خلال الأيام القليلة الماضية رفض رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اطلاق مصطلح الإسلام المعتدل على تركيا رافضا المسمى من أساسه حيث صرح أنه لا يوجد في الإسلام معتدل ومتطرف مبينا أن الإسلام دين تسامحي بالدرجة الأولى ولا يوجد بين المسلمين مسلم متطرف ومسلم معتدل لأن الإسلام دين التسامح ودين الوسطية ودين الاعتدال، فلا غلو فيه ولا تفريط قائلا أن "الدين الإسلامي لا يقبل مسميات المسلم المعتدل والمسلم غير المعتدل، فالمسلم مسلم، والإسلام دين الوسطية، وخير الأمور الوسط".
التطرف تعبير يستعمل لوصف أفكار أو أعمال ينظر إليها من قبل مطلقي هذا التعبير بأنها غير مبرّرة، فمن ناحية الأفكار يستعمل هذا التعبير لوصف الأيديولوجية السياسية التي تعتبر بعيدة عن التوجه السياسي للمجتمع، أما من ناحية الأعمال فيستعمل في أغلب الأحيان لوصف المنهجيات العنيفة المستعملة في محاولة تغيير سياسية أو اجتماعية، وأحيانا يعني التعبير استعمال وسائل غير مقبولة من المجتمع مثل التخريب أو العنف للترويج لجدول أعمال معين غير مرغوب فيه.
أما الاعتدال فهو الطريق المستقيم الصحيح الذي لابد أن تسلكه البشرية كي تعبر بنفسها إلى بر الأمان.
منذ أحداث أيلول "سبتمبر" 2001م شاع مصطلح التطرف شيوعا جما حيث أطلق على كل من يعتنق الإسلام نظرا لارتباط التفجيرات بحركة طالبان الأفغانية الإسلامية أو ما أطلق عليها بعد الأحداث بتنظيم القاعدة "إن صح أنها من قام بالأمر"لان هناك الكثير من المصادر الغربية والامريكية تحديدا تؤكد وبالمستندات .والادلة الدامغة ان العرب والمسلمين لاعلاقة لهم باحداث سبتمبر 2001 .
وشاع المصطلح فأصبح كل من يعادي السامية ويقف في وجه القوى الكبرى مدافعا عن حقوقه من وجهة نظر هذه القوي متطرفا "وإن كان ذلك الفكر موجود من قبل أحداث سبتمبر" فحماس متطرفة لأنها تسعى إلى تحرير أرضها وبلادها، والمقاومة في العراق تعد من وجهة نظر المحتل الامريكي والحكومة العراقية المتعاونة معه تطرفا وارهابا وانهم يعارضون نور التقدم والديمقراطية التي أتت لهم بها الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفاءها بعد سقوط بغداد ونظام صدام حسين في نيسان " إبريل " 2003م.
وكل المسلمين في العالم متطرفين طالما انهم لا يقبلون بالهيمنة الأمريكيةوالغربية عليهم، وطالما أنهم يرفضون فكرة وجود الكيان الصهيوني على أرضهم، ودائما يردد قادة الغرب الشعارات التي يريدون أن يتظاهروا من وراءها أنهم ليسوا ضد الإسلام وأنهم يعترفون بوجوده ولكنهم ضد التطرف الذي يحمله ضدهم بعض المسلمين وأن هناك من المسلمين فئة معتدلة.
والمعتدلين في نظرهم هم من يقبل الناهب لثرواته ويقبل بكل شيء، يقبل بوجود كيان مغتصب على أرضه ويقبل بالتطبيع حتي مع من يقتلون ابناءه ، إن كل من يعادي السامية متطرف ويجب على المعتدلين أن يستأصلوه حتى لا ينتشر الوباء في العالم ويزيد المتطرفين "المعادين للسامية" أما المعتدلون فهم الذين يؤمنون بأحقية وجود كيان لليهود على أرض فلسطين وبأنها أرض الميعاد للصهاينة وينبغي طرد اصحابها العرب منها .
ولعل تصريحات وزيرة خارجية الكيان الصهيوني وقتها تسيبي ليفني خلال أحداث غزة والتي قالت أثناء زيارتها لفرنسا أن إسرائيل تقوم بحماية نفسهامن الارهاب الفلسطيني وأن هناك بعض الدول العربية المعتدلة تؤيدها في ذلك وأن حماس التي تقاوم من اجل استرداد حقوق الفلسطينين هي الخطرالذي يهدد المنطقة كلها، وأن حماس تعتبر ذراع عسكري مهم لجماعة متطرفة منتشرة في كثير من الدول العربية والإسلامية ولابد من استئصالها وأن على الحكومات المعتدلة أن تقوم بمساندة إسرائيل فيما تقوم به من سحق للمقاومة وذبح للمدنيين لأن ذلك من مصلحتهم ومصلحة البشرية.
وٍللأسف الشديد فإن هناك من المسلمين من يؤيد وجهة نظر الغرب في مفهومه للتطرف بل احيانا ما يكونون أكثر جرأة في مواجهة كل من يقف في وجه العالم الغربي وعلى رأسهم الولاياتالمتحدة وإسرائيل,ويسمون انفسهم علمانيون وليبراليون، وفي الماضي حاولت القوى الأجنبية أن تجبرنا على أن نفعل ما تريد ولكنهم وجدوا الأمر مكلف ومجهد، واليوم استطاعوا من خلال نشر ثقافاتهم وأفكارهم أن نصبح مثلهم و نريد ما يريدون وهذا يذكرنا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال لأصحابه "أريتم إن لم تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر، قالوا: يارسول وإن ذلك لكائن، قال: نعم وأشد، أريتم إن آمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف، قالوا: يارسول الله وإن ذلك لكائن، قال: نعم وأشد، أريتم إن رأيتم المنكر معروفا والمعروف منكرا"
إن النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من خطر ذلك واليوم نري ما حذرنا منه الحديث ماثلا امام عيوننا إن المسلمون بريئون ممن يقتل الأطفال بغير ذنب، بريئون ممن يقتل المدنيين ويفجر الأماكن العامة ويهدم المباني، ولكنهم مع إخوانهم المجاهدين في كل مكان الذين يجاهدون من أجل رفعة هذا الدين، معهم في فلسطين وفي أفغانستان والعراق وفي كل مكان.
ولكنهم ضد كل من يتعاون مع عدوهم حتى ولو كانوا حكامهم، ضد التطبيع مع العدو الصهيوني المغتصب لأرضهم، ضد الهيمنة والعولمة، ضد كل شيء يبعدهم عن ربهم، ضد كل من يقتل أو يبيد أي إنسان بدون وجه حق، حتى ولو لم يكن من اعتدي عليه ليس مسلما، ترى من المتطرف ومن المعتدل إذن؟، هل المتطرف هومن يطالب بحقوقه المغتصبة و يقاوم من أجل تحرير أرضه؟ هل المتطرف من يرفع راية المقاومة ضد أعدائه؟ هل المعتدل هو من يمد يده ليضعها في يد من قتل إخوانه في العقيدة؟.
أم أن المتطرف هو الصهيوني والامريكي الذي يقتل الأطفال والشيوخ والنساء، و يهدم المساجد والمستشفيات والمباني، هو ويصر علي اغتصاب الأرض بغير وجه حق، و من يريد أن يبسط سيطرته على كل مقومات العالم ليصبح هو الأوحد على وجه الأرض،المهيمن علي ثرواته والمتصرف فيها بغير منازع ؟؟!!