محمود التهامي يحيي الليلة الختامية لمولد أبو الإخلاص الزرقاني بالإسكندرية (فيديو وصور)    رانيا هاشم تقدم حلقة خاصة من داخل العاصمة الإدارية الجديدة في "بصراحة"    مجلس الوزراء يحسم الجدل حول حقيقة وجود عرض استثمارى جديد ل«رأس جميلة»    أسعار العملات الأجنبية اليوم الجمعة.. آخر تحديث لسعر الدولار عند هذا الرقم    عز بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 19 إبريل بالمصانع والأسواق    وعد وهنوفي بيه، الحكومة تحدد موعد إنهاء تخفيف أحمال الكهرباء (فيديو)    حماس تعلق على الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة    الأردن يدين الفيتو الأمريكي على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة    وزير خارجية إيران يتوعد برد فوري على أي "مغامرة" إسرائيلية    الجامعة العربية تطالب مجلس الأمن بالاعتراف بالدولة الفلسطينية باعتبار ذلك سبيلاً للسلام    الهلال الأحمر الفلسطيني: نقل إصابة ثانية من مخيم نور شمس جراء اعتداء قوات الاحتلال    رضا عبد العال يثير غضب جماهير الأهلي بشأن أحداث مباراة القمة    صدمة .. إصابة أحد صفقات الأهلي في الميركاتو الصيفي    هدف قاتل يحقق رقما تاريخيا جديدا في سجل باير ليفركوزن    مواعيد أهم مباريات اليوم الجمعة 19- 4- 2024 في جميع البطولات    رياح خماسين وذباب صحراوي تضرب المحافظات .. ما الحكاية ؟    3 ليال .. تحويلات مرورية بشارع التسعين الجنوبي بالقاهرة الجديدة    أحمد خالد موسى يكشف سبب تغير نهاية مسلسل "العتاولة"    منهم شم النسيم وعيد العمال.. 13 يوم إجازة مدفوعة الأجر في مايو 2024 للموظفين (تفاصيل)    شاهد.. نجوم الفن في افتتاح الدورة الثالثة ل مهرجان هوليود للفيلم العربي    سوزان نجم الدين تتصدر التريند بعد حلقتها مع إيمان الحصري.. ما القصة؟    محمود عاشور يفتح النار على رئيس لجنة الحكام.. ويكشف كواليس إيقافه    أبو الغيط يأسف لاستخدام الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين بالأمم المتحدة    البابا تواضروس خلال إطلاق وثيقة «مخاطر زواج الأقارب»: 10 آلاف مرض يسببه زواج الأقارب    انهيار منزل من طابقين بالطوب اللبن بقنا    تعديل ترتيب الأب.. محامية بالنقض تكشف مقترحات تعديلات قانون الرؤية الجديد    متحدث الحكومة: دعم إضافي للصناعات ذات المكون المحلي.. ونستهدف زيادة الصادرات 17% سنويا    #شاطئ_غزة يتصدر على (اكس) .. ومغردون: فرحة فلسطينية بدير البلح وحسرة صهيونية في "زيكيم"    «علاقة توكسيكو؟» باسم سمرة يكشف عن رأيه في علاقة كريستيانو وجورجينا (فيديو)    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    الإفتاء تحسم الجدل بشأن الاحتفال ب شم النسيم    انطلاق برنامج لقاء الجمعة للأطفال بالمساجد الكبرى الجمعة    جريمة ثاني أيام العيد.. حكاية مقتل بائع كبدة بسبب 10 جنيهات في السلام    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب سيارة على الطريق الإقليمى بالمنوفية    ظهور أسماك حية في مياه السيول بشوارع دبي (فيديو)    "ليس لدي أي تأثير عليه".. كلوب يتحدث عن إهدار صلاح للفرص في الفترة الأخيرة    فيوتشر يرتقي للمركز الثامن في الدوري بالفوز على فاركو    بسبب "عباس الرئيس الفعلي".. عضو مجلس إدارة الزمالك يهاجم مشجع (صورة)    خبير عسكري: هجوم إسرائيل على إيران في لبنان أو العراق لا يعتبر ردًا على طهران    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    برج الدلو.. حظك اليوم الجمعة 19 أبريل 2024 : يساء فهمك    أحمد الطاهري يروي كواليس لقاءه مع عبد الله كمال في مؤسسة روز اليوسف    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    النشرة الدينية.. هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟.. وما هي أدعية شهر شوال المستحبة؟    تخفيض سعر الخبز السياحي بجنوب سيناء    طريقة عمل الدجاج سويت اند ساور    طريقة عمل الكب كيك بالريد فيلفت، حلوى لذيذة لأطفالك بأقل التكاليف    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    بسبب أزمة نفسية.. فتاة تنهي حياتها بالحبة السامة بأوسيم    المشدد 5 سنوات لشقيقين ضربا آخرين بعصا حديدية بالبساتين    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    البيت الأبيض: واشنطن وتل أبيب تتفقان على الهدف المشترك بهزيمة حماس في رفح    محافظ الإسكندرية يفتتح أعمال تطوير "حديقة مسجد سيدى بشر"    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعذبون في معتقلات مبارك
نشر في آخر ساعة يوم 12 - 09 - 2011

فجأة انتصرت الورود علي السيوف، وبثورة كان شعارها "سلمية .. سلمية" حقق المصريون الحلم بإزاحة مبارك ونظامه الفاسد من السلطة.
فشلت خطة الرئيس المخلوع في قهر المصريين، وترويعهم طيلة ثلاثين عاما هي مدة حكمه مارس فيها نظامه المستبد كل ألوان الذل للمواطن..
تعرض المصريون في عهد مبارك إلي الاعتقالات والسجون وتلقي كل صنوف التعذيب من زبانية وزراء الداخلية الذين كان يختارهم الرئيس للقضاء علي معارضيه وتتسع قاعدة المعارضة بدورها فتشمل الجميع ويتم تعريض الشعب المصري يوميا لمختلف الإهانات..
فهل ستضاف هذه الجرائم البشعة التي تعرض فيها أبرياء للتعذيب إلي سلسلة جرائم مبارك وخاصة إذا كان من المعروف أن مثل هذه القضايا لا تسقط بالتقادم؟
سؤال لا بد من إثارته في تلك الأوقات التي يحاكم فيها مبارك لينال الشعب حقه كاملا من العدالة!
لم تكن ابتسامة حبيب العادلي التي شاهدها المصريون علي شاشات التليفزيون إلا دليلا علي ما يمتاز به وزير الداخلية الأسبق من قسوة مفرطة تخطت كل الحدود، حتي وصلت في النهاية إلي أن الرجل لم يشفق علي نفسه من حكم ضده بالإعدام بات وشيكا(!) الدم البارد الذي يجري في عروق الجنرال الدموي، يتم ضخه في شرايين الكثير من ضباط الشرطة منذ أن تطأ أقدامهم الكلية التي تحتاج إلي إعادة هيكلة لتستقيم المعادلة الصعبة..
إذلال المواطن المصري في أقسام الشرطة، ناهيك عن انتهاك حقوقه الآدمية بالكامل في أمن الدولة (المنحل) كان منهج وزارة الداخلية ومرضها الذي أورث في قلوب المواطنين الحقد علي رجال الشرطة، وجعل منهم العدو رقم (1) للشعب، بعد أن تحولوا إلي آلهة تمنح حق الحياة لمن ترغب وتهدي الموت لمن تريد.
مجرد مرورك كمواطن عادي أمام ضابط شرطة كان يعني مغامرة لا تأمن فيها علي كرامتك.. تنكيس الرأس وإلقاء التحية مصحوبة بلقب البك أو الباشا طقس ضروري حتي لا يغضب حضرة الضابط فيستقبلك جنوده بأيد كريمة لا تبخل علي وجهك بالصفع، بينما الركل والشتائم التي تسمع فيها ما يهين أمك لن يتوقف مهما وصل ألمك الجسدي والنفسي!
الحكاية قديمة، لكن فصولها التي لا تنتهي تشير إلي أننا بحاجة إلي إعادة تقييم الوضع من جديد لنخرج من هذه الحلقة المفرغة إلي ثورة خاصة بتغيير الوضع في وزارة الداخلية.. قد تكون البداية من كلية الشرطة، وبالتحديد من العنصر البشري الذي يتم اختياره، واستبدال المناهج بأخري أكثر حرصا علي تخريج ضباط تكون مهمتهم المحافظة علي أمن المواطن وليس ترويعه أو إهدار كرامته، بينما يصبح التخلي عن عناصر قامت بتعذيب المواطنين وإحالتهم للتقاعد والمحاكمة أمرا مهما لا بد منه ليحصل المعذبون علي حقوقهم التي لم تسقط بالتقادم.
يمكنك الحصول علي القوائم السوداء لضباط التعذيب من مصادر عديدة، بينما لماذا وصل هؤلاء إلي تلك القسوة؟ وكيف يعيشون حياتهم الاجتماعية بعيدا عن غرف التعذيب؟، وأنواع الأمراض النفسية التي لحقت بهم؟، وطرق التخلص منها، والأهم ضمان عدم تكرارها في المستقبل مع غيرهم من زملائهم؟ والكثير من الأسئلة التي تشغلك حول ضباط التعذيب هو موضوع هذا التحقيق الذي ناقشناه مع خبراء في علم النفس وعلم الاجتماع..
يقسم الدكتور أحمد عبد الله أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة ضباط التعذيب من حيث اقتناعهم بتنفيذ مهامهم إلي عدة أنواع فيقول: منهم من يفعل ذلك كنوع من الامتثال للأوامر التي تحتمها طبيعة عمله، وآخرون يؤمنون بأن المصريين لا يأتون إلا بالعنف، وطائفة تشير طبيعتها النفسية إلي ميول سادية.. ويؤكد علي أن من يمارس التعذيب تحت أي مبرر فإنه يتحول في نهاية الأمر إلي تلك الطائفة ويصبح ساديا.
ويحذر عبد الله من أن عمليات غسيل المخ التي كان يقوم بها هؤلاء الضباط لضحاياهم تحول هؤلاء الضحايا في نهاية المطاف إلي مجرمين تتم ملاحقتهم.
ويفسر اتجاه ضباط أمن الدولة إلي ممارسة التعذيب، إلي المميزات التي يحصل عليها كل منهم الملحق بالجهاز.. ويتهمهم بأنهم كانوا يعملون خارج القانون.
ويتحدث عبد الله حول دور رقابي لا بد أن تمارسه كافة المؤسسات المهتمة علي الداخلية وفي مقدمتها وسائل الإعلام ويضيف: نفتقر للوصول إلي كثير من الحقائق ويتساءل في النهاية عن جهاز الأمن الوطني، ماهيته، وعلي أي أساس تمت هيكلته.
وإلي المفهوم الاجتماعي ونظيره الأمني يصنف الدكتور رشاد عبد اللطيف أستاذ علم الاجتماع ضباط الداخلية الذين يمارسون عمليات التعذيب..
فيقول النوع الأول يمارس عمله المكلف به كنوع من الواجب الوظيفي الذي يخلص في إتقانه وهذا النوع لا ينفصل عن الحياة الاجتماعية وممارسة طقوسها بشكل طبيعي فيمكنه الفصل بين مهنته وتعامله مع أسرته أو المحيطين به.
أما النوع الثاني فيقول إنه يميل إلي القسوة التي تصل إلي حد القتل وتقطيع جسد من أمامه كهدف في حد ذاته لأنه يستمتع بتعذيب الآخرين.
وينصح عبد اللطيف وزارة الداخلية بتأهيل الضباط والعاملين في جهاز الأمن الوطني بواسطة إخصائيين اجتماعيين وأطباء نفسيين لقياس صلاحية العناصر للعمل وتسريح من يثبت لديه ميول عدوانية.
وفي دراسة حصلت من خلالها بسمة عبد العزيز الطبيبة بمركز النديم والأمانة العامة للصحة النفسية علي درجة الماجستير حول الآثار النفسية للتعذيب وصفت فيها التعذيب بالمنهجي الذي يبدأ من أول النظام السياسي نزولا إلي وزارة الداخلية ومن ثم يقوم به الضباط والأمناء والمخبرون وغيرهم من رجال الشرطة.
ولا تعتبر بسمة أن الضابط حالة استثنائية في عمليات التعذيب وتشير إلي نظام يحميه، وأدوات تعذيب يتم تسليمها كعهدة من ضابط لآخر. وتتحدث عن نظام وزارة الداخلية الذي يمرن الطالب منذ أن يدخل كلية الشرطة علي القسوة، حتي لا يتم اتهامه من قبل رؤسائه أو زملائه بضعف الشخصية، فضلا عن السخرية منه واضطهاده.
وتتمني الدكتورة بسمة عبد العزيز إعادة النظر في المواد التي يدرسها الطالب في كلية الشرطة، فضلا عن انتقاء العناصر المقدمة إلي الكلية وفق اعتبارات موضوعية بعيدا عن الرشوة والمحسوبية وتغيير النظريات والمفاهيم التي تحكم العمل داخل وزارة الداخلية.. وتتهم النظام السياسي البائد بتغذيته لعمليات التعذيب المستمرة داخل الأقسام وأمن الدولة بهدف الحفاظ علي نفسه.
التعذيب الملف الأسود للنظام السابق حيث كان التعذيب حتي الموت هو سياسة ثابتة لوزارة الداخلية لا رجوع عنها، التعذيب كان يتم في إطار منظم ومنهجي وتحت إشراف الأطباء، فهذا الملف يعد أحد الأسباب التي أدت إلي قيام ثورة 25 يناير بل يمكننا قول إن حفلات التعذيب أسقطت نظام مبارك.
ولكن العجيب في الأمر أنه حتي بعد قيام الثورة مازالت قضايا التعذيب حبيسة أدراج مكتب النائب العام.
قال منتصر الزيات محامي الجماعات الإسلامية إن المشكلة الحقيقية تكمن فيمن يحمي صوت المستضعفين، فهناك مئات الشكاوي، إن لم تكن آلافا حول التعذيب موجودة في أدراج مكتب النائب العام ولا أحد يحركها، ولا يستمع فيها للشهود أو المجني عليهم، حيث إن عدد القضايا التي وصلت إلي القضاء قليلة جدا بالنسبه لعددها الحقيقي.
وأضاف نحن مع أن يكون الأمن حاضرًا ونشطًا ويتابع ويراقب بالعلم الحديث، وليس بالتعذيب والإهانة في أقسام الشرطة لذا علينا أن نكشف منظومة الفساد التي كانت تحيط بهذا الملف وخير دليل علي وجود هذه المنظومة قضية عماد الكبير التي كانت فيها محاولات للتستر عليها من دوائر فاعلة وبارزة في الداخلية حيث كان التعذيب منهجيا ويتم تحت إشراف الأطباء.. وأضاف لابد من تدريس ثقافة حقوق الإنسان واحترامه في كلية الشرطة.
وبسؤاله عن التطورات التي يمكن تطرأ علي هذا الملف بعد الثورة؟
قال: الفترة التي نعيش فيها الآن ثرية جدا ونتنفس فيها حرية لذا لابد من محاسبة المسئولين عن قتل المتظاهرين بالرصاص الحي وكل المسئولين عن جرائم التعذيب التي اتخمت بها أدراج النائب العام علي مر العقود.. ومن حسن الحظ أننا لسنا بصدد أزمة تشريعية وجرائم التعذيب لاتسقط بالتقادم، لكن النظام تدخل من قبل للتأثير علي مجريات محاكمة 44 ضابطا متهمين في تعذيب المتهمين في قضية الجهاد 1981 وتمت تبرئتهم ومكافأتهم، فضلا عن البلاغات الكثيرة التي تستوجب مساءلة الجلادين عن وقائع التعذيب من أول التسعينات حتي الآن.
اما المحامي ممدوح إسماعيل رئيس لجنة حقوق الإنسان بنقابة المحامين قال إن هناك 50 حالة قتل موثقة لضحايا "حفلات التعذيب" من المعتقلين في السجون المصرية خلال العهد السابق.
وأضاف أنني أدعو النائب العام لتعيين قاضي تحقيقات في قضايا اختفاء مئات المواطنين المصريين نتيجة القتل والتعذيب داخل السجون ، علي غرار قاضي التحقيقات في قضايا الكسب غير المشروع ، بحيث يتولي كل قضايا الاختفاء لمئات المصريين الذين اعتقلوا علي يد جهاز أمن الدولة المنحل، وتكون له سلطات واسعة للاطلاع علي ملفات أمن الدولة المخزنة علي اسطوانات الكترونية ولدي وزارة الداخلية وقيادة الجيش نسخ منها .
وذكر إنه تقدم للنائب العام ببلاغات عديدة بأسماء أشخاص مختفين منذ عدة سنوات قتلوا فيما أسماه (حفلات التعذيب) التي كانت تتم داخل السجون شديدة الحراسة بإشراف جهاز أمن الدولة ، ولكن هذه البلاغات تأخذ دورتها الاعتيادية البطيئة في التحويل إلي النيابات المختصة في المحافظات ما يعطل كشف الحقيقة حول قتل أو أسباب اختفاء هؤلاء الأشخاص الذين اختفي بعضهم منذ 18 عاما .
واكد إسماعيل أن مبارك والعادلي وحسن عبد الرحمن رئيس جهاز أمن الدولة المنحل هم الذين يعرفون أين اختفي هؤلاء وهم الذين يعرفون أين قتلوا ، ولهذا يجب التحقيق معهم وفتح ملفات أمن الدولة المخزنة علي أشرطة كمبيوتر والتي لدي قيادة الجيش والداخلية نسخة منها لمعرفة الحقيقة وعقاب المجرم.
واتهم إسماعيل بعد ذلك الصحف الحكومية التي قامت بالتعتيم علي جرائم الاختفاء والتعذيب خلال العهد البائد ونشر أنباء كاذبة عن مقتل أعضاء في الجهاز العسكري للجماعات الإسلامية والجهاد، قتلوا بدم بارد داخل السجون أو في عمليات التعذيب وقيل إنهم قتلوا في تبادل لإطلاق النار.
واختتم كلامه بتوجيه نداء الي المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة واللواء منصور عيسوي وزير الداخلية لفتح ملف المختفين داخل السجون المصرية والذين ألقي القبض عليهم من قبل جهاز أمن الدولة السابق ولم يستدل أهلهم علي أماكنهم، أو المختفين في حادث العبارة الذين ظهر بعضهم علي قناة الجزيرة ثم اختفوا للمطالبة بفتح تحقيقات موسعة لمعرفة مصير هؤلاء وعقاب القتلة ومن اعتقلوا وعذبوا المصريين بلا ذنب.. فيما تعتزم جماعة الإخوان المسلمين مقاضاة الرئيس المخلوع حسني مبارك بصفته رئيس المجلس الأعلي للشرطة، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي والرئيس السابق للجهاز المنحل حسن عبدالرحمن بقضايا تعذيب وقتل أعضاء من الجماعة بمقار أمن الدولة.
وأكد محامي الجماعة عبد المنعم عبد المقصود أن الجماعة ستبدأ بفتح ملف اعتقال أعضائها وقياداتها الذين يقومون حالياً بتجميع الوثاق والأدلة التي تدين المتهمين، مشيراً إلي أنه يجري كذلك تشكيل هيئة الدفاع التي لن تكون مقصورة علي الدفاع عن الإخوان فقط، بل عن جميع من له مظلمة أو قضية من خارج الإخوان.
اما د. عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري فقال إن التعويضات التي تقدمها وزارة الداخلية غير كافية مقارنة بالأثر السلبي الذي ينجم عن حالات التعذيب من قبل رجال الداخلية وقد تزول الآثار الناجمة عن التعذيب وفي هذه الحالة قد يتغاضون عن دفع التعويضات اللازمة والمستحقة لهم علماًَ بأن في الدول الأجنبية التي لا يوجد بها حالات تعذيب إذا وجدت حالات تعذيب يتم وضع تعويضات لهم أضعاف ما يتم دفعه للمصريين وهناك الكثير من حالات التعذيب لا يرفع لها قضايا تعويض وبالتالي هي غير معروفة.. والمفروض أن كل شخص نال ضرراًَ بغض النظر عما تعرض له من تعذيب عليه أن يرفع دعوي قضائية ضد من قام بإلحاق الضرر ضده هناك أخطاء تتحملها الجهات الإدارية لكن إذا كان الخطأ عمدياًَ وجسيماًَ فيمكن أن يسأل عنه الجاني من ضباط الداخلية بصفته الشخصية أي يتحملها من أمواله الخاصة.
هناك الكثير من الضحايا الذين راحوا ضحية جريمة لم يرتكبوها وماتوا داخل السجون وكثير منهم خرجوا من السجن وهم لايعرفون أقاربهم من كثرة ماتعرضوا له من تعذيب وهناك من اختفي داخل السجون ومات ولم يعرف عنه أحد. كلها جرائم ارتكبتها وزارة الداخلية فكان الرد في ثورة 25 يناير التي ثأرت للشعب من بطش الداخلية.
التقينا بالناشط الحقوقي طارق خاطر مدير مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان والذي أكد أن هناك آلافا من جرائم التعذيب التي لايعرف عنها أحد وكانت تقام حفلات تعذيب جماعية داخل السجون وللأسف فإن النيابة العامة والنائب العام كانوا شركاء أساسيين فيما يحدث سواء فيما يخص اختيار الدوائر التي تنظر فيها القضايا المرفوعة أوتحديد التهمة.
وأضاف أن هناك جرائم بشعة ارتكبت داخل السجون المصرية منها ماحدث مع المواطن محمد عبدالقادر والذي قام ضابط أمن الدولة بقطع العضو الذكري له وقمنا بتقديم بلاغ إلي النائب العام للتحقيق في الواقعة ففي الأول تم تحويل القضية الي أول دائرة جنايات ثم تم تحويل القضية الي دائرة جنايات مصر الجديدة وبعدها تم نقلها الي دار القضاء العالي ثم إلي التجمع الخامس وبعد هذا كله تم تبرئة الضابط المتهم وفي اليوم التالي صدر قرار بإغلاق مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان.
كما أن هناك قضية عم ربيع والذي مات حرقا داخل أحد السجون حيث تم سكب جاز الكيروسين سريع الاشتعال علي جسده وتم إشعال النار فيه وتوفي في وقتها والأغرب من ذلك أن وكيل النيابة قال إن الجريمة ضرب أدي إلي موت علي الرغم من أن ذلك الضابط متهم بتعذيب أكثر من 11 سجينا إلا أن القاضي حكم عليه بالسجن 6 أشهر فقط وتم وقفه عن العمل وبعدها قام بعمل استئناف وتم تخفيف الحكم الي خصم 01 أيام من راتبه.
الأدهي من ذلك عقب وقوع حالة الوفاة وقبل بداية التحقيقات تم توفير شقق لأهالي المتوفي وتم تشغيل أبنائه لكي يتنازلوا عن توكيلاتهم لنا برفع القضية.
وقال خاطر إن عمليات التعذيب هذه لم تكن ضد مسجونين سياسيين وكانوا مواطنين عاديين وفي جرائم أثبت أنها ملفقة وهو ما تجلي في قضية محمد بدر الدين جمعة التي شاء القدر أن تفضح تجاوزات بعض رجال الشرطة التي قد وصلت الي مرحلة ظهر فيها مدي التسيب والفوضي والمعاملة اللاإنسانية التي وصل إليها الجهاز المسئول عن أمن وأمان المواطن المصري.
محمد بدر رجل بسيط شاء حظه السيئ اختفاء ابنته جهاد فلجأ الي قسم المنتزه للإبلاغ عن اختفائها، فإذا به يلفق له ضباط المباحث بالقسم تهمة قتلها لمجرد أنهم عثروا علي جثة طفلة أخري تشبه ابنته في بعض أوصافها، وأجبروه علي الاعتراف بقتلها فرفض فلجأوا إلي كافة طرق التعذيب لإجباره علي ذلك، التي كان منها تهديده بهتك عرض زوجته نعمة والشروع في ذلك علي مرأي ومسمع منه، علي الرغم من العثور علي ابنته المتغيبة وتسليمها لنفس القسم وحولها ذات القسم الي دار رعاية الأطفال! ولسوء حظ هؤلاء الضباط الذين برعوا في جمع الأدلة والبراهين الواهية علي كونه قتل ابنته وبعد هروب ابنته من دار الرعاية، عثرت عليها سيدة سلمتها لوالدتها التي توجهت الي ذات القسم بصحبتها وأقرت لهم بأنها حية أمامهم فاحتجزوهم جميعا لمدة ثلاثة عشر يوما، وانتقلت النيابة العامة لقسم المنتزه وأثبتت ذلك في محضر رسمي ثم لم ينته الأمر عند ذلك بل حاول الضباط إعادة الكرة مرة أخري بأن حاولوا إجباره علي الاعتراف مرة أخري أمام النيابة العامة بقتل بنت أخري خلاف ابنته، واختلقوا له رواية أخري وهي أنه كان يعالجها من السحر والمس الشيطاني الذي أصابها بقراءة القرآن عليها فضربها بخرطوم من أجل إخراج الجن منها فماتت في يده دون أن يقصد.
كل ذلك من أجل رغبة هؤلاء الضباط في غلق ملف هذه القضية لعثورهم علي جثة لطفلة دون متهم حتي ينالوا العديد من الترقيات والنياشين علي حساب المواطن البسيط المسالم الذي لا يملك جاها ولا سلطانا، في بلد يفترض فيه أن ينال الأمن والأمان من قبل القائمين علي ذلك، وتحال قضية محمد بدر الدين الي محكمة الجنايات ويحكم عليه غيابيا بالحبس لمدة خمس سنوات مع الشغل والنفاذ.
وأضاف أن أغلب القضايا التي ترفع ضد ضباط الشرطة يدافع عنها محامي التعذيب فريد الديب والذي يستغل قانون العقوبات لتبرئة المتهمين كما أن النيابة العامة تتقاعس عن تقديم التعويضات إلي المجني عليهم مشيرا إلي أن عمليات التعذيب كشفت عن همجية النظام السابق في التعامل مع المواطنين العزل.
وعن حالات التعذيب بعد الثورة أكد أنها حالات نادرة داخل أقسام الشرطة ونستطيع أن نسميها فردية وكنا ننتظر أن تعوض حكومة الثورة جميع المنتهكين داخل السجون المصرية تعويضا يليق بما تعرضوا له من جرائم ضد الإنسانية ولابد أن يتم مراعاتهم مثلما يتم مراعاة شهداء الثورة فهم شهداء أيضا ولكن قبل الثورة مؤكدا أن هناك العديد من الضحايا في حاجة إلي تعويضات مادية وهناك الكثير أيضا يطالبون بأن تعترف الدولة بأنهم ضحايا التعديب في السجون المصرية.
وقالت الناشطة ماجدة عدلي مدير مركز النديم إن الجهات المعنية هي من أشعلت شرارة الثورة التي جاءت نتيجة تراكمات الظلم والقهر والقمع أشعلتها دعوة للتظاهر يوم عيد الشرطة احتجاجا علي سياسات التعذيب. وأن تركة الداخلية من اعتقالات وتعذيب وقتل قد تضاعفت بعد أن أضيف إليها شهداء ومصابو الثورة وأنه لا أقل اليوم من أن نطالب بضرورة إبعاد كل من هم موضع اشتباه في جرائم الاعتداء علي المتظاهرين من جهاز الشرطة لحين الانتهاء من نظر القضية.
وطالبت بإبعاد كل المتورطين في جرائم التعذيب في عهد النظام السابق من عملهم بالجهاز إن صدقت النية في أن تكون الشرطة في خدمة الشعب وليست سيفا مصلتا علي رقاب المواطنين.
وأوضحت أن عدد الضحايا الذين تعرضوا في السجون المصرية للتعذيب وصل الي 4000 سجين مصري وغير مصري وخاصة ليبيا وأتوا الي مصر بعد تعرضهم لجرائم وحشية هناك.
وأكدت أن هناك جرائم لازالت تمارس داخل أقسام الشرطة وهو ما حدث في أقسام الدقي والعمرانية مطالبة بإعادة هيكلة جهاز الشرطة بداية من طالب الشرطة بحيث يستطيع أن يتعامل بآدمية مع المتهمين.
وأشارت الي أن الشعب المصري يعاني من تعذيب آخر وهو مايحدث الآن من أحداث البلطجة التي تروع المواطنين في الشارع المصري فجميعهم مسجلون خطر وتطلقهم الداخلية لبث الرعب في نفوس المصريين حتي نلعن جميعا الثورة.
وفي حديثها عن معارك المركز مع التعذيب قالت: عام 2007 ذهبنا، أعضاء فريق النديم، إلي المنصورة، مدينة ومراكز وقري، أكثر من مرة لم نكن أول ولا آخر من ذهب واهتم وتضامن مع أهالي المنصورة من نشطاء حقوق الإنسان ومراسلي الصحف والتليفزيون حين أصبحت تلك المدينة فجأة في بؤرة الضوء و لم يكن عيدها القومي ولا افتتاح مركز علاجي جديد علي مستوي مركز علاج الكلي.. زلزالا ولا إنفلونزا الطيور ولا تصادم قطارين.. كانت أحداث أبطالها هم رجال الشرطة: ضباطا وأمناء وخفر ومخبرين.. "الحكومة" كما يطلق عليهم الأهالي في المنصورة وفي معظم أنحاء البلاد.. وكما كانت هناك أدوار بطولة كان هناك أيضا الكومبارس، ممن قاموا بأدوار مساعدة، مثل العمد وأعضاء مجلس الشعب والمجالس المحلية و"كبارات البلد" في القاموس الشعبي.. وكان نتيجة تلك "البطولة" قتيلين، أحدهما طفل، بالإضافة إلي شاب انتهك عرضه قبل زواجه بيومين، وأم عذبت هي وطفلتاها وأخواتها، وعشرات تعرضوا للسب والضرب والتهديد، وإصابات احتاجت إلي تدخل جراحي عاجل.
لم تسفر تلك الأحداث عن القبض علي أحد كبار تجار المخدرات أو السلاح ولا الكشف عن تنظيم إرهابي خطير ولا كشف المتورطين في كوارث القمح المسرطن أو الدماء الملوثة أو العبارات الغارقة أو القطارات المحروقة ولا توجد أي علاقة بين الضحايا الرئيسيين سوي أنهم من أبناء قري وضواحي المنصورة الفقيرة مثل تلبانة وسلمون القماش وشهداؤهم إما طفل معوق يسترزق هو وأسرته من صدقات أهل الخير أو نجار يعول أسرة ممتدة ويجامل أهل قريته من صنع يديه أو سيدة أمية تتحدي الفقر والبطالة بماكينتين تريكو أو شاب لم ينتظر القوي العاملة ولا مساكن المحافظة وأعد بيتا من صنع يديه ليستقبل عروسه.
نماذج متنوعة الجنس والسن والتعليم والثقافة، ما يجمع بينهم أنهم ليسوا من أصحاب النفوذ والثروة وأنهم برغم كل شيء كانوا لا يزالون يرغبون في حياة كريمة.
وأضافت خلال السنوات العشرالماضية صاحبنا مئات البشر أثناء رحلة العلاج العضوي والنفسي، ورأينا أن بعض الأطباء، دون أن يدروا، قد يساهمون في مضاعفة آلام ضحايا التعذيب وقد يشاركون في الجريمة بإعطاء الجناة فرصة للإفلات من العقاب وإهدار حق ضحايا التعذيب في ملاحقة المتهمين باقتراف تلك الجريمة الشنعاء.
أكثر حالات التعذيب التي تقابلنا هي حالات المعتدي عليهم داخل أقسام الشرطة، وأول تقرير طبي يتناول وصف الإصابات هو التقرير المبدئي الذي نقوم كأطباء بإصداره حال تحويل المواطن للمستشفي، والتي غالبا ما يكون أقرب مستشفي لقسم الشرطة، وقد تتطلب ظروف المصاب حجزه في القسم الداخلي بها.
وكثيرا ما تكون ثمة علاقة بين قسم الشرطة والمستشفي القريب منه بحكم طبيعة عمل كل من الجهتين وقد تسمح هذه العلاقة في بعض الأماكن بطلب ودي لا يخلو من التكشير عن الأنياب للمستشفي بعدم تسجيل بعض الإصابات أو كلها، أو عدم ذكر أقوال الشاكي ادعاء تعذيب في قسم الشرطة علي سبيل المثال أو قد تكون قلة الخبرة بكيفية تسجيل الإصابات من وجهة النظر القانونية سببا في ضعف التقرير واعتباره سندا قليل الشأن أمام النيابة وبالتالي يهدر حق المواطن في التحويل للطب الشرعي. وهكذا، وبمنتهي حسن النية، نرتكب خطأين: خطأ إهدار حق ضحية التعذيب من جانب، والسماح للجاني بالإفلات من العقاب علي الجانب الآخر. كذلك هناك حالات حرجة يتم فيها تهديد الطبيب من أجل تغيير التقرير إذا رأي الضابط أنه ليس في صالحه..
أقدم السجناء المصريين محمد الأسواني ل»آخر ساعة«:
دفعنا الفاتورة كاملة لأننا أصحاب المحاولة الأولي
ثلاثون عاما من السجن والتعذيب لم تؤثر علي ابتسامة محمد الأسواني، حتي إذا ما فتح لنا ابن أخته الباب وجدناها تطل علينا من وجه وقور يثير بداخلك الفضول وأنت تجلس أمام رجل تعرض لظلم مبارك طيلة مدة حكم الأخير.. ثلاثون عاما خلف القضبان جعلت الأسواني يتفوق علي الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا في عدد سنوات السجن خاصة أن مانديلا خرج بعد 72 عاما فقط بينما تخطاه الأسواني بثلاث سنوات..
الأسواني يقول إنه دفع الفاتورة كاملة، في الوقت الذي يناشد فيه الجهات المسئولة الإفراج عن زملائه ممن لا يزالون خلف القضبان..
خرج الأسواني من السجن بعد أن حصل علي إفراج صحي وفق تقارير طبية تؤكد أنه يعاني من ارتفاع شديد بضغط الدم وارتفاع بنسبة السكر بالدم ويعالج بالأنسولين ولديه شلل نصفي بالجانب الأيسر بسبب جلطة قديمة بالمخ بالإضافة إلي اضطرابات بالقلب وتضخم بالكبد وضمور بالكلي اليسري ووجود حصوات متعددة بها.
❊❊ وهل استطاع مستشفي ليمان طرة التعامل مع كل هذه الأمراض؟
يبتسم الأسواني وقد اكتشف خبث السؤال:
- نعم كل هذه الأمراض التي أعاني منها كان يتم التعامل معها تحت إشراف طبي في مستشفي السجن الذي لا يوجد به علاج ولا إمكانيات نظرا لما يتفوق به من إهمال طبي، ولا يستطيع أن يتحدث(!)، وتوجد حالات كثيرة بالسجن ماتت بسبب هذا الإهمال الطبي، ويكفي أن تعرف أنني عندما أصبت بالجلطة تم الإبلاغ عنها بعد 84 ساعة وقتها كان كل شيء انتهي.
في حين أن المخلوع مبارك الذي لا يعاني مثلي كان يرقد بمستشفي بشرم الشيخ تحت رعاية طبية ألمانية ويحظي الآن برعاية كاملة في المركز الطبي العالمي.
❊❊ هل تظن أن الرئيس المخلوع كان سيبادر بالإفراج عنك إذا عرف حالتك؟
مبارك لا يعرف معني العفو، بدليل أنني أتذكر واقعة لمسجون مثلي وصلت أوراقه إلي مبارك ليعفو عنه فرفض بحسم.
❊❊ هل تتوقع أن رموز النظام بطرة تتم معاملتهم بطريقة مميزة عن باقي المسجونين ؟
في البداية يجب أن نفرق بين سجن ليمان طرة وسجن ومزرعة طرة التي يوجد فيها رموز النظام، أما قاعدة السجن عموما فهي: "اللي معاه قرش يساوي قرش.. والله يكون في عون المسجونين بليمان طرة .
❊❊ بصراحة هل توقعت أن تقوم ثورة في مصر ؟
لم أتوقع أن تحدث في مصر ثورة مثلما حدث في تونس علي الرغم أن طبيعة الشعب التونسي تشبه الشعب المصري ، لأن مبارك بطبيعته فرعون لن يتنازل عن كرسي الحكم بالإضافة إلي أن النظام نجح في تضليل عقل المواطن المصري ومثال علي ذلك أنه خلق صوراً غير صحيحة عن الجماعات الإسلامية ولصق بها تهمة الإرهاب ، وعندما علمت بوجود وقفة احتجاجية يوم عيد الشرطة قلت إنها مثل أي وقفة وستمر مرور الكرام، ولأن السجن كان لا يبث فيه غير قنوات التلفزيون المصري فكنا لا نعرف مايحدث بالخارج، وعندما شاهدت ما يحدث علي الفضائيات عن طريق هاتف محمول لم أصدق حتي أنني ظننت أنها صور مركبة.
لآخر وقت لم أتوقع أنها ثورة ، لكن شيئا ما كان يحدث من حولنا فالمعاملة بالسجن تغيرت إلي الأفضل وكنت أسمع بيانات مبارك والمجلس العسكري وأقول لن يتنحي إلي أن جاء يوم 11 فبراير فسمعت أحد أصدقائي يصرخ باكياً الله اكبر مبارك مشي.
❊❊ وكيف تعاملت مع الخبر؟
سيطرت عليّ حالة من الذهول، حتي أنني لم أفعل شيئا علي الإطلاق سوي الخلود للنوم لأستيقظ بعدها فأسأل من جديد: هل تنحي مبارك عن السلطة بالفعل؟!
ويكمل: " الله الذي أسقط النظام " فهو الذي ألقي في قلوب الشباب الشجاعة لكي يقوموا بالثورة، وأنا أثق في الله الذي نجح هذه الثورة بأنه سيصطفي من بين أبطال الثورة من يقود مصر إلي الأمام ويحررها من الفساد والظالمين .
❊❊ بعد نجاح الثورة هل توقعت الإفراج عنكم ؟
باعتبار أن الثورة تصحح الأخطاء توقعت أن يفرج عن جميع المسجونين، نحن أصحاب المحاولة الأولي وأول من وقفنا ضد حكم مبارك من أيام السادات، وأتمني أن يتم الإفراج عن باقي المسجونين السياسيين .
❊❊ لأنه ظلمك كل تلك المدة.. تري كيف كنت تدعو علي مبارك؟
بدعاء واحد "اللهم أرني فيه عجائب قدرتك" وللعلم فإن مبارك لم يهن حتي الآن ومازال يعامل معاملة إنسان من الدرجة الأولي، لا أعرف لصالح من رغم أنه مجرم وأخطأ في حق المصريين جميعهم.
❊❊ دعنا نسترجع اليوم الذي ألقي فيه القبض عليك واحك لنا ماذا حدث؟
تم القبض عليّ يوم 61/11/1891م، كان لدي صديق يدعي صلاح وكان يتردد علي بيتي بشبرا كثيرا للمذاكرة، وهذا الصديق له علاقة شخصية بالمجموعة التي قامت باغتيال السادات، فأصبح بيتي مراقبا، وتزامن في الوقت الذي كان فيه والدي هاربا من الثأر، فوجئت بمجموعة من الرجال يسألون علي في البيت وكان واحد منهم يحمل "طبنجة" ولم أتوقع أنهم رجال أمن لأنهم يرتدون ملابس مدنية، حاولت الهروب خوفا من أن يكونوا رجالا من الصعيد وجاءوا يأخذون الثأر، وجريت في الشوارع أهرب من مطر الرصاص، وحدثت إصابات بين رجال الأمن نتيجة مطاردتي، وأنا هربت من البيت وعرفت من أمي الكفيفة أنهم قاموا بتفتيش الشقة وقاموا بضربها، هي وأختي وتم القبض عليّ بعد فترة من هروبي وقدمت للمحكمة ولأن القاضي يحكم بالورق فكانت القضية مضبوطة وتم اتهامي بمحاولة قلب نظام الحكم ومقاومة السلطات.
وتم الحكم عليّ ب 20 سنة مؤبد في غياب محام يدافع عني، وتم زيادة المؤبد إلي 52 سنة لضمان عدم خروج اكبر المسجونين سياسياً بأمر من مبارك.
وكان وكيل النيابة وقتها عاصم عبدالحميد نصر هو الترزي الذي فصل القضية واتهمني بها وكانت المعاملة بليمان طرة في منتهي القسوة وكنا نتمني أن نعامل مثل السجناء الجنائيين، فكنت أعامل معاملة القتلة واللصوص.
وفي عام 1993 قدمت إلي محاكمة أخري تم الحكم عليّ بالسجن المشدد 12 سنة أخري لإدانتي بالضلوع في محاولة هروب جماعي من السجن وتم تبرئة 42 ضباطا وتم ترقيتهم ومنحهم الأوسمة فيما عدا أنا الذي تم الحكم عليه .
وفي 1998 مثلت مجددا أمام المحكمة العسكرية في قضية " طلائع الفتح " ليحكم عليّ مرة ثالثة بالسجن 10 سنوات.
ووصلت جملة الأحكام الصادرة بحقي 47 عاما وخرجت بالعفو الصحي وعلي أساس أنني قضيت نصف المدة .
❊❊ وماذا عن التعذيب داخل السجون؟
"أول حاجة بيعملوها أنهم بيفقدونا المناعة من خلال تقليل كمية الطعام المقدم إلينا يوميا".
وبالنسبة للتعذيب حدث ولا حرج كل ما تتخيله من أشكال التعذيب كنا نتلقاه، وخاصة في فترة التحقيقات: صعق بالكهرباء والضرب المبرح وعدم النوم عن طريق إيقاظنا بمياه غير نظيفة أو الكهرباء أو تسليط الضوء علي وجهي كي لا أنام.
وأنا أذكر أنهم منعوني من النوم أسبوعا كاملا وتركوني بعد ذلك لأنام لمدة 48 ساعة.
هذا فضلا عن أنني فقدت 30 ديوان شعر تمت كتابتها في السجن وكان هناك زملاء لنا يعدون لرسالة الدكتوراة في السجن فيتم سرقتها أكثر من مرة إلي أن يقوم المسجون بعد إتمام الرسالة بحرقها بنفسه خوفا من أن يسرق مجهوده وتعبه!
ولهذا فإنني أطالب بالإفراج عن زملائنا الموجودين في السجن حتي الآن باعتبارهم من صنعوا الشرارة الأولي للثورة.
❊❊ هل تذكر أحدا من ضباط التعذيب ؟
نعم اللواء محسن حفظي ومحمد عبد الفتاح عمر وفؤاد علام وحسن أبو باشا، ولكن كان هناك ضباط محترمون يحاولون أن يوقفوا التعذيب عنا ولكنهم قلة .
❊❊ هل تنتمي إلي أي تيار سياسي معين حاليا ؟
عندما خرجت من السجن قررت ألا أنتمي لأي تيار سياسي وعُرض عليّ أن أنضم إلي أحزاب ولكني رفضت وأريد أن أنتمي إلي حزب "تنظيم الأسرة" وأتزوج ويتم تسكيني في أي وظيفة وبالفعل قمت بتقديم أوراقي للقوي العاملة كي أحصل علي أي وظيفة ولم يرد علي أحد حتي الآن.
❊❊ ماذا تتمني من رئيس الجمهورية القادم وكيف تري المرشحين الرئاسيين المحتملين؟
أنا أريده رجلا عادلا يحقق العدالة في مصر ويتقي الله في شعبه بغض النظر عن انتمائه إلي حزب معين، وأن يكون الدستور مستمدا من الشريعة الإسلامية فالقرآن به جميع الأحكام التي ترشدنا لتطبيق العدالة بين المواطنين، وعن مرشحي الرئاسة المحتملين فأنا لا أعرف أحدا منهم كي أختار من يمثلني كمواطن مصري نظرا لما قضيته في السجن من سنين طويلة ، ولكن كل ما أعرفه أنه عندما كان المواطنون يعطون أصواتهم لأحد لا يعرفونه غير مبارك فكان هذا من سبيل التغيير.
وأري أن تقسيم المسلمين إلي إخوان وسلفيين وصوفيين كان من تخطيط النظام فكلنا مسلمون ونحب ربنا، ولكن أري أن جميعهم يخافون الله .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.