يكتسب التقييم السنوي الذي يقوم به الجهاز المركزي للمحاسبات لأداء الحكومة وأوجه إنفاق المال العام أهمية خاصة, نظرا للدور الحيوي الذي يقوم به هذا الجهاز الرقابي في متابعة الإجراءات الحكومية والرقابة علي مفردات الموازنة العامة للدولة, وكيفية تعامل كل جهة من المال العام والخدمات التي تقدمها للجمهور. لقد أثار الدكتور جودت الملط رئيس الجهاز جدلا كبيرا خلال السنوات الأخيرة بسبب جرأة ومصداقية وشمولية التقارير التي يقدمها أمام مجلس الشعب حول الأداء الحكومي, خاصة أنه يتطرق إلي كل نقاط القوة والضعف في هذا الأداء في عملية تقييم موضوعي بهدف تحسين الأداء لصالح المواطن العادي. وتشير تقارير الدكتور جودت الملط إلي أوجه الخلل في الإنفاق الحكومي وأسبابه وسبل معالجته, حتي يمكن ترشيد هذا الإنفاق لتعظيم الاستفادة منه, وتحقيق الاستثمار الأمثل للمال العام في خدمة المواطنين, ومحاصرة الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلي إهداره, بالإضافة إلي مكافحة ظواهر الانحراف المالي مثل الرشوة والفساد. علاوة علي متابعة الأداء الحكومي في مختلف القطاعات, خاصة تلك التي تمس الجماهير بشكل مباشر, وهو ما يؤدي إلي إصلاح أي خلل في الأداء وتلافي أوجه القصور التي يتم كشفها, وتحسين مستوي الأداء علي مستوي الفرد والمؤسسة من خلال إجراءات محددة ومعايير لقياس مدي نجاح أو فشل أي قطاع حكومي في تنفيذ الأهداف المنوطة به. إن عرض تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات علي مجلس الشعب يعني اطلاع النواب علي جميع أوجه الأداء الحكومي, لتكون بين أيديهم عند قيامهم بمهامهم الأساسية في الرقابة والتشريع, وهو ما يستلزم أن يحول النواب هذه التقارير إلي أدوات رقابية وتشريعية تسد أي ثغرات موجودة, وتطور العمل الحكومي, وتضمن الشفافية التامة في الإنفاق الحكومي, ليذهب كل جنيه من الموازنة العامة إلي مكانه الصحيح, وبما يحقق تعاظم الاستفادة في تقديم الخدمات ورفع مستوي معيشة المواطنين.