الرئيس مرسى فى القمة الأفريقية بأديس أبابا مشاركة الرئيس محمد مرسي في أعمال القمة التاسعة عشرة للاتحاد الأفريقي في أثيوبيا جاءت بمثابة إشارة قوية باعتزام مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير بالعمل علي استئناف دورها الرائد في القارة السمراء ومن ثم فقد قوبل هذا المنحي المصري بترحيب كبير من الدول الأفريقية خلال أعمال القمة.. وقد أكد الرئيس مرسي منذ توليه مسئولية الرئاسة علي اهتمامه بعلاقات مصر مع أفريقيا مشيرا إلي رغبته القوية في المشاركة بأعمال القمة الأفريقية بأديس أبابا حتي تعود مصر إلي أحضان أفريقيا والتنسيق والتعاون مع دولها وعلي وجه الخصوص دول حوض النيل كما كانت دائما. وبالتالي فإن زيارة الرئيس المصري إلي أديس أبابا كانت محل ترحيب كبير لكونها أنهت حالة القطيعة مع القاهرة التي استمرت 17عاما منذ نجاة الرئيس السابق محمد حسني مبارك من محاولة الاغتيال في أثيوبيا عام 1995.. وفي حقيقة الأمر فلقد حرص الرئيس محمد مرسي الذي رأس الوفد المصري الذي ضم محمد كامل عمرو وزير الخارجية وهشام قنديل وزير الري والموارد المائية ووزير الزراعة وعدد من كبار المسئولين.. حرص علي أن يلقي كلمة موسعة تتناول كافة جوانب علاقات التعاون مع الدول الأفريقية ولا تقتصر فقط علي القضية الرئيسية التي تناقشها القمة وهي »التجارة البينية« كما التقي الرئيس مرسي علي هامش أعمال القمة مع الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس جنوب السودان سلفا كير ومع أمير الكويت الذي شارك في القمة كضيف شرف وذلك بخلاف عدد آخر من زعماء الدول الأفريقية المشاركين في أعمال قمة أديس أبابا. رصيد كبير من المعروف أن العلاقات المصرية الأفريقية علاقات هامة وتاريخية تمتد إلي عقود طويلة قبل أن تتراجع هذه العلاقات في السنوات الأخيرة وقد أوضح وزير الخارجية محمد كامل عمرو أن لمصر رصيدا كبيرا في أفريقيا ولها دورها الفاعل في المحيط الأفريقي منذ نهاية الخمسينيات وأوائل الستينيات. وأوضح محمد كامل عمرو وزير الخارجية أن الإشكالية مع أفريقيا والتي حدثت في ال15عاما الأخيرة تتمثل في غياب الرئاسة المصرية عن القمم الأفريقية ولا يخفي علي أحد أهمية دور الرؤساء في التواصل وحل الكثير من المشكلات علي المستوي الفني وهو ما افتقدته مصر في الفترة الأخيرة. في طليعة الاهتمامات ومن هذا المنطلق أكد الرئيس محمد مرسي في كلمته أمام الزعماء الأفارقة المشاركين في أعمال قمة أديس أبابا حرصه الشديد علي التواجد بينهم وأن تكون لقاءاته مع قادة وزعماء القارة السمراء في مقدمة لقاءاته الخارجية.. وقال مرسي: لقد جئت اليوم حاملا رسالة حب وتحية من ملايين المصريين الحالمين بوطن مزدهر في عالم تسوده قيم الحرية والعدالة والكرامة وأواصر التآخي والتعاون ورسالة تأكيد بأن ثورة 25يناير قد أعلنت عن ميلاد مرحلة جديدة في تاريخ مصر الحافل وسوف تشهد هذه المرحلة تبوؤ القارة الأفريقية لمكانتها الطبيعية في طليعة الاهتمامات الخارجية المصرية. وقد تواكبت أعمال القمة في أديس أبابا مع الاحتفال بالذكري الخمسين لتأسيس منطقة الوحدة الأفريقية ومرور عشر سنوات علي إنشاء الاتحاد الأفريقي وبهذه المناسبة أوضح الرئيس محمد مرسي في كلمته أن أفريقيا تخوض غمار تحديات لا تقل في ظروفها عن معركة التحرير الوطني ألا وهي تحديات مسيرة التنمية والتقدم.. مشيرا إلي أن أفريقيا قارة غنية بشعوبها ومواردها ولها إسهام وافر عبر التاريخ في تحقيق النمو والثراء العالمي وقد آن الأوان لأن تجني نصيبها العادل من ثمار ذلك.. وأكد مرسي أن المعيار الحقيقي للتنمية ليس تراكم رأس المال فقط وإنما المعيار الصحيح هو الإنسان وتمكينه من التنمية ومؤكدا علي أن الحاجة الآن ملحة أكثر من أي وقت مضي إلي نظام اقتصادي عالمي أكثر عدالة وإنسانية.. وأكد مرسي التزام مصر بالتواصل مع أشقائها الأفارقة تجارة واستثمارا وتعاونا في كافة المجالات.. وأكد أيضا التزام مصر بدفع العمل الأفريقي المشترك في إطار الاتحاد الأفريقي ومن خلال الجهد الجماعي الرامي لتأسيس منطقة حرة بين تجمعات الكوميسا والسادك وشرق أفريقيا وسوف تسخر مصر كافة الكائنات البشرية والمادية لخدمة قاطرة التنمية في القارة السمراء للوصول بها إلي آفاق جديدة. قرارات جريئة تعزيز التجارة البينية كان الشعار الرئيسي لقمة أديس أبابا سعيا للوصول إلي إقامة منطقة تجارة حرة أفريقية ومن ثم فقد أشار الرئيس مرسي في كلمته إلي أن استكمال العمل الجاد صوب تعزيز التجارة البينية الأفريقية يتطلب اتخاذ قرارات جريئة تذلل العقبات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف بما يستوجب التزام دول القارة بتطوير منظومة البنية التحتية فيها ولا سيما في مجال قطاعات النقل والطاقة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.. وأوضح مرسي بأنه اتصالا بذلك فإن مصر بما لديها من خبرات وكوادر بشرية ومن مستثمرين ورجال أعمال علي استعداد للمساهمة في بناء القدرات البشرية وفي عمليات تطوير البنية التحتية في كافة الدول الأفريقية ولقد ساهمت مصر بالفعل من خلال قطاعيها الحكومي والخاص في دعم الجهود القائمة في هذا الصعيد.. ومصر من خلال تواجدها النشط كأحدي الدول الرئيسية الأعضاء في مبادرة النيباد حريصة بمساندة الجهود القائمة من خلال المبادرة لتدعيم البنية التحتية في الدول الأفريقية وبالأخص في مجال النقل.. وأعرب الرئيس عن أمله في أن يتحول حلم محور »الإسكندرية كيب تاون« إلي واقع ملموس في أقرب فرصة كمؤشر علي ذوبان المسافات والحواجز بين دول القارة.. القضايا السياسية والأمنية وأوضح مرسي أن العام الماضي شهد اتخاذ العديد من الخطوات الملموسة علي طريق تحقيق الديمقراطية وتدعيم أسس الحكم الرشيد وهي المبادئ التي دائما ما نادت بها ودعت إليها القمم الأفريقية المتعاقبة.. وأكد الرئيس مرسي في كلمته أن مصر تتشرف بعضويتها في مجلس السلم والأمن الأفريقي خلال الفترة من 2012 إلي 2014 حيث إنه بالنسبة لنا لا يوجد هدف أسمي ولا أولوية أعلي من إحلال السلم والأمن في القارة الأفريقية كركيزة أساسية لتحقيق التنمية وصون استقرار الشعوب.. وأكد الرئيس مرسي إيمانه بقدرة الدول الأفريقية علي حل كافة المشاكل السياسية والأمنية القائمة في القارة بما في ذلك إقامة علاقات قوية وصحية بين السودان وجنوب السودان وإنهاء حالة الصراع في الصومال واستعادة الاستقرار في مالي وغينيا بيساو.. ومن أهم الموضوعات التي طرحت علي زعماء القارة المشاركين في قمة أديس أبابا بحث التقارير المتعلقة بانتخاب مفوض الاتحاد الأفريقي وانتخاب القضاة الثلاث للمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان وتعيين قاض للمحكمة الإدارية الفرعية بالاتحاد الأفريقي.. وقد أعرب الرئيس مرسي في كلمته عن تطلعه لنجاح القمة في إنجاز هذه الملفات لأن التحديات العاجلة التي تواجه القارة الأفريقية بشكل مستمر تحتاج للإسراع بانتخاب مفوضيه للاتحاد الأفريقي تحظي بثقة جميع أعضاء الاتحاد وتكون قادرة علي القيام بدورها بحكمة وكفاءة خلال المرحلة المقبلة.