منذ اندلاع الإنتفاضة الشعبية في سوريا قبل6 أشهر ولايكاد يمر يوم دون أن يطرح الإعلام سواء العربي او الدولي مسألة مصير الفصائل الفلسطينية التي تتخذ من الأراضي السورية مقرا لها ويعتبرها الجميع بلا أستثناء صديقة لنظام الرئيس بشار الأسد بل إن بعضها متهم بمشاركة قوي الأمن السورية في قمع المظاهرات الشعبية وقتل المحتجين السلميين خدمة للنظام. ورغم اهمية فكرة البحث في مصير الفصائل الفلسطينية في سوريا وعلي رأسها حركتا حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة ومنظمة الصاعقة إلا أن هناك قضية أخري أهم وهي قضية الوجود الفلسطيني ككل في سوريا حيث يوجد حوالي نصف مليون فلسطيني يعيشون علي الأراضي السورية ويتمتعون بحماية النظام بشكل أو بأخر كما أن أعدادا هائلة منهم ينتمون للفصائل الموجودة في دمشق وبالتالي فإن أي رحيل لتلك الفصائل من سوريا سيؤثر عليهم ماديا او معنويا. والشيء المؤكد هو أن معظم الفصائل الفلسطينية في سوريا وخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي أصبح لديها خطط جاهزة لإجلاء قادتها من الأراضي السورية والأنتقال لبلدان أخري كالسودان وقطر وحتي تركيا إن ساءت الأمور ووصلت إلي مرحلة اللاعودة في حين ان هناك فصائل أخري مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة برئاسة أحمد جبريل لاتملك فرصا كبيرة في الانتقال كما أن استمرار بقائها في حالة سقوط النظام سيعني التعرض لاعمال انتقامية وملاحقات بعدما تردد عن مشاركة مسلحيها في قمع المتظاهرين وخاصة في مخيم اليرموك الذي تتواجد فيه عناصرها بقوة. والخلاصة هي ان سقوط نظام بشار قد يكون له نتائج كارثية علي الوجود الفلسطيني ككل في سوريا رغم عدم ثبوت تورط الفصائل الفلسطينية في قمع الانتفاضة الشعبية السورية لأن الأوضاع عقب الثورات وسقوط الأنظمة غالبا مايشوبها التخبط وسيادة الروح الأنتقامية ويتركز الفلسطينيون بسوريا في عشرة مخيمات معترف بها من قبل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين' الأونروا'. و مما يزيد من احتمالات تعرض الفلسطينيين في سوريا لاجراءات انتقامية في حالة سقوط النظام هو ان68.8% من إجمالي اللاجئين يعيشون في العاصمة السورية دمشق, و المخيمات القائمة في ضواحيها مثل اليرموك, سبينة, جرمانا, خان الشيح, السيدة زينب, ذانون, الرمدان, الحسينية. في حين يتوزع الباقون(31.2%) علي المحافظات الأخري, اللاذقية,حلب,حماه, حمص,درعا, والمخيمات القائمة فيها وبالتالي سيكون من السهل تهييج الجماهير الغاضبة ضدهم وبدون التثبت من أرتكابهم أي جرما وخاصة بعدما جري شحن المواطنيين السوريين بالفعل ضد الوجود الفلسطيني. ومن عجائب الأقدار ان جانبا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا جاءوا اليها هروبا من مجزرة في دولة عربية أخري هي الأردن التي فروا منها بعد أحداث ايلول الأسود عام1970, بين المقاومة الفلسطينية و الحكومة الأردنية, و التي أدت إلي طرد المقاومة من الأردن ومعظم هؤلاء والذين يقترب عددهم من100 الف حاليا عبارة عن عائلات لمقاتلين ينتمون لفصائل منشقة عن منظمة التحرير الفلسطينية. و رغم ان القانون260 لعام1956, ساوي بين العربي الفلسطيني, و المواطن السوري, في كافة المجالات الوظيفية, و المهنية, و العلمية عدا أمور تخص الانتخاب والترشيح لعضوية مجلس الشعب, مع الاحتفاظ بالجنسية العربية الفلسطينية, وبالمقابل يحق للاجئ الفلسطيني الانتخاب والترشيح في كافة الاتحاديات والنقابات في سوريا فأن الكثير من السوريين يعتبرون ان الوجود الفلسطيني كان عبئا عليهم وزاد من أحساسهم بالفقر وشظف العيش. ويؤدي اللاجئون الفلسطينيون الذين وفدوا سوريا في عام1948 خدمة إلزامية عسكرية في جيش التحرير الفلسطيني, و يحصلون علي وثائق سفر خاصة باللاجئين الفلسطينيين, لتسهيل الانتقال من و إلي سورية, و لا تقييد علي حركتهم داخل البلد, كما أن لهم الحق في العمل, و التدرج الوظيفي إلي أعلي الدرجات في السلم الوظيفي. و يتلقون خدمات صحية و تعليمية منتظمة, حيث يشار إليهم دوما بعبارة:'من هم في حكم السوريين' وخاصة عن التسجيل في المعاهد والجامعات السورية المختلفة.