من الظلم للحقيقة أن يقال بأن ثورات الربيع العربي وفي مقدمتها ثورة25 يناير لم تحقق شيئا من أهدافها وأن يتعامي القائلون بذلك عن رؤية زهور الربيع العربي التي تفتحت بعد طول إغماض بفضل أجيال جديدة استطاعت أن تحطم جدران الخوف وأن تكسر حواجز الإهمال والتهميش لمطالبها المشروعة في الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. ربما يكون صحيحا أن أهدافا كثيرة مازالت تمثل حلما ينبغي تحقيقه ولكن من الضروري أن يكون واضحا ومعلوما أن المسألة ليست بهذه السهولة وأن الطريق طويل وشاق تحفه من أحد جوانبه أخطار ومخاطر إقليمية ودولية وتتسرب من جوانبه الأخري ألغام يراد لها أن تتفجر وفق توقيتات محددة. إننا نظلم ثورات الربيع العربي عندما نتجاهل كم الأحجار الهائل الذي قذفه هؤلاء الشباب في بحيرات السياسة العربية الراكدة منذ سنوات تعبيرا عن رفضهم القاطع للقبول بالواقع المتخلف الممتد من الخليج إلي المحيط في شكل إنتاج قومي متدني في مختلف المجالات الزراعية والصناعية أدي إلي بطالة معيبة ومستوي معيشة غير إنساني وغياب الأمل في الحاضر والمستقبل. لقد تفجر بركان الغضب العربي لأسباب اقتصادية واجتماعية في المقام الأول وليس فقط بسبب الغياب الفاضح للديمقراطية أو أحاديث النخب السياسية عن شكل الحكم وتوزيع الكعكة البرلمانية فهذه الأسباب السياسية مع أهميتها وضرورتها لم تكن كافية لإشعال نيران الغضب أو لخروج المليونيات إلي الشوارع والميادين. إن الملايين التي خرجت لتعبر عن غضبها ورفضها في كافة ثورات الربيع العربي كانت تقول بملء الفم أنها سئمت من تجارب الذين نزلوا بالمستوي الاقتصادي والاجتماعي إلي منحدر سحيق بسبب انتشار الفساد والبيروقراطية والإصرار علي استيراد سياسات اقتصادية واجتماعية غير مناسبة والعمل علي فرضها فرضا. وصحيح أن الاحتكار السياسي والاستئثار بالسلطة كان أمرا مستفزا لشعوب الربيع العربي لكن الأكثر استفزازا كان هو الشعور بالظلم الاجتماعي الناجم عن الاحتكار الاقتصادي ومحاولات تجميل الصورة ببناء اقتصاديات ديكورية تركز علي قشرة المجتمع وتتعامي عن رؤية الواقع المأسوي في الريف والحضر علي حد سواء! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: الجهلاء يكرهون الحقيقة والأغبياء يتجاهلونها والحمقي لا يتعاملون معها! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله