يعانى الجهاز الإدارى فى مصر من الترهل الشديد، وتسبب هذا الترهل فى مشكلات تفاقمت بمرور الوقت وغياب الرغبة الحقيقية فى الإصلاح، ويتطلب الإصلاح المنشود وضع برنامج طموح لإعادة تأهيل العاملين بما يتفق مع احتياجات المستقبل على أن يشكل الشباب الركيزة الأساسية لمنظومة عصرية تلبى تطلعات المواطن وتوفر الوقت والموارد للدولة. وفى الحوار التالي، نحاول التعرف من جيهان عبدالرحمن القائم بأعمال رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة على أوضاع البيروقراطية المصرية ومشكلاتها وآفاق العلاج ان وجدت. بداية نتمنى أن نتعرف منكم على أبرز مشاكل الجهاز الإدارى المصري. تشكل زيادة أعداد الموظفين السبب الرئيسى وراء بطء الإجراءات وتعذر الإنجاز واستحالة تقييم الاداء، ونتيجة لتضخم أعداد العاملين عن الاحتياج الحقيقى للعمل، تشيع روح انعدام المسئولية ويغيب مبدأ الثواب والعقاب وتتعثر فرص تحسين دخول العاملين. وما هى ركائز الإصلاح الإدارى المنشود؟ يجب أن يخرج مفهوم الإصلاح من فكرة تطوير الإدارة لخدمة التنمية الشاملة للمجتمع لا أن يقتصر الأمر على مسألة مكافحة الفساد الإداري، فهو مجرد عرض لمرض الترهل الذى تعانيه الإدارة فى مصر، ويجب أن يكون هدف الإصلاح تغيير موروثات استقرت لدى المواطنين والعاملين سواء بسواء. وما هى أكبر المصاعب التى تواجه الإصلاح؟ يتملك العاملين شعور بالخوف من احتمال تأثر مستحقاتهم المالية وأوضاعهم الوظيفية كلما بدأ الحديث عن إصلاح الجهاز الإدارى المصري. ويتسبب هذا الهاجس فى تعثر برامج الإصلاح، ولتحاشى هذا يتعين ترشيد حجم الانفاق من خلال بدائل لا تضر بالعاملين ومنها ربط التعيينات باحتياجات العمل الفعلية، واستخدام تكاليف الوظائف الشاغرة وقدرها حوالى 400 ألف فرصة تكلفتها أكثر من ثلاثة مليارات جنيه فى تنفيذ برنامج الإصلاح، مع وضع خطة متدرجة تستند إلى قاعدة بيانات دقيقة وصادقة. ويتطلب هذا حصر أعداد العاملين، وتحديد مسميات الوظائف التى يشغلونها والوظائف الشاغرة. وما هو حجم الجهاز الإدارى للدولة؟ بالأرقام، لدينا الآن حوالى 8٫6 مليون موظف فى الوزارات والمصالح والإدارات المحلية والهيئات الخدمية والاقتصادية وذلك مقابل 7٫5 مليون فقط منذ بضعة أعوام. ويرجع هذا إلى صدور قرارات حكومية بتعيين العمالة المؤقتة والموسمية والعاملين بالصناديق الخاصة. وما هى خطة الجهاز للسيطرة على هذا الترهل؟ الخطوة الأولى تعتمد على ربط التعيينات الجديدة باحتياجات العمل الضرورية، فلم يعد الجهاز يوافق على التعيين لمجرد وجود درجات خالية بالجهة المعنية بل يجب أن تكون هناك حاجة ماسة للتعيين. ولكن هناك من يدعى أن 150 ألف موظف يخرجون إلى المعاش سنويا ويمكن تعيين الشباب بدلا منهم؟ عدد المحالين إلى المعاش سنويا لا يتعدى مائة ألف موظف فى أحسن الأحوال ولا يمكن استبدالهم بالشباب لانهم يكونون فى الدرجات الإدارية العليا. وهل يمكن تعديل الوظائف لتناسب الشباب؟ هذا مستحيل لانه يعنى إلغاء الدرجات العليا التى تمثل التدرج الوظيفى الطبيعى للعاملين. بمعنى آخر، سوف يتسبب مثل هذا الإجراء فى خنق فرص العاملين فى الترقى وهذا ما لا يمكن أن يقبله أو يقرره أحد.