توسعة ورفع كفاءة الطريق الدائري بكفر الشيخ    حزب الوفد يرحب باعتراف أسبانيا وأيرلندا والنرويج رسميًا بدولة فلسطين    الدورة الرباعية| فوز الحدود على الترسانة وسبورتنج على منتخب السويس    مصرع شاب خلال مشاجرة بسبب مبلغ مالي بالقليوبية    مهرجان إيزيس الدولي يعرض صورا نادرة للفنانة عايدة عبد العزيز على خشبة المسرح    رامي رضوان يبدي تخوفه بسبب «روكي الغلابة» لدنيا سمير غانم    كيليان مبابى يتوج بجائزة هداف الدورى الفرنسى للمرة السادسة توالياً    تعليم قنا ينفرد بالمركز الأول في مسابقة الأخصائي المثالي للصحافة    فليك يقترب من تدريب برشلونة    تريزيجيه على رأس قائمة طرابزون أمام بشكتاش في نهائي كأس تركيا    منظمة الأغذية والزراعة: مصر الثانية عربيًا في إنتاج الليمون    مراقبة بدرجة أم.. معلمة بكفر الشيخ "تهوي" للطالبات في لجنة الامتحان "فيديو"    هلال ذو الحجة 1445.. وأول أيام عيد الأضحى 2024    رئيس البريد: لدينا 30 مليون عميل وحسابات التوفير حصيلتها 300 مليار جنيه    المركز الإسلامي بمدريد يشيد بجهود شيخ الأزهر في توضيح سماحة الإسلام    نقل شاروخان إلى المستشفى بعد تعرضه لوعكة صحية (تفاصيل)    «ثقافية الصحفيين» تناقش كتاب «اقتصاديات الطائرة الورقية» الأحد 2 يونيو    وزارة الصحة تقدم نصائح للحماية من سرطان البروستاتا    وكيل خارجية النواب عن أكاذيب CNN: تضليل ومحاولة لتحميل مصر مسؤولية تعقد المفاوضات    إقبال متوسط على انتخابات الغرف السياحية.. والقوائم تشعل الخلافات بين أعضاء الجمعية العمومية    رئيس لجنة الحكام يحضر مباراة الترسانة وحرس الحدود فى دورة الترقى    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب خلاف مع والده فى منطقة المقطم    6 يونيو المقبل الحكم بإعدام المتهمة بقتل طفلتيها التوأم بالغردقة    رئيس هيئة تنمية صناعة التكنولوجيا: التصميمات النهائية لأول راوتر مصري نهاية العام    تضامن الفيوم تنظم قوافل طبية تستهدف الأسر الفقيرة بالقرى والنجوع    مصر والصين تتعاونان في تكنولوجيا الأقمار الصناعية    صحيفة عبرية توضح عقوبة إسرائيل المنتظرة للدول الثلاث بعد اعترافهم ب«دولة فلسطينية مستقلة»    مجلس الوزراء يبدأ اجتماعه الأسبوعي بالعاصمة الإدارية لبحث ملفات مهمة    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    السكة الحديد: تخفيض سرعة القطارات على معظم الخطوط بسبب ارتفاع الحرارة    وزير الصحة يفتتح الجلسة الأولى من تدريب "الكبسولات الإدارية في الإدارة المعاصرة"    البنك المركزي يكشف عن وصول قيمة أرصدة الذهب لديه ل448.4 مليار جنيه بنهاية أبريل    مسابقة 18 ألف معلم 2025.. اعرف شروط وخطوات التقديم    فرقة طهطا تقدم "دراما الشحاذين" على مسرح قصر ثقافة أسيوط    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    عاجل..توني كروس أسطورة ريال مدريد يعلن اعتزاله بعد يورو 2024    العمل تنظم فعاليات "سلامتك تهمنا" بالمنشآت الحكومية في المنيا    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    بإشارته إلى "الرايخ الموحد".. بايدن يتهم ترامب باستخدام لغة هتلر    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    سفير الاتحاد الِأوروبى بالأردن: "حل الدولتين" السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية    « وتر حساس » يعيد صبا مبارك للتليفزيون    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    حفظ التحقيقات حول وفاة طفلة إثر سقوطها من علو بأوسيم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يتابع أعمال التطوير بالقطاعين الشرقي والشمالي    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    5 نصائح غذائية للطلاب خلال فترة الامتحانات من استشارية التغذية    البيت الأبيض: إسرائيل وافقت على طلبات أمريكية لتسهيل إيصال المساعدات إلى غزة    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    إنبي: من الصعب الكشف عن أي بنود تخص صفقة انتقال زياد كمال إلى الزمالك    جوميز: أحتاج 8 صفقات.. وأتمنى مواجهة الأهلي في السوبر الإفريقي    خبير في الشأن الإيراني يوضح أبرز المرشحين لخلافه إبراهيم رئيسي (فيديو)    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا يجوز رفع رايات المخربين
الطلبة حراس الوطنية المصرية
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 02 - 2014

يرجع فضل تنظيم الطلبة كقوة فعالة في مجال العمل الوطني إلى الزعيم مصطفى كامل الذي اهتم بتنظيم صفوف طلبة المدارس العليا عام 1905 بهدف تنمية الوعي السياسي للطلبة وتعبئتهم ضد الاحتلال البريطاني. و بعد وفاته جاء بعده الزعيم محمد فريد ليرعى هذه النواة ويطور دور الطلاب في الحركة الوطنية من خلال تنظيم الإضرابات وحركات الاحتجاج و تنظيم المظاهرات ضد الإنجليز..
لقد لعبت الحركة الطلابية المصرية علي مداى قرن كامل دورا كبيرا في الحركة الوطنية الرامية إلى تحقيق طموحات الشعب المصري، وكانت بمثابة رأس الحربة والمبادر الأول في سجل النضال الوطني، دفاعًا عن القضايا الكبرى والمصيرية لمصر وللأمة العربية. أما اليوم فتشهد جامعات مصر حالة من الانفلات الأمني غير المسبوق, اشتباكات وعنف وتجاوزات وكأننا في ساحة معركة، لأن طلاب المحظورة أرادوها فوضي وإرباكا وتخريبا للعملية التعليمية وللحركة الطلابية في مختلف جامعات مصر...ولكن هذه المرة ليس ضد المحتل وليس من اجل الدفاع عن الوطن ولكن من اجل جماعة إرهابية وتنظيم دولي خائن للوطن.
فى البداية أشار محمد محمود حمزة, الباحث السياسى وخبير الدراسات الإستراتيجية الى أنه كان للحركة الطلابية دور مهم فى أغلب الأزمات السياسية فى مصر، بداية من مواجهة الاحتلال الإنجليزى لمصر، مروراً بتظاهرات الطلاب المؤيدة للزعيم السياسى سعد زغلول بعد نفيه لجزيرة مالطة ، ووصل تأثير الطلاب مداه حتى أفرجت سلطات الاحتلال عن سعد زغلول. وبعد ان صدر دستور 1923 الذى يحد بشكل كبير من اختصاصات الملك و جرت الانتخابات التى لعب فيها الطلبة دورا كبيرا تولى سعد رئاسة الحكومة . وعند تأسيس الجامعة المصرية, كجامعة حكومية عام 1925, وانضمام بعض المدارس العليا إليها جاء الطلاب وأساتذتهم يحملون معهم خبرات النضال الوطنى وبصفة خاصة طلبة الحقوق الذين كانوا من أنشط العناصر الطلابية فى العمل السياسى الوطني. لذا حاولت حكومات الأقلية الموالية للقصر أن تحد من حركة طلاب الجامعة وتقيم الحواجز فى وجه النشاط السياسى للطلبة. ولكن رغم ذلك ظل طلبة الجامعة يمارسون دورهم فى العمل السياسى الوطنى بصورة أو بأخرى طوال تلك الحقبة، بل وشكلت مبادرتهم نقطة تحول فى العمل الوطنى فى مراحل حاسمة من تطوره من ذلك انتفاضة الطلاب عام 1935 التى فرضت على الأحزاب السياسية تكوين اللجنة الوطنية للطلبة والعمال عام 1946 التى طرحت نفسها كقيادة سياسية بديلة للأحزاب التقليدية .

انتفاضة 1935 وتشكيل الجبهة الوطنية

وأضاف محمد محمود حمزة, ان التوتر قد ساد فى الساحة السياسية المصرية مع مطلع عام 1935 , على أمل استعادة دستور 1923 الذى ألغته الوزارة الجديدة حينها واستبدلته بدستور 1930 . ووسط هذا الجو المليء بالمشاحنات السياسية ألقى وزير الخارجية البريطانى السير صامويل هور بيانا أعلن فيه أنه عندما استشيرت الحكومة البريطانية فى شان دستور 1923 نصحت بعدم إعادته أو إعادة دستور 1930، لأن الأول ثبتت عدم صلاحيته لمصر والآخر يتعارض مع رغبات المصريين، وجرح هذا التصريح المشاعر الوطنية للمصريين الذين أيقنوا أن بريطانيا تتدخل فى أدق شئون بلادهم وتحول السخط الوطنى المتراكم إلى انتفاضة كبرى أعادت إلى الأذهان حوادث ثورة 1919, وملك طلبة الجامعة زمام المبادرة فعقدوا اجتماعا داخل حرم الجامعة بالجيزة فى ذكرى عيد الجهاد (13 نوفمبر) أدانوا فيه موقف بريطانيا ثم خرجوا من الجامعة فى مظاهرة كبرى سلمية , هتفوا فيها بحياة مصر وحياة الاستقلال وحياة دستور الأمة. ولم تقتصر جهود طلبة الجامعة على المظاهرات الاحتجاجية بل نظموا حركتهم من خلال تكوين لجنة أطلقوا عليها اسم اللجنة العليا للطلبة انبثقت منها لجان أخرى لتوجيه الدعاية الإعلامية للحركة وتعبئة الرأى العام وراءها والاتصال بالسياسيين والأحزاب مع الحرص الشديد على استقلال حركتهم عن الأحزاب السياسية. بعدما زادت ضغوط الحركة الطلابية وتطورت الأحداث بعد ذلك بالشكل الذى أدى إلى إعادة العمل بدستور 1923 ووصول الوفد إلى الحكم .

مأساة كوبرى عباس

حادثة كوبرى عباس هى حادثة شهيرة فى تاريخ مصر الحديث، حدثت فى عهد وزارة محمود فهمى النقراشى عام 1946 م فى عهد الملك فاروق، و بالتحديد فى يوم 6 فبراير 1946.
فبعد اغتيال رئيس الوزراء أحمد ماهر فى فبراير 1945 كلف الملك فاروق محمود فهمى النقراشى بتشكيل الوزارة من أحزاب الأقلية و هى الحزب السعدى الذى ينتمى له النقراشى وحزب الأحرار الدستوريين وحزب الكتلة بزعامة مكرم عبيد. وبعد تولى النقراشى الوزارة أعاد فتح باب المفاوضات مرة أخرى مع بريطانيا حول الجلاء و حاول إحياء اتفاق “صدقي- بيفن” الذى أفشلته المظاهرات الشعبية و استقالة صدقي، فتقدمت حكومته فى 20 ديسمبر 1945 م بمذكرة للسفير البريطانى بطلب بدء المفاوضات حول الجلاء ، وكان الشعب المصرى تحدوه آمال عريضة فى قرب الاستقلال بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية و تأسست الأمم المتحدة التى أخذت تلعب دوراً مناصراً للشعوب فى تقرير مصيرها. و لكن الرد البريطانى فى 26 يناير 1946 عاد وأكد على الثوابت الرئيسية التى قامت عليها معاهدة 1936 والتى أعطت مصر استقلالاُ منقوصاً يتمثل فى بقاء قوات بريطانية فى مصر لتأمين قناة السويس، فكان الرد البريطانى بمثابة صفعة لكل آمال الشعب المصري، فاندلعت المظاهرات العارمة للطلبة فى كل أنحاء مصر تطالب بالجلاء و قطع المفاوضات.. وفى يوم 9 فبراير 1946 خرج الطلبة فى مظاهرة من جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) إلى قصر عابدين و سلكوا طريق كوبرى عباس، وتصدى لهم البوليس وحاصرهم فوق الكوبرى و تم فتح الكوبرى أثناء محاصرة الطلبة، فسقط العديد من الطلبة من فوق الكوبرى فى النيل. وقد أدت مواجهة المظاهرة الطلابية السلمية بالعنف إلى استمرار المظاهرات فى اليوم التالى وامتدادها إلى الإسكندرية والزقازيق والمنصورة وأسيوط, وتصدى لها البوليس بالقوة ليقع المزيد من الإصابات بين المتظاهرين الذين خرجوا للتظاهر فى تلك المدن احتجاجا على مأساة كوبرى عباس وأرسلت اللجنة التنفيذية للطلبة مذكرة احتجاج إلى الملك على مواجهة الحكومة لهم بالعنف .وإزاء عجز الوزارة عن حفظ الأمن والنظام لم يكن أمامها سوى الاستقالة فقدم النقراشى باشا استقالة وزارته فى 15 فبراير 1946 وكلف الملك إسماعيل صدقى باشا بتشكيل الوزارة الجديدة واتبع صدقى باشا سياسة المهادنة، فسمح بالمظاهرات و أطلق سراح الطلاب المعتقلين وكفت الحكومة عن مواجهة المظاهرات بالعنف وفى نفس الوقت راح يعمل على تفتيت جبهة الطلاب وشق صفوفهم فإستمال الإخوان المسلمين إلى جانب الحكومة، كما استمال بعدهم شباب مصر الفتاة حتى يضرب الحركة الطلابية من داخلها ولم يبق باللجنة الوطنية للطلبة سوى الوفديين والشيوعيين وبعض شباب الأحزاب الصغيرة الأخرى وبعض المستقلين, ولعب الشيوعيون دورا مهما فى دعم اللجنة الوطنية للطلبة بالالتحام مع الحركة العمالية فتكونت اللجنة الوطنية للطلبة والعمال التى أصدرت بيانا أعلنت فيه قرارها بان يكون يوم الخميس 21 فبراير «يوم الجلاء» ونادت بتعطيل الأعمال العامة والمواصلات وإغلاق المحال التجارية والمصانع ودور العلم فى جميع أنحاء البلاد. وفى يوم 21 فبراير 1946 استجاب الشعب للجنة استجابة كاملة فشلت حركة المواصلات وتوقفت جميع المصانع والمحال التجارية عن العمل و أقفلت المدارس والكليات وخرجت من الأزهر مظاهرة كبرى شاركت فيها الجماهير اتجهت إلى ميدان الأوبرا حيث عقد مؤتمر شعبى اتخذ قرارات بمقاطعة المفاوضات وأساليب المساومة والتمسك بالجلاء عن وادى النيل وإلغاء معاهدة 1936 واتفاقية 1899 الخاصة بالسودان وعرض القضية على مجلس الأمن ,ثم زحفت المظاهرة الكبرى إلى ميدان قصر النيل ( التحرير الآن) حيث الثكنات البريطانية ( موقع فندق الهيلتون الآن ) واتجه قسم منها إلى ساحة عابدين وكانت المظاهرات تسير فى نظام تام دون اعتداء على أحد ودون التعرض للممتلكات أو جنوح نحو التخريب ولكن الجنود البريطانيون قاموا بإطلاق الرصاص فكانت مذبحة أثارت ثائرة الجماهير فأشعلوا النار فى معسكر بريطانى بالميدان. وتضامنا مع الحركة الوطنية المصرية, تم عمل إضراب عام فى السودان وسوريا ولبنان وشرق الأردن وكان لمذبحة 21 فبراير أثرها فى الحركة الطلابية العالمية فقررت اعتبارا يوم 21 فبراير يوم التضامن العالمى مع طلاب مصر تكريما لنضال الطلاب المصريين .
الاحتجاج على هزيمة 1967

ومن جانبه أوضح د. عبد المنعم السيد, مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية, ان دور الجامعة لم ينته فى الحركة الوطنية بعد الحرب العالمية الثانية, بالعكس فقد استمر طلاب الجامعة وهيئة التدريس فيما يعبرون عن الضمير الوطنى فى السنوات السابقة على ثورة يوليو 1952 فكان لهم دور بارز فى الأحداث التى ترتبت على إلغاء معاهدة 1936 على يد حركة الكفاح المسلح ضد الوجود البريطانى فى قناة السويس . وخلال تلك الفترة ( 1946 – 1952) كان النشاط السياسى داخل الجامعة قسمة بين الوفديين والشيوعيين والإخوان المسلمين كقوى سياسية أساسية إلى جانب قلة سارت فى ركاب الحزب الاشتراكى (مصر الفتاة) وكان مظهر النشاط السياسى الوطنى تنظيم المظاهرات وإضرابات فى المناسبات الوطنية المختلفة .وظل النشاط السياسى محصورا بين تلك القوى الأربع حتى قيام ثورة يوليو وتشكيل هيئة التحرير فى يناير 1953 فاستطاع التنظيم الجديد أن يستقطب عددا من الطلبة كما استقطب بعض أعضاء هيئة التدريس.. وأصبح النشاط السياسى محظورا داخل الجامعة ولم يتم استئنافه إلا فى الستينيات غير انه كان مقصورا على أعضاء الاتحاد الاشتراكى العربى ومنظمة الشباب، أما العناصر السياسية الأخرى فاتجهت إلى العمل السرى. و بعد هزيمة يونيو 1967 و الأحكام الهزيلة التى حكم بها على الضباط المتسببين فى النكسة اخذ السخط يتراكم فى صدور الجماهير. وانفجرت مظاهرات الطلبة واتجهت صوب وسط المدينة، مطالبين بالإفراج عن الطلبة المعتقلين، مرددين شعارات التنديد بالهزيمة، مطالبين بمحاكمة المسئولين عنها وبإطلاق الحريات العامة. وعند منتصف الليل اتخذ مجلس الوزراء برئاسة الزعيم جمال عبد الناصر قرارا بإلغاء الأحكام التى صدرت و تمت الاستجابة لمطالب الطلبة الخاصة بإعطاء مزيد من الاستقلال والفاعلية وحرية الحركة لاتحاداتهم والسماح للاتحادات بالعمل السياسى وصدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1532 لسنة 1968 بشان تنظيم الاتحادات الطلابية منفذا لهذه المطالب وبدأت الجامعة تموج بالحركة وعاد الطلاب يعبرون عن آرائهم بحرية داخل الجامعة و ارتفعت يد منظمة الشباب عن الجامعة .

الحركة الطلابية فى السبعينيات

بعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر كانت هذه السياسة الجديدة بعيدة كل البعد عن طموحات و آمال فرسان الحركة الطلابية المصرية الذين تصدوا للسادات من بداية عهده مطالبين بالثأر وخاصة حين أعلن أن عام 1971 هو عام الحسم . واجتاحت مظاهرات الطلبة جميع أنحاء الجمهورية مطالبة بالثأر . وكان التيار اليسارى هو التيار الذى يعتنقه معظم فرسان الحركة الطلابية فى ذلك الوقت . ولقد كانت انتفاضة الخبز فى يناير 1977 بمثابة جرس إنذار للسادات و من خلفه اليمين المصرى ينبه عن تزايد النفوذ اليسارى بين الحركة الطلابية المصرية فتحالف السادات مع الجماعات المتأسلمة فى صفقة بهدف ضرب الشيوعيين. و لكى يرتاح السادات من هذه التحركات الطلابية أصدر لائحة 79 التى ألغى من خلالها اتحاد طلاب الجمهورية , كما ألغى السادات اللجنة السياسية فى اتحادات الطلاب و حرم كافة أشكال العمل السياسى داخل الجامعة .

الحركة الطلابية فى الثمانينيات و التسعينيات

قتل السادات على يد الجماعات المتأسلمة التى أعطاها الحرية لضرب التيار اليسارى داخل الجامعة و تولى السلطة بعده مبارك . و أثمرت الشجرة التى زرعها سلفه نمو الجماعات المتأسلمة داخل الجامعة التى راحت تمارس نشاطها بدون قيود . و لكن فى بداية التسعينيات خرج فرسان الحركة الطلابية المصرية لينددوا بالعدوان على العراق. و فى 29 سبتمبر 2000 خرجت جموع الطلبة من جميع جامعات الجمهورية و مدارسها الثانوية و الإعدادية و حتى الابتدائية للاحتجاج على اقتحام شارون للمسجد الأقصى. وقد اشتعلت المظاهرات فى كافة أنحاء مصر لدعم الانتفاضة الثانية وظلت هذه الفترة الأخيرة فترة مظاهرات دائمة من الطلبة احتجاجا على الوضع العام لنصل الى عام 2011 وثورة 25 يناير التى أطاحت بنظام مبارك بالكامل.

طلاب الجماعة المحظورة

لعبت الحركة الطلابية المصرية دورًا كبيرًا فى الحركة الوطنية على مدى عقود طويلة،وكان دائما شعار مصلحة الوطن هى أساس انتفاضتهم. ولكن تحولت الحركة الطلابية فى الفترة الأخيرة لمنعطف أخر, فارتفعت رايات الأشخاص فوق رايات الوطن. وتحول الهدف السامى على مدى قرن كامل والذى كان دائما ينادى بتحقيق الاستقلال التام الى الرغبة فى تحقيق رغبة فصيل ينادى بعودة نظام فاشى سقط بشعبية ثورية وإرادة شعب.
فقد استغل جماعة الإخوان المسلمين الجامعات فى لعبتها السياسية ضد النظام ، وخرج طلاب الإخوان فى مسيرات شبه يومية بجميع جامعات مصر كثيرا ما تطورت لاشتباكات مع طلاب معارضين لهم, وكانت جامعة الأزهر مسرحا لأكبر المواجهات بين الأمن وطلاب الإخوان. أيضا قامت الحركات الطلابية المتأسلمة باستغلال الجامعة سياسياً لإيصال أصواتهم الانتخابية فى انتخابات اتحادات الطلبة ، ولكن باءت محاولتهم بالفشل فلم يحصلوا على الأصوات التى حلموا بها لتنهار كافة أمنياتهم وأحلامهم بثورة 30 يونيو التى أطاحت بمرسى . ولا تزال الجامعات المصرية تعانى اليوم حالة من اللاسيطرة، والاستقطاب السياسي، فلم يعد لاتحاد الطلاب أى سلطان حقيقى داخل الجامعة، خاصة أن الوقفات والاحتجاجات أصبحت عادة يومية لكل صاحب حاجة أو منتمى لفصيل داخل الجامعات.
ان ما يحدث الآن فى الجامعات المصرية اليوم لا يمكن أن يسمى بالحركة الطلابية بكل المعايير والمقاييس حيث يسيطر عليها طيف سياسى واحد هو الإخوان المسلمون لذا يجب ان نسمى تلك التظاهرات بتظاهرات طلاب الإخوان التى تطالب بتحقيق مطالبهم هم فقط. إن الحركة الطلابية اكتسبت قوتها فى مناسبات عدة فى تاريخ مصر عندما التحمت بقوى أخرى فى المجتمع وعلى رأسها القوى العمالية، وهو أمر غير موجود حاليا، كما ان التظاهرات الحالية ارتبطت بالعنف والتخريب الذى يمارسه الطلاب وهو ما يعد غريبا على الحركة الطلابية المصرية عبر مائة عام كاملة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.