مع الاحتفال غداً ب«أحد السعف» أو «الشعانين» فما هو وكيف يحتفل به المصريين منذ القدم؟    حزب الاتحاد يوجّه جميع أعضاءه بالاستعداد لجلسات الحوار الوطني    البنوك تفتح الاعتمادات لتمويل مكونات إنتاج السيارات بالمصانع المحلية    إزالة 43 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالدقهلية    52 مليار جنيه حجم أرصدة التمويل متناهية الصغر بنهاية يناير 2024    خبراء: ضباط وجنود الاحتلال يسرقون الأسلحة من مخازن الجيش ويبيعونها للمقاومة    مفاجأة.. الكشف عن السبب وراء أزمة كلوب ومحمد صلاح المدوية    8 توجيهات من «تعليم البحيرة» عن امتحانات الفصل الدراسي الثاني.. تبدأ 8 مايو    بعد تصدر نجوى فؤاد التريند.. كم عدد زيجاتها؟    تعرف على أفضل 10 مطربين عرب بالقرن ال 21 .. أبرزهم الهضبة ونانسي والفلسطيني محمد عساف (صور وتفاصيل)    توقعات عبير فؤاد لمباراة الزمالك ودريمز.. مفاجأة ل«زيزو» وتحذير ل«فتوح»    المصريون يسيطرون على جوائز بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية للرجال والسيدات 2024 PSA    الرئيس الفلسطيني يصل إلى الرياض للمشاركة في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي    الرضيعة الضحية .. تفاصيل جديدة في جريمة مدينة نصر    بعد جريمة طفل شبرا الخيمة.. خبير بأمن معلومات يحذر من ال"دارك ويب"    استهداف إسرائيلي لمحيط مستشفى ميس الجبل بجنوب لبنان    سؤال برلماني عن أسباب عدم إنهاء الحكومة خطة تخفيف الأحمال    طارق يحيى مازحا: سيد عبد الحفيظ كان بيخبي الكور    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    بالفيديو .. بسبب حلقة العرافة.. انهيار ميار البيبلاوي بسبب داعية إسلامي شهير اتهمها بالزنا "تفاصيل"    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    "اكسترا نيوز" تعرض نصائح للأسرة حول استخدام ابنائهم للانترنت    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    وزير الرياضة يشهد مراسم قرعة نهائيات دوري مراكز الشباب النسخة العاشرة    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    أصالة تحيي حفلا غنائيًا في أبو ظبي.. الليلة    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    مدير «تحلية مياه العريش»: المحطة ستنتج 300 ألف متر مكعب يوميا    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    بدء أعمال المؤتمر السادس لرؤساء البرلمانات والمجالس النيابية العربية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاضرة علمية في جامعة زويل(1)
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 11 - 2013

تلقيت دعوة كريمة من العالم الكبير الدكتور أحمد زويل لكي ألقي محاضرة في الجامعة التي تتشرف باسمه, ليس فقط باعتباره حاصلا علي جائزة نوبل الرفيعة,
ولكن أيضا لأنه صاحب ثورة علمية بالمعني الإبسمولوجي( المعرفي) للكلمة.
وهذا يعني علي وجه الدقة أن الدكتور زويل باكتشافاته العلمية المبهرة قد غير من الطريقة التي يضع بها المجتمع العلمي مشكلات البحث, كما أنه جدد في المناهج والأدوات التي يمكن عن طريق استخدامها حل هذه المشكلات.
وكان موضوع المحاضرة مشكلات البحث العلمي في الوطن العربي. ويرد اهتمامي بهذا الموضوع إلي أنني منذ سنوات دعيت من مكتب تليفزيون دبي بالقاهرة لكي أشارك في ندوة تذاع علي الهواء مباشرة حول مشكلات البحث العلمي في المجتمع العربي. وقد طرحت في هذه الندوة أسئلة متعددة تتعلق بضعف العائد من البحث العلمي, ومشكلات الباحثين العلميين, ونقص التمويل, وانقطاع الصلة بين البحث العلمي والتنمية, ووضع الجامعات العربية ومراكز الأبحاث, وهجرة العقول العلمية العربية إلي الخارج, وأخيرا الرؤي الخاصة بالمستقبل. وتمت الندوة في إطار برنامج اسمه رؤية يقدمه الدكتور محمد المطوع, وشارك فيها من دبي الدكتور سليمان الجاسم, ومن باريس الدكتور برهان غليون, ومن واشنطن الدكتور جورج باروتي ومن القاهرة كاتب المقال. وقد حفلت الندوة بآراء متعددة تركز علي تشخيص الموقف الراهن للبحث العلمي, كما زخرت أيضا بخلافات في الرأي بين المشاركين سواء حول الحاضر أو فيما يتعلق بآفاق المستقبل. وكانت هذه الندوة بداية اهتمامي بالدراسة المنهجية لمشكلات البحث العلمي في الوطن العربي, وكتبت دراسة مطولة في الموضوع ضمنتها كتابي الزمن العربي والمستقبل العالمي الذي نشرته دار نهضة مصر عام.2009
والواقع أنه سبق هذه الدراسة اهتمامي بمشكلات العلم منذ أواخر الخمسينيات من القرن الماضي حين عينت باحثا مساعدا بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عام.1957 وفي هذا المركز العتيد الذي أسسه أستاذي الراحل الدكتور أحمد خليفة تلقيت الدروس الأولي في مناهج البحث العلمي, بالإضافة إلي محاضرات متعمقة في العلوم الاجتماعية, وكان الغرض منها أن يكتسب الباحثون الشباب نظرة موسوعية للعلم الاجتماعي قبل أن يتخصصوا في فرع علمي معين.
وقد آثرت في بداية محاضرتي التي حضرها أساتذة وطلبة جامعة زويل أن أقدم لهم الإطار النظري الذي علي أساسه سأناقش مشكلات البحث العلمي في الوطن العربي. وهذا الإطار يتكون من ثلاثة مداخل أساسية, هي مدخل سوسيولوجيا العلم( الذي يدرس العلم باعتباره نسقا يتأثر بالأنساق السياسية والاقتصادية والثقافية في المجتمع). ومدخل السياسة العلمية وأخيرا مدخل المشروع النهضوي.
ويمكن القول إن سوسيولوجيا العلم لا يركز فقط علي علاقته بالنسق السياسي ولكنه يهتم أيضا بالنسق الاقتصادي, ويركز علي شكل النظام الاقتصادي والموارد الطبيعية والميزانيات المتاحة للبحث العلمي.
أما النسق الثقافي فيركز بين ما يركز عليه- علي القيم الاجتماعية السائدة في المجتمع, ووضع العلم في سلم القيم, ومدي سيادة التفكير العلمي في المجتمع, وضروب الإبداع والتجديد وأنماط الحرية الأكاديمية وحرية التفكير. ويدخل في بحوث هذا العلم أيضا التنظيم الاجتماعي الأكاديمي, والتدرج العلمي بين أعضائه, ونوعية المدارس العلمية السائدة والصراعات بينها, وضروب التواصل العلمي مع بنية ومنظمات العلم العالمية.
مدخل السياسة العلمية
وإذا كان مدخل سوسيولوجيا العلم هو الذي يساعدنا في الإجابة علي أسئلة مهمة من أبرزها ضعف الإنتاج العلمي للباحثين العرب كما وكيفا, وانقطاع الصلة بين اتخاذ القرار والبحث العلمي, والاعتماد أساسا علي نقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة, وهجرة العقول العلمية, فإن هناك مدخلا أساسيا آخر هو مدخل السياسة العلمية. والسياسة العلمية أصبحت الآن مبحثا علميا مستقلا له خبراؤه ومنظروه. وهي تتعلق أساسا باستراتيجية وتكتيك البحث العلمي في بلد معين, بمعني أنها هي التي تحدد أهداف البحث العلمي, ووسائل تحقيق هذه الأهداف, وأهم من ذلك كله تحديد أولويات البحث العلمي, وإقامة التوازن المطلوب بين البحوث الأساسية والبحوث التطبيقية, وهي التي تضع خطة إنشاء المراكز العلمية, وتحدد نوعية تأهيل الباحثين وتدريبهم, وتعقد الصلة بينهم وبين صانع القرار السياسي من ناحية, والقطاعات الصناعية والإنتاجية من ناحية أخري.
ومن هنا فحين الحديث عن الوضع الراهن للبحث العلمي في المجتمع العربي, فلابد أولا من أن نسأل أنفسنا: هل هناك سياسة علمية في كل بلد عربي من البلاد الأساسية؟ وهل هناك سياسة علمية عربية قومية؟ إن الإجابة علي هذين السؤالين يمكن أن تساعدنا في تشخيص الأوضاع السلبية للبحث العلمي العربي في الوقت الراهن. فكثير من البلاد العربية, حتي من تلك البلاد التي دخلت منذ عشرات السنين مضمار البحث العلمي, ليس لديها سياسة علمية واضحة, ومن أبرز هذه البلاد مصر. ولعل مدينة زويل التي هي المشروع القومي لمصر تكون البداية لإرساء قواعد السياسة العلمية.
أما السياسة العلمية القومية فهي غائبة عن الساحة, نتيجة ضعف البني التحتية للبحث العلمي في البلاد العربية, والافتقار إلي الإرادة السياسية في التنسيق العلمي. وليس هذا غريبا في بيئة إقليمية تفتقر كثيرا إلي التنسيق السياسي.
ونأتي أخيرا إلي مدخل المشروع النهضوي. ونقصد بذلك علي وجه التحديد مدي الارتباط بين العلم والتنمية. ونعرف من واقع دراسات تاريخ العلوم التي تمت بشكل مقارن, أن لحظات النهوض الوطني والقومي, كانت ترتبط عادة بنمو البحث العلمي. ومن هنا يمكن القول إنه في البلاد التي صاغت لنفسها مشروعا نهضويا, فإن العلم والبحث العلمي يحتل في العادة مكانة عليا. لأن المشروع النهضوي يهدف عادة إلي تحقيق التنمية البشرية الشاملة, مع التركيز علي قوة الدولة بالمعني الشامل الكامل, ونعني عسكريا وصناعيا وثقافيا.
ولو تأملنا تاريخ مصر السياسي والاجتماعي, لوجدنا أن المشروع النهضوي الذي صاغه محمد علي مؤسس مصر الحديثة, كان يركز تركيزا واضحا علي النهوض بالتعليم, والبحث العلمي, والتكنولوجيا, بمعايير زمانه. فقد أرسل البعثات العلمية إلي أوروبا للتخصص في العلوم العسكرية وغيرها, مع التركيز علي التكنولوجيا, والجوانب التطبيقية, وإنشاء المدارس والكليات العلمية, واهتم بالتعليم العام,والترجمة من اللغات الأجنبية إلي اللغة العربية, وهي المهمة التي نهض بها رائد التنوير العربي رفاعة الطهطاوي, بالإضافة إلي جهوده العديدة الأخري.
وكما أشرنا من قبل, فإن المشروع النهضوي الذي صاغته ثورة يوليو1952, كان من بين مكوناته الأساسية تطوير وتدعيم ودفع البحث العلمي في مختلف المجالات الأساسية والتطبيقية, في ضوء سياسة علمية بصيرة, لم يتح لها للأسف أن تستمر, نتيجة ظروف سياسية خارجية وداخلية, ليس هنا مقام الإفاضة فيها, مما يؤكد كما قلنا العلاقة الوثيقة بين النسق السياسي والبحث العلمي.
غير أنه إضافة إلي هذه المداخل هناك مشكلات أخري متعددة تحتاج إلي مناقشات مستقبلية.
لمزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.