للراغبين في الشراء.. سعر الذهب اليوم الأحد    السعودية تلغي تصاريح بعض حجاج الداخل بسبب اللقاحات وتوجه رسالة للوافدين    توقعات بفوز اليمين، 21 دولة يختتمون اليوم انتخابات البرلمان الأوروبي    البحرية البريطانية: حريق شب في سفينة نتيجة قذيفة أطلقت من اليمن    مصرع وإصابة 19 شخصا في انهيار شرفة ملهى ليلي بالمكسيك (فيديو)    انخفاض طفيف ومؤقت، درجات الحرارة اليوم الأحد 09 - 06 - 2024 في مصر    اليوم.. مغادرة آخر أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    تامر عبد المنعم عن صفعة عمرو دياب: كل واحد يلزم حدوده ومليون دولار لن تكفي لرد الكرامة    وصفات طبيعية لعلاج قشرة الرأس، أبرزها الزبادي وزيت شجرة الشاي    طلاب «إعلام المنوفية» يطلقون حملة «إعلامنا» للتعريف بالكلية ومميزات الدراسة بها    أخبار غزة.. مسيرات تدد بمجزة النصيرات والاحتلال الإسرائيلي يقتحم بلدات جديدة    عاجل: حدث ليلا.. الغضب يشتعل ضد نتنياهو واحتجاجات عنيفة أمام البيت الأبيض    حزب الله يعلن قصف مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل الإسرائيلية براجمة من صواريخ فلق 2    عاجل.. اتحاد الكرة يحسم مصير إمام عاشور من المشاركة أمام غينيا بيساو    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    أمم أوروبا 2024.. المنتخب الإنجليزي الأعلى قيمة سوقية ب 1.78 مليار يورو    «البترول»: خططنا لتلبية احتياجات الكهرباء من الغاز أو المازوت    ارتفاع أسعار الدواجن والبيض اليوم في الأسواق    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 ونيو 2024    جدول مواعيد امتحانات الثانوية العامة 2024.. تنطلق غدا    «التعليم»: اتخذنا إجراءات غير مسبوقة لمنع تداول امتحانات الثانوية    البنك المركزي يعلن معدلات التضخم في مصر بنهاية مايو.. الاثنين    طرح البرومو الدعائي لفيلم عصابة الماكس: في كل خطوة كمين (فيديو)    مناخ «الزراعة»: الموجات الحارة تؤثر على الفواكه والخضروات    فضل الدعاء في هذه الأيام المباركة.. لا يرده الله    للحجاج والمعتمرين.. محظورات لا يجب فعلها أثناء الحج    «زي النهارده».. 9 يونيو 1967 تنحي الرئيس عبدالناصر بعد نكسة 67    وزير الصحة يتفقد مستشفيي رأس الحكمة والضبعة المركزي بمطروح (صور)    ما سبب الشعور بالصداع عند الاستيقاظ من النوم؟.. «السر في التنفس»    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    حبس 8 مسجلين خطر بينهم سيدة ضبط بحوزتهم 13 كيلو مخدرات بالقاهرة    بايدن مخاطبًا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا «لا تتزعزع»    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    10 سنوات إنجازات | طرق وكباري و3 محاور رئيسية لإحداث طفرة تنموية في قنا    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    ليلى عبد اللطيف تكشف حقيقة توقعها بعيد أضحى حزين في مصر    كوميديا وإثارة وظهور مُفاجئ ل السقا وحمو بيكا..شاهد برومو «عصابة الماكس» (فيديو)    مقتل 45 شخصا على الأقل جراء صراع عشائري في الصومال    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    طارق سليمان: كنت مع مشاركة شوبير في نهائي إفريقيا على حساب الشناوي    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    مع بدء رحلات الحج.. خريطة حدود الإنفاق الدولي عبر بطاقات الائتمان في 10 بنوك    «القومى للمسرح المصري» يحتفي بدورة «سميحة أيوب»    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    "نيويورك تايمز": قنبلة أمريكية صغيرة تقتل عشرات الفلسطينيين في غزة    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    حظك اليوم برج الحوت الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عاجل.. انفراجة جديدة في مفاوضات بن شرقي وحقيقة عرضين الخليج ل "الأخطبوط"    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسجد لكل كنيسة مواز لها في المقدار ومساو لها في الارتفاع :
وقائع تحرش مُعلن
نشر في أخبار الأدب يوم 08 - 01 - 2011

في المشاهد التي تم بثها لحادثة الإسكندرية الأخيرة، تتنقل الكاميرا بين الحطام الذي خلفه الانفجار عند الكنيسة ثم تتبع ذلك بلقطة داخلية لمسجد هُشّم زجاجه وتناثرت محتوياته، وكما يظهر في اللقطة فإن المسجد يقع في مواجهة الكنيسة تماما. رسالة المخرج هنا واضحة، اعتبر أن تلك الخسائر تدلل علي أن المُصاب واحد، وأن ما أصاب الكنيسة أصاب المسجد وبنفس القدر. لكن السؤال الحقيقي الذي تثيره تلك اللقطة هو: من المسئول عن وجودهما متواجهين بهذا الشكل؟
للأسف لم تعد لقطات الكنائس والمساجد المتجاورة تدلل علي الوحدة الوطنية بقدر ما أصبحت تشير إلي تحرش كلا منهما بالآخر، كلما ظهرت كنيسة لا تمر أيام إلا ويظهر المسجد المواجه بنفس الحجم والارتفاع.
في تحليله لظاهرة التعصب الديني يشير د.جلال أمين في كتابه "ماذا حدث للمصرين؟" إلي أن كل المظاهر الحديثة للتدين ما هي إلا محاولة للبحث عن "قيمة" مفتقدة، منها مثلا قراءة القرآن في المترو بصوت عال "يقرأ الرجل في سرعة وبطريقة يصعب جداً معها أن يفترض المرء أنه يفكر فعلا فيما ينطق به، ومن ثم يرجح جدا أن يكون المقصود من هذا السلوك ليس اكتساب رضا الله بل رضا الخلق، أي تأكيد الرجل لنفسه بأنه امرؤ ذو قيمة" وما طبقه جلال أمين علي قارئ المترو وعلي ميكرفونات المساجد يمكن تطبيقه أيضاً علي تحرش دور العبادة ببعضها فهنا يستمد المتعصب/المتحرش شعوره بأنه ذو قيمة من الإمعان في تقليل قيمة الآخرين.
لكن متي تأصل هذا الأمر؟ المؤرخ د.عبد العزيز جمال الدين يقول إنَ هناك عدة شواهد تاريخية تشير إلي سيادة "منطق العند" منذ فترة زمنية تمتد إلي دخول الإسلام مصر، فبعد دخول عمرو ابن العاص وفي الفترة التي اصطلح علي تسميتها بالعهد العُمري كانت هناك أوامر بألا تبني كنائس جديدة، ولكن يتم تجديد القائم منها فقط، القرارات نفسها حددت أيضاً أنه لا يمكن أن توجد كنيسة أعلي من مسجد "حتي إذا حدث، فإن متشددي هذا العصر، كانوا يذهبون إلي القيادة السياسية أياً كان نوعها، ويقولون إن كنيسة كذا تضر بمسجد كذا، وكانت القيادة المسلمة ترسل شهودها المسلمين الذين يؤكدون الأمر، فيؤخذ بشهادتهم".
يضيف جمال الدين إنه علي امتداد التاريخ المصري لا تبني الكنائس إلا بموافقة السلطة الحاكمة، ففي القرن الثامن عشر علي سبيل المثال كان الحصول علي ترخيص ببناء كنيسة للمصريين القبط أو حتي أن يقوموا بإصلاح وترميم ما تهدم من الكنائس القديمة أمراً غاية في الصعوبة "إحدي الأميرات جاءت من الأستانة إلي مصر لقضاء مناسك الحج، فاهتم المعلم يعقوب بأمرها وكان من رموز السلطة الدينية وقتها وأدي ما تريده من خدمات لراحتها، كما قدم لها الهدايا، فأرادت مكافأته ومدحه لدي السلطان فالتمس منها السعي في إصدار فرمان سلطاني بالترخيص له ببناء كنيسة بالأزبكية!".
هناك أمثلة عديدة علي "التحرش" يضيف جمال الدين منها مثلا ما ذكره علي باشا مبارك في خططه حيث أشار إلي أنه تم تدمير مجموعة كبيرة من الكنائس علي يد السلطات التي كانت تسوق مبررات واهية "والتاريخ يسجل أن هناك تواطؤاً دائم مع السلطة من أجل هذا الأمر"، وتكررت الحوادث وأصبحت الشواهد عصية علي الحصر، لكن هذا لا يعني أن كل الحكام كانوا مترصدين، فكما ذكر جمال الدين فإن العكس قد يحدث أحيانا؛ فبعد دخول عمرو بن العاص مصر، أخذ يبحث عن البابا بنيامين الذي كان يرفض قرارات "مجمع خلقيدونية" الذي كان تابعا للمقوقس وأراد من خلاله الاستبداد بالسلطة الدينية، حتي عثر عمرو بن العاص علي مكانه وأعطاه الأمان للحضور إليه، واحتفي به ورده إلي كنيسته وكف عنه الأذي، وهذا شجعه علي تعمير الأديرة التي خربها الفرس في وادي النطرون، وجمع إليها رهبانها المشتتين.
أخيراً يري جمال الدين أن الحل في إصدار قانون دور العبادة، حتي ينظم عملية البناء، لأنه وبرغم هذا كله فإن كل الشواهد التاريخية تؤكد أن ما يحدث حتي الآن من مظاهر اجتماعية إنما تؤكد علي هوية مصرية والواحدة "فأعياد اليوم وتقاليدها ما هي إلا امتداد لمصر القديمة، تلك التي لم يطمسها اختلاف العصور، ولا تغير العقيدة، ولا تبدل الزمن".
يكفي أن تسير علي الطريق الدائري الآن لتري مظاهر مطاردة دور العبادة لبعضها يقول المعماري عصام صفي الدين، ويضيف أن العمارة كانت دائما داعمة للدور الديني، تقي المصلين مخاطر الطبيعية وغدر العدو، لكنها أصبحت الآن مشابهة لما تحول إليه التدين نفسه، تدين شكلي يهتم بالمنظر أكثر من اهتمامه بالجوهر.
يؤكد صفي الدين أن العمارة في مصر كانت أول دليل علي الوحدة، والتأثيرات المعمارية في دور العبادة تؤكد ذلك، عمارة الكنائس كانت سابقة علي المساجد، والأولي كانت بدورها مستقاة من العمارة البيزنطية واليونانية الرومانية، ثم بدأ الأقباط في مصر بناء الأديرة والكنائس في الواحات"هذه كنائس مصرية خالصة قامت علي الطرز الشعبية المصرية، وتم فيها الدمج بين الشعبي والديني، ومن أفضل النماذج علي ذلك الكنائس التي أقامها رمسيس ويصا واصف".
ومن البديهي أن العرب حينما دخلوا مصر والأقطار الأخري لم يكن لديهم أية خبرة في المجال المعماري، حيث فرضت عليهم بيئتهم الصحراوية العيش في البادية، والمدن بشبه الجزيرة العربية منعزلة عن باقي الحضارات القديمة سواء في العراق أو مصر أو اليمن، فلم يعرف العرب في شبه الجزيرة الأبنية الضخمة من معابد أو قصور أو منازل كالتي كانت توجد في مصر.
لذا يقول صفي الدين أنه وبعد دخول الإسلام مصر، استفاد كثيرا من الطرز المعمارية التي كانت موجودة، وبدأ المسلمون في الاستعانة بالمسيحيين لمساعدتهم في بناء مساجدهم ومنازلهم وقصورهم وحماماتهم وأسواقهم وغيرها من الأبنية، فكان من الطبيعي أن يظهر تأثير الحضارة المصرية القديمة واليونانية الرومانية في العمارة الإسلامية الأولي بمصر، وذلك لأن الباني هو نفس المصري الذي شيد هذه الأبنية في مصر القديمة واليونانية والرومانية ويتجلي هذا واضحا في عمارة المساجد في مصر من حيث التصميم العام للمسجد، وكذلك العناصر المكونة له وكذلك زخارفه ونجد هذا واضحا في وجود مدخل رئيسي يؤدي إلي فناء مفتوح ثم صالة للأعمدة ثم الجزء الداخلي للصلاة ومكان المحراب، كذلك وجود مسلات ثم الأبراج في المعابد والكنائس ونجد تمثلها في المسجد بالمآذن. كما أن تصميم النوافذ والمزودة بالزجاج الملون في الكنائس تم تطبيقه في نوافذ المساجد، إلي جانب زخرفة المعابد بالنصوص الدينية ومثلها في الكنائس الذي زخرفت بالنصوص المسيحية بالغة القبطية ثم زخرفة المساجد بنصوص من القرآن.
المسجد استفاد من رحلة الكنيسة القبطية وأضاف إليها "صرحية البناء الفرعوني" وعبقرية النجار القبطي، وأصبحت دور العبادة كلها تتشارك في التوجه المحوري للحائط النهائي (قدس الأقداس/ المحراب/الهيكل/المنبر/القبلة).
يؤكد د.حسام الدين إسماعيل أستاذ الآثار الإسلامية الفكرة نفسها ويضيف أن التخطيط القبطي، يختلف عن التخطيط البازيليكي الذي ظل سائدا لفترة في عدد الهياكل إما ثلاثة، أو خمسة، أو سبعة، ويغطي كل منها قبة. كذلك يوجد ممر خلف الحنية الرئيسية يربط بين الهياكل. ويفصل الهياكل وجسم الكنيسة الرئيسي أجنحة خشبية. ويؤكد إسماعيل أن كثيراً من الكنائس بنيت وجددت في العصر الإسلامي، وكان الطراز الغالب عليها هو نفس طراز العصر الذي بنيت فيه (فاطمي، مملوكي، عثماني)؛ والعناصر المعمارية والزخرفية المستخدمة في هذه الكنائس والأديرة هي نفسها الموجودة في المباني الإسلامية، بل نجد كذلك التخطيط المعماري في بعض الكنائس يتبع تخطيط العصر، وعلي الأخص في العصرين الفاطمي والعثماني، وهناك بعض النماذج المعمارية (الكنائس والأديرة) التي تأثرت ببعض العناصر المعمارية الإسلامية، مثل كنيسة أبانوب في مدينة سمنود حيث جاءت القباب فيها علي شكل القباب الضحلة، الموجودة بالخصائص المعمارية في مساجد العصر العثماني، وكذلك مناطق انتقال القبة، فمع مرور الزمن بدأ المسلمون في استخلاص فن معماري خاص بهم بإضافة عناصر إسلامية منفردة لم تعرفها الحضارة المصرية الفرعونية أو خلال العصر اليوناني الروماني حيث أدخلوا الزخارف الهندسية والنباتية في العمارة الإسلامية سواء في الأبنية الحجرية أو العناصر الخشبية، وأصبحت الجدران الداخلية والخارجية مزينة بزخارف جديدة، وأصبح لكل عصر من العصور الإسلامية في مصر سماته خاصة في المآذن والقباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.