طالب تقرير المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي والتكنولوجيا بقصر إعداد الدعاة واعتلاء المنابر الدعوية في المساجد ووسائل الاعلام علي خريجي الكليات الشرعية بجامعة الأزهر دون غيرهم, لمحاربة غير المتخصصين الذين قاموا بالسطو علي الفتوي الشرعية بما يخالف صحيح الدين,وإعداد خطة شاملة لإعداد الدعاة وتنميتهم مهنيا, وتخريج دعاة مدركين لأهمية رسالتهم يتصف خطابهم بالوسطية والاعتدال, والاهتمام بالتربية البيئية, بحيث تتسع لها مناهج المواد المختلفة والأنشطة المصاحبة لها. وفي ظل الترحيب الأزهري بنتائج الدراسة وتوصيات المجلس القومي للتعليم تباينت آراء علماء الدين حول هذا التقرير, فمنهم من رأي ضرورة أن يكون الداعية من خريجي الأزهر, وهناك من لم يشترط ذلك إذا توافرت في الداعية إلي الله, الرغبة وموهبة الخطابة في ذات الوقت. يقول الدكتور القصبي زلط, عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف, إن التعليم ينبغي أن يبني علي التخصص وبالتالي فإذا كان هناك إنسان يعمل في حقل الدعوة والدعاة فإنه لا يصح أن يعمل بالهندسة, وعصرنا الآن هو عصر التخصصات الدقيقة ونري جسم الإنسان شاهد علي ذلك فلا يوجد طبيب متخصص في كل أجهزة الجسم بل هناك تخصصات متعددة تشمل كل الأجهزة وتبين الوظائف لكل جهاز بمقتضي تخصصه, وعندما نأتي إلي الدعوة والدعاة, فنتساءل, لماذا تكون الدعوة هي أقل شيئ في هذا النظام, فنري من يقرأ كتابا يتصدي للفتوي والدعوة, ويقول بملء فمه الأئمة رجال ونحن رجال, مع أن التعرض للفتية أمر خطير ورحم الله الإمام, مالك رضي الله عنه, عندما سأل في100 مسألة, فقال في94 منها لا أدري, فقيل له: كيف تقول لا أدري وأنت الإمام, فقال: من قال لا أدري فقد أفتي. كما ينبغي أن يفهم الناس أن مجال الدعوة له أصحابه وله تعاليمه وله تخصصات متعددة وبالتالي فهذا أمر عندما يطرح للمناقشة لا يصح أن يتبرم إنسان منه أو يقول يكفي أن أتتلمذ علي يد أي إنسان, فهم أحسن من المتخصصين, فهذه دعوة مرفوضة ينبغي ألا تقبل ولا يعمل بها ولا ينبغي أن تكون لها أوصاحبها واقع في حياتنا. ضوابط اعتلاء المنبر وفي نفس السياق يري الدكتور محمد الدسوقي, أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر الشريف,أن من يعتلي المنبر يجب ان تتوافر فيه عدة شروط, منها ان يكون مؤهلا تأهيلا علميا لهذه المهمة, لأنه ينوب عن الرسول صلي الله عيه وسلم في تبليغ شرع الله للناس, ولذلك لا بد أن يكون مؤهلا تأهيلا علميا سليما, وأن يكون علي دراية واسعة بواقع المجتمع الذي يخاطبه, فمهمة الخطيب بيان أحكام الله في أفعال عباده وتوجيهم إلي ما ينبغي أن يقوموا به من حيث طاعة الله ومراعاة الحقوق العامة للناس وواقعهم, لأن هناك تقصيرا كبيرا من خطباء المساجد في ذلك وفي أنهم لا يهتمون بواقع الناس. وأشار الي أن القضية تتعلق بالجهات التي تخرج هؤلاء الدعاة, وهي الكليات الشرعية, فلابد أن يكون هناك منهج دراسي متكامل يحقق للدعاة الفهم الوسطي المعتدل, والإدراك الصحيح لما يعانيه الناس في حياتهم, ثم بعد ذلك, لابد ان تكون لوزارة الأوقاف دورها أيضا في الإشراف علي هؤلاء الدعاة, وتنمية ثقافتهم الإسلامية عن طريق عقد دورات توجيهية لهم, لأن المشكلة تبدأ بعد التخرج من الكليات وتتمثل في أن هؤلاء الدعاة لا يحاولون بوجه عام تنمية ثقافتهم الإسلامية, ومحاولة متابعة ما يري في المجتمع من مشكلات وأحداث تفرض علي الدعاة أن يتناولوا هذه الأمور بفكر إسلامي متميز. خطباء من خارج الأزهر كما يضيف أن كثيرا من هؤلاء الدعاة يكررون ما يقولونه ويرفعون أصواتهم بطريقة تجعل المصلين لا يفهمون ما يقوله, وعليهم أن يقدموا المعلومة بأسلوب هادئ له دليله الشرعي والعقلي, لأن خطاب العقل ضرورة الآن لجميع الناس, لا فرق بين مثقف وغير مثقف, ومن هنا أقول لا ضرورة لأن نمنع أي إنسان يتمتع بالقدرة العلمية والعقلية علي أن يعتلي المنبر بشرط أن يكون قد مر باختبار من جهة مسئولة ولتكن الأزهر أو وزارة الأوقاف, فهناك من يتمتعون بثقافة علمية إسلامية طيبة وليس من خريجي الأزهر, ويستطيعون أن يقدموا للناس زادا إسلاميا مفيدا, فلماذا نحرمهم من إعتلاء المنبر, مادامت لديهم رغبة ذاتية في الدعوة, ولكن بشرط أن تكون وجهتهم خدمة الإسلام بالدرجة الأولي, دون التحيز لتيار سياسي أو إسلامي بعينه, لأن الناس ينفضون من حول الدعاة المسيسين, كما يجب الحرص علي أن يكون الخطاب الديني جديدا ومفيدا دون تكرار القول حتي يخرج المصلي بمعلومات مفيدة أو رأي يفيده في دينه ودنياه, وخلاصة القول إننا في حاجة إلي منهج علمي متكامل يدرسه الذين يتخرجون ويتخصصون في الدعوة إلي الله, وأن يفتح المجال لغيرهم إذا ثبت بالتجربة العلمية أنهم قادرون علي أن ينهضوا برسالة الدعوة علي أحسن وجه,وأن يجعلوا الخطاب الديني قادرا, علي توجيه الناس ومعالجة ما يعانونه من مشكلات معاصرة. معهد إعداد الدعاة ويري الدكتور محمد المختار المهدي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف, أنه من الممكن أن يعمل بالدعوة خريجو الكليات غير المتخصصة, إذا كان يتوافر لديهم الاستعداد والرغبة في ذلك, بالإضافة إلي توافر ملكة الخطابة ونقل المعلومة للناس, والتي قد لا تتوافر لدي خريج الأزهر فليس كل متعلم لديه القدرة علي توصيل علمه للناس, ولذلك فإن من يريد أن يعمل في مجال الدعوة الإسلامية ويعتلي المنبر فعليه أن يلتحق بمعهد إعداد الدعاة أولا والتي تصل فيه مدة الدراسة إلي أربع سنوات. ويضيف أن عدد المساجد في مصر مائة وعشرة آلاف مسجد, وهو عدد كبير للغاية يحتاج منا أن لا نضيق الواسع ونسمح لمن لديه الرغبة في الخطابة أن يعمل بها, كما أنه ليس كل خريجي الأزهر يجيد الخطابة, ففي المسابقة التي أجرتها وزارة الأوقاف هذا العام تقدم للعمل بوظيفة إمام مسجد نحو50 الف فرد وتم قبول3000 فقط, هم الذين كانوا يصلحون لهذه المهمة, وهذا دليل علي أنه يستلزم توافر شروط معينة لدي الداعية قد لا تتوفر لدي الكثيرين حتي من خريجي الكليات الأزهرية.