نوبل هذه المرة ليست مفاجأة. أن تذهب الجائزة إلي ماريو بارجاس يوسا أمر متوقع منذ سنوات،. بل يمكن القول أنها اخطأته في السنوات السابقة، وذهبت إلي أسماء لم يكن يعرف أحدا عنها شيئا، ولم تقدم إنجازا حقيقيا، مثل الذي قدمه. تلقي يوسا خبر الجائرة بينما كان يستعد لإلقاء محاضرة في نيويورك عن بورخيس..وقال تعليقا علي خبر الفوز:" أشعر بسعادة طاغية"، العبارة التي كررها عدة مرات، قبل أن يضيف عبر الهاتف لجريدة الباييس الإسبانية: " السعادة اقتسمها مع اصدقائي". ويحكي يوسا أنهم عندما اتصلوا به ليخبروه بفوزه ظنتْ زوجته أنهم يمزحون، بينما شعر هو بتأثر كبير، ردد أن هذه الجائزة "تكريم للأدب المكتوب بالإسبانية". وفي حديثه مع راديو كولومبيا قال إنه ظن أن الاكاديمة نسيته تماماً، وأضاف انه لم يكن يعرف حتي أن الجائزة تُمنح هذا الشهر. أما حيثيات الفوز فجاءت كما تأتي عادة في سطرين :" لتصويره المفصل للصراعات علي السلطة وصوره المحددة المعالم حول صمود الفرد وتمرده وفشله«. واشاد سكرتير الاكاديمية السويدية بيتر انجلوند بيوسا الذي حصل عام 1993 علي الجنسية الاسبانية منوها ب"اديب ملتزم في المجتمع" يعتبر ان "الكاتب لا يفترض به ان يكون مسليا فحسب". ووصف انجلوند يوسا بأنه "راوي طور فن سرد القصص بطريقة رائعة". وأضاف بعد اتصال هاتفي اجراه مع الفائز ان "انتاجه يكشف عن رجل يحركه الشغف. وكانت له ردة فعل رجل شغوف، كان في غاية السعادة وشديد التاثر". من جهته قال ماريو فارغاس يوسا في تصريح للاذاعة الكولومبية ار سي ان معلقا علي منحه الجائزة "لم تراودني الفكرة حتي بأنني مرشح". واضاف "اعتقد انه اعتراف بادب اميركا اللاتينية والادب باللغة الاسبانية، وهو امر يجب ان نسعد به جميعا". وحين سألته اذاعة ار بي بي البيروفية كيف علم بفوزه بالجائزة؟ قال "كنت مستيقظا اعمل منذ الخامسة صباحا ورن الهاتف.. حضرت باتريثيا (زوجته) وقالت لي اتصل سيد يتكلم الانجليزية وقطع الاتصال". وتابع ان ذلك السيد كان في الواقع "السكرتير العام للاكاديمية. ظننت انه مقلب. فقد وقع البرتو مورافيا (الكاتب الايطالي) في المقلب الخبيث ذاته، اتصل به احد اعدائه، لكنه لم يكن حصل علي الجائزة في الواقع". وقال معلقا "اشعر بالرغبة في القيام بنزهة في حديقة سنترال بارك. انها طريقة جيدة لبدء يوم نيويوركي". أما وكيلته الأدبية التي تشارك في معرض فرانكفورت الآن فقد اكدت "انها فرحة عظيمة. الامر لم يكن متوقعا اطلاقا لكنه يستحق ذلك. لم نكن نعتقد انه سيحصل عليها". يوسا ليس غريبا عن الثقافة العربية، ترجمت كل أعماله أولا بأول، كان حريصا علي الاستجابة للدعوات التي تلقاها لزيارة البلدان العربية، هكذا زار مصر وسوريا. عرف العديد من الأدباء وقرأ لهم.. كان متعاطفا مع العديد من القضايا العربية، آخر مقال نشره ( ترجمته أخبار الأدب منذ أسبوعين) دفاعا عن الإسلام وضد الدعوي التي أطلقها القس الأمريكي بإحراق القرآن. تماما كما كان متعاطفا مع الشعب الفلسطيني، وحقه في تأسيس دولة. ولكن بعيدا عن صيغ التعاطف " العربي " ثقافة وموقفا" يبقي يوسا أحد كبار الكتاب في العالم.. وأكثرهم إثارة للجدل. الرجل المولود في بيرو عام (1936) دخل إلي عالم الكتابة رغبة في تغيير العالم وتوسيعه، وهي الرغبة التي جعلته يرشح نفسه رئيسا لجمهورية بيرو قبل أن يخسر الانتخابات ويعلن ندمه الشديد علي خوض التجربة. وهذه الرغبة هي التي لم تجعله يستقر ربما إلي " مذهب".. هكذا خاصم الماركسية، وأعلن ذلك، ودفع البعض إلي اعتباره يمينيا، ولكن كان يبرر دائما ما يقول بأنه يبحث عن " الحرية" بعيد عن التحزبات...الحرية ولا شيء آخر وفي أي مكان! يوسا، المولود في 28 مارس سنة 1936، عضو في أكاديمية اللغة الإسبانية، وحاز علي أهم الجوائز الدولية الموجودة في لغته، والتي من بينها جائزة ثربانتس وأمير أستورياس، وهو المرشح الدائم لجائزة نوبل منذ عدة سنوات مضت، وهو صاحب أعمال تركت آثارها للأبد في الأدب المكتوب بالإسبانية، ولعل أشهرها " المدينة والكلاب" و" البيت الأخضر" و" حوار في الكاتدرائية". ويتعاون يوسا بكتابة مقالات في جريدة الباييس الإسبانية، وهو المكان الذي يبرز فيه كمثقف كبير ومهموم بقضايا العالم أجمع، كما أنه كتب عن العديد من الكتاب الكبار مثل ماركيز وفلوبير وكارلوس أونيتي دراسات نقدية اضافت رؤية حقيقية ومتوسعة لأعمالهم. وأخيراً، بعد أن غابت اكبر جائزة في العالم عن اللغة الإسبانية، فسابقه اوكتابيو باث حصل عليها سنة 1990، تعود من جديد بكاتب أضاف ليس فقط للسرد الإسباني، وإنما للسرد العالمي.