فى بولاق أبو العلا.. وبمجرد أن تطأ أقدامك «عتبة» باب المحل .. لاتتمالك نفسك من الدهشة وتظل محملقا تتأمل المكان وروحك مثل طائر حر فرحان تطوف وكأنها ملاك المحبة ان لم تكن تراها ترقص فرحا لما ترى وتسمع. فصاحب هذا المحل القديم ترزى عربي.. وجدران المكان معرض كبير لصور المسيح والعذراء مريم والصنايعية الذين يعملون معه كل واحد فيهم مشغول فى حياكته وتطريزه، الركبة متنية والابرة فى الجلابيه والخيط فى الفم الساكت بين شفايف الرزق والرضا والعيون الدبلانة بتدور على خرم الابرة حتى تستريح .. لكن مايجعل القلب يبتهج والدهشة تهتف «الله» .. هو اختلاط صورة العذرا والسيد المسيح بصوت القرآن الصادر من راديو صغير بجوار احد العاملين الذى لاتحتاج ان تتعرف عليه.. فهو يتلو الآيات مع قارئ الاذاعة وعلامة السجود تركت اثرا على جبهته والتزامه الدينى مرسوم فى هدوئه وصمته، وهناك على اليمين زميله يسمع فى تركيز الشيخ كشك وأعلى رأسه نتيجة العام تحمل صورة العذرا .. سألت الترزى صاحب المحل: ايه الحكاية صور للعذراء وصوت القرآن.. ابتسم عماد ابوخلف صاحب المحل وقال:.. ثلاثتنا يحب الاخر.. ونحن الثلاثة اصدقاء.. أنا مسيحى وهما مسلمان وأبناء حى واحد بولاق أبوالعلا.. هنا مصر الحلوة يا أستاذ.