تمثل القمة الحالية والتى تبدأ اليوم أهمية قصوى حيث ستشهد عودة مصر مرة أخرى إلى إفريقيا بعد تعليق مشاركتها فى قمم الاتحاد الإفريقى فى أعقاب ثورة 30 يونيو 2013 . وفى هذا الملف نستعرض دور مصر فى القمم السابقة، وموقف الاتحاد من مصر بعد الثورة، منذ تعليق العضوية، وجهود وزارة الخارجية المصرية حتى عودة مصر بإجماع الدول. ثم نقدم نبذة عن النشأة والأهداف وآلية اختيار الرئيس. العودة إلى أحضان القارة
تأتى الدورة 23 لانعقاد اجتماعات الاتحاد الافريقى بعاصمة غيينيا الإستوائيه مالابو اليوم الخميس على مستوى الرؤساء بعد اجتماعات تحضيريه شارك فيها وفود الدول الأعضاء ورأس فيها سامح شكرى وزير الخارجية وفد مصرفى اجتماعات وزراء الخارجية قبل ساعات من اجتماع القمة بحضور الرؤساء والملوك الافارقه والتى يشارك فيها الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسى بعد أيام من قرار مجلس الأمن والسلم الافريقى بعودة مصر الى استئناف أنشتطها فى الاتحاد بعد تعليق عضويتها لنحو عام فى أعقاب ثورة 30 يونيو 2013 وبعد تقديم لجنه الحكماء الافريقية تقرير للمجلس والذى يتولى رئاسته فى الفترة الحالية جان بينج من الجابون. وباستعراض تاريخ المشاركات المصرية فى القمم الأفريقية نجد تفاوت التمثيل فيها من مرحلة لأخرى. جمال عبد الناصر والوحدة الأفريقية منذ استقلال بلاد القارة الإفريقية تعددت محاولات التجمع والوحدة بين هذه الدول حتى ظهرت منظمة الوحدة الإفريقية كمنظمة إقليمية, كان الزعيم الراحل جمال عبدالناصر هو صاحب الفكرة التى كانت بداية اجتماعاتها فى أبريل عام 1958 أكرا عاصمة غانا وحضرها أكثر من 200 عضو من الأحزاب والاتحادات الطلابية الإفريقية بالإضافة إلى ممثلين سياسيين لنحو15 دولة أفريقية مستقلة واعتبر ذلك الاجتماع التأسيسى لمنظمة الوحدة الإفريقية. وقد برز دور مصر فى الحفاظ على روح ميثاق المنظمة منذ أول قمة افريقية استضافتها على أرضها فى يوليو 1964 ومع رحيل الزعيم عبد الناصر بدأ الدور المصرى يتراجع كثيرا فى القارة الإفريقية وفى المقابل حاول كثيرون أن يلعبوا أدوارا قوية وكانت أبرزها الدور الليبى مدعوما بنقود النفط، التى كان يضخها فى أمانة الاتحاد الإفريقى. السادات ومشاركات فى القمم الأفريقية كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات مشاركا رئيسيا فى العديد من القمم الأفريقية منها فى أديس ابابا وليبرفيل وكمبالا والخرطوم حيث كانت الدول الأفريقية تمثل دعما لمواقف مصر فى مراحل الصراع المصرى والعربى الإسرائيلى . مصر رئيسا للمنظمة لدورتين قبل تحولها للاتحاد وقد اختارت الدول الأفريقية رئيس مصر الأسبق حسنى مبارك رئيسا للمنظمة لدورتين 1989-1990 و1993-1994 وشهد الدور المصرى فى أفريقيا فى عهد مبارك تراجعا حادا وهناك العديد من المؤشرات التى تؤكد ذلك، وأهمها ضعف التمثيل المصرى فى الفعاليات الأفريقية وضعف التأييد الأفريقى للمواقف والقضايا المصرية على مختلف الأصعدة وتهميش دور مصر فى تسوية الصراعات الأفريقية وتصاعد التوترات بين مصر ودول منابع النيل وانخفاض حجم التجارة والاستثمارات المصرية فى أفريقيا. تراجع الدورالمصرى بعد محاولة اغتيال مبارك 1995 منذ تعرض الرئيس الأسبق حسنى مبارك لمحاولة اغتيال عام 1995خلال حضوره أحد مؤتمرات القمة فى أديس أبابا؛ بدأ التراجع فى الدور المصرى وأوقعها فى أزمات مع دول منبع نهر النيل، التى قررت توقيع اتفاقية إطارية لإعادة تقسيم المياه، وقررت إثيوبيا بناء سد النهضة. وكان غياب مبارك عن حضور القمم العادية للاتحاد الأفريقى والفعاليات الأفريقية الأخرى هو الأبرز واعتبار مصر غير قادرة على خوض المنافسات مع دول القارة الأخرى سواء بالنسبة لاستضافة مقرات التنظيمات الأفريقية أو الفوز بمناصب قيادية فى إطارها أو حسم المنافسات فى القضايا السياسية. كامل عمرو يرأس وفد مصر فى القمه الثامنة عشر بأديس أبابا فى يناير 2012 رأس محمد كامل عمرو وزير الخارجية وفد مصر فى اجتماعات الدورة العادية الثامنة عشرة لمؤتمر قمة الاتحاد الافريقى التى عقدت يومى 29 و30 يناير 2012 وكان موضوعها الرئيسى " تعزيز التجارة البينية الإفريقية " وصدر إعلان عن القمة بشأنها. مرسى يترأس وفد مصر فى قمه مايو 2013 ترأس الرئيس المعزول محمد مرسى وفد مصر فى قمة مايو 2013 بأديس أبابا بوفد ضم وزراء الخارجية والرى والموارد المائية والزراعة ومساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية والتعاون الدولى والسفير على الحفنى نائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية والسفير محمد ادريس سفير مصر لدى إثيوبيا وممثلها الدائم لدى الاتحاد الأفريقي. الغياب المصرى عن قمة الاتحاد وكانت مصر قد غابت لأول مرة عن القمة الإفريقية التى عقدت فى أديس أبابا يومى 27 28 يناير الماضى وهى سابقة لم تحدث منذ إنشاء منظمة الوحدة مايو 1963 ومن بعدها وريثها الاتحاد الإفريقى. 2002 وثائق ومعاهدات على امتداد العقود الماضية منذ تأسيس منظمة الوحدة الافريقيه ومن بعدها الاتحاد الأفريقى تم إقرار العديد من الوثائق والمعاهدات والبروتوكولات والمبادرات وفى مقدمتها معاهدة بلندابا لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى أفريقيا، وبروتوكول إنشاء مجلس السلم والأمن الافريقى واتفاقية منع ومكافحة الارهاب، والميثاق الأفريقى لحقوق الإنسان والشعوب والبروتوكول الخاص بالميثاق الأفريقى لإنشاء المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب 1997 والميثاق الأفريقى لحقوق ورفاهية الطفل. 1990 ويولى الإتحاد الأفريقى قضايا حقوق الإنسان أهمية كبرى انطلاقا من عدد من الحقائق فى مقدمتها أن تعزيز وحماية حقوق الإنسان من خلال إنشاء اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب - التى أعلن عن قيامها فى عام. 1987، كما حدد بروتوكول إنشاء مجلس السلم والأمن فى مادته التاسعة عشر العلاقة بين اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ومجلس السلم والأمن فى إقامة علاقة تعاون وثيق فى كافة المجالات ذات الصلة بأهدافه وصلاحياته وتقوم لجنة حقوق الإنسان والشعوب باسترعاء انتباه مجلس السلم والأمن إلى أى معلومات ذات صلة بأهدافه وصلاحياته . أى أن اللجنة تقوم بدور وقائى فى منع نشوب الصراعات التى قد يكون سببها انتهاك حقوق الإنسان بشكل أو بآخر . وشهدت الفترة الأخيرة تعزيزا لوضع حقوق الإنسان الأفريقى بدخول البروتوكول المنشئ للمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان فى (1997) حيز التنفيذ فى 25 يناير 2004 وانتخاب قضاتها، هذا إلى جانب دعم الدور الذى تقوم به اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان واكتسابها المزيد من المصداقية وهو الأمر الذى تجسد فى تزايد اللجوء إليها. ومن أهم الإنجازات الأخرى إقرار الاتفاقية الأفريقية لمكافحة الإرهاب عام 1999 كما تم التوصل إلى الميثاق الأفريقى لحقوق ورفاهية الطفل 1990 بدأ العمل به فى 29 نوفمبر 1999 وإلى جانب تلك الاتفاقيات هناك العديد من المبادرات التى تعد علامات مهمة على طريق العمل الأفريقى المشترك ، وفى مقدمتها مبادرة المشاركة الجديدة لتنمية إفريقيا «نيباد» والتى قامت إستراتيجيتها على ثلاثة محاور رئيسية، ومن المبادرات الأخرى إنشاء الآلية الأفريقية لمراجعة النظراء التى أقرت الوثائق الخاصة بها فى مارس 2003 ، ويجسد إنشاء هذه الآلية تمسك شعوب القارة وقادتها بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ومعايير الحكم السياسى والاقتصادى.
الموقف من مصر بعد 30يونيو
أثارت ثورة ال 30 من يونيو العام الماضى العديد من ردود الفعل الدولية التى جاء بعضها مؤيدا وجاء بعضها معارضا وجاء بعضها أيضا غير واضح. ولعل أقسى رد فعل تجاه تلك الثورة هو رد فعل الاتحاد الأفريقى الذى أتخذ قرارا بتجميد عضوية مصر فى جميع الأنشطة الخاصة بالإتحاد، مبررا ذلك بكونه خطوة إجرائية طالما تم وقف العمل بالدستور الموجود آنذاك فى مصر. وصرحت دلامينى زوما رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى بأن تعليق عضوية مصر خضع لمعايير محددة تطبق دون النظر لثقل الدولة! والقرار إتخذه مجلس الأمن والسلم التابع للإتحاد مشيرة إلى أن مصر إتخذت خلال عضويتها نفس القرار نحو دول أخرى شهدت حالات مماثلة. وجاء قرار الاتحاد الأفريقى صادما متناسيا دور مصر فى تأسيس هيكل الاتحاد الأفريقى فى قمة لومى عام 2000 بعد أن اتخذ قرارا عام 1999 فى قمة سرت بتأسيس الاتحاد الأفريقى ليحل محل منظمة الوحدة الأفريقة التى انشأت عام 1964. ومنذ عام 2000 عملت مصر على أن يكون الإتحاد كيانا جامعا لكل الدول الأفريقية لتحقيق مصالح هذه الدول على المستويات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، مع العمل على بحث مشكلات القارة ودعم العلاقات بين شعوب دولها. وبرر البعض قرار الاتحاد الأفريقى بخوف القادة الأفارقة من تأييد ثورة 30 يونيو خوفا على أنظمة الحكم الديكتاتورية الموجودة فى أفريقيا. وفور صدور قرار تعليق العضوية الخاصة بمصر، بدأت الخارجية المصرية فى التحرك فى عدد من العواصم الأفريقية، هذا التحرك المصرى جاء فى إطار خطة واضحة ومحددة ارتأت انه قد حان الوقت لإعادة مصر إلى جذورها الإفريقية ليس فقط من خلال زيارات رسمية وبيانات دبلوماسية، وإنما من خلال التركيز على خلق مصالح مشتركة طويلة المدى تقوم على تحقيق المنفعة المتبادلة لكل الأطراف وتعزيز أواصر التعاون بين الشعوب الإفريقية، وفى هذا الإطار جاءت الزيارات الرسمية المصرية سواءً على مستوى رئيس الوزراء الذى زار ثلاث دول افريقية، أو على مستوى وزير الخارجية الذى لم يكتف بالمشاركة فى مختلف المحافل الإفريقية الإقليمية والدولية، وإنما قام فى غضون شهور قليلة بست جولات زار خلالها نحو 15 دولة افريقية، استهدفت بالأساس إبراز عودة الاهتمام المصرى بقارتها الإفريقية فضلاً عن اصطحابه للعديد من رجال الأعمال فى كافة هذه الزيارات بغية إيجاد فرصة وموطئ قدم للشركات المصرية داخل الأسواق الإفريقية، فمثل هذه العلاقات هو ما يبقى ويعزز من علاقات الشعوب. التحرك المصرى المشار إليه عمل على إعادة هيكلة العلاقة بين مصر وإفريقيا بعيداً عن فكرة تقديم المعونات التقليدية، من خلال إحلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بديلاً عن الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع إفريقيا وهى الوكالة التى سيوجه النصيب الأكبر من أنشطتها للدول الإفريقية فى إطار منظومة جديدة من التعاون لاسيما فى المجالات التى تتمتع مصر فيها بميزة نسبية وخبرة كبيرة، مثل مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات الصحية، والزراعة، والطاقة والعمل على تنفيذ مشروعات مشتركة فى هذه القطاعات وذلك كما ذكرنا بعيداً عن الأطر التقليدية لتقديم المعونات الفنية والمالية. كما كان هناك تحرك على مستوى السفراء حيث تحرك سفراء مصر برسائل من الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور لشرح الوضع فى مصر وأسباب قيام ثورة 30 يونيو وشرح خارطة الطريق التى اتفق عليها المصريون آنذاك، وذلك فى محاولات جادة من مصر لرفع قرار التجميد. هذا التحرك هو ما كان له بالغ الأثر فى تغير مواقف العديد من الدول الأفريقية بل والرئيسية منها إزاء مصر، فحين تم الاستفتاء على الدستور فى يناير الماضى، بدأ الاتحاد الأفريقى فى الاطمئنان من خلال متابعته للوضع فى مصر على سير خارطة الطريق كما هو مقرر لها. وبعد الإستفتاء على الدستور صدر بيان عن مجلس الأمن والسلم الأفريقى أعلن فيه عن أمله فى تحقيق المصالحة بين كل أبناء مصر وتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية، مشيرا إلى حرص الاتحاد على متابعة الاوضاع عن كثب داخل مصر. وفى إبريل الماضى زار وفد أفريقى رفيع المستوى مصر أطلق عليه آنذاك " وفد الحكماء الأفريقى" برئاسة الفا عمر كونارى رئيس مالى السابق وضم الوفد رؤساء أفارقة سابقين ووزراء خارجية أفارقة سابقين أيضا. والتقى الوفد بكافة أطراف العملية السياسية فى مصر تقريبا من حكومة وحركات شعبية وممثلى دعم تحالف الشرعية وغيرهمن وذلك حرصا على رسم صورة كاملة وواضحة عما يحدث فى مصر.وأكدت مصر بدورها خلال اللقاءات على أن 30 يونيو إرادة شعب. ومن جانبه صرح كونارى بأن أفريقيا بحاجة عاجلة لمصر وقيادتها وأنه ليس فى وسع الاتحاد الأفريقى إلا أن يثق فى الشعب المصرى الذى قام بثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو. ثم جاءة انتخابات الرئاسة كخطوة هامة فى إطار تنفيذ خارطة الطريق. وحرص الاتحاد الأفريقى على إرسال بعثة لمتابعة الانتخابات لضمان الحصول على رؤية واضحة ليبنى عليها فيما بعد قرار الاتحاد فيما يتعلق بعضوية مصر. وأشاد الوفد الأفريقى المتابع للإنتخابات بنزاهة الإنتخابات الرئاسية والتى فاز فيها بأغلبية كاسحة الرئيس عبدالفتاح السيسى. وبناء على ذلك اتخذ مجلس الامن والسلم الأفريقى قراره يوم 17 يونيو الحالى بالاجماع بإلغاء قرار تعليق عضوية مصر فى أنشطة الاتحاد بعد أن تأكد له تنفيذ مصر لخارطة الطريق بوضع دستور جديد وانتخاب رئيس للبلاد. ورحبت الخارجية المصرية بالقرار وقالت: جاء هذا القرار ليعكس احترام إرادة الشعب المصرى كما تجسدت فى 30 يونيو، وتنفيذ الإستحقاقين الأولين من خريطة الطريقة بالاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات رئاسية فى أجواء حرة ونزيهة. وبناء على ذلك يشارك حاليا سامح شكرى وزير الخارجية المصرى فى إجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء فى مالابو عاصمة غينيا للتحضير للقمة الأفريقة التى ستعقد اليوم لمدة يومين ليرأس وفد مصر فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى.