وزير التعليم: نستهدف التخفيف عن كاهل أولياء الأمور وتحقيق أكبر قدر من التحصيل الدراسي للطلاب    منها تعديل الزي.. إجراءات وزارة الصحة لتحسين الصورة الذهنية عن التمريض    «مدبولي»: مصر تعمل على تطوير البنية التحتية التكنولوجية وفتح أسواق للشركات الناشئة    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتفقد مشروعات العلمين الجديدة    مصر تشهد ارتفاعا ملحوظا فى أعداد السيارات الكهربائية    محاكمة إسرائيل.. العالم ينتظر قرار «العدل الدولية»    أستاذ قانون دولي: قرارات «محكمة العدل» ستكون ملزمة للجميع.. ولا يجوز الطعن عليها    لافروف يكشف تفاصيل المفاوضات بين بوتين وشي جين بينج    فتح: رسائل الرئيس السيسى في قمة المنامة لم تكن كلامية ولكن فعل حقيقي (فيديو)    VAR دقة أكثر مقابل روح اللعبة!    الأهلي يصل ملعب رادس لمواجهة الترجي    مصير تاليسكا من المشاركة ضد الهلال في نهائي كأس الملك    10 محافظات تسجل ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة.. تصل ل45 مئوية.. عاجل    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث مروري بالفيوم    السكك الحديد تعلن تشغيل قطارات إضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    كورال ذوي الهمم يٌبدعون في اليوم العالمي للمتاحف بالإسكندرية    فصائل فلسطينية تعلن استدراج قوة للاحتلال.. وقتل 5 جنود وإصابة آخرين    أعراض الذبحة الصدرية عند الرجال والنساء، وما هي طرق علاجها؟    عزة مصطفى: عادل إمام شخصية وطنية.. وكل الشرائح العمرية تحب أعماله    الوالدان يستحقان معاملة خاصة.. الأزهر يناقش حقوق كبار السن بملتقى المرأة الأسبوعي    19 صورة لاكتشاف نهر بجوار الهرم الأكبر.. كيف بنى المصريون القدماء حضارتهم    «الصحة» توجه نصائح هامة لمرضى الجيوب الأنفية للحماية من التقلبات الجوية    حصاد تريزيجيه مع طرابزون قبل مواجهة إسطنبول باشاك شهير فى الدوري التركي    المعارضة الإسرائيلية: على جانتس الاستقالة اليوم    مذكرة قواعد اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي 2024.. لا يخرج عنها الامتحان    بالخطوات.. طريقة الحصول على نتيجة الشهادة الابتدائية 2024    وزير التعليم: لدينا 46 ألفًا و994 طفلًا من ذوي الهمم.. و159 ألفًا و825 بمدارس الدمج    أخبار مصر.. غدا طقس شديد الحرارة ورياح والعظمى بالقاهرة 38 درجة    خالد المولهي: جميع الفرق الإفريقية تخشى الأهلي داخل أو خارج أرضه (خاص)    برج الثور.. حظك اليوم السبت 18 مايو: عبر عن أفكارك    تاني تاني.. تغيير جلد ل غادة عبد الرازق وأحمد آدم    كوكا يقود تشكيل ألانيا أمام سامسون سبور في الدوري التركي    رسميًا.. إشبيلية يعلن رحيل مدربه بنهاية الموسم    «معلومات الوزراء» يعلن أجندة وبرنامج عمل مؤتمره العلمي السنوي بالتعاون مع جامعة القاهرة    العلاج على نفقة الدولة.. صحة دمياط تقدم الدعم الطبي ل 1797 مواطن    معلومات عن متحور كورونا الجديد FLiRT .. انتشر أواخر الربيع فما أعراضه؟    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. علي جمعة يوضح    هل مواقيت الحج والعمرة ثابتة بالنص أم بالاجتهاد؟ فتوى البحوث الإسلامية تجيب    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    السفيرة سها جندي تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    رئيس جامعة بنها يتفقد الامتحانات بكليتي الحقوق والعلاج الطبيعي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الداعية
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 04 - 2013

لا يكتمل الحديث عن الجماعة- أي جماعة الاخوان المسلمين التي تناولتها في المقال السابق دون الحديث عن الداعية,
أي مؤسسها حسن البنا, ليس فقط لأنه مؤسس لجماعة سياسية فاقت الاحزاب جميعها تقريبا من حيث عمرها الزمني (أكثر من ثمانين عاما) وامتدت من النطاق المحلي الي الاقليمي والدولي لتصبح جماعة عابرة للحدود الوطنية ولكن أيضا لأن حسن البنا كان ومازال مؤثرا في فكر الجماعة و منهجها وأساليب عملها حتي الآن. فكما يقول يجب ان يكون الايمان بالفكرة و صاحبها معا.
اذن (الدعوة والداعية) كل منهما يكمل الآخر ومازال الاخوان يفضلون استخدام مصطلح الدعوة عن الجماعة حتي تظل لصيقة بالداعي اليها.
ولا شك أن هذه الصفة تعلو صفة رئيس الحزب السياسي الذي يكون عرضة للنقد والمساءلة وغيرهما من الأمور المعتادة في التنظيمات السياسية الحديثة والاحزاب ذاتها تعرف الكثير من المراجعات الفكرية والتنظيمية التي تصبغ عليها صفة التغيير وليس الثبات, وهذا علي عكس حال الجماعة ومؤسسها أو مرشدها العام وهو اللقب الذي اختاره البنا لنفسه ليكتسب به صفة روحية وسياسية معا متجاوزا بذلك مفهوم القيادة التقليدية.
ومعروف ان للجماعة مرشدا عاما واحدا, أما من يقوم علي ادارة شئون أفرعها المنتشرة علي مستوي العالم فيتخذ لقب مراقب عام حتي تظل الافرع مرتبطة بالأصل. ولذلك فقد انشغل البنا نفسه بكل صغيرة وكبيرة فيما يخص ادارة شئون الجماعة ورسخ مبدأ الطاعة والولاء, وحرص أشد الحرص علي سرية التنظيم الخاص (الجناح العسكري للجماعة في الأربعينيات) ولم يسمح بأي محاولات للخروج عليه أو الانشقاق عن الجماعة, التي كان يلجأ فيها اما للإقصاء أو الاحتواء, ثم اصبحت هذه التقاليد متعارفا عليها بل جزءا لا يتجزأ من منهاج الجماعة. وبحكم شخصيته المحورية فقد انقسمت الآراء حوله بشدة بين مريديه وانصاره, الذين رفعوه الي مرتبة عالية و مثالية لا نقد فيها ولا مراجعة مثلما يشير د. ثروت الخرباوي (القيادي المنشق عن الجماعة) في مقال له نشر منذ ايام بجريدة المصري اليوم معلقا علي مقال آخر نشر حديثا للشيخ الخطيب مفتي الاخوان عنونه ب حسن البنا رضي الله عنه, وبين خصومه الذين هاجموه بشدة ونعتوه بأقسي الصفات.
رغم ذلك لم يكن البنا من أصحاب الاجتهادات الفكرية والتنظيرية الكبري, فلم يلقب بالمفكر أو الفقيه, لقد نشأ في أسرة بسيطة بقرية صغيرة ونال قسطا متواضعا من التعليم ولم يتمكن من دخول الازهر, وانما تخرج في مدرسة دار العلوم وعين مدرسا بإحدي المدارس الابتدائية بمدينة الاسماعيلية, حيث انشأ الجماعة (1928), أي كان بخلاف كثير من معاصريه من المثقفين الذين قدموا انتاجا ضخما عن الاسلام وقراءة مجددة للتراث مثل العقاد وطه حسين ومحمد حسين هيكل وأحمد أمين وغيرهم, الا أن أثر تلك الاجتهادات ظل مقصورا علي النخبة بعكس دعوة البنا التي كان لها التأثير الأوسع الذي قد يفسره البعض بسهولة خطابه الديني الذي يجذب البسطاء من الناس مثلما يسهل ترويجه في جميع المراحل, مادام المجتمع بقي علي حاله من التقليدية وضعف التعليم, اضافة الي قوة التنظيم الذي أنشأه.
ولأنه يصعب فهم اي دعوة بمعزل عن سياقها التاريخي والسياسي والاجتماعي ودور صاحبها في هذا السياق, فتجدر الاشارة الي ان مركزية دور البنا لا تقتصر فقط علي تأسيسه لجماعة الاخوان المسلمين و انما علي كونه مؤسسا للحركة الاسلامية عموما قديمها و حديثها. فقبل حسن البنا لم يكن ثمة ما يسمي بالحركة الاسلامية بل كانت هناك مدرسة فكرية اصلاحية تشكلت نواتها كما يؤرخ لها الجبرتي- مع مجيء الحملة الفرنسية علي مصر, التي شكلت الصدمة الحضارية الاولي وكشفت عن واقع تأخر العالم الاسلامي وأثارت الاسئلة الكبري حول التقدم والحرية والتحديث ومقاومة الاستبداد (وهي نفس الاسئلة المثارة الي الآن) ومن أهم رموزها- كما هو معروف- رفاعة الطهطاوي مرورا بالافغاني ومحمد عبده (صاحب المشروع التطويري للأزهر وقبله الشيخ حسن العطار) وانتهاء برشيد رضا. الا أن هذه المدرسة الفكرية لم تسر علي وتيرة واحدة, فقد بدأت تحديثية مع الطهطاوي وانتهت سلفية مع رضا واقتربت احيانا من العمل التنظيمي مع الأفغاني. ولكن حسن البنا هو الذي احدث النقلة النوعية وأسس للعمل الحركي الذي فصل ما بين الفكر و التجديد من ناحية, والعمل السياسي المباشر من ناحية اخري, مع الأخذ في الاعتبار اقترابه فكريا برشيد رضا تحديدا, الذي ينسب اليه نشر المنهج السلفي من خلال مجلته الشهيرة المنار وتأثره بفتاوي ابن تيمية المتشددة (التي تتبناها الكثير من الجماعات الاسلامية المعاصرة) علاوة علي دعوته لاستعادة الخلافة وهو ما ترجمه البنا عمليا بتأسيسه للجماعة ردا علي إلغاء الخلافة العثمانية في تركيا (1924).
وبذلك تقلصت مساحة التجديد الفكري واختزلت الأفكار الاصلاحية لتصبح عند البنا هي مجرد العودة الي تعاليم الاسلام وأحكامه, حيث رأي سبب تأخر المسلمين في ابتعادهم عن دينهم وفي التغريب الثقافي وفي فقدان الخلافة. لذا لم تكن مصادفة أن يبدأ البنا نشاطه العملي مبكرا من خلال تأسيس ورئاسة جمعيات تدعو لما أسماه بمكارم الأخلاق والنهي عن المنكرات مثل جمعية الأخلاق الحميدة ومنع المحرمات (وهي منشأ جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). واذا كان هدف الدعوة هو رد الناس الي صحيح الدين واستعادة الدولة الاسلامية, فإن الحديث عن التعددية السياسية والحزبية وسيادة القانون والحريات العامة والخاصة والمواطنة وغيرها من مفردات مشابهة يصبح خارج السياق.
بالطبع هذه ليست مجرد ملامح تاريخية أو سيرة ذاتية للداعية الأكثر تأثيرا في الحقبة المعاصرة ولكنها قراءة فيما يجري الآن. فأفكار البنا حاضرة بقوة وليس هناك اجتهاد بعد دعوته, وانما فقط وضعها موضع التطبيق, وهو ما حدث واستمر حتي وصول الجماعة الي الحكم. ولكن سيكون هذا هو الاختبار الأصعب لانه المتغير الوحيد الجديد الذي طرأ علي الجماعة.
لمزيد من مقالات د . هالة مصطفى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.