رغم ترحيب القوي السياسية المدنية بالتعديلات المقترحة علي دستور2012 فإن ذلك لم يمنع تلك القوي من إبداء العديد من الملاحظات وإطلاق الكثير من المطالب لسرعة تدارك ما يعتبرونه فرصا مهمة لبناء مصر الحديثة علي أسس ديمقراطية سليمة. وشددوا علي ضرورة أن يتضمن الدستور الجديد نصوصا واضحة لتوسيع صلاحيات الحكومة والبرلمان, وتقليص سلطات رئيس الجمهورية, وتشجيع المشاركة السياسية للأقباط والمرأة والشباب وإجراء الانتخابات البرلمانية بنظام القائمة النسبية الكاملة لضمان تحجيم استخدام المال في العملية الانتخابية من خلال النظام الفردي. اللافت أن هناك ما يشبه الإجماع علي ضرورة إلغاء مجلس الشوري,والعزل السياسي, ومنع القوانين الاستثنائية, وإعادة النظر في نسبة العمال والفلاحين بالبرلمان. نبيل زكي المتحدث الرسمي باسم حزب التجمع يؤكد ضرورة إلغاء مجلس الشوري,موضحا أنه بالعودة إلي ظروف إنشائه نجد أنه تأسس لتعيين أعضاء الحزب الوطني الخاسرين في انتخابات مجلس الشعب تعويضا لهم عن تلك الخسارة. ويرحب بإلغاء مادة العزل السياسي لأعضاء الحزب الوطني المنحل, مشيرا إلي أنه لا يجوز الاعتماد علي قوانين استثنائية, لأنه سلاح ذو حدين قد يستخدم ضد أي فصيل سياسي. ويشدد علي أهمية إلغاء تخصيص نسبة50% من المقاعد للعمال والفلاحين, لافتا إلي أن المادةالخاصة بذلك لم تفرز مرشحين يدافعون عن العمال والفلاحين أو ينتمون إليهم, موضحا أن العبرة بالنهج السياسي, والدفاع عن مصالح وحقوق العمال والفلاحين وغيرهم من المهمشين والأقليات. ويري نبيل زكي أن الميزة الوحيدة للنظام الانتخابي الفردي الذي تضمنته التعديلات الدستورية هو اعتياد المصريين عليه عند التصويت, بالإضافة إلي ظروف الحياة الحزبية المصرية الوليدة. ويلفت إلي أنه يقابل تلك الميزةسلبيات عديدة يفرزها النظام الفردي, أبرزها عودة ظاهرة نواب الخدمات الذين يتم انتخابهم لمجرد تقديم خدمات إلي أهالي الدائرة, دون النظر إلي مواقف المرشح من سياسة الدولة, والحقوق الاقتصادية, ومصالح الفئات المهمشة, بالإضافة الي عدم إتاحة الفرصة أمام المسيحيين والمرأة والشباب لدخول البرلمان. ويؤيد زكي إلغاء النص الخاص بوجوب أخذ رأي هيئة كبار العلماء في المسائل ذات الصلة بالشريعةالإسلامية من المادة الرابعة,معللا ذلك بأن مصر ليست دولة دينية.ويجزم بأن إلغاء المادة219 الخاصة بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية من دستور2012 والعودة الي نص مادة دستور1971 ضرورة, مؤكدا أن هذا الإلغاء محل إجماع مختلف فئات المجتمع. ويطالب بأن تراعي التعديلات الدستورية خصوصية المجتمع المصري, وخاصة النمو السكاني, ويشدد علي ضرورة النص علي تجريم التعدي علي الأراضي الزراعية من التجريف, حتي يكون المتعدي علي الأراضي الزراعية مخالفا للدستور وليس مجرد نص قانوني. كما يطالببأن يتضمن الدستور منح البرلمان والحكومة صلاحيات حقيقية, حتي لا تتحول الحكومة إلي سكرتارية لرئيس الجمهورية, بالإضافة إلي تقليص صلاحيات الرئيس, خاصة سلطتي إقالة الحكومة وحل البرلمان, لأنها سلطات أفسدت الحياة السياسية في الستين عاما السابقة. ويقول: إن القوي السياسية تتطلع إلي دستور يقر مبدأ المواطنة, وحرية الرأي والتعبير, وحرية الصحافة والإعلام, و حرية تكوين الأحزاب, ويضمن حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين. ترسيخ العمل الحزبي ويري محمد سامي رئيس حزب الكرامة أن التعديلات الدستورية اقتربت من مطالب الحركة الوطنية دون تحقيقها كاملة ويحذر من أن إلغاء الانتخابات بنظام القائمة النسبية ونسبة ال50% للعمال والفلاحين سيقضي تماما علي فرص الشباب والأقباط و المرأة والعمال والفلاحين في تمثيل حقيقي بالبرلمان, مؤكدا أن العمل بالنظام الفردي في الانتخابات البرلمانية سيمنع الأحزاب من ترسيخ وجودها في الشارع. ويرحب باختزال البرلمان في مجلس تشريعي واحد, وإلغاء مجلس الشوري,لافتا إلي أن ذلك يتماشي مع ضعف موازنة الدولة, وتنامي الأعباء الاقتصادية علي الدولة. التمسك بنظام القائمة ويؤكد عبد الغفار شكر وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أن أغلب التعديلات المعلنة علي الوثيقة الدستورية تلقي ترحيبا من مختلف القوي السياسية, مشيرا إلي رفض الأحزاب المدنية العودة إلي نظام الانتخاب الفردي بدلا من القائمة النسبية. ويقول: إن المرحلة الحالية تتطلب التمسك بنظام القائمة, بما يسمح بتمثيل الأقباط والشباب والمرأة, وتعزيز الحياة الحزبية, معتبرا أن النظام الفردي سيسمح بفوز المرشحين أصحاب القدرات المالية فقط, الأمر الذي يهدر دور الحياة الحزبية الوليدة في مصر,مشيرا الي ضرورة تحجيم تأثير المال في العملية الانتخابية ويضيف أن إلغاء دور هيئة كبار العلماء بالأزهر في مراجعة القوانين ذات الصلة بالشريعة الإسلامية ضروري باعتباره حقا للمحكمة الدستورية العليا. ويتفق شكر مع المطالبين بإلغاء نسبة العمال والفلاحين, ويؤكد أن ذلك أصبح مطلبا مهما بعدما انتفي المبرر لبقاء تلك النسبة, مشيرا إلي أن كثيرين ممن وصلوا إلي قبة البرلمان من خلالها لم يعبروا عن العمال أو الفلاحين. تنمية الوقف الخيري وفي المقابل يري يسري حماد نائب رئيس حزب الوطن السلفي أن لجنة تعديل دستور2012 ألغت مواد دستورية مستفتي عليها شعبيا, وقال: رغم أن التعديلات ليست نهائية إلا أن لجنة العشرة ألغت كل المواد الدستورية المتعلقة بالهوية الإسلامية, وهي مواد استفتي عليها الشعب, وتمس أغلبية المصريين. ويطالب حماد الحكومة الانتقالية بالتمهل في تعديل الدستور, لعدم تعميق حالة الانقسام التي يشهدها الشارع المصري.