تتعد المنظمات الدولية احد أشخاص القانون الدولي العام, حيث تتمتع بالشخصية القانونية, وفقا لحكم محكمة العدل الدولية الصادر في عام9491 وباتت المنظمات الدولية والإقليمية مكونا أساسيا من مكونات العلاقات الدولية وسمة رئيسية من سمات التفاعلات الدولية بين الدول. وقد اعترف ميثاق الاممالمتحدة بدور المنظمات الإقليمية باعتبارها من اهم وسائل تحقيق وحفظ السلم والأمن الدوليين. ومتي انضمت الدولة لعضوية المنظمة الدولية أضحت تتمتع بكافة الحقوق التي تكفلها العضوية, وتتحمل في الوقت ذاته بكافة الالتزامات الواردة بميثاق المنظمة, وتعتبر منظمة الاتحاد الافريقي من اهم المنظمات الدولية علي الصعيد الدولي,حيث تتألف من35 دولة افريقية, وقد تأسس الاتحاد بموجب قرار منظمة الوحدة الافريقية الصادر برقم83 في يوليه1002 بالعاصمة الزامبية لوساكا. وبموجب القانون التأسيسي للاتحاد تم انشاء مجلس الأمن والسلم الافريقي, ويسترشد المجلسعند اتخاذه للقرارات بالمبادئ الواردة في القانون التأسيسي وميثاق الاممالمتحدة والإعلان العالمي لحقوق الانسان, ويأتي علي رأس اهم تلك الإعلاناتمايسمي بإعلان لومي الصادر عن الدورة رقم63 لاجتماع دول وحكومات منظمة الوحدة الافريقية في يوليو0002 والمعني بالأمن والاستقرار السياسي والتنمية في افريقيا. وقد أثار قرار مجلس السلم والأمن الافريقي في5 يوليو بتعليق عضوية مصر علي خلفية الاحداث عقب03 يونيه الاخيرة علامات استفهام حول مدي منطقية مبررات وتوقيت تلك الخطوة الخطيرة. ونلفت النظر إلي أن تعليق العضوية من الناحية القانونية يعني حرمان الدولة المعلق عضويتها من حضور جلسات الاجتماعات الخاصة بالاتحاد وأجهزته المختلفة, وبالتالي المنع من التصويت علي القرارات التي يصدرها الاتحاد, فضلا عن عدم إلقاء الكلمات مما يعني امكانية قيام الاتحاد بإصدار قرارات ضد الدولة التي علقت عضويتها, وبالتالي عدم تمكنها من عرض وجهة نظرها من القرارات الصادرة ضدها.وقد قام الاتحاد الافريقي بتعليق عضوية بعض دوله بموجب القانون التأسيسي له وتأسيسا علي اعلان لومي واتفاقية الحكم الرشيد لعام7002 ومن هذه الدولموريتانيا5002 وغينيا بعد انقلاب عام8002 ومدغشقر9002 ومالي2102, ومن الواضح قرار الاتحاد بتعليق عضوية مصر الصادر في5 من يوليو قد جاء متسرعا دون التبصر والتمعن في بحث حقيقة الأوضاع الداخلية في مصر عقب03 من يونيو, فضلا عن الاتحاد لم يراعي ان مصر من الدول المؤسسة لمنظمتي الوحدة الافريقية والاتحاد الافريقي, وأنها من كبري الدول التي تساهم في ميزانية الاتحاد, التي تقدر بحوالي ثلاثة عشر بالمائة من ميزانيته. ألا انه وبالرغم من كل ذلك فانه يجب عدم التهوين من الاثار القانونية والسياسية التي ستترتب علي قرار التعليق, من أهمها ما يتعلق بملف مياه النيل, وتحديدا العلاقة مع اثيوبيا بخصوص سد النهضة,وستحاول اثيوبيا الاستفادة من قرار الاتحاد الافريقي,وقد تمثل ذلك في عدم التزامها بنتائج المفاوضات التي أجرها وزير الخارجية المصري السابق في اخر زيارة له لأديس أبابا مع نظيره الإثيوبي حيث اعلن الأخير استمرار بلاده في اجراء مفاوضات مباشرة مع مصر, إلا ان الواقع علي الارض يناقض ذلك, فقد تواردت الانباء عن نية اثيوبيا اقامة سد مائي اخر علي النيل الازرق مما يشكل انتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي, والتي أكدت عليها أحكام القضاء والتحكيم الدوليين, كما خالفت اثيوبيا للالتزامات العامة الواردة في ميثاق الاممالمتحدة, وتحديدا بموجب المادة33 منه, والتي تلزم الدول بتسوية منازعاتها بالطرق السلمية, ومن ثم أضحي هناك التزاما علي الدولة المصرية, لطالما دعونا اليه منذ فترة,يتمثل في وجوب تقديم مصر لمذكرة احتجاج قانونية الي الأمين العام للأمم المتحدة بوصفه المؤتمن علي المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تبرمهاالدول الاعضاء في منظمة الاممالمتحدة, ويعد الاحتجاج وسيلة قانونية خولها القانون الدولي للدول للاعتراض علي بعض التصرفات الصادرة عن الدول, ولا يناقض مبادئ حسن الجوار وتسوية المنازعات بالطرق السلمية. ويشار في هذا الصدد الي اهمية تضمن ذلك الاحتجاج شرحا للموقف المصري من مياه النيل, والموقف من اتفاقية عنتيبي, كما تحوي الرد علي الدفوع الاثيوبية. وفي هذا المقام نشير الي ان اثيوبيا سلكت مسلك الاحتجاج القانوني الرسمي علي اتفاقيتي9291 و9591. ومن شان الاحتجاج المصري تدعيم موقفها القانوني في حالة اللجوء مستقبلا الي القضاء الدولي بخصوص مياه النيل وإزاء المستجدات الناشئة عن قرار الاتحاد الافريقي بتعليق عضوية مصر وما قد يحمله من تبعات قانونية وسياسية علي الدولة المصرية. ويبدو انه بات من المحتم اهمية التحرك الدولي علي كافة المسارات لشرح حقيقة الأوضاع والاجراءات التي تم اتخاذها عقب03 من يونيو. وختاما, نري أن علي الدولة المصرية في المرحلة الدقيقة التي تمر بها بذل قصار جهدها علي المسارين الداخلي والدولي, فأما علي صعيد المسار الداخلي, يجب عليها الإسراع في إرساء المؤسسات الدستورية والمسار الديمقراطي والمصالحة الوطنية بين كافة القوي السياسية دون اقصاء او استثناء, وأما علي صعيد المسار الدولي, يجب الاستمرار في شرح حقيقة الأوضاع عقب احداث03 من يونيه ليس فقط من خلال الآليات الرسمية والحكومية, ولكن أيضا من خلال الوسائل الأخري وعلي رأسها الاعلام فضلا عن الاستفادة من دور منظمات المجتمع المدني المصري الفعالة علي الصعيد الدولي, وايضا يمكن استغلال وتعظيم دور الدبلوماسية الشعبية وخاصة علي المستوي الافريقي. لمزيد من مقالات د.مساعد عبدالعاطى شتيوى