علت الشمس في وسط السماء، واشتدت درجة حرارة الجو، ومازال همام يعزق بفأسه وجه الأرض، وبين وقت وآخر يحش أعواد البرسيم ويضع الكومة بعد الكومة أمام جاموسته وبقرته، ثم يقترب من موقد النار يعدل براد الشاي فوق الجمر المتقدمن حطب القطن الجاف. المنجل بيده اليمني، متجه نحو البرسيم، وفجأة لمح علي ريشة المصرف ثعباناً ضخماً ينسل بين الحشائش.. نادي بأعلي صوته: الحقوا ياناس! ثعبان! ثعبان! أسرع جاره حامد يرفع فأسه بكلتا يديه قائلا: أين هو؟ أين هو؟ وبيده اليمني القابضة علي منجله أشار همام إليه يدله علي مكانه، وما هي إلا برهة وجيزة، وهوي حامد بفأسه فوق رأس الثعبان فحطمها تماماً، وهو بضربة ثانية ليتأكد من موته وقد صار جثة هامدة لاحراك فيها.. وابتسم إلي همام وهو متجه الي حقله بعد نجاح مهمته الجسورة. وعند العودة إلي القرية بعد العصر، أمسك همام بحبل جاموسته وبقرته، وباليد الأخري حمل فأسه فوق كتفه، وقد تدلت من ذراعها جثة الثعبان تكاد تلامس وجه الأرض. والتف الصبيان حوله، وتجمع بعض المارة يشاهدون هذا الثعبان الضخم.. وهمّام يقص علي مسامعهم كيف ظهر له هذا الثعبان فجأة وسط الطريق.. وكيف هجم عليه بفأسه، وعاجله بضربة واحدة، ضربة واحدة فقط، تهشم بها رأسه وأنه لم يخف منه وأن هذه لم تكن أول مرة يقتل فيها ثعبانا فهو ذو خبرة في مثل هذه الأمور. وتناقل أهل القرية قصة قتل همّام للثعبان الذي كثيراً ما ابتلع الكتاكيت من البيوت ودخل جحور الأرانب والتهم صغارها.. وأصبح همّام بطلاً قتالاً للثعابين.