كل الثورات في العالم بدأت مجرد أحلام علي طريق التغيير والرغبة في إعادة البناء بعد تصحيح الأخطاء ولم يعرف التاريخ ثورة تظل إلي الأبد في حالة فوران وإنما كل الثورات الناجحة أدركت مبكرا أن قدرتها علي تحقيق أهدافها تحتاج إلي عمل كبير يجني الناس ثماره بأن يصبح الاحتشاد لصالح الثورة علي شكل كتائب في مواقع العمل التي تستحق جهد وعزيمة الثوار في المقام الأول! ولعلنا نتفق علي أن تحقيق الأهداف والمقاصد الشريفة للثورات النبيلة لا يتحقق بالمليونيات والاعتصامات فقط وإنما الأمر يتطلب أن تتحمل الحكومة مسئولية تحويل الأهداف والمقاصد المرجوة إلي خطط سليمة وعصرية لا يكتفي بوضعها علي الأوراق كأرقام صماء وإنما يستلزم الأمر روحا صادقة وعزما وتصميما في كل مراحل التنفيذ تحت رايات الحرية والانضباط والمتابعة الدءوبة والرقابة الواعية من أجل توفير كافة الضمانات الكفيلة بتجنب الأخطاء وتقليل أوجه القصور وضمان تجويد الأداء. إن أفضل ما تصنعه الثورة في أي مجتمع هي أن تكسبه الثقة في أنه لا يطلب المستحيل وإنما يبحث عن الممكن في إطار إدراك صحيح لمعطيات الواقع المحلي والإقليمي والعالمي وتأثيرات هذا الواقع- سلبا أو إيجابا- علي اجتذاب الاستثمارات اللازمة لدوران أكبر طاقة للعمل والإنتاج من ناحية وأحداث الرواج المطلوب في الأسواق الداخلية مع توفير القدرة علي المنافسة بالتصدير للأسواق الخارجية من ناحية أخري. ومن حسن الحظ أن معظم الشروط التي تهيئ أية دولة لكي تكون أكثر جذبا للاستثمار وأكثر قدرة علي غزو الأسواق العالمية متوفرة في مصر بقدر معقول فلدنيا الأيدي العاملة المدربة والرخيصة ولدينا عناصر البنية الأساسية من وسائل اتصالات وشبكات طرق وكهرباء وخلافه فضلا عن أن لدينا بدايات مشجعة علي طريق التقدم العلمي والتكنولوجي. ومعني ذلك أن أهم ما تحتاجه ثورة25 يناير لبلوغ كافة الأهداف والمقاصد المشروعة لها كحقائق علي أرض الواقع هو إعادة بناء منظومة صحيحة للعمل فالذي نحتاجه هو العمل وحده ولا شئ آخر سواه. وظني أن السبيل الوحيد لذلك يبدأ بإعادة الاعتبار لقيمة العمل لكي تكون هي القيمة العليا في مختلف المجالات من خلال ثورة إدارية حقيقية ترتكز إلي تبسيط النظم وتوزيع السلطات والصلاحيات وإعمال قاعدة الثواب والعقاب بكل دقة وبكل حزم. كفي كلاما وهيا إلي العمل! خير الكلام: كن قدوة لغيرك بعظيم فعلك لا بلسان قولك! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله