تراهم في كل مكان...يلاحقونك بأساليب تختلف بحسب المنطقة ونوعية السكان... يجددون في أفكارهم ويبتكرون طرقا جديدة, من الصعب حصرها, كل يوم استدرارا لعطف المارة و تجاوبهم.. أطفال.. سيدات ورجال بل أسر كاملة ينزلون إلي الشارع والمهنة: متسول. بعضهم قد يستحق الحسنة والصدقة في ظل الظروف المعيشية المتردية والبعض الآخر ربما يستحق السجن بتهمة النصب اليومي علي المواطنين. رحمة5.. سنوات.. تبيع المناديل وتستجدي المارة وتركض خلفهم بإلحاح لمساعدتها.. لتعود هي وأخواتها آخر اليوم إلي الأم بحصيلة جيدة.. وإلا فلن يكون نصيبها إلا علقة ساخنة لأنها قصرت ذ من وجهة نظر الأم ذ و ما عملتش شغلها. إذا كانت رحمة تقف في الزمالك, أحد الأحياء الراقية فهناك أسر أخري تنتقل بأبنائها إلي مواقع الأحداث والاشتباكات.. في ميادين مصر المختلفة وفي مناطق قصر النيل وغيرها للتسول بهم وبيع السلع الهامشية حتي لو أدي ذلك لإصابة أحد الأبناء.. والرد غالبا ما يكون: ز نعمل أيه.. أكل عيشنا..س وكأن التسول أصبح وسيلة الرزق المتاحة التي يفضلها أو يستسهلها الكثيرون حتي ولو بالتعرض للأخطار.. البعض يعتمد علي عاهة يتاجر بها أو يصطنعها أوعلي طفل مخطوف أو مؤجر في حين يشحذ البعض الآخروهو في أحسن هيئة مرتديا ثوب ز عزيز قوم ذلس..أومن يمسك بروشتة طبيب مؤكدا أنه بحاجة لشراء العلاج.. وهناك أيضا التسول ديليفري.. لزوم الشغل وتقليب الرزقس تتعدد الطرق والوسائل لترتبط هذه الأيام بالمظهر الديني في ظل حالة عامة من الاستقطاب. تروي سهير, احدي سكان منطقة مصر الجديدة: ز أوقفتني سيدة في أحد الميادين.. ترتدي النقاب وتطلب حسنة.. وحين قلت لها ربنا يسهلك.. كشفت عن معصمها.. مرسوم عليه صليبس.. محاولة لإستغلال العاطفة الدينية لدي السيدة غير المحجبة, بالتالي من الصعب التعرف علي هويتها الدينية. أسلوب جديد بدأ يستخدمه الكثير من المتسولين كما تقول هناء مكاوي ز نسمع أدعية ياأم النور يا أم النور من نفس المتسولة التي تردد بعد قليل.. اللهم صل علي رسول الله.س زيادة في استخدام المظهر الديني مرتبطة بالوضع العام كما يقول د. أحمد يحيي, أستاذ الإجتماع السياسي بجامعة السويس مشيرا الي وقد وقع بين يديه شخصيا رجلان يتسولان وهما يرتديان النقاب في إحدي الجامعات بالصعيد. زوقمت بالإبلاغ عنهما ويري د. يحيي أن التسول من أخطر الأمراض الاجتماعية التي تنتشر في ظل حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وقد يقوم علي الإستجداء وبيع البضاعة الهامشية أو باستخدام أسلوب البلطجة بأن يستسهل البعض كسب الرزق عن طريق فرض الإتاوات علي الآخرين.. وهو ما نشاهده هذه الايام في صور متعددة. ويوضح أنه في دراسة حالة قام بها, لاحظ أن النساء هن الأكثر قدرة علي الإستجداء وأن الرجال أكثر قدرة علي بيع البضائع الهامشية.. اما استخدام أسلوب البلطجة فيقوم به الشباب. ويروي بعض القصص التي صادفته أثناء قيامه بالدراسة: زإحدي بائعات المناديل تحصد240 جنيه يوميا وفي إحدي المرات اشتكت لي أنها لم تحقق إلا80 جنيها فقط ز.. س وقابلت صبيا لا يتعدي الاحد عشر عاما يستخدم مبخرة كأداة للتسول يحقق مكسبا يوميا من40 إلي50 جنيهاس.. ز ويؤكد أن التسول ظاهرة موجودة في دول العالم المتقدمة والفقيرة.. لكن أسلوبه يختلف..ففي كثير من الدول نراهم يعزفون الجيتارأو ينشدون الأغاني للمارة. لكن في مصر يكون التسول بشكل مباشر أو بأسلوب غير مباشر عن طريق الرشاوي أو الإكراميات وأبرز مثال لذلك هم عمال النظافة. نقابلهم بشكل يومي علي الكباري.. وكأنهم ينظفون المكان بجوار سيارتك مرددين عبارات الترحيب والاستجداء. ويكشف د.يحيي: ز اعترف لي أحدهم أنه يؤجر زيه ومكنسته ب70 جنيها في اليوم لبعض جيرانه.س وتؤكد الدراسات التي قام بها المركز القومي للبحوث أن التسول أصبح مهنة يحترفها البعض لسهولة الحصول علي أموال دون بذل جهد يذكر..وأظهرت أيضا أنه ليس كل متسول يقع في دائرة الضائقة المالية لكنهم يطلقون عليها زالشغلس. ولكن أخطر ما في أشكال التسول هو اعتماده كأسلوب حياة ليصل إلي المشهد الرسمي. ويقول أحمد يحيي: أن تستخدمه السلطه نفسها للحصول علي قروض من هنا وهناك لدعم الحالة الإقتصادية المتردية..وذلك بدلا من التفكير في طرق لتنمية الموارد واستغلالها. أسلوب حياة تشير الشواهد العينية إلي زيادة أعداد من ينتهجونه في الشارع المصري سواء بسبب الحاجة الشديدة أو الاستسهال..بل وصل الأمر إلي قيام بعض الأسر التي كانت مستورة للجوء للتسول وهو مؤشر علي معاناة الإنسان المصري في حياته الإقتصادية والاجتماعية.. ويحذر أحمد يحيي من ان استمراره علي هذا النحو سوف يؤدي إلي ثورة جياع. وهنا يأتي دور الدولة لحماية هؤلاء و توفير الحد الأدني من الحياة وفرص العمل المناسبة لهم ومعاقبة النصابين من بينهم.