فى الدول التى تعانى ندرة الموارد وازدياد حاجات الناس ومتطلباتهم، لا يكون أمام من هم فى سدة المسئولية سوى طريق واحد لمنع اقتتال الناس على الشحيح من الفرص والخدمات، وكلما ازدادت الهوة اتساعا بين القليل المعروض والكثير المطلوب كما هو الحال فى مصر، فلا يكون هناك مفر من حتمية التطبيق الصارم لمبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع فى هذا الوطن، أتحدث عن العدل المطلق الذى يجب أن نبحث عنه فى كل صغيرة وكبيرة فى هذا البلد، أتحدث عن تكافؤ الفرص بين الجميع فى التوظيف، والخدمات، والحقوق والواجبات، أتحدث عن عدل مطلق فى تنفيذ الخطط الاستثمارية للدولة فى كل ربوع الوطن، فلا يطغى قوم على قوم لواسطة هذا أو سطوة ذلك.. أتحدث عن فرص متساوية وتكافؤ مطلق بين كل شباب الوطن الباحث عن لقمة عيشه، فلا نميز بين من كان خاله وزيرا ومن كان أبوه خفيرا، ولا نميز بين من كان واسطته أميرا ومن كان خلفه فلاح أجير. إن تكافؤ الفرص هو مبدأ نصت عليه كل الدساتير التى صنعتها أيدى المصريين عبر تاريخهم، ومع ذلك ضرب به عرض الحائط فى معظم الأوقات، فابن القاضى قاض، وابن الضابط ضابط، وابن أستاذ الجامعة أستاذ، وابن السفير سفير، ووصل بنا الحال الى أن ابن الوزير وزير، وابن الرئيس كاد أن يكون رئيسا، فلا يقف أمر المحسوبية والواسطة والفساد الإدارى عند أول السلم المجتمعي، وإنما يستمر السر الباتع إلى نهاية الرحلة، فيستمر صعود من صعد، ويستمر ظلم من ظلم، حتى أننا بتنا الدولة الوحيدة ربما التى لا تنتخب عضوا للبرلمان إلا من يغتصب حقوق أبناء الوطن لمصلحة أبناء دائرته، ضاربا عرض الحائط بمبدأ تكافؤ الفرص والعدل المطلق بين جميع أبناء الوطن، وبتنا الدولة الوحيدة ربما التى تشرع للتمييز بين البشر تحت دعاوى «الوجاهة الاجتماعية» و«الجدارة العائلية»، وبتنا الدولة الوحيدة ربما التى لا تلزم جهات التوظيف بمبدأ تكافؤ الفرص عند المفاضلة بين المرشحين.ويا ناس.. مبدأ تكافؤ الفرص يجب أن يسود فى مجتمعنا الذى يعانى وبشدة منذ عقود مظاهر البيروقراطية المترهلة عدوة التغيير، ويعانى الواسطة والمحسوبية خاصة فى مشكلة التوظيف والبحث عن فرص العمل الشحيحة، وهى القضية التى يصطدم بها شبابنا فى مقتبل العمر وشرخ الشباب فيضعف فيهم حب الحياة وروح الانتماء لهذا الوطن العزيز، وهو مايجب ان نعمل جاهدين على تلافيه لكى نضع هذا البلد على أعتاب مستقبل مشرق لجميع أبنائه على قاعدة من تكافؤ الفرص والعدل للجميع. د. أحمد الجيوشي عميد كلية التعليم الصناعى جامعة حلوان