في ظل احتدام الصراع بالسودان الذى يتسبب في معاناة الملايين من الأطفال والنساء والمدنيين، يأتي مؤتمر القاهرة لوقف الحرب شعاع ضوء لإنهاء هذه المأساة والمعاناة وإتاحة الفرصة أمام الفرقاء لإنقاد وطنهم من الضياع بعد أن بات في مهب الريح، والمقدر نجاح القاهرة في دعوة أكثر من 50 من قيادات القوى السياسية والمدنية والمجتمعية وشخصيات قومية ورجال دين، وراعت التوازنات بين القوى المحسوبة على مساندة الجيش السودانى والقوى الموالاة لقوات الدعم الدعم السريع. ونأمل في أن يتحول البيان المؤتمر الختامى إلى خريطة طريق لإنقاذ السودان من ويلات الحرب، خاصة أنه جاء مبشرا، فقد ركز على استمرار التشاور بين القوى السياسية والوطنية السودانية من أجل وقف الحرب فى البلاد، والتأكيد على أن الأزمة تسببت فى كارثة إنسانية، وأن الحرب مزقت السودان، وكذلك التأكيد على ضرورة المصالحة الشاملة والوقف الفورى لإطلاق النار، وإدراك الجميع أن الأزمة السودانية هى الأكبر فى العالم ومن الضرورى وصول المساعدات والحفاظ على السودان موحدا. وهو ما يتطلب البناء عليه كخطوة مهمة نحو الحل، لبناء جسور الثقة بين الفرقاء فى السودان لإنقاذ بلادهم من مخططات خبيثة هدفها التقسيم والتدمير، وفرصة حقيقية لعدة اعتبارات، أهمها حضور دبلوماسيين من دول جوار السودان، وممثلين عن منظمات دولية وإقليمية، بينها الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، ومنظمة (إيجاد)، بالإضافة لأطراف منبر جدة، ومبعوث الولاياتالمتحدةالأمريكية للسودان توم بيريلو، خلاف حرص مصر على إنهاء الأزمة وذلك بتوظيف ثقلها السياسى والاستراتيجى، لذا يجب اغتنام الفرصة. نعم اغتنام هذه الفرصة ضرورة حتمية ومسئولية أخلاقية تقع على عاتق الفرقاء، فيكفى أن يتذكروا أن هناك ما يقارب 18 مليون شخص في أنحاء السودان، يعانون من الجوع الحاد، ضمن عدد السكان الإجمالي البالغ 48 مليون نسمة، وأن أكثر من 5 ملايين شخص يعانون من مستويات طارئة من الجوع وذلك في المناطق الأكثر تضررا من الصراع. ويتذكروا أيضا أن 3.6 مليون طفل دون سن الخامسة في السودان، يعانون من سوء التغذية الحاد، ناهيك عن الأوضاع الصحية والتعليمية والاجتماعية الصعبة للغاية وتدمير البنية التحتية. وعلى الأشقاء في السودان أن لا يعولوا على أحد لحل مشاكلهم، وإنما التعويل يتطلب إعادة ترتيب البيت السودانى، وعقد مصالحة عاجلة، وأن يستفيدوا مما يحدث في غزة، فقد وضح وضوح الشمس زيف المجتمع الدولى والقوى العظمى التي لا تعرف إلا مصالحها، وأن كل القوانين الدولية توظف من أجلهم ومن أجل مصالحهم الخاصة، فالشعوب هي من تدفع الثمن في النهاية..