حلم ثاني أثناء سيري في الممر الطويل الضيق، خرج أمامي من الحائط رجلان قويان. خفتُ، فأوشكتُ علي الركض إلي الخلف، أمسكاني من كتفيَّ بقوة. اشتد خوفي، فتبولت في سروالي. عدلَّا اتجاهي ودفعاني للسير إلي الأمام. من بعيد لاح لي (وودي آلن) يجلس علي مقعد روماني، يضع رِجلاً علي أخري. عند اقتربنا منه، أنزل وودي رجله، ومال بجسده إلي الأمام، وأمرني أن أبدل الفيل في قصتي بالكانجرو، فالكانجرو ليس مشهورًا كالفيل، كما أنه كائن لطيف، حنون جدًا. يقفز ولا يسير. يعيش في قارة واحدة، والأضواء ليست مسلطة علية بالشكل الكافي. تفحصت وجهه لأ تأكد من أن الندبة مازلت بوجهه. لاحظ، فأدار وجهه إلي الخلف و أشار بيده إلي الرجلين أن يضرباني. ضُربت في بطني، ثم في قصبة رجلي.سقطتُ علي الأرض، وجررتُ إلي خارج الممر. رأيتُ فيلم وددي آلن الجديد. كان يحكي كما توقعت. قصتي التي رويتها له علي المقهي. حكاها تمامًا. مشاهد حب طاحنة.بينها، لقطات إرشيفية لحياة الفيلة. لقطة للفيل مع القطيع. الفيل يشرب. الفيل يضاجع. الفيل وسط السائحين. لكن الشيء الوحيد المختلف كانت النهاية. فقد بدلها حتي لا يكشف نفسه، ابن الحرامي. كنتُ مضطربًا من الفقد، والحلم زاد اضطرابي، وكمثل المضطربين، سرت في أرض الله حتي اهتديت إلي مقهي لأستريح. كان في شكله الأربعيني يجلس في مدخل المقهي، منكبًا علي طاولة عليها أوراق وأقلام. في طرفها زجاجة كوكاكولا. كان يرتدي نظارته، قميصه اللبني، وبنطاله البيچ. ترددتُ كثيرًا، لكني في النهاية جلستُ. تمتمتُ، فالتفت إلي. أشار بيده أن أتكلم. حكيت له عن علاقتي برانيا التي نشأت علي الإنترنت، ولم تتجاوزها. لم يدر بينا أي كلام، فقط تُصَّبح علي بقبلة علي شكل " إيموشن" ، فأصبح عليها. تمسي فأمسي. فجأة اختفت. في رسائل خاصة، أرسلت لها رسائل بها ورود، قلوب. وجه يضحك. بكيتُ من شدة الفقد. و لكني لم أرسل إليها وجهًا يبكي. بالأمس حملتٌ بها.حلمتُ بأني أجلس علي كنبة بيتي الحمراء، و كنتُ أشاهد التلفاز. رأيتُ مسابقة، من يجاوب علي الأسئلة المتعلقة بعالم الفيلة سيفوز بفيل هدية. ظهر الفيل الصغيرمرتديًا قميصًا أبيض، بنطلونًا أسود كالخدام. وقفت أنتظر الفيل في المطار. هبطت الطائرة، أُنزلت السلالم. ركض الفيل نحوي بشغف طفولي. انحينت قليلاً، فتحت ذراعي. ضممته بقوة. رأيت امرأة خمسينية، تشبة رانيا تمامًا تنزل علي سلم الطائرة. لعبت مع الفيل قليلاً حتي تجاوزتنا. أمسكت الفيل من زلومته و مشينا خلفها. من بعيد سمعت طرف الكلام، وهي تقول " إنهما هو و رانيا قد تركا بعضهما ". قلبي انخلع. ضغطت علي زلومة الفيل بقوة فنزل منها ماء. تابعت المرأة حتي نهاية الممر المفضي إلي سينما صيفية. تركت زلومة الفيل، و جلستُ بجانب المرأة في الصف الأمامي.. التفت إليها، فالتفتت لي في لحظتها تحولت إلي رانيا. قلت : - هتسبيني أنا - مش عارفه. بفكر اسيبكم أنتم الأتنين. سمعت صوت الفيل يئن، فالتفت، كان الفيل محشورًا تحت كرسي. ذهبت إليه. تقرفصت علي الأرض. فجأة هبطت الأرض بنا إلي بركة، فغرقنا. انتهيت من رواية الحلم. و طلبت منه تفسيرًا. أراح ظهره علي ظهر الكرسي، و قال : - الفيل حيوان ثدييي نباتي ذو حجم ضخم ويعتبر من أضخم حيوانات الغابة فهو ذو رأس كبير وذيل قصير وله نابان من العاج ويعيش غالبًا في آسيا وفي غابات أفريقيا. - الفيل من الكائنات الطيبة الذي ننخدع في مظاهرها، فنراها طيبة مسالمة و هي بنت قحبة. - الفيل يرغب في السيطرة علي عالمه. لذلك يرغب في قتل الأسد و السيطرة علي الغابة. - الفيل ، و الفيل ، و الفيل ، و الفيل. بكيتُ، واهتز جسدي بشدة. سألني عنها، فقلتُ: - شبه ديان كيتون فقال بعصبية و سرعة شديدة: - صاحبتك متقدرشي تعيش من غير فكرة العاشق و الحبيب وتعشق المضاجعة الثلاثية، واحتمال كبير أنام معاها أنا كمان. اتقَّد جسدي، وزفرت نارًا حقيقة. مسكت زجاجة الكوكاكولا، وخبطتها في الحائط فانكسرت. ظهرت ملامح الفزع التقليدية علي وجهه. أمسكته من ياقة قميصه، و ضربته بطرف الزجاجة في خده. امتدت ندبة من أسفل عينه حتي منتصف خده. أستندُ علي ركبتيَّ. ألتقط أنفاسي. رميتُ قطعة الزجاج علي الطاولة ومشيت. ظللتُ أتابع القنوات العالمية المهتمة بفن السينما حتي أراه والندبة تزين وجهه. لكني لم أجده. لاحقا، علمتُ من تلك القنوات أنه سيذهب بفيلمه الجديد إلي مهرجان ( كان) ليفتتحه. أدخلت ترددات قناة (كان تي في) . رأيته، كان يقف وسط نجوم الفيلم ليلتقطوا الصور، كان يرتدي نظارة كبيرة تغطي منتصف الندبة.. تحدث المذيع علي ما أعتقد عن الندبة. الكاميرا، تقترب ببطء شديد من وجهه حتي تستقر علي نصفه المندوب. فأدار وجه و أظهر خده الأخر. حلم أول جاءني وودي في حلم قصير يطلب مني تغيير النهاية، بدلاً من اقتراب الكاميرا من نصفه المندوب، أن أنتظر حتي ينتهي من التقاط الصور، فيلتفت، ليسير علي الريد كاربت. فتقترب الكاميرا من يده اليمني التي تحمل القطعة الزجاجة التي ندب بها. ثم يحدث إظلام تدريجي، و تظهر كلمة النهاية.