انفجر الإطار الأمامي للشاحنة الكبيرة فدارت بنزق ثلاث دورات حتي سكنت علي جانبها الأيمن بعرض الطريق..خبط الضابط ياسر بقبضته تابلوه البوكس غاضبا..تلقي إشارة من المخبر منذ نصف ساعة فقط فتحرك علي أثرها..هبط الضابط من السيارة يستطلع ما حدث .. تيقن باستحالة الوصول ..سب محروس في سره و سب أباه..كان محروس هاربا من جملة أحكام .. فشلت المباحث في العثور عليه لمدة عامين و كانت هذه هي انسب الفرص المتاحة.. محروس في زيارة قصيرة لأمه و لا يعلم أحد و لا حتي الضابط ياسر انه ذهب ليودعها قبل سفره إلي ليبيا.. مدام رانيا خلعت نظارتها الشمسية الكبيرة و ألقتها علي المقعد المجاور ..نظرت إلي قائد السيارة المجاورة نظرة استفهام ..قال لها انه حادث أغلق الطريق تماما ..رانيا وضعت يدها علي فمها كأنها تداري صرخة..انه موعدها الذي تنتظره منذ أسبوع ..مقابلة عمل ..قدمت عبر الصحيفة للعمل كمديرة علاقات عامة في الفندق الشهير .. حدد لها موعداً أول أمس و اعتذرت عنه بسبب أزمة السكر التي داهمت أمها فجأة.. لن يكون مقنعا الاعتذار بصعوبة المواصلات في هذا الموقف..رانيا فقدت وظيفتها منذ ستة شهور ولم تصدق نفسها حين اتصلت بها إدارة الفندق لتحديد موعد المقابلة.. الصحفي مجدي قضم حواف شاربه وهو يتلفت بحثا عن مسار يمكن العبور منه.. موعد تسليم مقاله بعد ساعة..الدكتور فخري فك رابطة عنقه..تبخر صبره المعتاد..تخيل الارتباك في مستشفاه و سعاد الحامل في توأم تصرخ من آلام الطلق في انتظار وصوله..لن يستطيع أحد من الأطباء الصغار شغل مكانه..خاصة وائل ذلك الفاشل اللحوح الذي يظن انه يوما ما سيصبح ناجحا.. الضابط مجدي أجري اتصالات عديدة واقفا أمام البوكس.. اتصل برئيسه في العمل و بالمخبر و بالنجدة و بالإسعاف..مدام رانيا قدرت أن الصدق في مثل هذه الأمور أفضل الحلول .. اتصلت بمستر عزت لتعتذر عن تأخرها .. طعمت كل جملة باعتذار مؤثر.. الصحفي مجدي اتصل برئيس التحرير..و الدكتور فخري بالمستشفي .. متأخرا جاء الإسعاف والنجدة و بصعوبة شقا الطريق المزدحم .. الإصابات كثيرة لكنها طفيفة.. و الوفاة حالتان.. الأستاذ منصور الذي كان علي وشك إنهاء رسالة الماجستير في أثر مدرسة الديوان في الشعر العربي المعاصر..و الحاج سعيد صاحب مصنع حلويات الأنوار .. رسالة ماجستير الأستاذ منصور سيسرقها زميل له لا يعرفه و لم يقابله يوما..أما الحاج سعيد فسيحزن عليه ابنه الأكبر ثم يتفرغ للمصنع فيوسع نشاطه استعدادا للتصدير ..ولن يحزن عليه ابنه الأصغر لأنه كان يعرف أن الحاج كان علي وشك الزواج من بنت من عمر أولاده الأمر الذي يهدد مستقبل الميراث.. فيما كان المسعفون يحملون الجثتين إلي السيارة كان محروس قد غادر بيت أمه و اتخذ طريق هروبه الذي سيكون موفقا .. وكان مستر عزت يشطب بقلم احمر اسم رانيا من كشف طويل أمامه..رئيس التحرير كان قد دفع بمقال إضافي له عوضا عن مقال الصحفي مجدي..دخلت الجثتان السيارة و أغلقت عليهما..رن هاتف الدكتور فخري ..كانت الممرضة تطمئنه .. فقد قام الدكتور الشاب وائل بإجراء الولادة القيصرية بنجاح ..أكدت له أن سعاد بخير فيما كان صوت الوليدين واضحا تماما في أذن الدكتور..كانا يضجان ببكاء عصبي حاد. الدقهلية