البناء الجديد وآلياته! أعتقد أننا بحاجة هذه الأيام إلي سؤال عاجل وضروري يتعلق بكل عناوين المطالب السياسية التي تطرحها كافة القوي والفصائل الوطنية في منتديات الحوار.. وجوهر هذا السؤال الأساسي هو: كيف يمكن التوفيق بين مختلف الآراء والأفكار المطروحة وما هي الوسائل والآليات اللازمة لبلوغ الأهداف والمقاصد المرجوة؟ وهنا يتحتم أن نقول إننا بحاجة إلي الاتفاق علي نقطة بداية صحيحة, تنطلق من الإدراك بأن البناء الجديد لمصر الذي نتحدث عنه ونلح علي حمايته من أي مخاطر وضمان ولادته ولادة طبيعية بإرادة ذاتية خالصة لم يعد محل خلاف, وإنما هو محل اتفاق وتوافق بدرجة ملحوظة بين أغلب فصائل العمل السياسي في مصر. بوضوح شديد أقول: إننا لابد أن نسعي جميعا باتجاه حوار سياسي صادق وشفاف لا يقتصر علي جدل عقيم ينحصر بين التأييد والمعارضة لهذه القضية أو تلك.. وإنما لتأكيد القدرة علي طرح البدائل الواقعية التي تتناسب مع ظروفنا وأوضاعنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة من تاريخ الوطن. ولست أظن أن أحدا يمكن أن يجادل في أن البناء الجديد لمصر تحت رايات الديمقراطية والعدالة لن يتحقق بصيحات الرفض والتشكيك, وإنما بالتكاتف والتلاحم بين الجيش والشعب لإقامة البناء الذي يمكن له أن يعيش وأن يدوم وأن يحقق الأهداف والمقاصد المرتجاة منه من خلال تفاعل وحوار وتوافق تشارك فيه كافة القوي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية بروح الرغبة في صد واحتواء المخاطر والتهديدات التي تحاك ضد الثورة وليس بروح المساومة أو تسجيل المواقف والمزايدات لكسب مواقف سياسية أو مكاسب ذاتية. وأقول صراحة: إن أحدا لم يعد بمقدوره اليوم أن يجادل أو أن يشكك في وجود إرادة سياسية صادقة يعكسها السلوك الإيجابي للمجلس الأعلي للقوات المسلحة والمتناغم مع رغبة شعبية جارفة, باتجاه المزيد من الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان لكن دون إغفال ضرورات التنمية الاقتصادية والاجتماعية, وتجنب الانزلاق إلي الرضوخ لأنماط مصبوبة في قوالب الجمود التي تعني إعادة عجلة الزمان إلي الوراء من ناحية أو القفز غير المحسوب باتجاه المجهول من ناحية أخري ونقطة البداية علي هذا الطريق تتمثل في مدي القدرة- وبسرعة- علي الانتقال من الجدل إلي الحوار لكي نجيب جميعا علي عدة أسئلة ضرورية أهمها.. أين مصلحة مصر.. وكيف نضمن أمنها وسلامها واستقرارها.. وما هو السبيل لصنع تنمية حقيقية علي طريق مزدوج من الديمقراطية والاستقرار! خير الكلام: ليس كل المديح مفسدا فبعض المديح ينتشل الآخرين من الخطأ إلي الصواب! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله