبه لأنه الغارس المتاح لبذرة الولد. وبعد أن حظيت بتلك البذرة المشتهاة، رفضت أن تخدع زوجها الذى هو ابن عمها فتنسب الولد المرجوّ إليه. ورفض الطبيب أن يترك ابنه لرجل آخر يربيه وينتسب إليه. ذلك الزوج يستغل (...)
يحتفل الأوروبيون وأهل الغرب هذه الأيام بميلاد السيد المسيح، بينما ينتظر أقباط مصر والكنيسة الأرثوذكسية حلول السابع من يناير المقبل ليطفئوا الشمعة الحادية والعشرين بعد الألفين للميلاد المجيد، ونتذكر اليوم, أنا وباقى أفراد الأسرة, ميلاد والدنا وعميد (...)
هكذا يقول الزميل الكاتب الصحفى والقاص محسن عبد العزيز فى عنوان مجموعته القصصية الجديدة متحدثاً عن شبه حياة: كأننى حي, لكنها رغم ذلك تستحق أن تعاش، وتعبيره القصصى عنها يستحق أن يُقرأ. تبدأ المجموعة بسلسلة من المشاهد والحكايات مستمدة كلها من طفولة (...)
أحدث أعمال الروائى السودانى أمير تاج السر, الذى يواصل فى رعشات الجنوب رسم خريطة السودان الأدبية والإنسانية. وهو مشروع إبداعى بدأ بروايته الثانية سماء بلون الياقوت 1996، وصوّر فيها شمال السودان، بينما حكى فى روايته مسيرة الوجع عن تجربة عمله طبيباً فى (...)
ختمنا المقالة السابقة عن رعشات الجنوب للروائى السودانى أمير تاج السر، والتى استغرقت منا حتى الآن مقالتين وهذه الثالثة، بهذه الجملة: مازال لدينا الكثير لنقوله عن رعشات الجنوب، والكثير لنحكيه.
فهذه الحكاية التى تشبه الدنيا، والمكتوبة فى صفحة قليلة (...)
فى أحدث دواوينه، وهو الثامن، بعنوان: ما بدا لك، يواصل أمين حداد بنجاح بحثه الدؤوب عن مداخل ودروب جديدة للشعر، فى مسيرة بدأت من أربعين عاماً, ظهرت فيها، منذ ديوانه الأول ريحة الحبايب، موهبته وأصالته وصوته المختلف.
وعبر دواوينه التالية تأكدت لديه تلك (...)
: عنوان أحدث روايات الكاتب الكبير محمد المنسى قنديل ، الذى عادة ما تتميز رواياته بطابع مأساوى موجع، منذ عمله الروائى الأول انكسار الروح، مرورا ب «أنا عشقت» و«الكتيبة السوداء»، وسط أعمال أخرى، وصولاً لهذا العمل.
وقنديل ينتمى لمجموعة من الروائيين (...)
تحتار فيها: هل هى ملحمة بطولية أم مأساة أم ملهاة أم مهزلة؟ الحياة فيها من البطولة قدر ما فيها من المساخر، والنهايات السعيدة والمفجعة؛ فيها من قصص الحب الوردية ما لا يضاهيه إلا ازدحامها ب مشاهد الرعب وأفلام الجرائم الكبيرة والتافهة؛ فيها من التشويق (...)
هذا هو الشتاء الثانى الذى يعاود فيه ذلك الوحش الضئيل الذى لا يُرى إلا معملياً ممارسة إرهابه الخبيث الخفيّ على قلوبنا وأجسادنا. ذلك الشيء الذى يبدو فى ظاهره لا شيء، وفى باطننا يمارس سطوة غير متناسبة إطلاقاً مع حجمه، بدأ عربدته فى ديسمبر الماضى مع (...)
قرب نهاية « الجياد الهاربة - الرواية الثانية» فى رباعية بحر الخصوبة - يتمنى إيساو بطل الرواية المحارب بطبعه، فى ظل ما رآه افتقارًا متزايدًا للفروسية، فى وطن تخلص بالتحديث والتغريب من تراث الساموراى القومي ، يتمنى أن يصبح امرأة ليتحمل وجدانه ما يحدث (...)
توقفنا في المقالة السابقة عند ما وصفناه بأنه أعجب ما في الرواية وأكثره إثارة للحيرة: فالقوى التي تهيمن على مدينة جاكي ساكه الفاسدة؛ تلك الكائنات النورانية التي تصفها إريكو فوكادا في حكايتها بالناس الصغار، هي حقا قوى علوية سماوية، وإن كانت سيريالية (...)
قلنا: قبل التوغل فى أدغال مدينة موراكامى الفاسدة «1Q84»، يحسُن بنا نحن العرب أن نتعرف على ذلك الكاتب اليابانى هاروكى موراكامي ، الذى لم يحصل على جائزة كبرى مثل نوبل لكنه مقروء بشدة فى اليابان، لدرجة أن هذا العمل الذى نحن بصدده «1Q84» نفدت جميع نسخه (...)
يبدو أن هناك صلة عميقة بين شعر العيون وبين عيون الشعر. ولذلك تبارى رواد الشعر العربى الحديث فى وصف عيون المحبوبة، فجاءوا بلآلئ بقيت فى الذاكرة، ومنها ذاكرتى كقارئ للشعر ومحاول له تربّى على أشعار جيل الخمسينيات والستينيات، خاصة بين شعراء الفصحى، (...)
مازلنا نتصفح معًا ديوان: من نور الخيال .. ل فؤاد حداد ، بعد أن اغترفنا في المقالة السابقة من نبع قصيدتيه الأوليين، وتداوينا بجمالهما من هَمّ الزمان والأدران. نتوقف الآن عند القصيدة السادسة التى تحمل عنوان الكنز، وهى بحق من كنوز الشعر، وفيها نفس (...)
ومن ديوان من نور الخيال وصُنع الأجيال في تاريخ القاهرة، نواصل الإبحار مع فؤاد حداد مُتَنَسِّمين الهواء البلْسَمِيّ الشافي الذي يحضننا من كل اتجاه ونحن نخوض في ذلك المَدَد الأزرق اللامنتهي، علي متن خيال الشاعر المسافر في تاريخ قاهرته المحبوبة ، في (...)
ومن باريس الحكيم إلى باريس بيرم.. وياللفرق الهائل بين الاثنتين! فلكى يكتب بيرم هناك ما نعُدُّه الآن من أكسجين الإبداع المصفّى الذى نتداوى به من الهموم والأدران، كان عليه هو أن يختنق فى معامل صهر الرصاص والفولاذ، حيث اضطرته لقمة العيش، والجوع الذى (...)
هنالك حيث الجبال الخضراء ، أو عند شاطئ البحر تحت سماء زرقاء، يحلو المشى واستنشاق الهواء بعمق.. فإن لم تسِرْ بقدميك سرْ بخيالك. إن تعذّر البحر والجبال والهواء النقى والسماء صافية الزرقة، إن تعذّر الخروج من البيت أصلاً، فإنك تستطيع- مثلي- أن تزور (...)
على وهج القيراط الأخير الذى تبّقى من شمعة ذِهني، والفتيل المشتعل كلما توهجّ أكثر ذاب الشمع بسرعة أكبر، وأحرقت دموعه الساخنة أصابع يُمناي، أكتب إليكَ، على الأوراق القليلة الباقية فى حوزتي، والعتمة حولى متراكبة راكمتها ليالى الأيام العشرين ألفا التى (...)
أنا رجل عادةً ما يميل للصمت، وجاءت الكمامة ليزداد صمتا، ويبدو أكثر بُعدا. لكنى لا أدرى لماذا أستيقظ اليوم وقلبى يريد أن يحكى:
إنى، خلف صمتى، أحبكم، ورغم الكمامة الطبية ومراعاة البُعد الاجتماعى ، تختلط أنفاسى بأنفاسكم، لأننا نتنفس نفس الأشواق؛ نفس (...)
لا أستطيع التنفس ، قالها جورج فلويد ، الأمريكى الأسود الذى زوّر شيئاً ما فقُبِض عليه فى الخامس والعشرين من مايو الماضي، قالها وركبة رجل إنفاذ القانون الأبيض تضغط بلا رحمة على عنقه، وظل يكررها حتى فقد الوعي.
ثم بعد ساعات فقد القدرة على التنفس فقداً (...)
ما كنت عيداً إلا لأنك تعود؛ بوعد البهجة، بقدرة الطفولة على هزيمة تجاعيد الزمن، وبقدرة الكهل على استعادة الطفولة ، ولو لنصف يوم. ما كنت عيداً إلا لأنك تَعِدنا بفرحة قديمة كانت لنا، وتعيدنا لذلك الصباح، حيث كانت ترن ريالات الفضة، وتستدير دوائر الكعك (...)
«أصطاد أعضاءها بصوتى»: عنوان القصيدة الذى توقفنا بذكره عن الكلام المباح لاعتبارات المساحة فى آخر مقالتنا السابقة عن أحدث عمل شعرى صدر للكاتب والصحفى الزميل البهاء حسين بعنوان « يمشى كأنه يتذكر ».
فى تلك القصيدة يدخل بنا البهاء حسين إلى عالم مألوف فى (...)