الفساد الإداري والعمالة المؤقتة والبيروقراطية وعلاقة الرؤساء بالمرءوسين في العمل كلها قضايا يتجدد ولا يتوقف الحديث عنها في مجال الإدارة حتي اننا حينما توجهنا لإجراء حوارنا مع د. صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بادرنا عدد من العاملين المؤقتين راجين أن نحصل منه علي معلومة تطمئنهم علي مستقبلهم الوظيفي. اجتاز الجهاز عدة خطوات لتحسين وتطوير الجهاز الإداري للدولة ولا أدل علي ذلك من تجربة تحويل العديد من الهيئات الحكومية لشركات قابضة تحولت معها من هيئات خاسرة إلي هيئات تضيف لموازنة الدولة ولا تكلف الدولة شيئا في الوقت ذاته. وكشف النحاس عن عرض القانون الجديد للوظيفة العامة علي الدورة البرلمانية المقبلة ويحوي العديد من الجهات والهيئات لشركات قابضة أبرزها مترو الأنفاق والسكك الحديدية وبعض الأنشطة باتحاد الإذاعة والتليفزيون. وإلي نص الحوار:* لا يمكن الحديث معك حول الإدارة في مصر بدون الحديث عن متلازمته الفساد الإداري فماذا تقول في ذلك؟ **مقولة الفساد الإداري تعني بوجه عام أن هناك موظفا في جهة ما يتقاضي مقابلا ليس من حقه لتنفيذ العمل الموكل إليه والذي يتقاضي عنه في الأساس أجرا من الدولة وهذه الحلقة هي الممثلة لعملية الاتصال بين المواطنين والجهاز الإداري للدولة لتقديم الخدمات الجماهيرية المختلفة والجهاز الإداري للدولة يقدم العديد من الخدمات الجماهيرية كشهادات الميلاد وترخيص المحلات وتراخيص الارتفاع بأدوار العقارات وغيرها كثير لكن هناك من المواطنين من يقتنع بأنه لو قدم تسهيلا ماديا لأحد الموظفين المساهمين في تقديم الخدمة لأمكن اختصار الوقت المخصص لإنجازها خاصة أن المواطن عليه اللجوء إلي عدد كبير من الجهات للحصول علي موافقتها لإنجاز تلك الخدمة فالإغراء المادي يلعب دوره في هذا الإطار. *ولكن تلك القناعة تجعل من تلك الممارسة واقعا؟ قد يحدث.. ولكن غلق باب الفساد يتوقف عند تلك الخطوة وهو ما يمكن أن يتحقق من خلال عدد من الإجراءات أهمها الاعتماد علي طريقة تقديم الخدمة من خلال الشباك الواحد أي تقديم الخدمة من خلال جهة واحدة دون اللجوء للعديد من الجهات بالإضافة إلي فصل مقدم الخدمة عن طالبها وهناك تجربة طبقتها فرنسا ونسعي إلي تطبيقها في مصر حيث أصدرت قانونا لتنظيم تقديم الخدمات الحكومية بحيث لا يصبح شرطا أن يحصل المواطن علي موافقة السلطة المختصة أو أعلي مسئول في الجهة المطلوب الحصول علي الخدمة منها سواء كان وزيرا أو محافظا أو رئيس هيئة فالخدمة في النهاية عبارة عن استيفاء عدد من المتطلبات وهي سداد الرسوم وملء الاستمارات اللازمة وتقديم المستندات المطلوبة وبالتالي لن يكون المواطن في حاجة للتردد علي أكثر من جهة للحصول علي الخدمة ولك أن تتخيلي أن هناك خدمات تتطلب الحصول علي موافقة30 جهة كي يحصل المواطن عليها. *وهل هذا النموذج قابل للتطبيق في الجهاز الإداري في مصر؟ **بالفعل قابل للتطبيق وكذلك فصل مقدم الخدمة عن طالبها وتقديم الخدمة من الشباك الواحد أيضا قابل للتطبيق ولكنه أمر يحتاج لبعض الوقت خاصة أن تكلفته اليوم تصل لأكثر من4 مليارات جنيه لكننا لن نتوقف بل عملنا خلال الفترة الماضية علي تطوير الخدمات الجماهيرية وأزلنا منها كل المطالب والإجراءات الشكلية مثل الحصول علي شهادة من إثنين من الموظفين الحكوميين واختصرنا ذلك بالاعتماد علي المستندات المطلوبة فقط كذلك تم اختزال البيانات المطلوب ملؤها في نماذج طلب الخدمة ووفرنا الخدمات الحكومية وعددها760 خدمة علي الموقع الإلكتروني للجهاز المركزي للتنظيم والإدارة. * أين المشكلة إذن؟ **المشكلة أن الكثير من المواطنين لا يعلمون الموقع الإلكتروني للجهاز ولا يعلمون بالخدمات التي يوفرها خاصة أن ذلك يوفر علي مواطني المحافظات الوقت والجهد حيث ان النماذج المتاحة علي الموقع تعطي رؤية عن متطلبات الخدمة المراد استخراجها والإجراءات والخطوات المطلوبة فيتوافر علي الموقع نموذج تقديم الخدمة وتعليمات ملء النموذج. *وما هي متطلبات القضاء علي الفساد الإداري؟ ** القضاء علي الفساد الإداري يتطلب تطوير آليات التدريب في الجهاز الإداري للدولة بحيث يتم تدريب من هم في احتياج فعلي وتوجيهه لمن يستحق وذلك عن طريق تحديد الجهة ذاتها المجموعة التي تحتاج للتدريب بعد التعرف علي الفجوات والثغرات في مهاراتهم ومعارفهم وليس من خلال طلب الجهة التدريب بشكل عام دون تحديد وذلك حتي يتم إعداد برنامج تدريبي مناسب لعلاج تلك الثغرات. * هل ذلك يعد كافيا من وجهة نظرك؟ ** لابد من تحسين الكفاءات الموجودة بالجهاز الإداري للدولة, فمن شأن تلك الإجراءات العمل علي التقليص التدريجي للفساد الإداري حتي يصل إلي أقل درجة ممكنة, لكنني أتحفظ علي مسمي الفساد الإداري, ففي واقع الأمر أي مخالفة بها شبهة لإهدار المال العام تتحول إلي حالة تخضع للدراسة والتحقيق من قبل جهاز النيابة الإدارية وهو ما يعد أحد مؤشرات الفساد الإداري في الجهاز الإداري للدولة والنيابة الإدارية تستقبل سنويا80 ألف حالة فساد إداري ومع دراسة هذا العدد من الحالات يتضح أن20 ألفا منها لا تعد حالات فساد و20 ألفا أخري مخالفات إدارية قد يخضع بعضها للمحاسبة والبعض الآخر من طبيعة العمل وال40 ألف حالة المتبقية أمور بسيطة لها جوانب أخري وبالتالي لا يوجد سوي20 ألف حالة فساد فقط. * إذن الفساد الإداري موجود بالفعل وتعكسه الإحصائية التي ذكرتها؟ ** أتفق معك تماما بوجود الفساد الإداري ونحن لا نرضي به ولا نقبله ولكننا نعمل جميعا علي مواجهته من خلال عدد من الإجراءات تشمل تطوير الخدمات الجماهيرية وفصل مقدم الخدمة عن طالبها وتقديم الخدمة من الشباك الواحد وإصدار قانون جديد للخدمات الحكومية وتطوير نظم التدريب واختيار المتدربين. وسوف يحين الوقت الذي يتقلص فيه الفساد لأقصي درجاته. *ماهو أهم المعوقات التي يعانيها الجهاز الاداري للدولة؟ ** نحن نعاني من مشكلة كبيرة جدا تتمثل في أجور العاملين بالجهاز الاداري للدولة والتي تنقسم إلي ثابتة ومتغيرة فالأجور الثابتة تمثل40% من دخل العاملين في حين تمثل الأجور المتغيرة60% من أجور العاملين الذي يتقاضونها وفي الوقت ذاته منح الأجور المتغيرة يتوقف علي التقييم الذي يحصل عليه الموظف وبالتالي نظرا لأن دخله المتغير يشكل أكثر من نصف مصادر دخله فيراعي عند التقييم عدم الإضرار بهذا الأجر وهو مايفتح طريقا من طرق الفساد الاداري بعدم تفعيل سياسات الثواب والعقاب بالشكل المطلوب, كما أن قانون العاملين الحالي يتيح للموظف فرصة تكرار ارتكابه للأخطاء والتجاوزات فحينما يقع خطأ من الموظف ويصدر جزاء معين تجاهه وتكون مدته الزمنية سنة علي أقصي تقدير فالقانون يسمح بأن يصبح نموذج جزاءاته ناصع البياض بمجرد انتهاء مدة الجزاء, فتولدت لديه ثقة في أن ارتكابه للجزاء سيضيع أثره بمرور الوقت. * وهل يرجع ذلك إلي سبب محدد؟ ** هذا نتيجة الفائض الكبير من العاملين بالجهاز الاداري للدولة كما أن الموظفين يهربون الي الأعمال الهامشية التي لاتقع في صلب تخصصاتهم وآمالهم الأصلية لعدم التعرض للمساءلة والعقاب في أعمالهم الأساسية وبالتالي يتم التغاضي عن مخالفاتهم وأخطائهم لتشجيعهم علي القيام بأعمالهم الأساسية لحاجة العمل لهما. ** وماهو هدفها بوضوح؟ ** تهدف تلك الاستراتيجية لتقديم خدمة عامة متخصصة حديثة تمتلك المهارات اللازمة لخدمة المواطنين وتضم تلك الاستراتيجية ثلاث استراتيجيات داخلها تحكمها7 برامج للعمل علي تنفيذها وتوقعات ومتطلبات الجمهور وتحقيق معادلة عادلة ومنظمة لكل المنتفعين بالخدمة ووضع أسس لخدمة مدنية حديثة ذات خبرة قادرة علي تلبية احتياجات الأداء الحكومي وتفير عمالة تعمل من خلال سلك وظيفي متميز وتحقيق إدارة فاعلة للموارد البشرية وبرامج العمل الخاصة بالاستراتيجيات حققنا في بعضها إنجازا تتراوح نسبته بين60% و70% وفي بعضها الآخر من30% الي40%. * وماذا عن خطوات العمل؟ ** إعادة هيكلة الجهاز الاداري للدولة أولا وبالفعل تمت إعادة هيكلة النظم الادارية بكل مديريات الخدمات بالمحليات ودواوين عموم المحافظات والتي تضم50% من العاملين بالجهاز الاداري للدولة مع وضع محدد أساسي بألا يتم الاستغناء عن أي موظف بها سواء مؤقتا أو دائما بالاضافة إلي تطوير البنية التشريعية القانونية للارتقاء بشاغلي الوظيفة العامة ومن هنا أعددنا القانون الجديد للوظيفة العامة. * لكن تأخر عرضه علي مجلس الشعب ومن ثم إقراره.. فلماذا؟ ** بالفعل تأخر عرضه علي مجلس الشعب ولهذا لم يتم إقراره حتي الآن نظرا للطاقة التشريعية الكبيرة الواقعة علي عاتق المجلس ولكننا سنتقدم به خلال الدولة البرلمانية المقبلة وقمنا فيه بسد كل الثغرات التي يعاني منها القانون الحالي وقمنا بتعديل اللائحة التنفيذية للقانون5 لسنة1991 الخاصة باختيار القيادات بحيث يتم اختيار القيادات علي أساس الجدارة والقدرة علي استخدام أجهزة الحاسب الآلي والسجل الوظيفي السابق ومدي امتلاك القدرة علي إحداث التغيير المطلوب في الوظيفة القيادية والقدرة علي المشاركة بالأعمال البحثية والمهنية في المؤتمرات والمؤسسات الدولية والإقليمية والقومية وهذا من شأنه إتاحة الفرصة للتصعيد المبكر للقيادات الواعدة وتوسيع دائرة اختيار القيادات وضمان قدرتهم الممتازة في التصدي للتحديات التي تواجه الجهاز الاداري للدولة. * وماهي الثغرات التي تشوب القانون الحالي من وجهة نظرك؟ * القانون الحالي مطبق منذ32 سنة وأدخلت عليه18 تعديلا علي مدار هذه السنوات وفي تقديري أنه وقت صدوره كان قانونا رائعا يحقق كل المتطلبات الوظيفية للعاملين وإحداث التوازن المطلوب بينهم وبين الجهات التي يعملون بها وبينها وبين المتعاملين من الجمهور, ولكن في ظل الفائض الكبير للعاملين بالجهاز الاداري للدولة نتيجة التوسع في إجراءات التعيين منذ الستينيات وحتي منتصف الثمانينيات والتعيين بنظام العقود المؤقتة غير المبررة منذ منتصف الثمانينيات وحتي بداية التسعينات أدت إلي ظهور ثغرات في تطبيق القانون, وأعتقد أن القانون الجديد يتلافي هذه المشاكل بشكل كبير وسيعمل علي تحفيز العاملين علي الاجتهاد ويكافئهم عليه. * بما تفسر الهجوم الذي لاقاه الطرح الأول للقانون الجديد علي كل المستويات خاصة الشعبية منها؟ ** الطرح الأول للقانون لاقي عددا من الانتقادات لدي بعض العاملين بالجهاز الاداري للدولة ومن غيرهم, وهو ماتم التعامل معه بتوفير وزارة التنمية الادارية موقعا علي شبكة الانترنت لتلقي كل الانتقادات والمقترحات بشأنه وتمت دراستها بالكامل وتمت الصياغة النهائية بما يراعي ذلك وعرضت علي مجلس الدولة وصورته الحالية سوف تعمل علي إحداث التطوير المنشود بالجهاز الاداري للدولة من جهة والحفاظ علي مكتسبات العاملين من جهة أخري. * لايمكن أن نغفل أزمة العمالة المؤقتة في حوارنا معك... فماذا تقول؟ ** أرجو ألا تحدثيني عن العاملين المؤقتين فهو مجال حديث يومي بالنسبة لي. * وهذا سبب أدعي للحديث في هذا الموضوع خاصة أنه وضع متجدد ودائم والمؤقتون يريدون الاطمئنان علي مستقبلهم الوظيفي؟ ** كل مايمكن التأكيد عليه في هذا الأمر أن القانون الجديد سوف يجعل كل التعيينات بالجهاز الاداري للدولة دائمة وبالنسبة للمؤقتين سوف يتم توفيق أوضاعهم بما يتناسب مع القانون الحالي من خلال إقرار حكم انتقالي لهم يتم بموجبه تثبيتهم ولا شيء أكثر من ذلك. * في طريقكم لتطوير الجهاز الاداري للدولة وتفعيل قوانينه.. ماهي أهم المحطات التي يمكن الوقوف عندها؟ ** لدينا نموذج قمنا بتطبيقه بالفعل وأثبت نجاحا كبيرا علي المستوي الاداري وعلي مستوي تقديم الخدمة للجمهور وهو ماتم تطبيقه حتي الآن في وزارات الاتصالات والإسكان والكهرباء والطيران المدني حيث قمنا بتحويل الجهات التابعة لها إلي شركات قابضة بدلا من كونها هيئات حكومية وهذا كان من شأنه تخفيف العبء عن الجهاز الاداري للدولة وتحسين أوضاع العاملين بها من حيث أوضاعهم الوظيفية والمادية خاصة أن دخولهم أصبحت من ناتج أعمالهم كما أصبحت أماكن جذب للباحثين عن عمل بالاضافة إلي أنها أضافت لموارد الدولة ولم تتم خصخصتها. * هل لك أن تسوق لنا مثالا من أرض الواقع؟ ** علي سبيل المثال مؤسسة مصر للطيران, فقد كانت مؤسسة خاسرة وصلت خسائرها المباشرة إلي400 مليون جنيه فيما تراوحت خسائرها غير المباشرة بين300 و400 مليون جنيه أخري ورواتب العاملين بها كانت تصرف من الموازنة العامة للدولة كما كانت تلك الموازنة تتولي الانفاق علي الطائرات التي تملكها مؤسسة مصر للطيران والمطارات التابعة لهيئة الطيران المدني ولم تكن تملك سوي34 طائرة ولم يتجاوز عدد العالمين بها22 ألف موظف أحيل منهم خلال السنوات السبع الماضية7 آلاف موظف الي المعاش. ولكن بعد أن تحولت لشركة قابضة أصبحت تملك الآن70 طائرة وضمت حوالي15 ألف موظف جديد ليصل عدد الموظفين بها في وضعها الحالي الي30 ألف موظف يتقاضون رواتبهم من ناتج أعمالهم وليس من موازنة الدولة وشعر المواطنون بتحسن الخدمات وتحسن أوضاع الطائرات والمطارات وأصبحت الشركة تحقق أرباحا تضاف الي الموازنة العامة للدولة وأحد مواردها وهذا هو وضعها الحالي ولم تتم خصخصتها ولا يوجد اتجاه لخصخصتها وليس هناك تخوف من تطبيق مثل هذا النموذج في عدد آخر من الهيئات. * ما هو سر نجاح تطبيق هذا النموذج الي هذا الحد؟ ** نجاح تطبيقه يكمن في أنه غير نمط الإدارة وأسلوب العمل وعلاقة العامل بالمؤسسة التي يعمل بها وإدارته وعلاقة المؤسسة بالجمهور المتعامل معها وسأضرب لك مثالا آخر فمثلا خدمة التليفونات الأرضية وصلت الي حد أنه في الثمانينيات عندما يرزق زوجان بطفل كانا يقدمان علي خدمة التليفون الأرضي ليحجزاه له فتصل إليه الخدمة حينما يبلغ العشرين عاما وذلك لضمان الحصول عليه أما الآن وبعد أن تحولت الخدمة الي الشركة المصرية للاتصالات أصبحت تقدم عروضا للخدمة بتخفيضات وأصبحت الشركة أحدي أماكن جذب العمالة لكل من يحمل بكالوريوس في هندسة الاتصالات أو المعلومات وأصبحت تضيف لموازنة الدولة من أرباحها. *وهل اكتفيتم بتلك الخطوة علي طريق التطوير؟ ** هناك توجه آخر سيتم تطبيقه خلال فترة قريبة ولكن دون التخلص من أي من موظفي الدولة وهو الاتجاه المتبع في العديد من دول العالم وذلك بإسناد بعض الأنشطة الحكومية لجهات خارجية لتقوم بتنفيذها مثل أنشطة الترجمة والعلاقات العامة والنظافة حيث ستضع الحكومة عددا من المعايير وعلي تلك الجهات تسجيل نفسها لدي الحكومة والتي ستتأكد من التزامها بتلك المعايير في أداء عملها. *هل توجد سياسات مستقبلية تشرعون في اتباعها لمزيد من التطوير للجهاز الإداري؟ **هناك توجه جاد من الحكومة للتحول من موازنة البنود الي موازنة البرامج والأهداف وهذا الاتجاه سيعمل علي تخفيض النفقات لتصل نسبته الي40% وهناك عمل جاد بالتعاون بين الجهاز ووزارة المالية للتحول الي تلك الموازنة لأنها تضمن تنفيذ العمل وليس صرف الموارد ودولة كفرنسا أخذت في سبيل التحول الي هذا الاتجاه15 سنة ونحن سوف نعمل خلال السنوات القليلة المقبلة علي التحول إليه بشكل نهائي لزيادة فعالية الجهاز الإداري للدولة. * في ظل كل ما صرحت به لنا.. لماذا دائما نحصل علي مرتبة متأخرة في تقرير التنمية البشرية من وجهة نظرك؟ ** الترتيب يكون في مجال التنمية البشرية وليس في مجال الإدارة والعقبة الأساسية في تأخر ترتيبنا في مقاييس ومؤشرات التنمية البشرية هي الأمية لكن بالنسبة للإدارة فالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة أحد ثلاثة أجهزة في العالم العربي الحاصلة علي الجودة ونحصل علي تقييم جيد جدا في مجال الإدارة وخبراء الجهاز يعتمد عليهم أكثر من عشر دول عربية كما يدرب الجهاز العديد من الدول العربية. * هل تري أن الهيكل الوظيفي الحالي يؤثر علي الإبداع في مجال الوظيفة بالسلب؟ **الفائض الكبير للعمالة بالجهاز الإداري للدولة له تداعياته الخطيرة علي الإبداع في مجال العمل وعلي بيئة العمل وعلي عملية تصعيد الكفاءات والتقييم وعلي جودة العمل وأدائه. * كيف يري رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة مفهوم البيروقراطية في مصر؟ ** هل تقصدين البطء في تقديم الخدمات؟! * لا يهم قصدي كثيرا بقدر ما يهمنا مفهومه لديك؟ ** المفهوم العلمي لها يعني وجود نظام إداري لتنفيذ الأعمال ونحن نمتلك هذا النظام. * لكن له مفهوما سلبيا علي مستوي القاعدة الجماهيرية في مصر لا تتماشي مع المفهوم العلمي كثيرا؟ ** المفهوم السلبي لها لدي الجمهور يتلخص في التضارب في الاختصاصات والبطء في تقديم الخدمات والبطء في إنهاء الأعمال وعدم متابعة تنفيذ القرارات التي يتم اتخاذها والتخلص من تلك الممارسات يرتبط في المقام الأول بالتدريب وتطوير الخدمات وأود أن أعلن في هذا الشأن عن أن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة أصبح يلزم كل هيئة وإدارة عامة بوجود دورة موثقة لتنفيذ المهام. * المقولة الشائعة التي تقول إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه... هل مازالت تلك المقولة سارية أمام إغراءات القطاع الخاص حاليا؟ ** مازالت الوظيفة الميري جاذبة جدا رغم أن الدخل في وظائف القطاع الخاص مغر من الناحية المادية وما يدعم ذلك أن دخول العاملين قد تضاعفت خلال السنوات الخمس الأخيرة وبالتحديد منذ البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك في الانتخابات الرئاسية الأخيرة حيث قفزت موازنة الأجور من42.5 مليار جنيه بموازنة2005/2004 الي95.4 مليار جنيه في موازنة2011/2010 كما أن الوظيفة الحكومية الدائمة مدرج بها حاليا5.6 مليون موظف في مقابل400 ألف موظف بنظام العقود المؤقتة كما أن هناك تناسبا عكسيا بين الدخل ومعدل الأمان الوظيفي ففي الوظيفة الحكومية يقترب معدل الأمان من100% رغم أن القانون ينص علي فصل كل موظف دائم يحصل علي تقدير ضعيف في أدائه لوظيفته عامين متتاليين إلا أن ذلك يطبق في أضيق الحدود فلم يفصل خلال السنوات العشر الأخيرة لهذا السبب سوي25 موظفا فقط. ليس بالضرورة أن يتم التعبير عن سوء العلاقة بشكل علني وقد يوجد العديد من مظاهره التي تتفجر في وقتها؟ يوجد العديد من القنوات التي يمكن أن يحصل بها الموظف علي مايري أنه حقه ومواجهة تعنت رئيسه في العمل في استخدام سلطاته. بمناسبة الحديث في ذلك.. ما الذي يشوب أسلوب الترقيات في الجهاز الإداري ومامعوقاتها؟ * هناك أزمة حقيقية نعمل علي تلافيها تدريجيا فالهيكل الوظيفي يضم ثلاثة أنواع من الوظائف التكرارية وتتم فيها الترقية بشكل تلقائي وهي من الدرجة الثانية حتي السادسة والإشرافية والقيادية والتي تضم مديرا عاما ووكيل وزارة وكيل أول وزارة والفائض في موظفي الدولة أوجد مشكلة في الترقي حيث تتوفر10 آلاف وظيفة قيادية أمام مايقرب من6 ملايين موظف وهو العدد الذي لابد من توفير60 ألف وظيفة قيادية لاستيعابه وهو ماتغلبنا عليه بإلغاء الترقية لسبب الرسوب الوظيفي. وكيف يتم تنفيذ ذلك؟ **الرسوب الوظيفي يعني عدم وجود درجة قيادية خالية لترقي الموظف إليها في حين أنه مستوف لكل الشروط فلا تتم ترقيته علي أن يظل يمارس عمله الأساسي كما أننا نعمل حاليا علي التوسع بشكل محدود في الدرجات القيادية وتقليص محدود للدرجات التكرارية دون الإضرار بالموظفين الحاليين خاصة أن معدل الموظفين إلي المواطنين في مصر موظف لكل13 مواطنا في حين أنه عالميا موظف لكل50 مواطنا وإذا تمت زيادة الدرجات القيادية دون حساب أو تقليص التكرارية دون حساب فسيحدث خلل شديد في الهياكل التنظيمية للوظائف. مد سن المعاش وماأثير حوله من جدل والانتقاد الموجه للحكومة بأنها تريد أن تتخلي عن المعاشات.. بالتأكيد لديك تعليق بشأنه؟ ** الحديث الذي أثير حول مد سن المعاش مرتبط بشدة بالقانون الجديد للتأمينات والمعاشات فهو قانون من أروع القوانين التي ستشهدها البنية التشريعية في مصر وستحقق مزايا كثيرة للمواطنين ولتوضيح الأمور فإن القانون الحالي في هذا الشأن يحدد حدا أقصي للمعاش وحدا أقصي للراتب الذي يتم الحصول علي معاش بناء عليه وهذا عيب خطير في القانون الحالي ويعمل علي وجود فجوة ضخمة جدا بين قيمة الراتب والمعاش الذي يتقاضاه المواطن أما القانون الجديد فيلغي الحد الأقصي للمعاش والراتب وهذا مع مرور الوقت سوف يعمل علي إحداث خلل شديد في صناديق المعاشات وكان الحل مد سن المعاش علي فترة طويلة قد تصل ل15سنة بحيث يزيد سن المعاش سنة واحدة كل5 سنوات وذلك كي تسهل استفادة المواطنين من كل مميزات القانون الجديد. وماهي الخطط المستقبلية للجهاز؟ سنعمل علي تحويل بعض الهيئات الاقتصادية والخدمية في مصر إلي شركات قابضة علي النمط الذي تم تطبيقه في العديد من الجهات والجهاز مكلف من قبل رئيس الوزراء بوضع الخطوات التنفيذية لإعادة هيكلة جديدة لكل أجهزة الدولة حتي تلك التي خضعت لإعادة هيكلة بالفعل. هل لك أن تكشف لنا عن أبرز الجهات في ذلك؟ هيئات الطاقة الذرية والنووية والطاقة الجديدة والمتجددة بالإضافة إلي هيئة السكك الحديدية وجهاز تشغيل مترو الأنفاق وهيئة النقل العام بالقاهرة والاسكندرية وعدد من الهيئات التابعة لوزارة الزراعة ومنها هيئة الإصلاح الزراعي ووزارة الإسكان ووزارة الثقافة والمتحف وصندوق آثار النوبة بالاضافة إلي بعض الأنشطة في اتحاد الإذاعة والتليفزيون. ولماذا بعض الأنشطة بالاتحاد؟ لأن هناك العديد من الأنشطة به المهيأة لعمل, ومنها النقل والتدريب فالاتحاد مهيأ لأن يكون معهدا للتدريب الإعلامي علي مستوي الشرق الأوسط كله بالإضافة إلي قطاع قنوات النيل المتخصصة وهذا في المقام الأول لمصحلة العاملين بالاتحاد ككل. هل كان لتبعيتها الحكومية أثره السلبي لهذا الحد؟ هذه الهيئات كونها حكومية تعد ضد مصلحة العاملين بها وللحفاظ علي تلك المصالح لابد من تحويلها لشركات قابضة كما أن تحويلها لشركات قابضة هي رؤية الجهاز وسيتم الرجوع للوزير المختص والعاملين بكل جهة وفتح حوار مجتمعي فلن يفاجأ أحد بأي خطوة أو قرار في هذا الشأن.