المنافقون والمتطرفون هما أخطر ما يواجه الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى خرجت الملايين لتأييده، واستشعر الناس بالأمل والتفاؤل لفوزه فى الانتخابات الرئاسية وتوليه مقاليد السلطة. المنافقون هم الذين أسقطوا مبارك، والمتطرفون هم الذين أسقطوا مرسي، فكلاهما وجهان لعملة واحدة، ويمثلان خروجا على التيار المصرى الوسطى المعتدل الذى يرفض التطرف أو النفاق ويتقوقع على نفسه إذا ما سيطر وساد تيار منهما، لكنه سرعان ما ينفجر ويطيح به إلى غير رجعة لتعود إليه السيادة من جديد كما حدث خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حينما خرج المارد المصرى فى يناير 2011 ليطيح بنظام كان يرفض الإنصات إلى صوت العقل أو الأصوات المعتدلة من خارجه أو حتى من داخله، وكان لا يسمع إلا صوت من يغالى فى نفاقه، ويرفض كل النصائح المخلصة، ونفس المشهد تكرر فى يونيو 2013 حينما عاد المارد من جديد ليطيح بنظام لم يعد فيه مكان للسماحة والاعتدال والتسامح بعد أن سيطر المتطرفون على المشهد كاملا وحاولوا إقصاء الآخرين وإسكات أصواتهم، وأطاحوا بشركائهم من كل الأطياف الأخري. كان من الممكن أن يكون الرئيس الأسبق مبارك من أفضل الرؤساء الذين تولوا مقاليد السلطة فى مصر لو أنه ابتعد عن شلة المنافقين وأصحاب المصالح الذين التفوا حوله فى العشر سنوات الأخيرة من حكمه وبدأوا يزينون له الخلود فى الحكم حتى الممات ثم توريث ابنه جمال، وبدأت عصابات المنافقين من الصحفيين والإعلاميين والسياسيين ورجال الأعمال تلتف حوله ونجله جمال وتطيح بكل الأصوات العاقلة من داخل أو خارج النظام، وتركزت معايير اختيار القيادات على أهل الثقة والأكثر نفاقا.. أما العقلاء والمعتدلون من داخل أو خارج النظام فلا مكان لهم، وفى أحسن الأحوال فهم مجرد وردة لتزيين الجاكت فقط، لكنهم فى الحقيقة بدون فعالية ولا يتم الاستماع إليهم أو الأخذ بنصائحهم. هكذا سار نظام مبارك بقدميه إلى الهاوية، فانفجرت الثورة من تحت أقدامه ولم يرها، ليسقط نظام مبارك الذى هو امتداد لنظام يوليو 1952.. نظام امتد لستة عقود تجاهل خلالها المبدأ السادس لثورة يوليو وهو «إقامة حياة ديمقراطية سليمة»،.. تجاهله عبد الناصر، وسار فى ركبه السادات ومبارك، وإن اختلفت درجة وحدة التجاهل من رئيس لآخر، وكان المنافقون وأهل الثقة هم سبب الكوارث فى العصور الثلاثة فهم الذين زينوا لعبد الناصر الإطاحة بالديمقراطية، والإطاحة برفقاء الثورة أمثال محمد نجيب وخالد محيى الدين ويوسف صديق لمجرد مطالبتهم بالديمقراطية وحق الاختلاف. المنافقون أيضا هم من أرادوا جعل السادات من الخلفاء الراشدين، وزينوا له تغيير الدستور ليفتح مدة الرئاسة من «مدتين» إلى «مدد»، ثم كان خريف الغضب واعتقالات سبتمبر الشهيرة، ونفس الحال تكرر مع مبارك بسبب المنافقين وأصحاب المصالح. بقيام ثورة يناير سقط نظام يوليو بعد أن ضاع الأمل فى إقامة حياة ديمقراطية سليمة وإقامة دولة مدنية ديمقراطية عصرية حديثة غير أن المتطرفين أرادوها فوضي، وتحولت الثورة إلى مخطط لضرب وهدم مؤسسات الدولة وحرق الأقسام والمراكز والمتاحف والمحاكم، وقطع الطرق وتخريب المنشآت العامة والخاصة ثم كانت الطامة الكبرى حينما استولى الإخوان على الحكم، وبغباء سياسى منقطع النظير أصبح الإخوان تربة خصبة للتطرف والإرهاب لتنمو وتزدهر كل حركات العنف والتطرف، ويعفو الرئيس السابق مرسى عن الإرهابيين ويحتضنهم داخل ساحات القصور الرئاسية لينتشر بعدها العنف الطائفى والديني، وكادت تتحول سيناء إلى إمارة للإرهابيين من كل حدب وصوب، ورويدا رويدا بدأ المصريون يجمعون شتاتهم رافضين التطرف والإرهاب كما رفضوا النفاق والفساد، حتى كانت الموجة الثانية من الثورة فى الثلاثين من يونيو ليخرج الملايين من أبناء الشعب المصرى الوسطى المعتدل السمح رافضا العنف والإرهاب والتطرف مطالبا بعودة مصر من جديد ساحة للتسامح والوسطية والاعتدال... ساحة تتسع لكل المصريين دون إقصاء أو تخوين، ونجح الشعب البطل مرة أخرى فى تحقيق إرادته لتقوم الجمهورية الثالثة وينجح عبد الفتاح السيسى كأول رئيس جمهورية منتخب بكل هذه النسبة الكاسحة من الأصوات. الشعب يريد الحفاظ على جمهوريته الثالثة ولن يتحقق ذلك إلا بالقضاء على المنافقين والمتطرفين ومطاردتهم حتى لا يتكرر ما حدث لجمهوريتى يوليو ويناير، والأمر المؤكد أن الرئيس عبد الفتاح السيسى قادر على كبح جماح المتطرفين والمنافقين لكى تحقق الجمهورية الثالثة ما فشلت فيه الجمهوريتان السابقتان فى إقامة الدولة الديمقراطية المدنية العصرية الحديثة التى تتسع لجميع المصريين دون تمييز إلا بالعمل والكفاءة. لمزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة