بدأ مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية، موسمه الثقافى الجديد بتنظيم ندوة بعنوان "الأديرة القبطية – النقوش الأثرية". تحدث فى الندوة كل من الدكتور يوحنا نسيم يوسف، كبير باحثين بمركز الدراسات المسيحية المبكرة فى الجامعة الكاثوليكية بأستراليا، والدكتور عاطف نجيب؛ مدير عام متحف آثار أسوان. وتحدث فى الجلسة الافتتاحية أحمد منصور؛ نائب مدير مركز دراسات الكتابات والخطوط بمكتبة الإسكندرية، حيث قدم عرضاً لاهتمام المركز بمجال توثيق النقوش والكتابات القديمة بمختلف أنواعها، وركز العرض على نشاط المركز فى توثيق ودراسة النقوش والكتابات القبطية فى مصر. وقال، إنه منذ انطلاق أنشطته، أخذ مركز دراسات الكتابات والخطوط على عاتقه سد الثغرات القائمة فى مجال دراسات النقوش والكتابات، وانصب تركيز المركز على الدراسات والتخصصات غير المدرجة فى الجامعات المصرية. وأضاف أن المركز سعى من خلال برنامج تعليم اللغات والخطوط القديمة إلى تعليم اللغة القبطية من خلال دورات تعليم القبطية والتى تهدف إلى استخدامها فى قراءة النقوش الأثرية والبرديات سواء فى المواقع الأثرية أو فى المتاحف. وأشار إلى أن عام 2010 يمثل خطوة هامة لمركز دراسات الخطوط والكتابات بالدراسات القبطية، حيث جاء تنظيم المؤتمر الدولى الأول للدراسات القبطية تحت عنوان: "الحياة فى مصر خلال العصر القبطى... المدن والقرى، رجال القانون والدين، الأساقفة ". وفيما يخص الأنشطة المستقبلية فى مجال الدارسات القبطية تركيزًا على النقوش القبطية، قال إن مركز الخطوط يعلن عن عقد ورشة عمل لتدريب الأثريين وللباحثين فى مجال الدراسات القبطية على قراءة النقوش القبطية سواء على الأوستراكا والبرديات، مما يساهم فى رفع مستوى البحث العلمى فى مجال النقوش القبطية. وسوف تعقد الورشة بالتعاون مع جامعة أيوا الأمريكية، والبعثة الأثرية العاملة فى الدير الأحمر بسوهاج. وتلت الجلسة الافتتاحية محاضرة بعنوان "الكتابات والنقوش فى الأديرة المصرية: من الإسكندرية إلى الفيوم"، ألقاها الدكتور يوحنا نسيم يوسف. جاءت المقدمة بنظرة عامة على تطور الكتابة القبطية على النقوش وتنوع الكتابات التى عثر عليها فى الأديرة المختلفة ما بين كتابات تخليدية، تعليمية أو جنائزية، بالإضافة إلى المواد المختلفة التى استعملت للكتابة كالفخار، الشقافات، الخشب أو اللوحات الجدارية. وتناولت المحاضرة عرضاً سريعاً للهجات القبطية المختلفة كاللهجة الصعيدية والبحيرية. وشرح الباحث الأصل السريانى لكلمة دير والمعانى العديدة التى تحملها هذه الكلمة فقد تستخدم بمعنى بلده أو مقابر أو بمعناها الأشهر مسكن للرهبان والراهبات، حيث كان أول ذكر لها فى القرن 12 الميلادى. وتعرض الباحث لمدينة الإسكندرية ومحيطها التى ازدهرت الحياة الديرية بها، فقد ذكرت بعض المصادر أن عدد الأديرة أو التجمعات الرهبانية وصلت إلى 300 دير، وإن لم يكن الرقم دقيقاً فإنه على الأقل يؤكد كثرة الأديرة بالمدينة ومحيطها. وتناول الباحث عدداً من تلك الأديرة بدءًا من دير مار مينا وهو أحد أهم الأديرة التى وجدت بالقرب من مدينة الإسكندرية؛ فقد بنى فى القرن الخامس الميلادى وهدم فى القرن التاسع وقد أعيد اكتشافه صدفةً فى القرن العشرين الميلادى. وترجع أهمية هذا الدير لكونه أحد أهم وجهات الحجاج فى العصور المسيحية المبكرة، الأمر الذى دفع بإقامة مدينة متكاملة تشمل مختلف الأنشطة لخدمة الحجيج. كما عثر بالمنطقة على العديد من الآثار الهامة، ومن أشهرها القنينات التى تحمل صورة واسم القديس مار مينا التى استخدمت لنوال البركة فى تلك العصور. وجدير بالذكر أنه لازال استخدام هذه القنينات قائماً بين الأقباط حتى اليوم. وتناولت المحاضرة منطقة كيليا (القلالي)، القريبة من النوبارية، التى اكتشفت فى عام 1964؛ وهى ثانى أقدم تجمع رهبانى فى العالم حيث بدأت الحياة الرهبانية فيها فى منتصف القرن الرابع الميلادى ووصل عدد رهبانها إلى 600 راهب. ثم انتقل الباحث إلى الحديث عن منطقة وادى النطرون التى أنشأت الحياة الرهبانية فيها على يد القديس مكاريوس الكبير، وتعرض الباحث كذلك للعديد من الأديرة القبطية فى تلك المنطقة كدير أبو مقار، دير الأنبا بيشوى، دير السريان ودير البراموس، والتى عثر بها على العديد من النقوش التى كتبت بلغات مختلفة كالقبطية، اليونانية، السريانية والعربية. واختتمت المحاضرة بأمثلة من دير الأنبا أرميا بسقارة التى عثر بها على كتابات على الخشب، والشقافات والأحجار كتبت بالقبطى، اليونانى والعربى.