قلاش: مراجعة المؤتمرات السابقة ضرورة لإنجاح المؤتمر العام السادس للنقابة    أماني ضرغام: تكريمي اليوم اهديه لكل إمراة مصرية| فيديو    وزير الدفاع يلتقي قائد القيادة المركزية الأمريكية لبحث الأزمة الراهنة في غزة    البنك المركزي يربط ودائع بقيمة 655.6 مليار جنيه بفائدة تصل إلي 27.75%    مع ضعف الطلب.. استقرار أسعار النفط بسبب التوتر في الشرق الأوسط    تحقق العدالة والكفاءة.. ننشر مبادئ الوثيقة المُقترحة للسياسات الضريبية «2024 2030»    الشعب الجمهورى : ما تفعله إسرائيل من جرائم بشعة ضد قواعد القانون الدولي    موظفة استخبارات سابقة: ادعاءات أمريكا بخطط روسيا لمهاجمة الناتو كاذبة    وزير الخارجية: ضرورة تكثيف الجهود لتخطي أزمة الشغور الرئاسي اللبنان    وسام أبو علي يمنح الأهلي هدف التقدم في شباك الاتحاد    «عبدالمنعم» يتمسك بالإحتراف.. وإدارة الأهلي تنوي رفع قيمة عقده    بعد الإفراج عنه.. أول تعليق من زوجة عصام صاصا    إليسا تطرح ألبومها الجديد «أنا سكتين»    بعدالإعلان عن إصابته بالسرطان.. محمد عبده يطمئن جمهوره: «أنا بصحة جيدة»    خالد الجندى يشيد بمواقف الدولة المصرية فى دعم القضية الفلسطينية    كيف خلق الله الكون؟ رد قوي من محمود الهواري على المنكرين    نائب رئيس جامعة الأزهر السابق: تعليم وتعلم اللغات أمر شرعي    حكم التدخل في خصوصيات الناس.. «الإفتاء» توضح    وزير الصحة يشهد تدريب العاملين بالوزارة على توحيد مفاهيم الجودة    في اليوم العالمي للربو.. مخاطر المرض وسبل الوقاية والعلاج    من المطبخ الفرنسي.. طريقة عمل دجاج كوك في الفرن    السفير المصري ببوليڤيا يهنئ الأقباط بعيد القيامة    جامعة القاهرة تعلن انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض الطويلة    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة داخل ترعة في قنا    البورصات الخليجية تغلق على تراجع شبه جماعي مع تصاعد التوتر بالشرق الأوسط    وفد النادي الدولي للإعلام الرياضي يزور معهد الصحافة والعلوم الإخبارية في تونس    محافظ أسوان: تقديم الرعاية العلاجية ل 1140 مواطنا بنصر النوبة    كيف يمكنك ترشيد استهلاك المياه في المنزل؟.. 8 نصائح ضرورية احرص عليها    «مهرجان التذوق».. مسابقة للطهي بين شيفات «الحلو والحادق» في الإسكندرية    وضع حجر أساس شاطئ النادي البحري لهيئة النيابة الإدارية ببيانكي غرب الإسكندرية    انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لتحلية المياه بشرم الشيخ    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    وزير الدفاع البريطاني يطلع البرلمان على الهجوم السيبراني على قاعدة بيانات أفراد القوات المسلحة    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    الرئاسة الفلسطينية تحمل واشنطن تبعات الاجتياح الإسرائيلي لرفح    انطلاق فعاليات المؤتمر السادس للبحوث الطلابية والإبداع بجامعة قناة السويس    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    بعد الإنجاز الأخير.. سام مرسي يتحدث عن مستقبله مع منتخب مصر    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه.. وسبب لجوئه لطبيب نفسي    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    هجوم ناري من الزمالك ضد التحكيم بسبب مباراة سموحة    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديد الأخلاق: الحكاية.. حكاية شعب!
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 07 - 2013

أوضحت في مقالي الأسبق الفرق الجوهري بين المؤامرة ونظريتها, فالمؤامرة حقيقة موجودة, مادامت المصالح موجودة, بينما النظرية مرض اجتماعي يأخذ من مؤامرة هنا أو هناك ذريعة لتبرير الفشل في ردع المؤامرة بالمؤامرة, التي تتطلب الكثير والكثير من الفن واللعب والهندسة.
دور المؤامرة في حراسة الامتيازات والمصالح قد يكون أمرا مفروغا منه, بينما القدرة علي استخدامها أمر مشكوك به, فليس الأمر هينا, خاصة في العصر الحديث, الذي باتت فيه المؤامرة تحاك جهارا, ولم تعد السرية حصنا وحيدا أو كاملا, فالمؤامرة تستخدم أدوات علمية وثقافية متعددة, فتحتاج إلي هندسة الأدوات المتاحة لتحقيق الأهداف المحددة بإتقان, وتحتاج إلي فن لإقناع الأطراف الصديقة والمعادية, بمشروعية وأحقية وربما أخلاقية هذه الأهداف, وأيضا تحتاج إلي اللعب أحيانا, باستخدام المزاج النفسي العام للدفع في اتجاهات معينة, تحقق هذه الأهداف, فلا تمانع ضخ شعارات رنانة, وألفاظ جزلة, وحوادث تاريخية, وشخصيات كاريزمية دينية وفنية, وغير ذلك من أدوات اللعب علي المزاج النفسي للشعوب, وهي تتطلب دراسات في علم النفس الاجتماعي, والتاريخ, والمعتقدات, حتي تحقق هدفها, وليست لعبا علي غرار الاجتماع الشهير لنخبة الغبرة التي اجتمعت علي الهواء لحل مشكلة سد النهضة في منابع نهر النيل, الذي كان لعب في لعب, ولكن كلهو الأطفال عندما يتمكنوا من سدة الحكم, فأي لعب أسود هذا..؟!
رغم التسليم بوجود المؤامرات, فإن ذلك لا يصلح لتفسير الظواهر الاجتماعية الكبري, من ثورات أو تحولات تاريخية, فتلك الظواهر المهمة تنتج عن آلاف التغييرات الاجتماعية الصغري( الميكرسيولوجي), التي تدفع بالأحداث إلي تغير اجتماعي كبير في البناء الأساسي للمجتمع, فلا مؤامرة محكمة, ولا شخصية كاريزمية عظيمة, قادرة علي إحداث تغيير اجتماعي أساسي, دون آلاف التغييرات الحقيقية, التي تفاعلت في النسق الاجتماعي كله, فالحكاية ليست حكاية مؤامرة أو شخصية, ولكنها حكاية شعب, أراد التغيير, فتصبح الشخصية أو الحدث عنوان لهذه الإرادة ليس إلا, فما الحكاية حكاية شعب أولا وأخيرا.
العقل الأيديولوجي المقفل علي مبادئ وأفكار مصمتة, لا تقبل الانفتاح, والأخذ والرد, ولا تصمد أمام الحوار, ويرتاح لتفسير الظواهر الاجتماعية, مهما كبرت, إلي مؤامرات علي الأيديولوجية المثلي, التي تحتل عقولهم, فلا توجد لديهم لا قدرة ولا رغبة لرؤية الوجه الآخر للعملة.
من أشهر المؤامرات المختلفة في العصر الحديث, إرجاع انهيار الخلافة الإسلامية في الدولة العثمانية بتركيا, إلي مؤامرة صهيونية يهودية, بقيادة زعيم الثورة الثقافية بتركيا كمال أتاتورك, الذي نسبوه إلي يهود الدونمة الغامضين.
يعود يهود الدونمه إلي ساباتاي زفي اليهودي, الذي ادعي النبوة في القرن ال71 بتركيا, وهو أول يهودي بشر بعودة اليهود إلي أرض فلسطين, وتبنت الحركة الصهيونية ذلك فيما بعد, فادعي زفي أنه المسيح, فكون حركة دينية اجتماعية ما هي إلا تعبير اجتماعي عن أزمة اليهود المضطهدين في العالم, وانتهت بالحركة الصهيونية, وزفي شخصية تتمتع بالذكاء وحب القراءة, وأصبح حاخاما متميزا, يجيد حلو الكلام, والاستشهاد بالتوراة والتلمود, مثله مثل شيوخ الناتو ممن ابتلينا بهم الآن, فاستطاع أن يسيطر علي العقول المضطهدة التي تسعي للهروب من الزمان والمكان, إلي مجتمع مثالي متخيل علي أرض فلسطين.
ضاق الحاخامات التقليديون من إدعاءات زفي, بأنه المسيح المنتظر, والتفاف الحاخامات من مذهب( القبالة) في التصوف اليهودي حوله, فشكوه إلي السلطان العثماني الذي شكل لجنة لمحاكمته بعد انتشار الفتن بسببه, فخيره السلطان( محمد الرابع) إما أن يثبت دعواه أو يقتل, فأنكر إدعاءه لأنه المسيح, وأعلن رغبته في دخول الإسلام, فأنقذ نفسه من الموت, وأقنع مريديه أنه صعد للسماء بأمر( ياهوه), وأصبح مسيحا, لكن تحت جبة وعمامة. كالنبي( موسي) الذي اضطر أن يعيش في قصور الفراعنة.
عاش يهود الدونمة( المنافق) منغلقين علي أنفسهم, ثم اندمجوا وتفرقوا في المجتمع التركي, ولكن بقيت قصتهم الطريفة اتهاما جاهزا, لكل الإصلاحيين التحديثيين بتركيا, بأن أهدافهم مشكوك في صدقها, وأنهم يقودون مؤامرة, واتهم بها أتاتورك, الملقب ب أبو الأتراك للانتصارات العسكرية وتاريخه المشرف في الدفاع عن الخلافة العثمانية, ثم قيادته للبلاد في ظروف حرجة دقيقة, بعد حروب راح ضحيتها أكثر من مليون تركي بسبب الخلافة, وعبر أتاتورك عن تيار اجتماعي لاستبدال المرجعية القومية بالدينية, ورغبة شعبية للخروج من مأزق التخلف والهزائم, فكان عنوانا للخلاص الشعبي, وليس متآمرا علي الخلافة, بينما كان التآمر الحقيقي قد جاء من الشعوب الإسلامية التابعة لها, فقاتلت ضدها في الحرب العالمية الأولي.
تفسير تحول تاريخي بهذا الحجم من الصعب تبريره بمؤامرة لفرد يهودي متنكر, ولكنه ليس صعبا علي العقول الأيديولوجية الجامدة, التي تتهم أتاتورك الذي خانه العرب, بينما تتغافل وترتمي في أحضان أردوغان, الذي يعطينا شعارات, وكلام, ومواعظ لم يطبقها عنده, وميدان تقسيم خير شاهد, ويدعي دفاعه عن الإسلام, ويقدم دماء المسلمين قرابين للدول الكبري حتي ترضي عنه.
نحمد الله أن بمصر رجال استطاعوا تفسير الحكاية للشعب, فتخطوا فخاخ المؤامرات, ولم يقعوا ضحية نظرية المؤامرة, أو يستسلموا لها, فأخمدوا فتنة52 يناير بأدواتها الأثارية, وأشعلوا ثورة شعبية بكل معاني الكلمة في03 يونيو.
لمزيد من مقالات وفاء محمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.