توقع الاقتصادي العالمي الدكتور أحمد جلال كبير الاقتصاديين بالبنك الدولي السابق, ومدير منتدي البحوث الاقتصادية, استجابة صندوق النقد الدولي للطلب الذي اعلنت الحكومة المصرية عنه بالحصول علي القرض(3.2 مليار دولار), الذي كان الصندوق اعلن في وقت سابق عقب ثورة 25 يناير عن استعداده لتقديمه لمصر,بهدف دعم الاقتصاد المصري في مواجهة تحديات المرحلة الانتقالية. وقال جلال- في حوار مع الاهرام عقب عودته من مشاركه في مؤتمر اقتصادي ضخم اختتم اعماله امس الاول في بيروت, و شارك فيه ممثلي صندوق النقد والبنك الدوليين, قال انه برغم تفاقم التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر حاليا الا ان ركائز الاقتصاد القومي لاتزال مطمئنة, ولم يقلل ذلك من تفاؤله وكثير من الاقتصاديين يشاركنه تفاؤله بقدرة الاقتصاد القومي علي تجاوز هذه الازمة بسرعة, وتحقيق طفرة تنموية بشرط التحول الديمقراطي الامن والسريع. واعتبر ان تجاوز سعر صرف الدولار ال6 جنيهات امر طبيعي, ولايجب ان يثير القلق لانه يعكس كفاءة السياسة النقدية في ادارة احتياطي النقد الاجنبي في ظل تراجع موارد النقد الاجنبي, الي جانب الخسائر التي تكبدتها البورصة خلال الايام الماضية, مؤكدا انه دعا منذ فترة بضرورة مرونة سعر الصرف لانه من الطبيعي ان يتحرك سعر الصرف في ظل هذه الظروف بشكل تدريجي للحفاظ علي الاحتياطي الاجنبي, وحتي لايحدث ذلك فجأة, مشيرا الي هذا الامر يسهم في تخفيف الضغط علي العملة المصرية من خلال ترشيد الاستيراد بسبب تراجع الطلب علي هذه السلع المستوردة لارتفاع اسعارها بعد تحريك سعر الصرف. وقال خبير الاقتصاد العالمي انه لا مبرر للقلق من وصول حجم احتياطي النقد الاجنبي الي هذا المستوي خاصة انه لايزال يغطي الاستيراد ل5 اشهر, وهو الحد الاقصي الذي تحتفظ به معظم الدول النامية, حيث تحتفظ باحتياطي يغطي الاستيراد مابين3 الي5 اشهر فقط, والي نص الحوار: أعلنت الحكومة علي لسان نائب رئيس الوزراء ووزير المالية منذ ايام قليلة عزمها التقدم بطلب للحصول علي قرض من صندوق النقد الدولي الذي كان قد اعلن منذ اشهراستعداده لتقديمه الي مصر, ولكن جاءت تصريحات للوزير بعدها بساعات بان الاحداث الحالية ستعوق الحصول علي هذا القرض.. كيف تري هذا الامر؟ في اعتقادي ان الصندوق سيوافق علي تقديم قرض بقيمة3.2 مليار دولار الي مصر مادام انها تقدمت للحصول عليه, لان الصندوق كان قد بادر بالاعلان عن استعداده لتقديمه بالفعل لمساندة الاقتصاد المصري علي تجاوز تحديات المرحلة الانتقالية بعد الثورة, وبتسهيلات وسعر فائدة لايتجاوز1.5%, وهذا دور الصندوق الدولي لمساعدة الدول الاعضاء خلال الازمات, الي جانب دوافع مجلس ادارة الصندوق بمساندة دول الربيع العربي وفي مقدمتها مصر, كما ان المفاوضات ستستغرق بعض الوقت, ولذلك استبعد ان يكون الصندوق رفض طلب الحكومة المصرية. هل تعتقد ان شروط القرض خاصة سعر الفائدة قد يتغير بعد تخفيض مؤسسات التصنيف الدولية للاقتصاد المصري ؟ استبعد ذلك لان المؤسسات المالية الدولية دورها مختلف عن المؤسسات المالية الاخري, حيث تسعي الي مساندة الدول الاعضاء في مواجهة الازمات الاقتصادية, وفقا للمعلومات التي اتيحت من جانب الحكومة او من بعض خبراء الصندوق. ارتفاع سعر صرف الدولار امام الجنيه وكسر حاجز ال6 جنيهات لاول مرة منذ8 سنوات الا يثير القلق؟ تحرك سعر الصرف وارتفاع الدولار امام الجنيه في هذه الحدود لايجب ان يقلق, بل انني كنت اطالب علي مدي الاشهر الماضية بضرورة تحريك سعر الصرف تدريجيا لحماية الاحتياطي الاجنبي من التآكل, واعتقد ان هذا الامر يعكس كفاءة ادارة السياسة النقدية للحفاظ علي الاحتياطي الاجنبي خاصة في ظل تراجع الايرادات من موارد النقد الاجنبي, الي جانب الخسائر التي تكبدتها البورصة, كما ان هذا التحرك التدريجي في سعر الصرف امر جيد لانه يتفادي الارتفاع المفاجئ, حيث يسهم في توجيه الطلب وترشيد الاستيراد بسبب تراجع الطلب علي السلع المستوردة لارتفاع اسعارها, وبالتالي يقلل من الضغط علي الطلب علي العملات الاجنبية بالسوق المحلية ويقلل بالتالي من الضغط علي ميزان المدفوعات. تراجع الاحتياطي من النقد الاجنبي الي هذا الحد.. ألا يمثل ضغطا علي سعر الصرف, ويعيد الي الاذهان التخوف من عودة الدولرة؟ لا اعتقد ان حجم الاحتياطي الحالي مقلق لانه يغطي الاستيراد لنحو5 اشهر تقريبا, وهو ما يمثل الحد الاقصي لاحتياطي النقد الاجنبي للكثير من الدول النامية التي تحتفظ باحتياطي يكفي الاستيراد ما بين3 الي5 اشهر فقط, الاحتياطي الاجنبي الذي كان لدينا قبل الثورة كان مبالغا فيه ولكن استفدنا منه بالتاكيد خلال الاشهر الماضية, وبالنسبة للدولرة فاعتقد ان البنك المركزي سبق تحرك سعر الصرف بخطوة مهمة بتشجيع البنوك العامة علي رفع سعر الفائدة علي بعض ادوات الادخار بالعملة المحلية. كيف تري الاوضاع الاقتصادية في مصر حاليا؟ ثمة إجماع علي ان حل المشاكل التي توجه الاقتصاد في يد السياسين وليس الاقتصاديين, فكلما كان هناك وضوح في الرؤية للمرحلة الانتقالية, وخريطة طريق محددة كلما أسهم هذا الامر في تعزيز توقعات الناس او بمعني اخر الاطراف المتعاملة بالسوق في الاقتصاد, من منتج الي تاجر الي مستهلك, وهذا هو الامر الاساسي لان توقعات الناس تتحكم في تصرفاتهم وقراراتهم. هل هناك قلق لدي المراقبين الاقتصاديين بشأن الاوضاع الاقتصادية بمصر؟ دعني اقول بكل صراحة لا احد يشعر بقلق علي المستوي الاقتصادي, لان الاقتصاد المصري يمتلك القدرة علي تجاوز هذه المرحلة, ولكن القلق الحقيقي مصدره الشق السياسي وانعكاساته علي الاداء الاقتصادي, لان الجميع يترقب ما الذي سيحدث في مصر بعد الثورة هل سيتم تحول ديمقراطي سليم, وماهي الفترة التي يستغرقها ذلك, واكرر من جديد ان مصر الان لديها فرصة حقيقية لبناء نظام ديمقراطي سيوفر المناخ الملائم لتحقيق قفزة اقتصادية ونوعية علي كل المستويات, ورفع القدرة التنافسية وتحقيق عدالة اجتماعية, حيث ان كل فئة لها رأي وقدرة علي التغيير من خلال قدرتها التصويتية في الانتخابات مما يدفع الحكومات المنتخبة علي تلبية احتياجات جميع الفئات والالتزام بالعدالة الاجتماعية. هل يمكن ان يسهم تشكيل حكومة انقاذ وطني في تحسين الاوضاع الاقتصادية؟ بالتأكيد مجرد الاعلان عن اختيار شخصية تتمتع بثقة لتشكيل الحكومة ستخيم آثاره فورا في تعزيز الثقة بالاقتصاد, ويزيل كثير من الضبابية التي قد تكون خيمت علي رؤية البعض بشأن القرارات والاجراءات السليمة والسريعة لدفع الاداء, وبالتالي حدوث تغير في الجانب السيكيولوجي وهو جزء مهم في التوقعات الاقتصادية, واسمح لي ان اشير هنا الي شئ بالغ الاهمية وهي صورة مصر لدي الاخرين, فكثير ممن يزورون مصر يطرحون سؤالا: ليه مصر مش احسن من كده ؟ وهذا معناه انهم يرون ومقتنعون بأنها يجب ان تكون افضل مما هي عليه, لانها تمتلك مقومات تمكنها من تحقيق ذلك.