ماء ماءٌ كثير يدفق في شراييني ولا مركب. في قلبي بحر وجمهور من الغرقي. يا جاك كيرواك
كثير من الأخطاء في الإشارات والأسماء علي الطريق يا جاك كيرواك الأسهم المشيرة إلي أمكنة توصل إلي أمكنة أخري واليافطات المكتوب عليها ينابيع صحاري. ماذا جري يا جاك كي أري السهل حوتاً يريد أن يبتلعني والفراشةَ جداراً؟ وهل السنونوة التي سقطت ميتةً أمامي كانت تعبر كي ترسم الطريق أم كي تمحو العبور؟ يا جاك، يا جاك، إنزعِ اليافطات عن الطريق إلغِ الينابيع والغابات والأمكنة دلَّني فقط إلي الممرِّ الذي بلا إشارات ولا أسماء أريد أن أعبر. لديَّ حلم لديَّ حلمٌ يا مارتن لوثر كينغ حلمٌ صغير أنْ أُعيد إلي الأرملة فلسها وحلم أنْ أقعد مع الكسيح وأنْ يمرَّ هواء لطيف بين قدميه المشلولتين والبلاطة التي يقعد عليها. إلي سركون بولص وبسَّام حجَّار اعطني رداءك يا سركون بردتُ أَدفئني قليلاً بترابك وأَنعشْ هذا التراب يا بسَّام ادلقْ عليه كأسك. علي المحطَّة قطارٌ بعد، اصعدا قبل أن يمضي نذهب معاً في نزهة نري الغابات، نري البطَّ في البحيرات، نري البيوت وكيف تطويها المسافات وتطوي الساكنين فيها لا يزال قطارٌ بعد وبعده تقفل المحطَّة اصعدا فإنْ مضي هذا القطار أين نقضي هذه الليلة؟ إنَّه القطار الأخير، اصعدا قد نذهب في نزهة قد نري ذاك النبع الذي حلمنا به طويلاً ينبثق من المياه الجوفيَّة لأحلامنا اصعدْ يا سركون قد يمرُّ هذا القطار في مدينتك اصعدْ يا بسَّام قد نري مروة. كي يقول
مئات الصفحات كي يقول العشبةُ ماتت كي يقول القمرُ نام، مئات الصفحات كي يقول خُذِ الشمعة إنها في الزاوية هناك، مطفأة أشعِلْها بأنفاسك إنْ شئتَ أو أَبقِها مطفأة وإنْ شئت ارْمِها، مئات الصفحات كي يقول عود ثقاب كي يقول اشتعلْ كي يُخفض الدرجة قليلاً كي يستطيع أن ينزل، مئات الصفحات كي يقول رأي نملة كي يقول رأي خشبة وكي يوهم نفسه أنه أنقذ الغريق، مئات الصفحات كي يقول غرقتُ ولا أري شيئاً كي يتسامر مع طحلب، مع فراغ كي يري السفن وهي تهوي والغرقي يصرخون وكي يلفَّ سيجارة وهو ينظر إلي الأمواج، مئات الصفحات كي يعتذر من صرصار وطئه ذات يوم بقدمه كي يقول للعريشة أمام بابه شكراً وشكراً للكلب الذي كان يلوّح له بذنبه. مئات الصفحات مئات الصفحات كي يقول كلمة ولا يقولها. المروحة لا تدور
المروحة لا تدور يا ألن غينسبرغ كان ذاك هواءً يدور في رأسي حلْمَ هواء لا يحرِّك المروحة. الحكاية
الحكاية أَن لا حكاية تلك التي قالها القبطان كانت خرافة كي يسلِّي المسافرين في المحيط المديد والحكايةُ الأخري كانت خرافة أيضاً كي يسلِّي الذين يغرقون. الحكاية أنْ لا أحد في البستان ولا أحد في الخيمة ومن كان ينام ويزرع كان خيالاً لا خيمة ولا بستان لكنْ قبل ذلك كي يظنَّ الشجر أنَّ له ظلاً ويظنّ التراب أنَّه أُمّ. الحكاية أَنْ لا أُمَّ ولا قبطان ولا مركب ولا ظِلَّ ولا حكاية. لا تأخذِ الخيل إليه ولا الخَيَال أَعدِ الماء إلي النبع ولا تُزعج الغيم ولا تُصلِّ، لا تُقلق الموتي دعْهم في ترابهم يستريحون وإنْ انهمر مطر فخفِّف من لهاثك لهاثُك يصعد غيماً إلي الفضاء ويمطر والمطر يوحل التراب ويزعج الموتي. أَعدِ الماء إلي النبع ولا تأخذ الخيل إليه ولا التخيُّل ولا الخَيَال النبع جرَّة مكسورة لا ماء فيها فاذهبْ بلا ماء ولا خيل ولا خَيَال. من أخذ النظرة؟
من أخذ النظرة التي تركتُها أمام الباب قبل أن أنام؟ النظرة التي طوال الليل حاولتُ أن أخلق لها عيناً. نظرة بلا عين أتت ووقفتْ علي بابي في قلبي أحداق كثيرة لعيون نبشتُها حدقة حدقة ولم أجد عيناً لهذه النظرة. نظرة غريبة أتت في الليل ونامت أمام الباب وفي الفجر حين فتحتُ عينيَّ غابت. يافطات يافطات كثيرة علي الطرقات يافطات تدلُّ إلي مدن يافطات تدلُّ إلي شوارع يافطات تدلُّ إلي مصانع، إلي مؤسسات، إلي دكاكين، إلي بيوت... يافطات كثيرة ملأي بأسماء ويمشي باحثاً عن يافطة فارغة. نملٌ علي الجدار حجرٌ آخر في الجدار؟ بل أحجار أيُّها "الطوفان الزهريّ" لكن لا يزال نملٌ يتسلَّق عليها.