عزيزى ساعى البريد أشعر بهذا القلق الذى يملأ قلبك وهذه المسئولية التى ألمت بك، عندما عجزت عن توصيل خطابات البريد إلى المواطن "محمد مرسى" أتخيلك وإن ترددها فى نفسك "سيدى الرئيس خطاباتك لاتزال فى جيبى"، بعدما وقفت جماعة الإخوان المسلمين حائلا بينك وشعبك. عزيزى ساعى البريد.. عذراً لقد دفعنى الفضول أن أفتش فى هذه الخطابات التى أرسلها المصريون إلى رئيسهم، فشدنى خطاب الطفلة "منة" ذات السبع سنوات التى كتبته بقلمها ال"رصاص" تستعطفك يا سيادة الرئيس أن تتقى الله فى مصر وأطفالها فلقد أزعجها صوت ال"رصاص" وحال دون وصولها إلى مدرستها، فتعود إلى منزلها مرة أخرى تفتح حقيبتها الصغيرة وتستخرج منها "كراسة الرسم" وتفتش بداخلها حتى تصل إلى هذه الصفحة التى رسمتها بالألوان الزاهية فيها الأشجار المثمرة وشمس الحرية والأمل تشرق فوقها، وقد كتبت عليها "مصر بعد الثورة"، فتمزقها بعدما تساقطت دموعها فوق الألوان فلطختها، لتصرخ مرددة "مبارك قتل المتظاهرين ومرسى قتل أحلام المصريين".. لك الله يا مصر. عزيزى ساعى البريد.. لقد قرأت خطاب "أم جيكا" وهى تقول يا ريس لو مش قد المسئولية سيب البلد وأنا مش هسيب حق ابنى يضيع هدر، وتنادى على المتظاهرين لا تعودوا من الميدان إلا ومصر معكم، لقد رأيت خطاب هذا الشاب الإخوانى الذى أحرقت النيران جزءا من خطابه، بينما صرخاته واستغاثاته حملها باقى الخطاب وهو يناديك ارحمنا يا ريس فتصريحات حاشتيك الاستفزازية أحرقت قلوب المتظاهرن فقرروا إحراق مقار حزبنا فوقفنا ندافع عنها، وتعدى المواطن المصرى على أخوه المصرى واختلطت الدماء وأزهقت الأرواح فى أنك تقمصت يا ريس دور المتفرج من قصر الاتحادية برفقة حاشيتك من مكتب الإرشاد، ولم تكلف نفسك بتقديم واجب العزاء فأرسلت زوجتك. عزيزى ساعى البريد لقد شدنى خطاب "الخالة صفية" الذى أرسلته إلى الرئيس وانتظرت الرد فلم ولن يرد، لأنه غير مزيل بشعار الإخوان، وبالرغم من بساطة كلماته وعباراته لكنه يحمل واقع اليم، لأم من ريف مصر، تقضى ثلث يومها فى "الطوابير" العيش والأسطوانات والسكر والزيت، فلا وقت لديها لمتابعة أعمال التأسيسية ولا يهمها اسم النائب العام الجديد، ولا تتابع مصير مجلس الشورى، فالجوع والفقر وألم المرض يدق فى جسدها، تسلى نفسها طول رحلتها إلى المخبز البلدى الذى يقع على مدخل قريتها وهى تغنى "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية" وكأنها تعزى نفسها. عزيزى ساعى البريد.. أن أصوات المصريين من خلال رسائل البريد لن تصل الرئيس طالما لم يسمع صوت الميدان، طالما لم تهزه صورة مبارك خلف قضبان الحديد، طالما لم يوقظه صفير قطار أسيوط وهو يغتال أحلام الملائكة، طالما يصلى ودماء الشهداء تلطخ يديه، طالما سيطرت "الجماعة" على أذنيه، فلك الله يا مصر.