وقع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والقادة الجدد لشبه جزيرة القرم الواقعة فى جنوبأوكرانيا أمس اتفاقية الانضمام إلى روسيا فى الكرملين أمام مجلسى البرلمان وحكام المناطق واعضاء الحكومة الروسية، بعد أن أكد أن القرم كانت وستبقى «جزءا لا يتجزأ من روسيا»، معتبرا أن الغربيين تجاوزوا «الخط الأحمر» فى الأزمة الأوكرانية، وهدد بالرد على العقوبات الغربية ضد المسئولين الروس، مشيرا إلى أن «حكم السلاح» هو الذى يوجه السياسة الخارجية للولايات المتحدة وليس القانون الدولي. وأعلن الكرملين فى بيان أن جمهورية القرم تعتبر ملحقة باتحاد روسيا اعتبارا من تاريخ توقيع الاتفاق. ويأتى توقيع الاتفاق بعد خطاب القاه الرئيس الروسى فى الكرملين أمام مجلس البرلمان وحكام المناطق وأعضاء الحكومة الروسية غلبت عليه النزعة الوطنية وتضمن انتقادات شديدة للغرب. وقال بوتين : "فى قلوب وعقول الناس، القرم كانت وتبقى جزءا لا يتجزأ من روسيا. هذه القناعة المستندة إلى الحقيقة والعدالة، لا تتزعزع وتم تناقلها من جيل إلى جيل ولم يتمكن الزمن أو الظروف من تغييرها". وأشار إلى أن الزعيم السوفييتى نيكيتا خروتشيف قدم القرم لأوكرانيا فى 1954 فى قرار ينتهك الاعراف الدستورية" التى كانت سائدة آنذاك. وأضاف بوتين «حين أصبحت القرم فجأة داخل دولة أخرى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، شعرت روسيا آنذاك انها لم تسرق فقط، وإنما سلبت قهرا». وتابع الرئيس الروسى إن "سكان القرم وسيفاستوبول توجهوا إلى روسيا بطلب ضمان حقوق وحريات السكان المحليين، وعدم قبول ما حصل وما يحصل الآن فى كييف ودونيتسك وخاركوف.. ولم يكن بوسعنا ترك القرم وسكانها فى المحنة، والا لكان الأمر خيانة بكل بساطة". وأكد بوتين أن روسيا لا تريد تفكيك أوكرانيا، وقال متوجها إلى الأوكرانيين "لا تصدقوا من يخيفكم من موضوع روسيا ويقولون لكم إنه بعد القرم ستتبع مناطق أخرى، لا نريد تفكك أوكرانيا، لسنا بحاجة لذلك". وشدد بوتين على أن محاولات الغرب إخافة روسيا بفرض عقوبات بسبب سيطرتها على منطقة القرم الأوكرانية سيعتبر تصرفا عدوانيا، وأن موسكو سترد عليها. وشدد الرئيس الروسى على أن الغربيين «تجاوزوا الخط الأحمر» فى الازمة الاوكرانية، وتصرفوا بشكل غير مسئول منددا بشدة بالغربيين الذين اتهمهم باعتماد «شريعة الاقوى» و"تجاهل القانون الدولي". وقال "يفضل شركاؤنا الغربيون وعلى رأسهم الولاياتالمتحدة ألا يملى القانون الدولى سياساتهم العملية وإنما يمليها حكم السلاح." وأضاف "يعتقدون أنهم يتمتعون بمكانة استثنائية ويشعرون أنهم المختارون وبامكانهم تقرير مصائر العالم وأنهم فقط من هم على حق". واتخذ بوتين أمس أولى الخطوات من أجل ضم القرم إلى روسيا، مما سيشكل أبرز إعادة رسم لحدود أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وقال الكرملين إن بوتين أقر أمس مسودة معاهدة بضم القرم إلى روسيا، متحديا بذلك احتجاجات أوكرانيا والعقوبات الغربية. ووقع بوتين أمرا يقضى بالموافقة على مسودة المعاهدة، ويشير الأمر إلى أن الرئيس سيوقع المعاهدة مع زعيم القرم والموجود فى موسكو لكنه لم يحدد موعدا. وأبلغ بوتين رسميا البرلمان والحكومة الروسيين بطلب القرم الانضمام إلى روسيا وطلب من السلطات العامة الروسية (الحكومة والبرلمان) الموافقة على اتفاق لضم القرم. واعتبر بوتين أنه "من المناسب" المصادقة على هذا الاتفاق، فى أول خطوة تشريعية مطلوبة نحو ضم شبه الجزيرة. وانضمت اليابان وكندا إلى العقوبات الغربية التى تشمل تجميد أصول وحظر على السفر استهدفا كبار مسئولى روسيا. كما هدد رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون روسيا أمس بمزيد من العواقب اذا اتخذت مزيدا من الاجراءات لزعزعة استقرار أوكرانيا، مشيرا إلى أن بلاده والاتحاد الأوروبى تبنت نهجا قويا تجاه أزمة القرم. وردا على ذلك، انتقدت روسيا العقوبات الغربية، مؤكدة أنها تنظر إليها بسخرية واستهجان. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن يورى يوشاكوف كبير مستشارى الرئيس الروسى للسياسة الخارجية قوله "لقد ضقنا ذرعا بهذه العقوبات. إنها لا تثير سوى مشاعر السخرية والتهكم". ورفض الحديث حول ما إذا كانت روسيا سترد على الغرب بعقوبات مماثلة. ووصف فلاديمير سوركوف، أحد المساعدين الرئاسيين والذى يعتبر مهندس النظام السياسى الذى يحكم بوتين السيطرة عليه، فرض عقوبات عليه بمثابة فوزه بجائزة "أوسكار السياسية" كأحسن ممثل مساعد. من جهته، أكد رئيس وزراء أوكرانيا أرسينى ياتسينيوك أنه فى ضوء الأحداث الأخيرة، يوجد احتمال قوى بأن تشهد أوكرانيا غزوا عسكريا روسيا. ودعت وزارة الخارجية الاوكرانية أمس المجتمع الدولى إلى عدم الاعتراف ب «جمهورية القرم» التى أعلنتها السلطات الانفصالية أمس الأول، ولا بأى اتفاق يمكن أن تبرمه مع روسيا. من جهتها، أكدت المفوضية الأوروبية عرضها لقبول انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبى بعضوية كاملة. وعلى صعيد التطورات داخل القرم، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مسئول كبير بالحكومة المحلية التى صوتت للانضمام إلى روسيا قوله إن الإقليم سيستخدم الروبل الروسى عملة رسمية ويوقف التعامل ب «الهريفنيا» الأوكرانية من أبريل المقبل. وعلى صعيد التحركات السياسية الغربية، وصل نائب الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى وارسو أمس، فى زيارة تهدف إلى اظهار رفض الولاياتالمتحدة للتدخل الروسى فى أوكرانيا. وأفاد البيت الابيض فى بيان بأن بايدن سيتباحث مع رئيس الوزراء البولندى دونالد تاسك والرئيس برونيسلاف كوموروفسكى حول أحداث أوكرانيا وغيرها من الملفات الاقليمية. كما ألغت فرنسا أمس زيارة كانت مقررة منذ فترة طويلة لوزيرى الخارجية والدفاع إلى موسكو، وحذرت من تعليق العمل فى سفينتين حربيتين تبنيهما لروسيا.