بداية خالص العزاء لكل من فجع فى وفاة البابا شنودة ! والله أسأل كما ذهب هو لمن هو خير منا أن يخلفنا خيرا منه ! ولكن لى مع هذا الحدث وقفة، هذا الحدث يكشف عن مدى عظمة وأصالة هذا الشعب: إذ على رغم أن هذا الشعب أغلبيته الكاسحة من المسلمين إلا أننى لم أشهد وفاة حظيت على المستوى الإعلامى والرسمى ومؤسسات المجتمع المدنى، كما حظيت جنازة البابا ! ولم ينكس العلم المصرى _على ما أعلم – منذ اغتيال الرئيس السادات إلا هذه المرة رغم وفاة رموز كبيرة من الساسة أو الدعاة كالإمام الشعراوى أو رغم حدوث كوارث ونكبات راح ضحيتها المئات والألوف أحيانا مثل زلزال 92 مرورا بعبارة السلام وسالم إكسبريس وقطار الصعيد وشهداء الثورة وأحداث ماسبيرو ومحمد محمود وأخيرا كارثة بورسعيد ! وهذا إن دل كما قلت يدل على نفاسة المعدن المصرى الأصيل ومدى اهتمامه بما يعزز لحمته الوطنية! قام مجلس الشعب ومجلس الشورى كغيرهما من مؤسسات الدولة بنعى البابا وعدد الدكتور الكتاتنى مناقبه‘ غير أن بعض وسائل الإعلام التى تطبق على نفسها الآية الكريمة " هماز مشاء بنميم " اختلقت قصة وراحت تنفخ فيها، وتدندن حولها، وهى أن نواب حزب النور لم يقفوا دقيقة حدادا، مع باقى النواب وراحت تروج أن هذا هو سلوك السلفيين وحزب النور كأن ليس فى المجلس إلا نواب حزب النور ! الفيديو الذى راجعته بنفسى لم أجد فى الصورة ما يدل على نائب بعينه حتى نعرف من أى اتجاه هو؟ بل الصورة تشير إلى أن كل المجلس وقف وهل حزب النور الذى يمثل نوابه ما يزيد على خمس نواب المجلس لو تعمدوا جميعهم عدم الوقوف لظهرت الصورة واضحة ! لكن ومع ذلك لو كنت فى المجلس لما وقفت طالما أنه ليس فى الوقوف عزيمة وليس فى الجلوس جريمة ولا يعدو الحداد كونه عادة لن تحدد مصير الميت بين يدى الله ! والله يعلم أننى لست من حزب النور بل هاجمت الحزب أكثر من مرة فى هذه النافذة، لكن أقول إذا لم يكن الحداد موجوداً فى ديننا فلماذا يصر البعض على أن يلزمنا بما لم يلزمنا به الشرع ؟ ليست المسألة مسألة وفاة البابا أو غيره، مات آباؤنا وأجدادنا وإخوة لنا كثر كانوا جزءً من قلوبنا ولم نفعل معهم غير ما أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الدعاء والاستغفار! ولو كان الحداد مأثورا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لوقفنا على رءوسنا وليس على أرجلنا. إن الحداد الحقيقى والوفاء الحقيقى لمن مات أن نأخذ من سيرته الحسنة ومواقفه الطيبة قدوة لنا. ثم إنى أشم رائحة خبيثة من نفخ هذه الأبواق فى هذا الحدث الصغير وهو محاولة تشويه الصورة الجميلة، التى رسمها الشعب المصرى على كافة المستويات لمدى التضامن والحب بين جناحيه فى هذه الجنازة ! تلك الصورة التى ذكرتنى بصديقى المسيحى رزيق الذى كان يقوم مقامى فى الحراسة أثناء الخدمة العسكرية إذا جاءت نوبتى وقت صلاة الجمعة!. وجدت المسلمين يلقون بزجاجات المياه من الأدوار العليا لإخوانهم الأقباط الذين امتلأت بهم الشوارع المحيطة بالكاتدرائية! غير أن قوماً عز عليهم أن يروا هذه الصورة الجميلة لهذا الشعب الطيب فاختلقوا فتنة دقيقة حداد! وعما قريب ستنهض مصر وسوف تقفون أنتم سنوات حدادا على خيبة سعيكم وإفلاس مشروعكم !"إن ربك لبالمرصاد".