حمل خطاب الرئيس محمد مرسى، الذى ألقاه أمام حشد من أنصار التيار الإسلامى في الصالة المغطاة باستاد القاهرة، عددا من الرسائل المهمة للداخل المصرى، بعيدا عن السبب المعلن لهذا التجمع باعتباره مؤتمر الأمة المصرية لنصرة الثورة السورية. فأجواء الصالة المغطاة وهتافات المحتشدين بها قبل وأثناء وصول الرئيس مرسى، التى عرضتها القنوات الفضائية نقلا عن تليفزيون الدولة، تؤكد أن اللقاء الحاشد للرئيس بأنصاره موجه بالأساس لدعوات التظاهر في 30 يونيو الجارى للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فالمجتمعون في الصالة المغطاة شددوا فى هتافهم على أن مرسى سيستمر فى الرئاسة لسبع سنوات أخرى، أى أنه سيكمل مدته الحالية، ويحكم مصر مدة ثانية، وتباروا فى الدعاء على منظمى هذه المظاهرات وأن "يرد الله كيدهم فى نحورهم". وبعد حديث طويل عن سوريا لم يكن معظمه جديدا -باستثناء قطع العلاقات رسميا، وأن مصر قيادة وشعبا وجيشا سيقفون بجوار الشعب السورى- كانت رسالة الرئيس الأولى، التى عقد فيها مقارنة بين ما يجرى في سوريا وما حدث فى الثورة المصرية، حينما قال: "إذا كانت قلوبا تقطر ألما من أجل الشعب السوري فنحمد الله أن ثورتنا المصرية ثورة سلمية"، وتبعها بحديث عن رغبة "بعض الواهمين" الانقضاض على ثورة 25 يناير، وهدم إرادة الشعب المصرى، واتهم مرة أخرى ما وصفهم ب"فلول النظام البائد" بدفع البلاد للفوضى وعدم الاستقرار، وهو اتهام طالما ساقه الرئيس فى خطاباته، ولم يعد جديدا. الرئيس تجاهل أن جميع الدعوات التى خرجت لمظاهرات 30يونيو تؤكد حرصها الشديد على السلمية، وأعلن -دون تحديد الأطراف- أن "هناك من يخطط لاستخدام العنف من فهم خاطيء للحرية"، مشددا على أنه لا مجال أبدا لأى عنف من أى مصدر كان وأنه لن يسمح لأى طرف باستخدام العنف. المدهش أنه بعد هذه الجملة تعالت أصوات المحتشدين فى الصالة المغطاة بهتافهم الدائم: "الشعب يريد تطهير الإعلام.. الشعب يريد تطهير الإعلام"! . خطاب الرئيس فى الصالة المغطاة سبقه أكثر من خبر تناقلته وكالات الأنباء يؤكد أن محاولات الحسم فى سوريا تأخذ شكلا مختلفا، الخبر الأول كان من الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث أعلن البيت الأبيض موافقة أوباما على تسليح المعارضة السورية، ودراسة فرض حظر جوى على بعض مناطقها، وهو ما طالب به الرئيس مرسى في خطابه، وكان الخبر الثانى هو قطع العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبدالعزيز إجازته فى المغرب وعودته إلى بلاده، وهو ما أرجعته وكالة الأنباء السعودية الرسمية بالقول "نظرا لتداعيات الأحداث بالمنطقة"، بالإضافة إلى تصاعد وتيرة الحملة التى يقودها علماء دين من أمثال الشيخ يوسف القرضاوى، والداعية السعودى محمد العريفى للدعوة إلى إسقاط نظام الأسد والجهاد في سوريا. ومن هنا جاء خطاب الرئيس في سياق ملتبس من حيث كونه ضمن خطوات تمهيدية لشئ ما قد يحدث فى سوريا خلال الأيام القليلة المقبلة.. وبعيدا عن تقييم أهمية رسائل الرئيس في الصالة المغطاة، فإنه يمكن القول إن هذه الرسائل تم توجيهها من المكان الخطأ، وفى التوقيت غير المناسب، فالمحتشدون فى الصالة المغطاة لم يكونوا ممثلين للشعب المصرى بفئاته المختلفة لتوجيه رسائل للشعب من خلالهم، فلم يكن فيهم معارض واحد للرئيس، كما أن معظم الداعين لمظاهرات 30 يونيو ليسوا من فلول النظام السابق، ولم يعلن أى منهم نيته استخدام العنف. لمزيد من مقالات سامى القمحاوى