عبد الناصر... نجومية رغم الرحيل (1) برغم مرور41 عاما علي رحيل الزعيم الخالد جمال عبدالناصر عن عمر لم يتجاوز 52 عاما فإن الشعوب العربية من المحيط إلي الخليج- وليس شعب مصر فقط- مازالت مشدودة إليه بدليل أن صورته تحتل القاسم المشترك في ربيع الثورات العربية, كما أن أقواله باتت هي مصدر الإلهام في أدبيات كافة الثورات والانتفاضات العربية. وربما يكون هناك- في مصر وفي بعض الدول العربية- من لا يزالون غير قادرين علي فهم أسباب وجذور استمرار هذا التعلق الجماهيري بجمال عبد الناصر, رغم ما وقع خلال فترة حكمه من أخطاء ورغم ما تعرضت له سيرة الرجل من حملات نقد وتشويه مبرمجة ومدفوعة... والسبب في ذلك أن هؤلاء يتناسون سجلا عظيما صنع رصيده الذي لا ينفد في نفوس وعقول مئات الملايين من شعوب الأمة العربية بقدرته الفذة علي التوافق مع عواطف ومشاعر وأحلام البسطاء. إن العقل الباطن لهذه الملايين المحبة لجمال عبد الناصر يذكرهم بعمق مصداقية رجل قاد ثورة حقيقية رفضا للظلم والفساد, وتعبيرا عن الغضب الشعبي الواسع من تفشي الرشوة والمحسوبية والاحتكار وسيطرة رأس المال علي الحكم... وهذه كلها رءوس عناوين كانت ملخص آمال وآلام الناس عشية قيام ثورة يوليو عام 1952 باعتبار أن رايات التغيير المرفوعة هي التي ستقود إلي الطريق الصحيح لإنهاء الاستعمار البريطاني لمصر وبناء جيش وطني يؤمن استقرار البلاد ويحمي حدودها واستقلالها وسيادتها الوطنية ويعزز من هويتها كدولة محورية تتصدر مسيرة التحرر لأمتها العربية. ولعل أكثر ما ساعد علي بقاء هذا الرصيد الضخم من الحب التلقائي لجمال عبد الناصر رغم مرور السنوات الطوال علي رحيله أن الشعارات التي رفعها الرجل مع رفاقه من الضباط الأحرار الذين قادوا ثورة يوليو 1952 لم تكن شعارات للاحتواء أو الاستهلاك المحلي وإنما دخلت حيز التنفيذ دون إبطاء لتحدث تناغما غير مسبوق مع أحلام وأمنيات الملايين في القضاء علي الاستعمار والإقطاع وضرب كل أشكال الاحتكار وإنهاء سيطرة رأس المال علي الحكم, ورفع مستوي المعيشة بإرساء قواعد العدالة الاجتماعية مع زيادة الإنتاج وتوفير الخدمات. كانت خطوات الرجل وقراراته تسبق دائما أحلام وطموحات البسطاء! وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: سيرة العظماء مثل الأشجار العتيقة تصمد أمام الرياح والعواصف ولا تنحني مثل الحشائش! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله