اتحاد منتجي الدواجن: السوق محكمة والسعر يحدده العرض والطلب    الرئيس الأمريكي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية    منتخب مصر يكتسح بوروندى ويتأهل لدور الثمانية بالبطولة الأفريقية للساق الواحدة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    ضبط موظفة لقيامها بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين    التصريح بدفن جثمان طفل صدمته سيارة نقل بكرداسة    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    المجلس الدولي لحقوق الإنسان: نتنياهو لن يستطيع الخروج من إسرائيل    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    حسين لبيب: زيزو سيجدد عقده وصبحى وعواد مستمران مع الزمالك    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء في الدوري المصري    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    بعد الفوز بالكونفدرالية.. لاعب الزمالك يتحدث عن أداء وسام أبو علي مع الأهلي    وزير الصحة: 5600 مولود يوميًا ونحو 4 مواليد كل دقيقة في مصر    "رياضة النواب" تطالب بحل إشكالية عدم إشهار22 نادي شعبي بالإسكندرية    مراقبون: قرار مدعي "الجنائية الدولية" يشكك في استقلالية المحكمة بالمساواة بين الضحية والجلاد    قتلها وحرق الجثة.. ضبط قاتل عروس المنيا بعد خطوبتها ب "أسبوعين"    كيفية الاستفادة من شات جي بي تي في الحياة اليومية    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    حدث بالفن| حادث عباس أبوالحسن وحالة جلال الزكي وأزمة نانسي عجرم    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    إبراهيم عيسى: حادثة تحطم طائرة الرئيس الايراني يفتح الباب أمام أسئلة كثيرة    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن مصير الكوادر الطبية بالمستشفيات الحكومية (فيديو)    طريقة عمل ماربل كيك بالفول السوداني، فاخرة ومذاقها لا يقاوم    باتباع نظام غذائي متوازن، إنقاص الوزن الزائد بدون ريجيم    مصطفى أبوزيد: تدخل الدولة لتنفيذ المشروعات القومية كان حكيما    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    ضحية جديدة لأحد سائقي النقل الذكي.. ماذا حدث في الهرم؟    المجلس التصديري للملابس الجاهزة: نستهدف 6 مليارات دولار خلال عامين    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    بعد تعاقده على «الإسترليني».. نشاط مكثف للفنان محمد هنيدي في السينما    مشيرة خطاب تشارك مهرجان إيزيس في رصد تجارب المبدعات تحت القصف    أفلام صيف 2024..عرض خاص لأبطال بنقدر ظروفك الليلة    «بطائرتين مسيرتين».. المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفًا حيويًا في إيلات    لميس الحديدي تعلق على طلب اعتقال نتنياهو وقادة حماس : مساواة بين الضحية والجلاد    خفض الفائدة.. خبير اقتصادي يكشف توقعاته لاجتماع البنك المركزي    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    جهاز تنمية القاهرة الجديدة يؤكد متابعة منظومة النقل الداخلي للحد من التكدس    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    «حماني من إصابة قوية».. دونجا يوجه رسالة شكر ل لاعب نهضة بركان    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    متى تنتهي الموجة الحارة؟ الأرصاد الجوية تُجيب وتكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء    على باب الوزير    شارك صحافة من وإلى المواطن    غادة عبدالرازق أرملة وموظفة في بنك.. كواليس وقصة وموعد عرض فيلم تاني تاني    أزمة الطلاب المصريين في قرغيزستان.. وزيرة الهجرة توضح التطورات وآخر المستجدات    بشرى سارة.. وظائف خالية بهيئة مواني البحر الأحمر    المصريين الأحرار بالسويس يعقد اجتماعاً لمناقشة خطة العمل للمرحلة القادمة    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أستاذ أنيس‏..‏
والله مالك زي
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 10 - 2011

رحل عنا كثير التساؤل الذي لم يحظ إلا بإجابات قليلة‏..‏الكاتب الراحل أنيس منصور الذي تساءل في أيامه الأخيرة لماذا الصحة؟‏..‏ ولماذا المرض؟‏..‏ ولماذا الغني والفقر؟‏..‏ ولماذا الشيخوخة أي الموت التدريجي؟‏..‏ ووجد الإجابة بأن كل ذلك بيده سبحانه وتعالي وأن الأعمار بيده وحده.. استشعر أنيس منصور بخطي الموت الحثيث القادم في الطريق فاصطبغت كلماته بقراءة النهايات ليأتي علي ذكر الحديث النبوي الشريف القائل: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.. أي عرفوا قبل الموت ما لم يكن يعرفونه.. رأوا الدنيا والحقيقة وعرفوا أن لكل شيء نهاية, وما هي النهاية سوي جسد ينتهي وروح تخرج ولا يبقي إلا وجه الله.. في نهاية رحلة بحثه الطويل التي لازمته للنهاية يكتشف عبارات عجيبة يقولها المشرف علي الموت وعلي وجهه راحة من صفي حسابه ووضع النقطة الأخيرة في سطور حياته, وأغلق دفاتره واتجه إلي حيث لا يعرف, أو كان يعرف ولكنه حاول دائما أن ينسي, وجاء دوره لكي يتذكر ولآخر مرة.. فما الذي قاله عدد من العظماء قبل النهاية؟! قال الشاعر جوته: زيدوني نورا.. زيدوني.. وبرنارد شو قال لخادمته: اخرجي الآن حتي أموت علي راحتي.. وقال فولتير الفيلسوف الساخر: أريد أن أموت في سلام لم أعرفه في حياتي.. وقال أينشتين لطبيبه: لقد عرفت الكثير وحاولت أن أعرف أكثر, ولكن ما عرفته إذا ما قورن بما أجهله لأصبح بمثابة طابع بريد ألصقه في قمة إحدي المسلات الفرعونية.. وقال الشاعر حافظ إبراهيم:
وللموت مالي قد أراه مباعدا
وجل مرادي أن أوسد حالا
وقال الشاعر أحمد شوقي علي فراش النهاية:
أقول لهم في ساعة الدفن خففوا
علي ولا تلقوا الصخور علي قبري
ألم يكف هم في الحياة حملته
فأحمل بعد الموت صخرا علي صخر
وصمت الزعيم مصطفي كامل في لحظات غاب فيها عن الوجود, ثم تنبه قليلا في الدقيقة الأخيرة ليردد أكثر من مرة مسكينة يا مصر!!.
من عاش ليسأل ذهب في شرخ الشباب يحمل حيرته الكبري للعقاد يسأله بعد تخرجه من الجامعة.. وماذا أفعل يا أستاذ؟.. يومها قال له العقاد بلهجته الساخرة: شوف يا مولانا.. امشي.. امشي.. ولا تتوقف عن المشي.. فإذا أرهقك المشي اجلس.. وإذا جلست انظر وراءك ماذا فعلت وماذا أفدت.. فإذا لم تجد أنك قد حققت شيئا فعاود المشي.. وإذا تعبت اجلس وحاسب نفسك ولا تكف عن السؤال.. هل اخترت الطريق الصحيح؟.. هل الطريق الذي اخترته هو الذي من الممكن أن يجعل منك شيئا؟.. هل الطريق كان مستويا أو مليئا بالعراقيل؟.. هل وجدت نفسك تقفز فوق المطبات؟.. هل كنت تنظر إلي قدميك أثناء المشي؟.. هل رسمت شجرة؟.. هل تابعت عصفورا؟.. هل نظرت إلي السماء وتساءلت ما هذا الذي فوقنا؟.. هل لك دور؟.. هل أنت ضروري؟.. وإذا لم تفعل ذلك مرة واحدة في حياتك فلا داعي لأن تكرر المشي.. ويتجه أنيس بحيرته من بعد العقاد إلي طه حسين فينصحه بابتسامة ناعمة لا تجرح أحدا: يا سيدي.. استمع إلي قلبك وليس إلي عقلك الآن. أطل الإنصات إلي قلبك والذي يقوله لك يجب أن تصدقه فورا.. يجب ألا ترغم نفسك علي شيء.. يجب ألا تعاديها.. يجب ألا تنقسم إلي اثنين أحدهما يشمت في الآخر.. لا تقلق.. لا تخف فالله لا يخلق موهبة لكي تضيع.. لا تسرف في التساؤل حتي لا تدمن السؤال ولا تعرف الإجابة.. ولم يستمع أنيس لنصيحة طه حسين بل مضي يسأل ويسأل فأجابه الشاعر كامل الشناوي: اسمع أي كلام يقوله لك العقاد أو طه حسين واعمل عكسه تماما.. إذا قال لك العقاد اتجه غربا فاذهب شرقا, وإذا قال لك طه حسين اتجه شمالا فاذهب جنوبا.. إنهما ينفخان في قربة مقطوعة.. يقولان ولا أحد يسمع ولا أحد يقرأ!
وظل الأستاذ أنيس يسأل ويحرض تلامذته علي السؤال بقوله: إن الذي لا يسأل لا يعرف, والذي لا يعرف لا يتقدم, والذي لا يتقدم يتأخر.. ولم يجد ابن منصور حرجا عندما سألوه عن تكرار عناوين كتبه مثل: وحدي ومع الآخرين ومع الآخرين.. وعاشوا في حياتي والبقية في حياتي.. والذين هبطوا من السماء والذين عادوا من السماء.. وهي وغيرها وهي وعشاقها... وطريق العذاب وألوان من العذاب وعذاب كل يوم.. الخ.. أجاب عن ذلك التكرار بأنه الدليل الواضح علي أن المعاني لاتزال في مكانها من عقله وفي حاجة إلي أن يعود إليها.. وسألوه عن السبب في أسمائه المستعارة التي كتب من خلف كواليسها مثل: سلفانا ماريللي وأحلام شريف وشريف شريف ومني جعفر وهالة أحمد وصلاح الدين محمد..الخ.. فأجاب: كل منهم قد خفف عن كاهلي تكرار اسمي في صفحات كثيرة تفتقد أقلاما وصحافة.. ويسألونه عن سباقه مع الزمن في كتابة مذكراته التي ظلت حلقاتها تنشر في أخبار اليوم حتي الأسبوع الأخير من حياته بعنوان صندوقي الأسود فأجاب منذ أيام قليلة: لأنها تعني ببساطة شديدة أن كاتبها لديه ما يقال ويستحق الكتابة والتدوين, ولقد وجدت أقلاما تناولت التاريخ وراحت تنهشه وتلويه لحسابها الخاص, كأن شهود تاريخ مصر قد ماتوا جميعا, وكأن التاريخ قد احتكرته بعض الأقلام التي ليس لها أساس من الصدق أو من الحقيقة, وكم ضاعت حقائق بسبب سكوت الذين يعرفون.. كل العالم يكتب تاريخنا ما عدانا, ولا يبقي أمامنا إلا أن نتلقي التاريخ من الآخرين, أو نتناقله ممن لا يعلمون, فتتوه الأجيال ولا تعرف الحقيقة, وكل من يكتب يلون ما يكتبه حسب هواه, فيحول النصر هزيمة, والهزيمة نصرا, والبطل خائنا والخائن بطلا.. إنها حالة عبثية, فلا معني للهزيمة ولا معني للنصر, ولا فرق بين عبور القناة والوقوف عندها, ولا بين الاحتلال والجلاء.. والمعني: أن لا معني, لا منطق, لا عقل, إنها حالة العبث النفسي والتاريخي.. ومن أسئلة دائم السؤال سؤاله لنجيب محفوظ:
- هل أنت سعيد يا نجيب؟!
فأجابه صاحب نوبل: السعادة مسألة نسبية.. والذي يخلق الشقاء هو الحاجة.. فالمحتاج شقي, والإنسان في جميع العصور كانت لديه سعادة وشقاء أيضا.. حتي الإنسان البدائي الذي يصيد الحيوانات ويجمع الثمار كان شقيا أيضا, وشقاؤنا مصدره الوعي, مصدره المعرفة, وأنا أفضل شقاء الواعين علي سعادة الغافلين المغفلين..
ويعاود أنيس أسئلته: افرض يا نجيب أنه حدث وأنت نائم أن احتشدت في نفسك أفكار ومعان ولابد من كتابتها حالا وإلا ضاعت.. فماذا تفعل؟..
ويجيب النجيب: تقصد الإلهام يعني.. أولا أنا لاأقوم من نومي.. لأنني إذا قمت فسأذهب إلي عملي مرهقا ولن أؤدي عملا, أو سأضطر لأن أنام مرة أخري بعد تسجيل الإلهام هذا, وهذا يربك حياتي.. ولذلك سأنام ولا يهمني هذا الإلهام!.. ويعجب أنيس الذي لا ينام من نجيب الذي ينام في موعده بغض النظر عن الإلهام فيقول عنه: في السادسة إلا ربعا يصحو نجيب من نومه, وبعد لحظات يدق جرس المنبه, فلا تدري أيهما المضبوط علي الآخر: أهو المنبه أم نجيب محفوظ.. وهو مندهش جدا لدهشة الناس من حنبلته, إنه لا يعرف فوضي الفنانين, ولا يفهم معني الوحي الذي يهبط عليهم أو يهبط بهم, فهو عنده فكرة يريد أن يذكرها كتابة, إذن لابد أن يكتبها في الوقت المحدد, ولا يفهم حكاية المزاج في الكتابة.
قريت أنيس النهاردة؟!.. أستاذ وصاحب مدرسة.. قريت أنيس النهاردة؟!..الراجل ده حيجنني.. قريت أنيس النهاردة؟!..راجع يغمز ويلمز.. قريت أنيس النهاردة؟!.. أول مرة أعرف أنه حج سبع مرات واعتمر30 عمرة وصلي داخل الكعبة عشر مرات وصعد جبل النور لغار حراء.. قريت أنيس النهاردة؟!..عادته يوم الجمعة يكتب ما بدي له في أقواله عن صنف النسا, وعجبني قوي الجمعة دي قوله: لو كنت عند بدء الخليقة لسألت الله: ولماذا المرأة يا رب؟!.. قريت أنيس النهاردة؟!.. في الأهرام أو الشرق الأوسط أو مذكراته في أخبار اليوم أو في كتاب جديد يضخه يوميا للمطبعة حتي بلغ عدد مؤلفاته236 كتابا قدم لنا فيها فكر وثقافة العباقرة والعظماء والفلاسفة والأدباء والشعراء و.... ومن خلاله عرفنا للمرة الأولي ديرنمارت, وسارتر, وسيمون دي بوفوار, وساجان, ومورافيا, وآرثر ميللر, وتينسي ويليامز, ويوجين أونيل, ويونسكو, وآرابال.. الخ.. الخ.. قريت أنيس النهاردة؟!.. سؤال كل صباح في البيت والمكتب والوزارة والسفارة وعبر شبكات الإنترنت وع القهوة وفوق المصطبة وعلي دكة البواب, علي مدي أكثر من ثلاثين عاما.. ومن لم يكن قد قرأ أنيس النهاردة يشعر وكأن الحائط الرابع من تكوينه الصباحي قد سقط سهوا, وكأنه لم يغسل وجهه, ولم يتناول إفطاره, ولم يتأهب لمعاركه الحياتية اليومية, ولم يقل للسيدة حرمه يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم صبحنا وصبح الملك لله وروحي الله يرضي علي أهلك هاتي لي الجرنال من تحت الباب لما نشوف ابن منصور كاتب لنا إيه النهاردة؟!.. أنيس مات.. بعد أن ترك لنا عدة مقالات معدودات كتبها قبل أن يموت يتم نشرها الآن لتنتهي بعد أيام معدودات.. وتخيلوا أهرامنا من غير أنيس؟!!
أستاذي ابن الدقهلية.. عملت دوما علي مقربة منه, ولم يسعدني حظي برئاسته لي.. كان مكتبه في الدور الثاني بأخبار اليوم في أول عهدي بالصحافة, وحائط خشبي أحمق قائم بيننا أسماه الساحر الساخر الفيلسوف حائط المبكي, فشهيدات الإعجاب الحسناوات الواقعات في مسارات جاذبيته كن إذا ما أصابه الملل ودائما ما كان يصيبه بعد فترة قصيرة من بعد تصعيده للواحدة منهن مقرظا موهبتها وآليات تفردها لعنان السماء, فيتهرب منها بدعوي الانشغال, فيدق علي حائطي لاستقبالها بدلا منه فتهرع المدلوقة لحجرتي في الجوار لتصادقني عنوة كي تبقي علي ضفاف ساحر الكلام علي الجانب الآخر من حائط المبكي علي أمل لا يبزغ أبدا نوره بعد أن انطفأ توقيته ونفدت شحنته, وأقوم أنا بمهمة المواساة وتجفيف الدموع وتشييع الجنازات!.. ويحدث التأميم ولي فيه مع الأستاذ قصة شاركت فيها دون علمي أو علمه, وكانت لها أبعادها وتداعياتها المؤسفة, وذلك عندما كنت أقوم وقتها في الستينيات برسم موتيفات صغيرة مصاحبة ليوميات كبار الكتاب أمثال العقاد والتابعي والشناوي وزكي نجيب محمود, وأنيس منصور, وذلك بتكليف مسبق من علي أمين الذي لمس لدي تلك الموهبة الفنية.. وبعد التأميم استدعاني فجأة علي إسماعيل الإمبابي مدير مكتب الوزير كمال رفعت المشرف علي أخبار اليوم.. صعدت إليه وكان قد احتل مكتب مصطفي أمين ليطلعني علي يوميات أنيس منصور حول سياسة عبدالناصر التي نشرت ذلك الصباح ويتوسطها رسم كاريكاتيري لحمار.. ألقيت نظرة عابرة علي المقال ولم أفهم المقصود من الحكاية كلها, فمال في مقعد مصطفي بك إلي الأمام ليسألني متذاكيا: قصدك إيه بقي من الرسم ده بالضبط؟!! فأجبته بمنتهي الصراحة والبراءة والسذاجة وحسن الطوية بأن الرسم ليس بريشتي ولم أذيله كما هو ظاهر بإمضائي.. فعاد الإمبابي بمقعد( مصطفي بك) ثانية إلي الخلف ينظر ناحيتي للتأكد من أقوالي ليسأل: امال الرسم ده بتاع مين؟!
- ده رسم الأستاذ كمال الملاخ وكان بيرسم اليوميات قبلي وراح الأهرام مع الأستاذ هيكل.
طيب وانت كنت فين لما نزلوا الملاخ بدلا منك؟!
- يا فندم أنا كنت في إجازة مع ماما وبابا ورجعنا إمبارح يادوب من السفر.
واشمعني الرسم ده بالذات اللي نشر مع المقال السياسي ده بالذات؟!- معرفشي حضرتك لكن من عادة السكرتارية الفنية تسحب أي رسم قديم من الأرشيف لسد الخانة الفاضية.. مجرد سهو بدون قصد..
ولأن ظهر الإمبابي كان لم يزل في مقعد( مصطفي بك) مائلا به إلي الخلف فإنه عاد للأمام وقد ارتسمت علي ملامحه شبه ابتسامة لا معني لها: عارفة حقيقي ربنا بيحبك وكان ممكن تروحي وراء الشمس.. اتفضلي روحي مكتبك.. ولم تمض الدقائق حتي أرسل لي مكتب الإمبابي كنوع من تهدئة الخاطر عدة قصائد من أزجال الضابط أنور نافع لأقوم برسمها أسبوعيا في آخر ساعة.. ويكتب أنيس منصور بعدها في مذكراته أنه عوقب ظلما وتعسفا بسبب ذلك الرسم, وذلك بإيقافه عن العمل في الصحافة والإذاعة أكثر من عامين ظل فيهما هاربا من كل الناس وأكثر من الأصدقاء حتي لا يكون سببا في أي متاعب لهم.. ويكتب أمير جذب حبال الذكريات عن ظروفه النفسية السيئة التي مر بها خلال تلك الفترة أنه لما شكاها للأستاذ محمد حسنين هيكل قال له حكمة ظلت تسكن رأسه طويلا: في مثل هذه الظروف لا يصح أن تمتحن أصدقاءك, فسوف يرسبون جميعا, وعندما تزول هذه الغمة وتبحث عن الأصدقاء فلن تجد منهم أحدا.
ويجمعنا الأهرام بعدها ويرسل لي الأستاذ أنيس إصداراته تباعا بإهدائه الحميم بلدياتي فنحن معا من أبناء المنصورة, ويجلس الناقد الفيلسوف يكتب عني لوحة قلمية طويلة رائعة افتتحت بها كتابي أموت وأفهم عنوانها شيء لا تراه العصافير, ويخصني أستاذي بأقواله المأثورة المتفردة التي يكتبها خصيصا لصفحات المرأة التي أشرف عليها فأضعها ممتنة علي رأس الصفحات لسنوات طويلة.. ويغير الواشي صدر المسئول الكبير الغيور من أي موضع علي الرؤوس لسواه فينهرني غاضبا بقوله: هو يعني مفيش غير أنيس اللي بيقول مأثور الكلام؟!.. وتخذلني سطوته, ولما لم يكن من أقوال ذلك الكبير في ماضيه أو حاضره ما يؤثر ذهبت أفتش في أدراج الأدب لأنفض التراب عن مأثورات عفا عليها الزمن لخواجات مثل مارك توين وأوسكار وايلد ويلسون تشرشل وإدجار آلين بو, ليكسو الشيب رأس صفحات كانت بأقوال منصور مصابيح لآلئ.. وأتولي رئاسة تحرير نصف الدنيا ولا يبخل عزيز الأيام عليها بحواراته وذكرياته ويكتب مهنئا في عيدها الخامس: عقبال500 سنة يا نصف الدنيا اللطيفة كلاما, العنيفة أفعالا, وأنت تتربعين علي رقاب العباد!! أنيس منصور..
ابن القرية الذي حفظ القرآن وهو في التاسعة علي يد سيدنا الكفيف في الكتاب مما جعله يحب القراءة والكلام الجميل والأداء الجميل أدخلني القرآن بسهولة في زمرة الناس الكبار, وأفسح لي مكانا بينهم.. واعتدت أن أغمض عيني أكثر مما أفتحهما وأنا أستمع إلي الكلام الحلو وأحفظه قبل أن أتعلم القراءة والكتابة, ويوم حفظت الآيات البينات والهمزية النبوية ولامية العرب للشاعر الطغرائي والبردة النبوية للبوصيري ونهج البردة لشوقي, لم أكن أكتب اسمي إلا بصعوبة.. ولذلك فأنا أستعيد الأشياء بتذكري لرنين حروفها ورنات نبراتها.. وفي حماية القرآن كنت أتردد علي المآتم وأنا طفل صغير استمع إلي المقرئين, وأحيانا اندمج وأرتل القرآن بصوت طفولي مرتفع.. الراحل الذي شف ورف وقارب التصوف في أيامه الأخيرة ليقول إن الإنسان بعد أن يموت يمكن أن يعيش في قلوب الذين يحبهم.. إنه بعد موته لا يدري بشيء.. ولكن الأحياء يعيدون إليه حياته مع مزيد من الامتنان! كتب أستاذ القلم واصفا خلجات الأحاسيس الرقراقة عن فيض النور الذي غسل قلبه داخل الكعبة بعدما صلي بداخلها.. غمرتني الراحة وأحسست بأن شراييني من النيون الهادئ.. بلا حرارة ولا صوت.. وأنني في حالة بين الحياة والموت.. فلا أنا حي أشعر بجسمي, ولا أنا ميت بلا جسم.. ولكن فوق جسمي تحت.. وخط رفيع يربطني بالاثنين.. وعندما خرجت من الكعبة أخذت أشعر بجسدي قطعة قطعة حتي أصبحت ثقيلا علي وجداني وعلي فكري.. وأعيدت لي حياتي العادية.. وفي داخل الكعبة كل شيء غسلوه في ماء الورد.. ماء زمزم مع ماء الورد.. الأرض غسلوها والجدران بللوها.. وفي ركن داخل الكعبة أستار.. وأن تطلب من الله أن يتوب عليك.. فهو ركن التوبة.. ودعوت الله.. وفي الظلام اصطدمت بالذي يركع, والذي يسجد, والذي يبكي, والذي يبلل ملابسه في ماء زمزم.. ولكن إحساسي في مسجد الرسول شيء آخر.. من نوع آخر.. فهنا كان يقيم الرسول.. وهنا كانت زوجاته.. وفي بيت عائشة وعلي صدرها مات.. وفي ملابسه غسلوه ودفنوه.. وعند كتفي الرسول دفن أبوبكر.. وعند قدمي الرسول دفن عمر.. من هنا كان يخرج من بيته, وهنا كان يصلي, وهنا كان يتحدث إلي الناس, وهنا خرج مريضا, وهنا مرض ولقي ربه, والقرآن يقول: إنك ميت وإنهم ميتون.. مات الرسول عليه الصلاة والسلام في يوم الاثنين, وهو اليوم الذي ولد فيه, والذي هاجر فيه, وبلغ المدينة فيه, وفيه نزل الوحي, وفيه خرج من غار ثور, وفي هذا اليوم رفع الحجر الأسود.. وتبقي أحاسيس زيارات أنيس للمدينة المنورة حفية طلية زكية: لو أحد يقول لي ما هذا الذي يحدث في المدينة. حاولت أن أعرف بالضبط, ولكن لم أستطع. شيء غريب عجيب يحدث لأي إنسان إذا ذهب إلي المدينة.. أو حتي في الطريق إليها.. إن أهل المدينة أنفسهم يرون أن كل شيء عندهم يبعث علي الشفاء وراحة البال.. والصحة والعافية.. ترابهم وهواؤهم. وماؤهم وسماؤهم.. وإذا أكلت التمر.. واحدة أو عشرين.. فكل شيء قد جعله الله مصدرا للشفافية والنور.. فقد كافأهم الله علي أنهم احتضنوا الرسول صلي الله عليه وسلم.. حتي كمل الإسلام بينهم وعلي أرضهم.. فعاد الرسول إلي مكة المكرمة وهو يقول: لا هجرة بعد الفتح.. أي لا هجرة من مكة أو المدينة إلي أي بلد آخر.. فقد نصر الله الإسلام ولم يعد أحد يخاف أن يجاهر به.. إن أهل المدينة قد ناصروا الرسول وساندوه, فجعل الله كل ما يمسكه أهل المدينة خيرا لهم وبركة لضيوفهم.
ويتعبني قلبي فأحمله واهنا علي جناح طائرة لتجري لي عملية جراحية كبيرة في كليفلاند بالولايات المتحدة, وتمر السنون والتقي بعدها بأحد علماء الأزهر الأجلاء الذي يفضي لي بالسر كشهادة أمام الله والضمير: كنا في وفد رسمي نؤدي فريضة الحج بالأراضي المقدسة فهمس لي الكاتب أنيس منصور أحد أعضاء الوفد ونحن علي جبل عرفات بأن أدعو لواحدة عزيزة لديه تجري لها عملية جراحية خطيرة في هذه الساعة بالضبط, وذكر لي اسمك.. ومازلت أذكر قوله بالحرف الواحد: ادعو لها فقد يتقبل الله دعاءك أكثر مني.. ذلك موقفه الإنساني الحميم في الخفاء, وهو الذي لم يرفع سماعة التليفون جهرا ليسأل عني..
ولأنه كان هناك.. تصلني أصداء أخباره وندواته وأحدث كتبه وجوائز وأوسمة ومراتب عليا استحقها أنيس منصور عن جدارة.. وكنت أنا هنا علي الجانب الآخر أدور في الساقية المفرغة فما أن يتم طبع عدد جديد من المجلة إلا ونوضع فوق مذبح العدد الجديد, فكما قال مصطفي أمين لأنيس منصور يوم أنعم عليه برئاسة تحرير مجلة الجيل: إن رياسة التحرير عرق يبذل ودم يسكب, وأعصاب تحترق. إنه أكبر( خازوق) في الصحافة, ولا أريد أن أهنئك بالجلوس فوق الخازوق. إنه منصب لا يعرف العطلة الأسبوعية ولا الإجازة السنوية ولا ساعات محددة للعمل.. إن رئيس التحرير صحفي لمدة24 ساعة. يأكل وهو صحفي, وينام صحفي, ويحلم وهو صحفي أيضا. إنه مزيج من مخرج سينما وقائد أوركسترا وأستاذ في جامعة ومترودوتيل في فندق وبواب عمارة وترجمان للسياح وبهلوان في السيرك يسير دائما فوق سلك مشدود, أي غلطة صغيرة تهوي به, وأي زلة قدم تسقطه, وهو يخطئ إذا صدق التصفيق أو إذا ذعر من الصفير.. لهذا فقد تسربت السنون بيني وبين أستاذي أنيس لألقاه في مناسبات متفرقة وقد تمشت ريشة العمر فوق الكيان الوثاب, الذي طاف وشاف ودار حول العالم في200 يوم, وكتب وتفلسف وأجاد, لتشتعل الرأس شيبا, وتغزو كلمات الترحيب والتأهيل وحفاوة اللقيا المعهودة كسلا, وتضيق سعة الابتسام ودعابات الكلام, وتقلص من دوائر المعارف, وتغلق التليفون, وتشيد من السكرتير معبرا, وتبقي أستاذنا في البيت أكثر, وتنئيه عن صنف النساء أكثر فأكثر, وتطيل من اجازة الشاطئ حتي رخات مطر قدوم الشتاء.. و..كثيرا ما تمنيت أن يصبح أنيس منصور أبا, فحفاوته بالطفولة كما شاهدتها ولمستها في مواقف عدة تحمل لذعة الحرمان, وسؤاله الدائم عن ابني يتماشي حنانا علي سنوات نموه, وكأنه يراقب معجزة البرعم الصغير حتي يكبر.. ويكتبها بمداد قلمه تلك الوحشة المختبئة في الأعماق بمشاعر الأبوة الكامنة: كنت أتمني أن تكون لي ابنة ظنا أن البنت أحسن من الولد وأرق وألطف وأكثر حنانا.. تمنيت طويلا, ولم يشأ الله أن تكون لي ابنة ولا ابن.. ويوم زارتني ابنة أحد الأدباء يرحمه الله وجاءت تطلب حقها في كتب أبيها التي أمرت بطبعها عندما كنت رئيسا لمجلس إدارة دار المعارف.. وأسعدني أن ألبي هذا الطلب فورا.. وأسعدها ذلك, وأسعدني, وانشغلت.. وبعد شهور فوجئت بها في مكتبي, وجاء السكرتير يقول لي إنها تبكي, فهرعت إليها, وعرفت أن شيئا مما أمرت به لم ينفذ, وأنها ترددت علي دار المعارف عدة مرات بلا فائدة, وأصدرت قرارا أن تتقاضي فلوسها فورا, وجاءها شيك المبلغ بعد دقائق.. ثم سألتها: ماذا حدث؟.. حدث أن في كل خطوة كانت تخطوها من غرفة إلي غرفة, ومن مكتب إلي مكتب كانت تواجه أساليب من المعاكسات: إن لم تفعل كذا فلا كذا.. وأدهشني أن يكون الذين ضايقوها ممن لم أتصور أنهم بهذا السوء.. وتخيلت ماذا يحدث لابنتي حبيبتي إذا مت وجاءت إلي دور النشر تطالب بحقوقها.. كم واحد سيعاكسها.. كم واحد سوف يساومها, وهي لن تقبل بأي ثمن.. ابنتي ربيتها علي الكبرياء واحترام النفس ومعاني الشرف.
نهر المعارف الذي خاض غمار الألم.. الألم في حياتي قد سبق الكتابة, وكان ألمي من خارجي.. أبي وأمي.. ثم استقر في داخلي.. فحياتي أليمة من أولها لآخرها.. قدري أن المرض أسمعه وأراه وأراني عاجزا عن فعل شيء, واعتدت علي رؤية وسماع أحب الناس يقولون آه.. اعتدت علي الحزن.. مات كثيرون ولم تنقذهم دموعنا ودعواتنا, فالموت نهاية كل حي طيب وشرير, وعمر بن الخطاب عندما قيل له إن الرسول عليه الصلاة والسلام قد مات, رفع سيفه ليقتل من قالها فقيل له إنك نسيت قوله تعالي: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل, أفإن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابكم.. وانهار عمر باكيا.... وتساقط أفراد كوكبة فرسان القلم من حول أنيس منصور شهبا ترحل مخلفة أحزان الفقد.. كتب عن إحسان عبدالقدوس أول من قدمه لعالم الأدب في روزاليوسف بعد زيارته الأخيرة له في غرفة الإنعاش التي وقفت علي بابها إحدي الممرضات تمضغ اللبان.. أشار الدكتور خيري السمرة إلي أحد أركان الغرفة قائلا: هناك.. واتجه أنيس إلي حيث أشار الطبيب بيده متسائلا: إيه اللي هناك؟! قال له كأمر مفروغ منه: إحسان.. ودارت بي الأرض. فلم أر أحدا وإنما رأيت شيئا قد تكوم هناك. وأحمد الله أنني لم أر وجه إحسان.. ولا رأيت ملامح جسده.. أين الذكاء أين النور أين لباقة المحامي القدير وأين عالم النفس والفنان.. أين الرقة والجمال.. أين حديث المدينة.. حلم البنات معبود النساء.. الفتي الأول في السينما.. العقل الذي قامت عليه وبه صناعة السينما في مصر.. أين: هناك!!و..توفيق الحكيم الذكي الظريف الصاحب الفيلسوف الذي غدا في مرضه الأخير يطل من وراء غشاء أصفر, يذهب إليه أنيس ليزوره مرات في نهاية رحلته وأيامه العسيرة بمستشفي المقاولين العرب, ثم مستشفي الصفا ليجده قد ازداد اصفرارا, لكنه بقي توفيق الحكيم خفيف الدم الذي قال عندما سأله أنيس عن حالته الصحية: كلما سألت الدكتور قال لي إني( زي الفل).. فل إيه اللي جاي يقول لي عليه.. فل إيه وأنا غير قادر علي أن أذهب لدورة المياه.. إنهم يأتون بدورة المياه إلي السرير.. وضحكنا, ولكنه لم يكن قادرا علي الضحك!.. ويعود ليقول: إنني سوف أدخل الجنة.. فالله أعطاني عقلا صغيرا وعمرا قصيرا وكونا هائلا, فكيف أفهم كل هذا الكون بهذا العقل الصغير والعمر القصير.. لابد أن أغلط.. والغلط سببه عجزي عن الفهم.. وأعتقد أن هذا سببا كافيا لأن أدخل الجنة.
أنيس منصور.. مدفوعا بحب المعرفة تسلل طفلا تحت سرير الأم عندما حمي وطيس الطلق ليكتشف كيف يأتون بالمواليد..
ابن المنصورة: كان يكتب حافي القدمين
الفيلسوف: ضربته أمه كثيرا بالعصا ليكف عن الكذب.
مؤلف البشر: أثار الضجة الكبري يوم عاد من اندونيسيا بحكاية تحضير الأرواح بالسلة لتغدو الشغل الشاغل لكل بيت وفي كل سهرة, وصارت مطعنا لكل من أراد النيل منه..
صاحب النقط الطائرة من الحروف: قربه من السادات ساعد في تبصيره بأشياء كثيرة مثل تاريخ الصهيونية والفكر السياسي والديانة اليهودية, وكل من قابلهم السادات كان أنيس يقابلهم أولا ليعرف ما سوف يقولونه له, وكان السادات يكلفه بمهام سياسية لم يكن وزير الخارجية يعلم عنها شيئا سواء في مصر أو خارجها أو في إسرائيل.
قارئ المواقف: كان يري أن الموقف صعب ومعقد والضباب كثيف, وأقوي الناس نظرا لا يكاد يري أمامه, وسوف تزداد الأمور صعوبة وتعقيدا لأننا نقوم بإصلاح السفينة أثناء رحلتها في بحر متلاطم الأمواج..
الراحل الكريم.. أهدانيها مرة عبارته الزهرة التي عطر شذاها مسيرتي وشد من إزر قلمي عندما كتب عني يوما في مواقف: والله يا سناء ما لك زي.. واليوم أستعيرها منه لأردها إليه جبالا من الزهر, ونهرا من الدموع, ووداعا ليس بوداع, فهو من ترك لنا ذخيرة من المعارف لنقرأ ونفكر ونتأمل ونبدع ونضحك ونبكي ونعيش ونحيا لنقول له وعنه: والله يا أستاذ أنيس ما لك زي.
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.