تعيين عمرو صالح رئيسًا لقطاع الضيافة الجوية بمصر للطيران    باير ليفركوزن يتأهل رسميا لنهائى الدورى الأوروبى بتعادل ضد روما ... المرة الأولى في تاريخه.. أتالانتا يتخطى مارسيليا ويتأهل لنهائي الدوري الأوروبي    أولمبياكوس يكرر فوزه على أستون فيلا في دوري المؤتمر الأوروبي    صدام متكرر.. سبورتنج يضرب موعداً مع الأهلي في نهائي دوري السلة للسيدات    لمناقشة الموازنة العامة ومخصصات "قومي المرأة".. مايا مرسي تشارك فى اجتماع "تضامن النواب"    مصدر رفيع المستوى: مصر تجدد تحذيرها من التصعيد برفح الفلسطينية    السفير خليل الذوادي يدعو لتوحيد المواقف العربية من أجل نصرة الشعب الفلسطيني    بعد مطاردة جبلية.. مصرع عنصر إجرامي قتل 4 أشخاص من أسرة واحدة في أسيوط    مصرع طفل صدمه قطار ركاب في السويس    حبس المتهم بقتل جارته وتقطيع جثتها لأجزاء بالسلام على ذمة التحقيق    بحضور رمضان والسقا وحسين فهمي.. نجوم الوسط الفني في عزاء والدة كريم عبدالعزيز (صور)    إعلام إسرائيلي: المعسكر الرسمي قد ينسحب إذا لم يطرأ تقدم في مباحثات صفقة التبادل    الكشف على 1139 مواطنا بقافلة طبية مجانية بكوم عزيزة في البحيرة    مذكرة تفاهم بين جامعة عين شمس ونظيرتها الشارقة الإماراتية لتعزيز التعاون    السياسة بوسائل أخرى.. خبير عسكري يحلل مفهوم الحرب    الخارجية تصدر بيانا هاما للمصريين في الخارج بشأن مبادرة تسوية الموقف التجنيدي    بوتين يشكر رئيس لاوس على نقل دبابات تي- 34 إلى روسيا    البنتاجون: التدريبات النووية الروسية غير مسئولة    بوريل يدعو إلى عدم بيع الأسلحة لإسرائيل    بناء 4 قواعد عسكرية على طول ممر «نتساريم» لإقامة دائمة لجنود الاحتلال هناك    صور وفيديو.. هنا الزاهد تتألق في أحدث ظهور بإطلالة ساحرة والجمهور يعلق    «خلصت خلاص».. نيكول سابا تطلق عن أحدث أغانيها | فيديو    محدش قادر يشتغل.. مصطفى بكري يطالب بسرعة إجراء التعديل الوزاري وحركة محافظين    عقوبة التأخر في سداد أقساط شقق الإسكان    مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع الحلقة الجديدة عبر قناة الفجر الجزائرية    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُنى على خمس فقط    محظورات الإحرام لحجاج بيت الله الحرام في حج 2024    خطوات إصدار تصريح دخول مكة للأسرة المقيمة في حج 1445    طريقة عمل بسكوت الزبدة الدائب بمكونات متوفرة بالمنزل    «تليجراف» البريطانية: أسترازينيكا تسحب لقاح كورونا وضحايا يروون مأساتهم    «الباشا» أول أعمال صابر الرباعي في الإنتاج الموسيقي    شروط الحصول على تأشيرة شنجن.. تتيح فرصة السفر ل27 دولة أوروبية    مواعيد قطارات المصيف الإسباني والدرجة الثالثة.. رحلة بأقل تكلفة    ننشر مذكرة دفاع حسين الشحات في اتهامه بالتعدي على محمد الشيبي (خاص)    بالفيديو.. خالد الجندي: أركان الإسلام ليست خمس فقط    أمين الفتوى: الزوجة مطالبة برعاية البيت والولد والمال والعرض    بنك التعمير والإسكان يحصد 5 جوائز عالمية في مجال قروض الشركات والتمويلات المشتركة    أوقاف شمال سيناء تعقد برنامج البناء الثقافي للأئمة والواعظات    مصطفى غريب يتسبب في إغلاق ميدان الإسماعيلية بسبب فيلم المستريحة    متحور كورونا الجديد «FLiRT» يرفع شعار «الجميع في خطر».. وهذه الفئات الأكثر عرضة للإصابة    محافظ الشرقية: الحرف اليدوية لها أهمية كبيرة في التراث المصري    محافظ أسوان: تقديم أوجه الدعم لإنجاح فعاليات مشروع القوافل التعليمية لطلاب الثانوية العامة    فصائل عراقية: قصفنا هدفا حيويا في إيلات بواسطة طائرتين مسيرتين    على معلول يحسم مصير بلعيد وعطية الله في الأهلي (خاص)    بعد ظهورها مع إسعاد يونس.. ياسمين عبد العزيز تعلق على تصدرها للتريند في 6 دول عربية    "الخشت" يستعرض زيادة التعاون بين جامعتي القاهرة والشارقة في المجالات البحثية والتعليمية    وزير الصحة: دور القطاع الخاص مهم للمساهمة في تقديم الخدمات الطبية    محافظ الغربية يوجه بتسريع وتيرة العمل في المشروعات الجارية ومراعاة معايير الجودة    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فساد التموين ل 8 يوليو    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    21 مليون جنيه.. حصيلة قضايا الإتجار بالعملة خلال 24 ساعة    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    مستشفى العباسية.. قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة جانيت مدينة نصر    فوز تمريض القناة بكأس دوري الكليات (صور)    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    البورصة تخسر 5 مليارات جنيه في مستهل أخر جلسات الأسبوع    عبدالملك: تكاتف ودعم الإدارة والجماهير وراء صعود غزل المحلة للممتاز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ بين الحقائق والأهواء
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 03 - 2014

يقول العلامة ابن خلدون: أعلم أن فنّ التاريخ فن عزيز المذهب جم الفوائد، شريف الغاية، إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم فى أخلاقهم ،والأنبياء فى سيرهم ،والملوك فى دولهم وسياستهم حتى تتم فائدة الاقتداء لمن يرومه.
ويقول الإمام الشافعي: من قرأ التاريخ زاد عقله.
فالتاريخ هو ذاكرة الأمم التى تعى به ماضيها وتأخذ منه العبرة والعظة، وتفسر حاضرها وتستشرف مستقبلها، ومن ليس له ماض ليس له حاضر، والذى لم يعرف ماضيه لن يفهم حاضره ولا يستشرف مستقبله.
وهنا تطرح الأسئلة نفسها: هل هناك شروط يجب توافرها فيمن يكتب التاريخ؟ وما المصادر التى يستقى منها المعلومات؟ وهل وسائل التواصل الاجتماعى تصلح لأن تكون وثائق تاريخية؟ وهل ما يكتب الآن يعد تاريخا..أم انه مجرد مشاهدات؟ وما دور المبدع فى كتابة التاريخ؟ أسئلة كثيرة حاولنا أن نجد لها إجابات على ألسنة المتخصصين فى السطور المقبلة.
يكتب على نار هادئة:
فى البداية يقول المبدع محفوظ عبد الرحمن والذى يجمع بين الإبداع, لكتابته الدراما التاريخية، وفى الوقت ذاته دارس للتاريخ: ان التاريخ أبو العلوم الإنسانية، الذى لا يعرف التاريخ لا يستطيع أن يعرف اى شيء. ومن يكتب التاريخ يجب أن يكون خبيرا فى مجاله وان يكون مدققا ولا يفرض وجهة نظره على الأحداث ويكون لديه القدرة على البحث واستخدام الوسائل العلمية الحديثة، وكلها شروط بديهية يجب توافرها فيمن يكتب التاريخ، ولكننا لا نستطيع أن نحدد من يكتب ومن لا يكتب فى التاريخ لأننا فى هذه الحالة نكون قد ألغينا بعض المسارات التى قد تفيد.
ويضيف محفوظ يجب أن تمر فترة زمنية محددة على الحدث قبل كتابته - وقد اختلف حولها المؤرخون - فالتاريخ يكتب على نار هادئة، ومع ذلك لابد من تسجيل تلك الأحداث، والصحف تعد مصدرا شديد الأهمية فى التسجيل إلى جانب وسائل الاتصال الأخرى مثل التليفزيون الذى يعد نقطة فاصلة فى تحديد الأحداث التاريخية، أما الانترنت فلا أثق فيه لأن به مخالفات للحقيقة وأخطاء فادحة ومعلوماته غير مكتملة.
ويوضح محفوظ أن هناك فرقا بين كتابة المؤرخ للتاريخ وبين كتابة المبدع للدراما التاريخية التى تعتمد على معلومات مؤرخة وإبداع، مثال ذلك «الإلياذة والأوديسة «وهى تعتمد على معلومات تاريخية صحيحة محققة وموثقة ،وقام هوميروس بتحويلها إلى دراما شعرية بإضافة جزء من الإبداع إلى الأحداث.
علم له منهجه:
أما الدكتور حمدنا الله مصطفى أستاذ التاريخ بكلية الآداب بجامعة عين شمس ورئيس القسم السابق فيقول: للأسف إن التاريخ أصبح مهنة من لا مهنة له ، فهناك هواة يكتبون التاريخ دون اللجوء إلى منهج أو قواعد، والتاريخ علم له منهج مثل العلوم التجريبية يسمى المنهج الاستردادى الذى نسترد فيه الوقائع، ونقوم بإجراء خطوات طويلة ودقيقة حتى نصل لمرحلة الكتابة، ويسبقها مراحل عديدة ومعقدة فى سبيل أن نصل إلى الاقتراب من الحقيقة التاريخية، ويقوم بكتابته رجال متخصصون يسيرون وفق منهج علمى دقيق.
ويستكمل الدكتور حمدنا الله قائلا : يجب أن تمر فترة زمنية حددتها دور الوثائق العالمية - ومن أهمها دار المحفوظات البريطانية - بخمسين عاما ،تم تخفيضها فى السنوات الأخيرة إلى ثلاثين عاما، لأن الحقائق بدأت تتكشف بشكل أسرع، فالتاريخ لا يكتب بالانطباعات ولكن وفق منهج علمي، والحدث لابد أن يهدأ ولا يكون ساخنا كالعلوم السياسية، لأن التحليل السريع ربما يقودنا إلى الخطأ، ولابد من الانتظار مدة لا تقل عن ثلاثين عاما حتى يفرج عن الوثائق ومن بطونها نستخرج الحقائق، ومن ناحية أخرى يكون صناع الحدث التاريخى تركوا مناصبهم فيكتب المؤرخ بحرية وبين يديه الوثائق التى تعينه فى الوصول إلى الحقيقة، وتتعدد هذه الوثائق بتعدد الدول ولكل دولة أرشيفها مثل الأرشيف البريطانى والفرنسى والأمريكى، وفى مصر دار المحفوظات بالقلعة ودار الوثائق، وهذه الوثائق قماشة واسعة يأخذ منها المؤرخ حسب فهمه لمنهج البحث التاريخى.
وأضاف أن ما يتم كتابته الآن وتدوينه للأحداث لا يعتبر تاريخا لأنها كتابات انطباعية تعبر عن وجهة نظر كاتبها، الذى ربما يغفل أحداثا بعينها أو يركز على حدث محدد وفقا لرؤيته الحزبية أو انتمائه الفكرى إلى غير ذلك من العوامل، وكذلك مواقع التواصل أكثرها مواقع مشبوهة لأنها منحازة، وجميعها كتابات لا نعدها تاريخا إلا إذا مر عليها فترة ثلاثين عاما حيث تهدأ الأحداث وتتكشف الوثائق ويجلس المؤرخ محايدا فلا يميل هنا أو هناك.
ويشيرالى أن بالعالم الثالث مشكلة خطيرة - وبلادنا تنتمى إلى هذا العالم - تطفو بين الحين والآخر وهى فكرة إعادة كتابة التاريخ وهذه قضية خطيرة جدا وان كتابة الأحداث التاريخية الآن فى الكتب المدرسية يعد خطأ جسيما يجب الابتعاد عنه، لأنها تؤرخ لرئيس أو لحزب أو لجماعة ، وهى نوع من المجاملة وفى رأيى هذا تزوير للتاريخ، ونحن نريد أن نربى أبناءنا تربية علمية سليمة وفقا للمنهج العلمى ليس فى التاريخ فحسب، ولكن فى كل المجالات.
يبدأ حين تنتهى السياسة:
ويوضح الدكتور عاصم الدسوقى أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان أن هناك فرقا بين المؤرخ الذى يكتب التاريخ، وبين من يسجل وقائع هذا التاريخ حسب ترتيب الأحداث, ومن ذلك كتابات المعاصرين مثل عبد الرحمن الجبرتى الذى عاصر حكم المماليك والحملة الفرنسية ومحمد على حتى عام 1824 وتوقفت كتابته عند هذا التاريخ ، وكذلك أصحاب المذكرات السياسية الذين يكتبون دورهم السياسى منذ ارتباطهم بهذا العمل مثل محمد فريد وسعد زغلول وعبد الرحمن فهمى وغيرهم ، إلى جانب التقارير السياسية التى يكتبها السفراء لبلادهم، وجميعها تعد مصادر لكتابة التاريخ. ثم يأتى بعد ذلك الباحث الذى تعلم كيف يجمع المادة العلمية وكيف يكتبها، ويأخذ هذه المصادر ويعيد بناء الحدث من خلال هذه الجزئيات، وهى لا تتم إلا بعد مراحل طويلة ومتعددة .
أما ما يحدث الآن فهو توثيق للأحداث، فالذين يكتبون عن ثورة 25 يناير لا يعرفون أصول الكتابة التاريخية، وكتاباتهم ما هى إلامشاهدات ومشاركات فى الحدث وتوثيق له يعتمد عليه الباحث بعد فترة زمنية ليكتب التاريخ. وثورة 19 كتبت بعد سنوات طويلة بناء على المصادر التى ذكرناها. والدراما التاريخية لا تصلح مصدر للتاريخ لأنها تعتمد فى الأساس على المصادر التاريخية وهى تمثل وجهة نظر كاتبها ويضاف إليها أبعاد أخرى سواء بالإضافة أو الحذف لخدمة العمل الدرامى. وما يكتب الآن فى كتب التاريخ المدرسية خطأ كبير لأنها تخلط بين السياسة والتاريخ، والقاعدة العلمية فى كتابة التاريخ تقول «أن كتابة التاريخ تبدأ حين تنتهى السياسة «أى عندما يغلق الملف ويعاد بناء الحدث من المصادر المتعددة، ويمكن أن نربط التلاميذ بوطنهم وأبطاله وشخوصه وما يدور حولهم من أحداث من خلال كتاب التربية الوطنية. أما دراسة التاريخ فى المدارس فيقتصر على ملف الحكم السابق عليه لنضمن الحياد فى كتابة التاريخ.
الدراما التاريخية لها قواعد
السيناريست وحيد حامد يؤكد أن المبدع ليس كاتبا للتاريخ ولكنه يستعين بما كتبه المؤرخون فى كتبهم وما ذكروه من خلال الوثائق، والتاريخ ليس معلومة جوفاء وهناك مؤرخون يفسرون الأحداث، وقد تختلف هذه التفسيرات من مؤرخ لآخر. والمبدع يطرح وجهة نظره بناء على أسانيد ومصادر قوية، ورغم ذلك تظل وجهة نظره عرضة للصواب والخطأ.
ويضيف وحيد حامد أنه كما أن للتاريخ قواعد فى كتابته، فالدراما أيضا لها قواعد، وتحتاج لفترة «حمل درامي» حتى تأخذ وقتها فى عقل ووجدان كاتب الدراما ليؤصل لما يريد أن يقوله، وهناك من ينفعل مع الأحداث ويكتب عنها فى وقتها، وأنا أشبه هذه الكتابة بالمولود غير المكتمل النمو فيكون عمره قصيرا على عكس المولود المكتمل.
ويقول حامد تختلف المصادر التى أعتمد عليها، والموضوع هو الذى يحدد نوع المراجع، واعتمد على العديد من المصادر، وان كان هناك اختلاف فى وجهات النظر آخذ برأى الأغلبية، والأمر ليس مقصورا على هذا، ولكن يجب أيضا إعمال العقل لأن الأمانة تقتضى البحث والتدقيق حتى أصل إلى كتابة دراما جيدة تصنف على أنها عمل تاريخي، أما وسائل التواصل الاجتماعى رغم أننى أستعين بها أحيانا، لكنها لا تصلح على الإطلاق أن تكون مصدرا، لأن معلوماتها منقوصة وسطحية وكتابها غير محايدين، ويكتبون من منظور خاص حسب انتماءاتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.