تباين أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم | الأربعاء 22 مايو 2024    وزيرة التخطيط تستعرض أمام «الشيوخ» مستهدفات قطاع الأمن المائي والغذائي    أسعار الأسماك في سوق العبور اليوم | الأربعاء 22 مايو 2024    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    الصحة: إطلاق حملة مجانية موسعة لتقديم خدمات الصحة الإنجابية بجميع المحافظات    استعدادات مكثفة بموانئ البحر الأحمر.. ورفع درجة الاستعداد بميناء نويبع البحري لبدء موسم الحج البري    «شكري» يتوجه لطهران للمشاركة في مراسم عزاء الرئيس الإيراني    الرئاسة الفلسطينية تُرحب بإعلان النرويج الاعتراف بدولتها    كييف: روسيا تفقد 496 ألفا و370 جنديا في أوكرانيا منذ بدء الحرب    فصائل فلسطينية: استهدفنا ناقلة جند إسرائيلية جنوب شرق مدينة رفح    مصادر إسبانية: الحكومة ستعلن اليوم الاعتراف بدولة فلسطينية    أخبار الأهلي : أول رد فعل للاعب الزمالك بعد اعلان اصابته بالرباط الصليبي    أخبار الأهلي : جوميز: أتمنى فوز الأهلي أمام الترجي لحصد السوبر الأفريقي على حسابه    نهائي دوري أبطال أفريقيا.. اليوم الخطيب يستقبل بعثة الترجي في مطار القاهرة    مدرب الزمالك: شيكابالا أفضل من محمد صلاح    الأرصاد تعلن موعد انتهاء الموجة الحارة    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    5 أسباب رئيسية للإصابة بالربو ونصائح للوقاية    اليوم.. «اتصالات النواب» تناقش موازنة الهيئة القومية للبريد للعام المالي 2024-2025    وزارة التعليم توجه بتشكيل غرف عمليات لمتابعة امتحانات الدبلومات 2024    باحثة سياسية: مصر تقف حائط صد أمام مخططات التهجير القسري للفلسطينيين    الطالب الحاصل على جائزة «المبدع الصغير» 2024 في الغناء: أهدي نجاحي لوالدتي    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء.. أبرزها باير ليفركوزن ضد أتالانتا في نهائي الدوري الأوروبي    من تبريز إلى مشهد: ما خصوصية المدن التي تمرّ بها مراسم تشييع الرئيس الإيراني؟    رابط نتيجة الصف السادس الابتدائي 2024 الترم الثاني جميع المحافظات والخطوات كاملة    تفاصيل الحالة المرورية اليوم.. كثافات في شارعي رمسيس والهرم (فيديو)    طريقة عمل العجة المصرية، لفطار سريع وبأقل التكاليف    المفتي: نكثف وجود «الإفتاء» على مواقع التواصل.. ونصل عن طريقها للشباب    ما حكم ذبح الأضحية في البلاد الفقيرة بدلا من وطن المضحي؟    فضل يوم النحر وسبب تسميته بيوم الحج الأكبر    الأزهر ينشئ صفحة خاصة على «فيسبوك» لمواجهة الإلحاد    جدول مساحات التكييف بالمتر والحصان.. (مساحة غرفتك هتحتاج تكييف كام حصان؟)    أرقام تاريخية.. كبير محللي أسواق المال يكشف توقعاته للذهب هذا العام    مبلغ صادم.. كم بلغ سعر إطلالة ماجي زوجة محمد صلاح؟    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    معدية أبو غالب.. قصواء الخلالي تنتقد الحكومة: هل هذه آلية عمل.. أين المسؤول!    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    فلسطين.. الاحتلال يقتحم مخيم عايدة شمال بيت لحم    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    ذبح مواطن في الطريق العام.. النقض تنظر طعن سفاح الإسماعيلية على حكم إعدامه    ضبط طالب إعدادي بتهمة إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية بقنا    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    قبل قدوم عيد الأضحى.. أبرز 11 فتوى عن الأضحية    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف حطم المصريون خط بارليف وفتحوا 82 ثغرة بالساتر الترابي؟
نشر في أخبار مصر يوم 06 - 10 - 2008

علامات من الاستفهام والتعجب أثارها تحطيم القوات المصرية الباسلة لخط بارليف الحصين في حرب أكتوبر/ تشرين أول1973 ، تلك القوات التي لم يمنع تقدمها التحصينات ولا الساترالترابي. إنها
قصة جديرة أن تروى مرات عديدة لكن الانصات إليها من صاحب الفكرة العبقرية في التغلب على هذا الساتر العملاق سيكون أكثر إمتاعاً.
اللواء باقي زكي يروي الملحمة كاملة في حواره مع موقع "أخبار مصر" www.egynews.net
عندما عاد اللواء باقي بالذاكرة 35 عاماً قال: صدرت تعليمات للفرقة(19) بقيادة اللواء/ ممدوح جاد تهامي بالاستعداد لعبور قناة السويس،وكان هناك مشاكل تواجهنا لعبور قناة السويس، وأصبح التفكير في كيفية التغلب على مشاكل العبور و الاستعداد له، ومن أهم المشاكل.. كيفية التغلب على الساتر الترابي-الذي يمتد من بورسعيد شمالا إلى السويس جنوبا بطول حوالى 160 كيلومتراً.
يستمر اللواء باقي ذكي في حديثه مع أخبار مصر ويقول: كنا نشاهد الإسرائيليين يقيمون"خنادق" ونقاط قوية ، وكان الساتر الترابي-خط بارليف- يعلو يوما بعد يوم –وهو مكون من كثبان رملية طبيعية تكونت من ناتج حفر قناة السويس-، ووضعت رملة الحفر على الضفة الشرقية من القناة حيث الناحية الغربية أراضي زراعية. أوصلوا الكثبان الرملية الطبيعية مع ناتج حفر قناة السويس ويقربهم من القناة حتى أصبحت درجة ميل الساتر الترابي مع قاع القناة (80 درجة) ، واقترب أن يكون زاوية قائمة حتى يصعب الصعود عليه أو انهياره ، و أصبح ارتفاع الساتر ما يقرب من 20 متراً.
** كيف جاءت فكرة التغلب على الساتر الترابي ؟
يتذكر اللواء باقي ذكي تلك اللحظات ويقول: بعد صدور التعليمات للفرقة (19) لعبور قناة السويس، بدءنا العمل منذ عام 1968 في كيفية التغلب على الساتر الترابي ، وكان محددا في أذهاننا مقولة " ما أخذ بالقوة سيرد بالقوة" ، وكان الجميع مستعدون للحظة العبور.
في أكتوبر عام 1969 ،اجتمع بنا قائد الفرقة (19) حينذاك اللواء أركان حرب/سعد زغلول عبد الكريم بمنطقة عجرود من الضفة الغربية للقناة، لتحديد مهام الفرقة وتخطي مشاكل العبور .
حضر الاجتماع رئيس الأركان العميد أركان حرب أبو الفتح محرم، ورئيس العمليات اللواء أركان حرب/ طلعت مُسلم، رئيس فرع المهندسين العقيد/ سمير خزام،ورئيس فرع الإشارة العقيد/ صبحي اليوسف، ورئيس فرع الاستطلاع الرائد/ عادل زكريا.
عَرَضَ قائد الفرقة- اللواء سعد زغلول- المهمة بالتفصيل، ثم طلب من كل رئيس تخصص عرض رأيه ويقول تقريره حول مهمة عبور قناة السويس ، فجميع الحاضرين شرحوا في تقاريرهم مكونات الساتر الترابي من نشأته، تكوينه، ارتفاعه، التجهيزات الفنية الموجودة به.
جاءت آراء رؤساء التخصصات في كيفية التغلب على الساتر الترابي فمنهم من قال بالقنابل ، وآخر بالصواريخ، والمفرقعات، والمدفعية، وجميع هذه الآراء أشارت إلى توقيت فتح الثغرات داخل الساتر
الترابي يتم في خلال 12-15 ساعة، وكانت هذه المقترحات والأفكار في غاية الصعوبة لتنفيذها من خسائر مادية وتستغرق وقتا طويلا.
جميع المدارس العسكرية تشير إلى أن اى ساتر ترابي يمكن التغلب عليه بالقنابل والمفرقعات، وفي لحظة والمناقشات مستمرة والأفكار تنتقل من طرف لآخر في الاجتماع دار في زهني مكونات الساتر
الترابي التي شرحها رؤساء الأفرع-مكون من رمال وأتربة وناتج حفر - وربطتها بعملية التجريف التي قمنا بها خلال إنشاء السد العالي عام 1963.
طلبت الكلمة من قائد الفرقة الكي ابدي رأي في هذه المشكلة وقلت:"سمعت الآن أن الساتر مكون من رمال، وربنا حط المشكلة وجنبها الحل يا فندم"
يشرح اللواء باقي زكي فكرته ويقول لقائد الفرقة:باستخدام الطلمبات ذات الضغط العالي، التي توضع على زوارق خفيفة ، نقوم بسحب المياه من القناة ثم تضخ بقوة اندفاع عالي باستخدام "الباشبور"على الساتر الترابي الموجود أمامنا مباشرة والمجاور للقناة، حيث قوة دفع المياه تضغط على الرمال وتنزلها بوزنها الذاتي إلى حافة القناة.
ويستمر في شرحه للفكرة التي تعد غير تقليدية وجميع الحاضرين في صمت ودهشة قائلا: خلال عملي في السد العالي عام 1963 نقلنا حوالى (10 ملايين متر مكعب) بالتجريف.رد قائد الفرقة قائلا: وماذا كنتم تفعلون في السد العالي؟
أجاب اللواء باقي زكي: كنا نسحب المياه من نهر النيل ثم نضغطها على جبال من الرمال-نوعية الرمال المناسبة لجسم السد- ، المياه تزيل الرمال في أحواض خليطه نقوم بعملها أسفل الجبل، نقوم بعد ذلك بسحب "الخليطة "من الأحواض في مواسير قطرها (60 سم) يتم توصيلها بعد ذلك إلى جسم السد العالي.
وفي حالة وجود الجبل بعيدا عن السد العالي نضع طلمبات تقوية في الوسط تساعد على استمرار تدفق " الخليطة" داخل المواسير إلى جسم السد.
يستمر في التحدث مع قائد الفرقة ويقول" يا فندم أنا لا أريد جميع العمليات التي تمت بالسد العالي فالساتر الترابي في قناة السويس يحتاج إلى الآتي: سحب المياه من القناة ثم ضخها بقوة اندفاع على الساتر الترابي مع استمرار تدفق المياه على الساتر وعودتها محملة برماله، ويتم فتح الثغرة بعمق الساتر وبالعرض الذي أريده وفي وقت قصير حوالي 3 ساعات على حسب قوة الطلمبة المستخدمة، وذلك على طول الضفة الشرقية للقناة"
** ما رأي قائد الفرقة اللواء سعد زغلول بعد عرض فكرتك؟
قائد الفرقة بدأ يناقش فكرتي مع رؤساء التخصصات وتأثيرها على أعمال القتال الموجودة واتضح من المناقشة انه لا توجد أى مشاكل مبدئية في المياه المحملة بالرمال عند عودتها إلي القناة ولا في تربة الثغرة.
بعد المناقشات المستفيضة في الاجتماع شعر قائد الفرقة أن هذه الفكرة يجب أن تدرس جيدا، وخصوصا أن البدائل التي عرضت في الاجتماع لحل مشكلة العبور كانت بدائل تقليدية وقد تكون متوقعة من
العدو .
في نهاية الاجتماع قام قائد الفرقة بالاتصال بقائد الجيش الثالث اللواء طلعت حسن على ..،وقال له"يا فندم بعد مناقشتنا للمهمة بتاعتنا ..في موضوع يتعلق بالساتر يهمنا حضرتك تسمعه"،وقال قائد الجيش لقائد الفرقة: "تعالى لي الصبح"
** هل تتذكر لقاءك بقائد الجيش الثالث؟
في الصباح توجهنا أنا وقائد الفرقة اللواء/ سعد زغلول إلى قيادة الجيش غرب القناة لملاقاة قائد الجيش الثالث وعرض الفكرة على سيادته.
بعد الانتهاء من شرح الفكرة بالتفصيل، قام قائد الجيش اللواء/ طلعت حسن على بالاتصال تلفونيا برئيس مهندسين الجيش لسماع الفكرة وإبداء رأيه.قال لي رئيس المهندسين: "اشرح لي الفكرة مرة ثانية"
لخصت الفكرة لسيادته في إنها طلمبات ضغط عالي تسحب المياه وتضخها بواسطة مدافع مياه موجهة مباشرة على الساتر الترابي فتتساقط المياه بالرمال أسفل القناة"
بعد عرض الفكرة على قائد الجيش ورئيس مهندسي الجيش، تقرر أن أذهب فورا من قيادة الجيش إلى نائب رئيس هيئة العمليات اللواء ا.ح/ممدوح جاد تهامي لعرض الفكرة على سيادته.
كان اللواء/جاد تهامي قائد الفرقة(19) قبل اللواء/ سعد زغلول وكان يعرفني جيدا، شرحت لسيادته الفكرة، فقال لي" هي يا ابني مش هتيجي غير كده، القنابل والمدفعية والصواريخ فوق رأسنا من فوق ، بس هي ماتجيش إلا كده."
قام اللواء/ جاد تهامي بالاتصال باللواء نوفل رئيس هيئة العمليات، وعرض عليه الفكرة تليفونيا.. فقال له" خلى "باقي" يذهب إلى مدير المهندسين يشرح له الفكرة"
ذهبت إلى مدير المهندسين اللواء/جمال محمد على وقمت بشرح الفكرة.. قال لي "مَن مِن ضباط إدارة المهندسين كان معك في السد العالي؟"
قلت لسيادته: كان معنا العقيد/شريف مختار ضابط في إدارة المهندسين
اتصل مدير المهندسين بالعقيد/شريف مختار-الذي كان وقتها يخدم في إدارة المهندسين بالجيش الثالث- والذي أيد الفكرة تماما لأنه شاهد بنفسه الطرق المستخدمة في السد العالي.
** بعد عرض فكرتك على قادة الجيش .. كيف تم تطبيقها عمليا؟
ذهبت إلى وزارة السد العالي وكان مقرها بشارع جواد حسني، طلبت من زميل لي بالوزارة "نشرات ورسوم وأفلام فوتوغرافية بها صور للتجريف التي كانت تطبع وتصور في فترة انتدابي للسد العالي"
استغرب زميلى بهذا الطلب ،حيث أقنعته أن هناك مناسبات قومية للضباط والعساكر نعرض خلالها الصور.
بعد ذلك ذهبت إلى قيادة الفرقة(19) ومعي النشرات والرسومات ، وطلب مني قائد الفرقة-اللواء سعد زغلول- بكتابة تقرير مفصل موضحا في المعدات المطلوبة للتجربة ، وكيف نحصل عليها، وأماكن وجودها، وجميع الإجراءات والتجهيزات اللازمة لإتمام العملية.
كتبت تقريرا مفصلا وضعت به المعلومات والحسابات العملية.في صباح اليوم التالي اتصل بي قائد الفرقة وطلب مني التقرير على الفور.
يستمر اللواء باقي زكي في الحديث قائلا: ذهبت إلى قائد الفرقة ومعي التقرير الذي سهرت عليه يوما كاملا في كتابته، حيث طلب مني قائد الفرقة بالذهاب إلى ضابط الاتصال/إبراهيم عطوه-الذي سلمه إلى هيئة العمليات بالجيش الثالث-
بعد أسبوع من تسليم التقرير ذهبت إلى قائد الفرقة وقال لي"عرضت فكرتك إلى الرئيس جمال عبد الناصر، والرئيس اهتم بها جدا، وأعطى تعليمات إلى الجهات المختصة بسلاح المهندسين لدراسة الفكرة وتجربتها عمليا."
طلب مني قائد الفرقة اللواء/سعد زغلول أن أحضر له أى مسودات أو أوراق مكتوب عليها الفكرة، وذلك لأنها أصبحت في مرحلة الدراسة والتجارب -أى مرحلة هامة جدا- وبالفعل أحضرت له المسودة وقام بحرقها بنفسه أمامي وطلب مني عدم التحدث نهائيا في هذا الموضوع وأن ألتزم الصمت.
**ما دور إدارة المهندسين في تحويل الفكرة إلى حقيقة على أرض الواقع؟
في سبتمبر 1969 بمنطقة حلوان قامت إدارة المهندسين بإجراء التجارب والدراسات التي وصلت إلى 300 تجربة، حيث استخدم في أولى التجارب "طلمبة" من السد العالي-كبيرة الحجم وتعمل بالكهرباء-
بعد ذلك تمت التجارب باستخدام "الطلمبات الميكانيكية" المستوردة من إنجلترا وهي أقل وزنا وأكبر قدرة في فتح الثغرة في حوالي 4 ساعات-، وبعدها تم استخدام "الطلمبات التربينية المستوردة من ألمانيا بحجة استخدامها في الحريق- فهي صغيرة الحجم،وذات قوة دفع عالية وتعمل بالديزل،وأتاحت فتح الثغرة في حوالي ساعتين.
كانت جميع التجارب تتم على أنواع من الرمال والأتربة المماثلة للساتر الترابي في قناة السويس، حيث تم تجربة العملية في جزيرة "البلاح بالإسماعلية" على الساتر الترابي-هو ناتج الحفر والتطهيروالتوسيع في يناير 1972 - وتم فتح الثغرة في أقل من 3 ساعات.
** هل كنت تشارك في عمليات التجارب؟
اقتصرت مهمتي فقط في كتابة التقريرعن الفكرة، وبعدها انقطعت صلتي بهذا الموضوع لأنه اخذ محمل الجد والسرية التامة ،وأصبح الموضوع في يد الجهات المختصة-المهندسين- الذين قاموا بتطوير الفكرة ، وقاموا بتدريب الجنود على أسلوب فتح الثغرات، وكنت أسمع أخبار التجارب من اللواء/على فؤاد مدير إدارة المياه.
انتهت عملية التجارب في يناير 1972 والتي لم تتوقف إطلاقا منذ عام 1969، وتم اتخاذ قرار باستخدام تجريف المياه كأسلوب لفتح الثغرات في الساتر الترابي شرق القناة وذلك في عمليات العبور المستقبلية.
وتوضح الحسابات العملية أننا لكي نقوم بعبور قناة السويس نحتاج إلى فتح 85 ثغرة اى نقوم بإزالة 130 ألف متر مكعب من الساتر الترابي لشرق القناة.
** متى علمت بيوم حرب أكتوبر؟
استرجع اللواء/باقي زكي هذه اللحظات واستمر في الحديث قائلا: جميع قيادات الجيش كانوا ينتظرون هذه اللحظة وجميعنا في حماس ولا يراودنا شئ غير العمل على استعادة الأراضي المحتلة المصرية إلى أحضان مصر الغالية.
في يوم 5 أكتوبر 1973 اجتمع بنا قائد الجيش الثالث الفريق عبد المنعم واصل داخل حجرة قيادة الجيش ،وجاء لنا أمر بالقتال، حضر الاجتماع جميع رؤساء الأفرع، وكانت التعليمات مشددة في إبلاغ مساعدينا اليوم التالي 6 أكتوبر 1973 الساعة 11 صباحا، وألا نبوح بأي لفظ عن هذا الاجتماع لأى أحد إلا في اليوم التالي.
**ما المهام التى أسندت إليك في حرب أكتوبر؟
منذ عام 1972 حتى 1974 وأنا اشغل منصب رئيس فرع مركبات الجيش الثالث، كنت أؤمن جميع مركبات الجيش الثالث بالكامل التي تعبر القناة، وذلك على المعابر والطرق والمحاور، وأيضا كانت مسئولية فرع المركبات التجهيز والتحضير للعمليات.
كانت المركبات تقوم بأعمال شديدة الدقة وهي عمليات مرتبة ومحفوظة عن ظهر قلب، لدرجة كنا نعلم أسماء سائقي النجدة بجميع المركبات،فقد تم تدريبنا مرات عديدة قبل ساعة الصفر والعبور
وكانت هذه العمليات تتم بسلاسة فجميع المحاور بها نقط نجدة وكنا نربط نقط النجدة جميعها بعربات خدمة بها أطقم إصلاح وقطع غيار بحيث اى أعطال وتوقف يتم إصلاحها في طريق العبور.
**كيف كانت لحظة العبور؟
بدأت الحرب الساعة الثانية ظهرا يوم6 أكتوبر 1973 ، وبدأت بالضربة الجوية ،ثم القوات البرية حيث كانت جميع العمليات منظمة ومخططة ومحكمة تماما .
أول ثغرة تم فتحها في الساتر الترابي الساعة السادسة مساء من يوم الهجوم، بعدها تم فتح 60 ثغرة وتم إزالة 90 ألف متر مكعب من رمال الساتر بشرق القناة حتى الساعة العاشرة مساء -أي أن في خلال 8 ساعات قد تم فتح 60 ثغرة حتى أن وصلت إلى 82 ثغرة في اليوم التالي.
كان الإسرائليين يعتقدون أن الجيش المصري سوف يهاجم خط بارليف بالقنابل والصواريخ، ولم يتوقعوا إطلاقا هذه الفكرة باستخدام "خراطيم" المياه لإزالة الساتر القوي والحصين حقا كانت مفاجأة غير متوقعة.
** ما شعورك وانت تشاهد انهيار خط بارليف؟
شعور لا يوصف، كان شعورنا أننا مصريون بالفعل.. العدو كان في ذهول ولا يعرف مركز القوة آتى من السويس أو إسماعيلية أو بورسعيد فجميع النقاط تعبر القناة، فقد أحدث العبور خللا في جميع العمليات المضادة للعدو.
** هل كان يراودك عدم نجاح الفكرة لحظة العبور؟
في ثقة وبنبرة صوت تسودها القوة قال: لا.. إطلاقا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.