أذهلت فكرة فتح الثغرات في الساتر الترابي المحللين العسكريين في العالم خاصة أنها تتميز بالبساطة والعبقرية معا.. اللواء اركان حرب متقاعد باقي زكي يوسف رئيس فرع مركبات الفرقة19 هو صاحب فكرة فتح الثغرات في الساتر الترابي بخراطيم المياه. حيث كان يعمل في السد العالي منذ عام1964 وحتي أوائل عام1967. يروي ذكرياته قائلا: في شهرمايو من عام1969 صدرت التعليمات للتشكيل باتمام الاستعداد للعبور قبل نهاية اكتوبر من نفس السنة وبدأنا ندرس مشاكل العبور وعلي قائمتها جاءت مشكلة فتح الثغرات في الساتر الترابي, وقد تم اجراء تجارب بالتفجير سواء مدفعية او صواريخ ولم تنجح, وفي احد الاجتماعات قفزت الي ذهني فكرة استخدام المياة في فتح الثغرات, واستخدام تكنولوجيا التجريف في فتح ثغرات الساتر الترابي وشرحت فكرة استخدام التجريف في السد العالي حيث كان يتم بهدف البناء, اما في الساتر الترابي فقد كان يتم بهدف الهدم.. كانت فكرة التجريف في الساتر الترابي تعتمد علي دفع الماء وتسليطه علي الساتر الترابي فتنزل الرمال وتجرفها الي قاع القناة بهدف هدم الساتر وفتح الثغرة, وهذا التجريف يقلل الخسائر ويوفر في الوقت والمال ايضا وكانت الفكرة بسيطة ومناسبة خاصة ان الساتر الترابي يقع علي الحافة الشرقية للقناة بالاضافة الي انه مائل حيث استغل العدو وجود الكثبان الرملية القديمة وبني عليها حائطا علي الضفة الشرقية للقناة ليفقدنا طموحات العبور, وجاء استخدام الماء من القناة تحت الساتر الترابي مباشرة وذلك يعتبر افضل استخدام لأدوات مسرح العمليات.. اما في السد العالي فقد استغرقنا عدة سنوات في البناء بينما في الساتر الترابي العملية لم تستغرق سوي ساعات قليلة حيث أزالت القوات المسلحة كل المعوقات التي وضعها العدو وتحققت المهمة بنجاح.. كيف تم تنفيذ الفكرة ؟ عرضت الفكرة علي قائدالفرقةالمرحوم اللواء اركان حرب سعد زغلول عبد الكريم وعندما شرحتها طلب مني ان اعيد كلامي مرة اخري بتفاصيل اكثر وبعد12 ساعة تم نقل فكرتي الي اعلي مستوي في القوات المسلحة وذهبت مع قائد الفرقة الي قائدالجيش بحضور رئيس مهندسي الجيش وتقابلنا مع رئيس هيئة العمليات واعطيته صورا خاصة بالتجريف في السد العالي, وبعد يومين طلبني قائدالتشكيل واخبرني بانه قررعرض الفكرة علي الرئيس جمال عبد الناصر وكتبت تقريرا مفصلا عن الفكرة واسلوب تنفيذها وعندما تم عرضها أمر الرئيس جمال عبد الناصربتجربتها وتنفيذها في حالة نجاحها.. كانت الثغرة عبارة عن حفرة يتراوح حجم الرمال فيها من1500 الي2000 متر مكعب و كانت ابرز الصعوبات التي واجهتنا تتمثل في ان الطلمبات المستخدمة في السد العالي ثقيلة فاحضرنا طلمبات اقل في الحجم وذات ضغط عال وهذاساعد كثيرا علي امكانية فتح الثغرة في4 ساعات فقط بينما كانت التجارب تؤكد انه لن يتم فتح الثغرة الا بعد24 ساعة, واذكر انه تم عمل بيان عملي للفكرة بجزيرة البلاح تم تنفيذه في يناير1972 للتأكد من صلاحية الفكرة ومناسبتها للتنفيذ, ومن وقتهااصبحت فكرة فتح الثغرات بواسطة التجريف هي الاسلوب الامثل وقد احتفظنا في هذه العملية بسرية كاملة منذ عام1969 وحتي تم تنفيذها في اكتوبر1973 حيث لم يكتشف العدو اي شيء وبدانا في إحضار الطلمبات وتدريب القوات واستخدمت هذه الطريقة في ملحمة العبور بصورة أذهلت العالم أجمع.