تنفرد أخبار الأدب بتوثيق ملكية مصر وتحديد المصدر الذي اختفت منه الوثائق المعروضة للبيع في المزاد الذي سيقام 7 أكتوبر القادم بصالة سوذبي بانجلترا، دون ان تتحرك وزارة الآثار لوقف بيع 12 قطعة من تراث مصر اسلامي في العصر المملوكي وكانت أخبار الأدب قد انفردت في العدد السابق بنشر تفاصيل المعروضات. الوثيقة المعروضة للبيع هي مخطوطة نادرة تخص قانصوة الغوري آخر سلاطين المماليك البرجية، والمخطوطة تمثل وقفية قانصوة للحرم المكي بعد ان مر ت مجموعة المباني التي تتضمنها الوقفية بمراحل بيع وشراء بين عدة أطراف ، وبالرجوع إلي المراجع التاريخية المتخصصة وبعض الرسائل وابحاث العلمية توصلنا بما لا يدع مجالا للشك إلي حقيقة أن تلك المخطوطة النادرة هي من محفوظات وزارة الأوقاف المصرية، وهو ما يؤكد أزمة الوثائق في مصر ومدي اهمال الذي تتعرض له والتقصير الشديد في البحث لاثبات ملكيتها لاستعادتها حيث يتفرق دم الوثائق المفقودة بين القبائل لما تعانيه تلك الوثائق من تعدد جهات الحفظ بما يسهل عدم متابعتها حين تفقد حيث تتوزع جهات حفظ وثائق مصر بين دار الوثائق القومية التابعة لوزارة الثقافة و وزارة اوقاف ودار المحفوظات العمومية بالقلعة التابعة لوزارة المالية. وكانت صالة سوذبي للمزادات قد اعطت وصفا واضحا لمحتوي وثيقة الوقف ضمن كتالوجها الخاص بمعروضات المزاد وأوضحت ان الوقف مؤرخ في عام 863 ه / 1459 م، وجاء في وصف سوذبي للوثيقة أنها وثيقة تاريخية مثيرة للاهتمام تتعلق بشراء "مجمع من المباني" في القاهرة اشتراها رجل يدعي شمس الدين وبعد عدة عمليات للبيع والشراء تؤول هذه المباني في نهاية المطاف إلي السلطان المملوكي، قنصوة الغوري. لتصبح وقفا لبيت الله الحرام، وبئر زمزم، والمسائل المتعلقة بالحج. وتنص الوثيقة علي أن شمس الدين محمد جمال الدين عبد الله، المعروف باسم المعلم من" الفرايين" قد اشتري مجموعة المباني هذه من سراج الدين عمر بن شهاب الدين أحمد بن شمس الدين محمد المعروف بابن زريق، ويوضح كتالوج سوذبي وصف المباني المباعة كما جاء في الوثيقة، كما يوضح كيف تمت عملية الشراء والمبلغ المدفوع وهو خمسة آلاف دينار وشهود الشراء وكيف تكرر البيع والشراء علي نفس المبني وانه عاد إلي ملكية نجل البائع الأصلي، أحمد بن سراج الدين عمر، في 19 ذي القعدة 897 ه / 1492 م ثم تم وقفه. ولا تختلف المعلومات المذكورة في كتالوج صالة سوذبي في قليل أو كثير عن الملعلومات التي توصلنا إليها في نهاية مطاف طريق طويل من البحث انتهي بنا إلي عدد من المراجع التي تتضمن معلومات عن الوثيقة من أهمها رسالة دكتوراه غير مطبوعة بجامعة القاهرة عام 1956 بعنوان" دراسات تاريخية وأثرية في وثائق من عصر السلطان الغوري " للدكتور عبد اللطيف إبراهيم "رحمه الله" أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة وله أيضا دراسة بعنوان وثائق الوقف علي اماكن المقدسة..دراسات في تاريخ الجزيرة العربية ، إضافة إلي تضمين صورة للوئيقة المعروضة للبيع في ملاحق رسالة دكتوراه الدكتورة زينب محفوظ ، وكان المرجع الرئيسي الذي تمكنا بالفعل من اطلاع عليه هو كتاب الدكتور محمد محمد أمين " فهرست وثائق القاهرة"حتي نهاية عصر سلاطين المماليك)239 ه 922ه /835 1516 م ) للدكتور محمد محمد أمين الاستاذ بكلية اداب جامعة القاهرة الذي فهرس تلك الوثيقة برقم مسلسل 293 وأوضح أنها تحمل رقم 69 ج بتاريخ 13 محر م 863 ه وهي عبارة عن وثيقة بيع من سراج الدين عمر بن أحمد بن محمد المشهور بابن زريق إلي محمد بن اسكندر عبد الله معلم الفرايين، ثم يتكرر البيع مرة أخري بتاريخ 3 ربيع أول 863 ه فيبيع محمد بن اسكندر إلي عمر بن أحمد المالك الذي باع هذه المباني أولا " وفقا للوثيقة" وفي 7 ربيع اخر 863 ه يعود عمر بن أحمد إلي بيع المباني مرة ثانية ولكن هذه المرة يبيعها إلي محمد بن محمد بن عثمان الشافعي وأبو الخير محمد ابن أحمد بن محمد الزموطي و في النهاية يتم نقل نفس الملكية إلي الشهابي أحمد بن عمر بن أحمدبن زريق في 19 ذو القعدة 897 ه مع تحويلها إلي وقف في هذا التاريخ، وتشتبك تلك الوثيقة مع وثيقة أخري حملت الرقم المسلسل 394 وتحمل رفم 313 ج في محفوظات اوقاف وتاريخها 3 ربيع أول 863 ه وهي وثيقة بيع من شمس الدين محمد بن اسكندر بن عبد الله إلي سراج الدين عمر بن أحمد بن محمد بن زريق، "البائع اول للمباني" وبتاريخ 7 ربيع اول، ضمن الوثيقة 313ج، يبيع عمر بن محمد جزءا مما اشتراه مرة أخري ويشير المؤلف في الهامش إلي أن الوثيقة التي تحمل رقم 69 ج هي وثيقة سليمة كاملة نشرتها الدكتورة زينب محفوظ في ملاحق رسالة دكتوراه، برقم مسلسل (287م)، ولا يترك لنا التطابق في المعلومات الواردة بالوثيقة المعروضة للبيع وتلك المفهرسة بالفعل ضمن وثائق"الدفترخانة" التابعة لوقاف فرصة للتشكك في ان الوثيقة المعروضة للبيع مصرية مائة بالمائة وان الاختلافات الواردة ربما ترجع لاختصارات "سوذبي" للأسماء.