23 ألف نوع من الدواء في مصر, تنتجه نحو500 شركة في مصر, نصفها أجنبية و4 فقط لقطاع الأعمال والباقي للقطاع الخاص والاستثماري.. مشكلة هذه الشركات أن الدولة أوقفت تسعير الدواء منذ عشر سنوات دون تحريك, حتي مع الارتفاع الجنوني لأسعار الخامات الدوائية, وكلها مستوردة بالدولار, فضلا عن مضاعفة رواتب العمال والنقل والخدمات, مما انعكس علي حال هذه الشركات, وتوقف بعض مصانعها أو خطوطها الإنتاجية, وانعكس ذلك علي نقص نحو500 دواء بالسوق, في الوقت الذي تطالبهم فيه الدولة بتحقيق جودة عالية منافسة عالميا. أصحاب الشركات يستشهدون بحال شركات قطاع الأعمال التي حققت خسارة في العام الماضي بلغت128 مليون جنيه, وهي جميعها لا تبلغ أكثر من1% من حجم هذه الصناعة, وتنتج كل احتياجات مصر من الدواء, بنسبة لا تقل عن29% في الوقت الذي أكد فيه مسئولو وزارة الصحة أن هامش الربح يعتبر معقولا برغم الصعوبات, وأن الدواء مثل الخبز يمثل أمنا قوميا لا يمكن المساس به, وأن شكاوي أصحاب الشركات مجرد ادعاءات تعتمد علي الشائعات. بداية يقول الدكتور مجدي علبة رئيس غرفة صناعة الدواء إن حجم هذه الصناعة في مصر يتعدي200 مليار جنيه, ومع ذلك فإن هذه الشركات أوشكت علي الإغلاق, وإن التكاليف الأساسية للدواء أكثر كثيرا من أسعارها في المنتج, وإن الحقيقة أن سعر الدواء المصري يساوي ثلث تكاليفه, ويمكن مقارنته بأي دواء تشتريه من الخارج بما يكشف الظلم الذي يعانيه أصحاب المهنة, فهم يطلبون منك الجودة عالية المنافسة ذات الفاعلية الدوائية, وخير مثال علي ذلك أن شركات قطاع الأعمال خسرت في العام الماضي نحو128 مليون جنيه, وفي العام الماضي نحو185 مليون جنيه, وهذا درس تراه الدولة بنفسها, فهل نتوقع مع ارتفاع أسعار الخامات, وهي كلها مستوردة مع الخدمات من نقل وتفريغ وتكاليف مرتبطة بها ثم تصميم الوزارة علي تثبيت السعر بحجة تدني الوضع الاقتصادي للمواطن, ولا يهمها أن توفير سعر مناسب سيساعد علي تقدم الصناعة وينعشها ويتيح التصدير والمنافسة العالمية, وفي الوقت نفسه فإن بإمكان هذه الصناعة أن تسد احتياجات مصر من الأدوية التي تستوردها حاليا أو بدائل لها, وهي تمثل20% من المستهلك للمرضي, فأصبح من الضروري الآن إصلاح تشوهات التسعير, فليس معقولا أن يكون سعر الدواء ثابتا منذ10 سنوات وكان الدولار وقتها يساوي3 جنيهات, وأصبح الآن7 جنيهات. مشكلة التسجيل وأضاف أنه ضمن السلبيات التي تعانيها شركة الأدوية عمليات تسجيل المستحضر الدوائي الجديد أو المستورد لما يخضع له من روتين ووقت طويل, فالوزارة هنا, وفي كل تعاملاتها معنا هي القاضي والنيابة والضابط, فهي التي تختار وتحكم وتلزم الشركة في كل شيء بما فيها السعر, فالشركة تحت رحمتها دائما, ويلاحظ أن الوزارة لا يهمها استراتيجية دواء, ليس عندها ولكنها تريد أن تظهر أمام الحكومة حرصها علي الشعب, فصناعة الدواء تحتاج من يطورها ويحسنها, ويرفع مستواها, وهذا كله يساوي مصاريف إضافية, فأين دور الوزارة؟!.. لا شيء!, فإذا كانت فاشلة في التأمين الصحي وشركاتها خاسرة مبالغ ضخمة, فأين هذه الاستراتيجية أو خطتها؟. وفي الوقت نفسه فإنه يستحيل أو يصعب علي صاحب المصنع أن يغلق نشاطه, فهو استثمار ينتظر أن تنصفه الدولة في يوم مقبل, كما أن هناك شغلا وعمالا, ولو استمر الوضع بهذا الشكل فلابد أن تنهار هذه الصناعة, فهل يتخيل أحد أن كل الأسعار في صناعة الدواء ترتفع إلي3 أضعاف علي الأقل, بينما السعر قديم, كما هو؟ فقد كان مكسب هذه الصناعة والمتعاملين معها جميعا منذ10 سنوات نحو30% من قيمة السعر, والآن أصبحت بلا عائد يذكر, وفي الوقت نفسه فإن الدولة غير حريصة علي دعم هذه السلعة الاستراتيجية التي تمثل أمنا قوميا مثل الخبز تماما, حتي مع ارتفاع الأسعار للدواء فإن نسبة كبيرة منه لا تتعدي10 جنيهات, والأغلي لا يتعدي مائة جنيه, وهذه كلها مناسبة لطاقة المواطن المتوسط أما الفقراء فيمكن للدولة دعمهم ضمن مشروعات العلاج أو شركاتهم ومؤسساتهم, ويكون هناك تعادل حقيقي من الخدمة والسعر. ضغط الحكومة وتساءل د. مجدي علبة عن أن الدواء وحده دون وسائل العلاج هو الذي يخضع لضغط وتحكم الحكومة, فالأطباء كشف بعضهم أكثر من300 جنيه والعمليات الجراحية قد تزيد علي30 ألف جنيه, فلماذا لا تضع الدولة تسعيرة لكل عمليات العلاج, مثلما تفعل مع الدواء؟! لماذا لا يدركون أن استيراد خامات الدواء بالدولار واليورو بالسوق العالمية, وهو يؤثر أيضا علي سعر الكرتونة مع ارتفاع الضرائب, كما أن التسعير لملف الدواء كان5 آلاف جنيه تقدم لوزارة الصحة لاعتماده, فأصبح الآن30 ألف جنيه وبقية المراحل الثلاث بالمبلغ نفسه, أي أن التصريح يحتاج دفع120 ألف جنيه للوزارة إضافة إلي30% من الثمن هي هامش ربح شركة التوزيع والصيدلية, وهناك سيارات نقل وغاز لها تكاليفها الأعلي, وفي الوقت نفسه يريدون دواء في المستوي العالمي من حيث الجودة والعلاج والنتيجة أن هناك عجزا واضحا في الأدوية الأساسية. علي جانب آخر, أعلنت الدكتورة فاتن عبد العزيز مساعدة وزير الصحة لشئون الصيدلة أن الأزمة التي تثيرها شركات الأدوية في المرحلة الأولي مفتعلة من خلال إشاعة بيانات غير دقيقة بنقص أدوية بالسوق المصرية بنحو600 دواء, فإذا كانت الأزمة الحالية علي الساحة لكنها ليست بهذه الضخامة التي يروج لها البعض, وأن الإدارة المركزية لشئون الصيدلة تحصر باستمرار الأدوية الموجودة بالسوق وتتأكد من وجود بدائل لها إضافة لتسهيل مشكلة أي عقار ناقص بسبب التسجيل أو أي عوائق إنتاج. وأضافت أن الشركة القابضة للأدوية تقدمت لوزارة الصحة لتحريك أسعار64 صنفا دوائيا بسبب الخسائر, وتدرس رفع بعضها, ومع ذلك ليس هناك نقص في أدوية الطواريء والسكر والقلب, وضغط الدم وألبان الأطفال, وأنه لا يوجد أي نقص في الأدوية المهمة والمؤثرة علي حياة المريض, وهناك شكاوي بسبب رفع سعر دواء يعالج السرطان بالمخالفة للقانون ذلك لأن المريض المصري لا يمكنه تحمل فاتورة الأسعار المقترحة من شركات الدواء, وهناك نحو14 الف مستحضر دوائي تحت التسجيل, خاصة أن مصر تصدر نحو8% من إنتاجها من الدواء, وأن الوزارة تشدد الرقابة علي كل شركات صناعة الأدوية, وأن هذه الصناعة تتضمن35% من حجم إنفاق الوزارة, وأن نحو90% من انتاجنا يغطي استهلاكنا المحلي. تعويض الصيدليات أما الدكتور عبد الرحيم مراد أستاذ الفارماكولوجي بجامعة عين شمس فيؤكد أن الأسعار الدوائية متدنية للغاية, ولا تحقق ربحا هامشيا معقولا, لذلك فإن الصيدليات تعوض ذلك ببيع مستحضرات التجميل لذلك تجدها غالية جدا بالنسبة لقيمتها العملية, ويوافقه د. عبد العزيز حامد عبد العزيز أستاذ الفارماكولوجي بجامعة الأزهر الرأي نفسه بأن خامة الأدوية يتم شراؤها بالدولار, وبسعر السوق العالمية, ونتيجة هذا الاختناق الذي تعانيه الشركات, فإن بعضها يتجه إلي الشرق في شراء الخامات الدوائية, وهي ليست بالجودة الأعلي, ولكنها الأرخص حتي يمكن للشركة أن تغطي مصروفاتها, وتكون الخامات من الصين أو كوريا, وتكون المادة الفعالة غير مميزة, أما من يتجهون لبلاد وتصنع الدواء مثل سويسرا وألمانيا وأمريكا, وغيرها فعليهم التضحية كثيرا لأنهم يأتون بخامات عالية الجودة والتأثير يكون100% بينما الشرقي لا يتعدي70% والشركات مجبرة فعلا علي ذلك مع تصميم الحكومة علي عدم رفع الأسعار أو الإعفاءات أو أي نوع من الدعم. وأضاف أن الوزارة تشكل لجانا متخصصة عادة بمسمي لجنة التكافؤ الحيوي بهدف إيجاد التوافر والتكافؤ فضلا عن استخدام الدواء تجربة علي متطوعين لاختيار فاعليته. في الوقت الذي تعاني فيه الشركات من الظروف الصعبة لذلك, فهي لا تغطي احتياجات السوق والصيدليات, وتوفر50% عادة من المطلوب, ونتيجة إغلاق بعض خطوط الإنتاج, فالمشكلة هنا ليست السعر فقط, ولكن الجودة أيضا هي المشكلة الأولي, لذلك فإن الدولة أمامها أحد خيارين الأول, هو رفع سعر الدواء حتي لا تغلق خطوط الإنتاج من الخسائر والثاني إعفاؤها من الضرائب, وخاماتها من الجمارك لتخفف شيئا من المشكلة علي الأقل, وفي الوقت نفسه يكون هذا الدعم مباشرا نحو الفقراء. وأثار د. عبد العزيز إلي أن المشكلة في نهايتها لن تحل إلا من جميع الأطراف, بتوفير دواء رخيص للفقير فقط, ثم يأخذ صاحب الشركة أو المصنع حقه, وأمامنا بالفعل ما بين5 6 سنوات لحل تلك الأزمات, ولتصحيح الأوضاع ومحاولة توفير العلاج الغالي من خلال قنوات طبية أمينة.