الثورة... والاكتفاء الذاتي! منذ اللحظة الأولي لنجاح ثورة 23 يوليو 1952 كان واضحا أن الضباط الأحرار لديهم أجندة واضحة وخريطة طريق محددة عكستها ورقة المبادئ الستة للثورة. لكن الركيزة الأساسية في حلم تغيير الواقع المصري كانت في تصورات هؤلاء الثوار مرتبطة بمدي القدرة علي تحقيق مبدأ الاكتفاء الذاتي في ظل قناعة راسخة لديهم بأن أي دولة لا تملك القدر الكافي من الاعتماد الذاتي تظل معرضة للمخاطر والأزمات. كان الحلم في بناء جيش وطني قوي دافعا لإعطاء أولوية للتصنيع العسكري ضمن الأجندة الشاملة لبناء صناعة وطنية مصرية من خلال إدراك صحيح بأن التصنيع العسكري لا يوفر احتياجات الجيش المصري من الأسلحة والذخائر بدرجة معقولة فقط وإنما يضع الأساس لإقامة قاعدة صناعية شاملة وهو ما ظهرت بشائره في زمن قصير عند وضع أول خطة خمسية عام1958 تحت إشراف الدكتور عزيز صدقي وزير الصناعة حيث ارتكزت خطة التصنيع علي محورين أساسين أولهما ضرورة دخول مصر وبأقصي سرعة زمنية ساحة التصنيع الثقيل بإقامة مصانع الحديد والصلب والألمونيوم... وثانيهما محور تحديث الصناعات القائمة وفي مقدمتها صناعات الغزل والنسيج والسكر. ولأن الصناعة ليست غاية في حد ذاتها وإنما هي وسيلة لتحقيق أهداف الثورة في توفير فرص العمل وإحلال المنتجات المحلية محل المنتجات المستوردة واقتحام أسواق التصدير فقد تسارعت الخطي والجهود علي هذا الطريق ولولا نكسة يونيه 1967 لكان للصناعة المصرية شأن آخر خصوصا وأن تحولا رهيبا حدث بعد الإعلان عن سياسة الانفتاح عام 1974 أدي إلي تراجع عن فكر وفلسفة ثورة يوليو في التصنيع لصالح سياسة تقول شراء العبد ولا تربيته! خير الكلام: القيمة الحقيقية للمرء لا تسطع إلا في غيابه! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله