ولسوف يظل أبداً يوم السادس من أكتوبر العاشر من رمضان هو اليوم الخالد الأغر ، تتعلم دروسه الأجيال وتتناقلها مع الزهو والفخر ، فلقد استوعبت الأمة فى يوم العبور العظيم، والنصر درساً كانت قد نسيته .. أو هى تناسته حيناً من الدهر ، ذلكم هو درس الإيمان والعزيمة والوطنية الصادقة والانتماء، درس حب الوطن والجهاد فى سبيله مع صدق الولاء، درس التضامن والتعاون على درب التضحية والفداء. أشرف يوم العاشر من رمضان وقد انصهرت الأمة فى بوتقة الرجاء والأمل، الصدق فى التوجه والإخلاص فى العمل وسادها التواد والتراحم والتسامح والتآلف، التكامل والتكافل مع التآخى والتعاطف، ورحلت إلى غير رجعة رذائل الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، وبرزت إلى الساحة فضائل شعب نبيل طيب الأعراق، أما الزبد فقد ذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فقد مكث فى الأرض والتهبت مشاعر الأمة غيرة على الكرامة والشرف والعرض وغدت الأمة قاطبة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا صارت الطاعة والالتحام بالجماعة حتماً مقضياً وواجباً وفرضاً وتعاون الجميع على البر والتقوى فلا موضع للإثم والعدوان واستبدل الحب والود والصدق بالبغض والجفاء والبهتان، وتزود الجيش والشعب بسلاح قوى لا يفل، مع سواعد قوية لا تضعف أو تكل، ذلكم هو سلاح العزيمة والإرادة والثبات والإيمان ، والاستعانة بالله وحده القوى العزيز الرحمن، وانطلق هتاف أهل الكنانة مع جيش مصر الباسل ونسوره البواسل، نابعاً من الأعماق يشق عنان السماء، ويجوب كل الآفاق « الله أكبر» كان هو النشيد والحداء، كان هو ابتهال المؤمنين وخير الدعاء، كان هو كلمة السر مع ساعة الصفر وترنيمة السماء، وهكذا اصطلح الشعب مع مولاه فآزره ربه وسانده ووالاه، وبدت بشائر النصر لخير أجناد الأرض البواسل الأمجاد مصداقاً لقوله تعالي: « إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد». وهكذا تفتحت لمصر الكنانة أبواب السماء، ورفرفت فى أجوائها ألوية العزة والكرامة والشرف والإباء، وذاقت الأمة طعم الفوز المؤزر والفتح المبين والانتصار، بعد أن تجرعت ذات يوم كأس المهانة والهزيمة والانكسار. ولقد تعلمنا من درس العاشر من رمضان ماذا تفيد التقوى وماذا يسفر عنه التعاون والتراحم والتلاحم وحب الإنسان لأخيه الإنسان، ماذا يجنى من يحسنون له الطاعة والولاء ويجيدون لوطنهم الإخلاص والانتماء، تلك كانت مقدمات قوية سوية، كانت نتيجتها حتمية فورية، أنها النصر من الله والفتح المبين، مصداقاً لوعده الحق «وكان حقاً علينا نصر المؤمنين» ذلكم هو شأننا مع يوم العاشر من رمضان بروائع نتائجه بعد محكم أسبابه تطالعنا ذكراه فى كل عام فنعيش فى ساحته النيرة وفى إشراقات رحابه، نسترجع روائع ذكرياته ونتعلق بقوى أهدابه، نعى من جديد أعظم درس أن كنا قد نسيناه نستوحى العظة والعبرة نستعيد ما افتقدناه . ما أحوجنا اليوم وكل يوم إلى روح يوم السادس من أكتوبر العاشر من رمضان يوم تحقق النصر المؤزر بسواعد الأبطال الصائمين المزودين بسلاح الإيمان، ما أحوجنا إلى أن نعى درس العبور العظيم والنصر المبين، ونعود كما كانا يومها متآخين متلاحمين متسامحين، نحسن لله الولاء ونجيد للوطن الانتماء مدركين حقا أن حب الوطن هو عين الإيمان، وأن رعايته وحراسته وتنميته هى جوهر البر والعدل والإحسان، وأن النصر مع الإيمان هو الوعد الحق من الله العزيز الرحمن. عضو المجمع العلمى