خلال اجتماع التشكيل المكلف بالعبور الذي رأسه اللواء أركان حرب سعد زغلول عبد الكريم في مركز القيادة الرئيسي للجيش الثالث الميداني خلال شهر مايو 1969 طرح المقدم باقي زكي تفاصيل اقتراحه المثير لكيفية التغلب علي مشكلة الساتر الترابي فأوضح أن عملية التجريف في السد العالي كانت تبدأ بسحب المياه من النيل إلي الأماكن الطبيعية لجبال الرمل بواسطة الطلمبات شديدة الاندفاع, مما يؤدي إلي تجريف الرمال وسحبها إلي قاع السد العالي, أما بالنسبة للساتر الترابي فإن المطلوب هو سحب المياه من القناة وضخها في مواجهة الساتر الترابي لتعود المياه التي تم ضخها ذاتيا محملة برمال الساتر الترابي, وبذلك يتم فتح الثغرات في الأماكن المحددة والمنتقاة لبناء الكباري والمعديات. وبعد أقل من أسبوع كان الاقتراح قد جري تداوله تصاعديا علي كل مستويات القيادة, وعندما عرض الأمر علي الرئيس جمال عبد الناصر باعتباره القائد الأعلي للقوات المسلحة أبدي انبهاره بالفكرة لكنه أردف قائلا: علينا قبل أن نحكم عليها أن نشرع في تجربتها ومعرفة ما إذا كان يمكن استخدامها..والمهم أن يجري ذلك تحت أقصي درجات السرية بحيث يحظر تداول أي معلومات عنها إلا في دائرة محدودة وضيقة للغاية. وبعيدا عن الأنظار.. وبعيدا عن الجبهة.. وفي منطقة الخطاطبة حيث يمر فرع النيل وتحاذيه تلال من الرمال جرت بنجاح أول تجارب مشجعة لنجاح فكرة استخدام طلمبات المياه. وهنا بدأ التحدي الأكبر..كيف نوفر تلك النوعية من الطلمبات ذات قوة الدفع الهائلة دون أن يشعر أحد بالهدف من إحضارها وبهذا العدد الكبير المطلوب لفتح العدد الكبير المطلوب فتحه من ثغرات في الساتر الرملي. وإمعانا في الخداع فقد اقتصر أمر الشراء من الخارج علي الطلمبات فقط في حين تولت المصانع الحربية مهمة توفير جميع المستلزمات الأخري المطلوبة للتنفيذ من خراطيم ورشاشات وخلافه. وعندما حانت ساعة الصفر يوم السادس من أكتوبر عام 1973 كانت القوات المسلحة قد استكملت بنجاح جميع التجارب الميدانية الشاقة التي أكدت صلاحية الفكرة للتنفيذ. وكان أصدق ما قيل عن هذا الاقتراح إنه قد يكون فضلا مضافا لأفضال مشروع السد العالي علي مصر, لكن الأهم من ذلك هو أنه بمثابة درس يؤكد أهمية مشاركة القوات المسلحة بكوادرها في المشروعات القومية واكتساب الخبرات التي تضيف بمثل ما تعطي!. وغدا نواصل الحديث.
خير الكلام: حسن الظن عجز في أمور.. وسوء الظن يأخذ باليقين!. المزيد من أعمدة مرسى عطا الله