استنكرت دار الإفتاء المصرية وعلماء الأزهر فتوي الداعية مظهر شاهين, والتي دعا فيها الزوج إلي تطليق زوجته لانتمائها لجماعة آو حزب سياسي وأكد الدكتور مجدي عاشور, المستشار الأكاديمي للمفتي وأمين الفتوي بدار الإفتاء المصرية, أن ما صدر من قول بتطليق الرجل زوجته لانتمائها لجماعة أو حزب سياسي هي رأي شخصي وليس فتوي شرعية, وشابه نوع من المزايدة بالمتغيرات السياسية, وليس أسباب الطلاق الواردة في كتب الشريعة, خاصة مع التحذير الشديد من التطليق بغير موجب, حيث قال النبي صلي الله عليه وسلم( إن أبغض الحلال عند الله الطلاق). لكن إذا ثبت تورط أحد الزوجين في أعمال إرهابية فالمرجع في ذلك إلي جهات التحقيق. وقال في بيان, ان الشرع الشريف ما شرع أحكام الزواج والطلاق والفرق لتكون وسيلة لإثارة الشقاق بين الأزواج وخلق الأزمات بين الأسر, وإنما شرع ذلك ليكون وسيلة لتحقيق الأمن والسلام الاجتماعي. وحذر عاشور من مثل تلك الفتاوي التي تسبب الاختلاف والفرقة والتشاجر بين أبناء المجتمع الواحد, وتهيب بأنه لا يؤخذ الفتوي في مثل هذه المسائل التي تحتاج تحقيقا وتدقيقا إلا من المتخصصين الذين مارسوا الإفتاء ووقفوا علي دقائقه. وأشار إلي أن السبيل الوحيد لإصدار الفتاوي الدينية وتوثيقها هو صدورها عن جهات الاختصاص الرسمية في البلاد وهي هيئة كبار العلماء ودار الإفتاء المصرية, إذ عملهما الأصيل هو إصدار الفتاوي بعد دراستها والوقوف علي دقائقها. وقال إن فتاوي الطلاق علي وجه الخصوص لها اعتبار خاص, لتعلقها بالرباط المقدس بين الزوجين, وملامستها لنواة المجتمع وأهم مكوناته وهي الأسرة التي دعا الإسلام للحفاظ عليها فقال تعالي:( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون), الروم:21] بل قد حث النبي صلي الله عليه وآله وسلم الزوج علي الصبر علي زوجته, فقال( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر). من جانبه قال الدكتور سيف رجب قزامل عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بطنطا, إن الظروف السياسية التي تحيط بمصر لا تحتمل مثل تلك الفتاوي, أما بخصوص العلاقة الزوجية فينبغي ان يكون الزوج قدوة صالحة لزوجته في سلوكه وأخلاقه وحسن عشرته تأسيا برسولنا صلي الله عليه وسلم, وعلي الزوج إذا رأي فكرا مختلفا لزوجته وفيه إفساد وإتلاف في الوطن أن يأخذ بيدها وفكرها إلي الصواب وهذا هو واجب الزوج لا أن يطلقها, وقد شرع الإسلام للزوج المسلم الزواج بإمرأة كتابية, ومعني ذلك أنه لا يجوز تطليق الزوجة الإخوانية ولكن أن يأخذ بيدها ويحاورها بالحسني بمعاونة الأصدقاء والأقارب, ولكن لا يجوز الطلاق لأنه يعني هدم أسرة ولا يعد حلا فنحن نريد الحفاظ علي الأسرة التي هي نموذج مصغر للوطن, وواجب علينا الحفاظ عليها لا هدمها. وأكد الدكتور محمد أبو زيد الأمير أستاذ الفقه, وعميد كلية الدراسات الإسلامية بالمنصورة الدعوة إلي تطليق الزوجة الإخوانية هي إثارة للفتنة ودعوة للتفريق بين أبناء المجتمع في الوقت إلي تحتاج فيه مصر إلي ما يجمع أبناءها وليس تفريقهم, وصف الدكتور الأمير هذه الفتوي بالخاطئة ودعا أصحابها إلي مراجعة أنفسهم فيما أصدروه من آراء تثير الفتنة وتمزق المجتمع, بحسب رأيه. ودلل الأمير علي رأيه بأن الإسلام أجاز للمسلم الزواج بالكتابية التي تختلف عنه في الدين مسلمة كانت أو يهودية, فكيف نرفض الزواج بمسلمة تختلف في رأي أو توجه سياسي, وكيف لنا أن ندعو إلي التفريق بين زوجين مسلمين وهدم أسرة مسلمة دون مراعاة لما بينهما من عشرة أو أولاد قد يتشردون جراء ذلك الانفصال. وقال الأمير إن الدعوة إلي التفريق بين المسلم وزوجه المسلمة وإن كانت إخوانية, وكذا فسخ الخطبة من إخوانية أو عدم الزواج من الإخوانيات بالأساس هي دعوات خاطئة ليس لها ما يؤيدها في الشريعة, فضلا عما لها من تأثير خطير علي المجتمع وتفريق ابنائه الذين نحن في أمس الحاجة إلي الجمع بينهم. الأمر نفسه أكده الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين بأسيوط وقال إنه لا يجوز شرعا للمسلم أن يطلق زوجته بسبب الخلافات السياسية, لأن أسباب الطلاق معلومة وليس بينها الانتماء السياسي, ولكن الطلاق يكون لأسباب أخري يعلمها الجميع فيكون الطلاق حلا إذا استعصي علي الزوج تقويمها بالدرجات التي بينتها سورة النساء بالوعظ والهجر في المضجع والضرب وغيرها. والقول بغير ذلك هو قول بغير علم مهما كان قائله, فضلا عن إن هذه الفتوي لا تعبر عن الأزهر إنما تعبر فقط عن قائلها, وهو رأي يرفضه الشرع. وأوضح د. مرزوق عبد الرحيم أن الأمر نفسه ينسحب علي الخطبة والزواج بإخوانيات, فليس هناك ما يدعو لفسخ الخطبة أو حظر الزواج بمسلمة تنتمي إلي فصيل سياسي كجماعة الإخوان أو غيرها. واختتم قائلا: من المؤسف أن يصل بنا الخلاف السياسي في مصر إلي هذا الحد من خراب البيوت, ولكن يبدو أنه لا يزال بيننا وبين الديمقراطية أمد بعيد.