أثارت زيارة جون كيرى، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس، إلى حزب الحرية والعدالة – الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين – جدلاً واسعاً حول علاقة الإخوان بأمريكا بعد ثورة 25 يناير، نظراً لأن كيرى لم يقدم على زيارة أى فصيل سياسى فى مصر خلال زيارته باستثناء الحرية والعدالة، وهو الأمر الذى اعتبره مراقبون بمثابة قراءة أمريكية للخريطة السياسية الجديدة فى مصر، لاسيما أن هذه هى الزيارة الثالثة التى يقوم بها مسئول أمريكى للحزب بعد الثورة. من ناحيته، أكد الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمى باسم جماعة الإخوان المسلمين على أنهم يرحبون بالتعاون مع أمريكا وجميع دول العالم، وذلك بشرط احترام استقلالنا وكرامتنا وحريتنا، وعدم التدخل فى الشئون السياسية الداخلية لمصر، وكذلك عدم فرض سياسات معينة علينا، وذلك لأنهم يعرفون مبادئنا وأخلاقنا وحضارتنا . وشدد المتحدث الرسمى لجماعة الإخوان المسلمين على أنهم لن يقبلوا أى معونات مشروطة من أمريكا أو غيرها تتناقص من سيادتنا، قائلاً: "أى حد عايز يساعد أى دولة أهلاً وسهلاً بيه"، مشيراً إلى أن موقف الإخوان كان دائماً رافضاً للإدارة الأمريكية نفسها وسياستها فى التعامل، وليس الشعب الأمريكى الذى يكنون له كل احترام وتقدير . وعلق غزلان على طبيعة العلاقة بين الإخوان وأمريكا أوقات النظام السابق وشكلها فى المستقبل قال إن الوضع اختلف تماماً، قائلاً: لم تكن هناك علاقة على الإطلاق، ولكن بدأت تتطور هذه الأيام، وذلك لتواجد النظام السابق الذى كان أكبر حليف لها ومواقفه المنحازة لإسرائيل، وكذلك انحياز أمريكا لإسرائيل، وكان هذا يفقدها العدالة الكاملة، مطالبها بأن تراجع سياستها مع الشرق الأوسط وعدم تقديم الانحياز إلى إسرائيل، قائلاً: "وإذا كانت العلاقة هتمشى بالاحترام المتبادل ستكون جيدة من ناحيتنا". وقال غزلان، إن أول مطالبهم لأمريكا كانت وستكون عدم الانحياز إلى الجانب الإسرائيلى وتوخى الموقف العادل، مشيراً إلى أنهم لم يستقبلوا حتى الآن سوى ثلاثة وفود من الجانب الإسرائيلى فقط، منهم ممثل للبيت الأبيض وأعضاء من الكونجرس الأمريكى، والأخيرة كانت لجون كيرى. وعن المساعدات الأمريكية وإمكانية قبولها، قال نرحب بأى مساعدات من الدولة، وكذلك المعونات الأمريكية دون أن تنتقص من السيادة، قائلاً: "اللى عايز يقدم أى مساعدات فأهلاً وسهلاً بيه، دون أن يفرض شروطه علينا". ومن جانبه، قال عزب مصطفى عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، إن العلاقة بين الإخوان وأمريكا ستكون حميمة إذا اقتنعوا بوجهه نظرنا وغيروا السياسات التى يستخدمونها ضد العرب، وعن السبب الذى جعل أمريكا تتقرب للحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين دون غيره من باقى الأحزاب، وأن هذا يتلخص فى زيارة جون كيرى للإخوان. وقال عزب، إن فوز الحرية والعدالة بمعظم مقاعد المرحلة الأولى جعلهم يقدمون للتقرب من الحزب، ولأنه أصبح يمثل الشعب، لافتاً إلى أنهم سيحترمون كل الاتفاقيات الدولية التى أقامتها مصر أيام النظام السابق . وتابع عزب سنتعامل مع كل الدول حسب الاتفاقيات الموجودة، إلا إذا أصدر الشعب فى استفتاء شعبى أنه يرفض هذه الاتفاقيات سيتم القبول بآراء الشعب كاملة، قائلاً: "طالما مصلحة مصر مع أمريكا ستكون العلاقة جيدة". من ناحيته، قال الكاتب الصحفى صلاح عيسى، إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تقرأ اتجاهات التصويت فى الجولة الأولى من الانتخابات التى أسفرت نتائجها عن تصاعد سريع لجماهيرية الإخوان المسلمين والتيار الإسلامى بشكل عام، وأشار إلى أن لقاء جون كيرى بقيادات حزب الحرية والعدالة، جاء فى إطار أن الإدارة الأمريكية وضعت فى اعتبارها أن حزب الحرية والعدالة قد يفوز بالأغلبية، ويبدأ فى تشكيل حكومة فبدأت فى إجراء هذه اللقاءات فى إطار التعرف على الجواد الذى قد يكون رابحاً، لاسيما أن الصعود السياسى للإخوان المسلمين لم يقتصر على مصر فقط بعد مرحلة الربيع العربى. وأشار عيسى إلى أن الإخوان يسعون بدورهم منذ سنوات طويلة إلى إرسال رسائل طمأنة للعرب وأمريكا للتأكيد على أن وصولهم للحكم لن يؤدى إلى صدام مع الغرب، نظراً لأنهم يدركون خطورة أن يكون هناك رد فعل سلبى على وصولهم للحكم فى مصر. وأضاف: "من اللافت أن الإخوان حريصون على إرسال رسائل طمأنة للعالم الخارجى أكثر من حرصهم على إرسال رسائل طمأنة للقوى السياسية والأقباط فى مصر". بينما أكد الدكتور عمار على حسن الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تتحرك وفقاً لسياسة الأمر الواقع، وبالتالى فإنها عندما وجدت جماعة الإخوان المسلمين تصعد فى مصر سعت للقاء معها، نظراً لأن أمريكا لها مصالح فى مصر ولابد من تأمين هذه المصالح من خلال التقارب مع الطرف الذى بات أقرب للسلطة فى مصر بعد الثورة. وأضاف: "لم يعد لدى أمريكا أى غضاضة فى التعامل مع التيار الإسلامى المعتدل، خاصة أنها بدأت فى هذا الأمر منذ سنوات، ولم يعد ينطلى عليها فزاعة الإسلاميين التى كان يستخدمها النظام، والآن هى تسعى لكسب ود الحركات الإسلامية المعتدلة لتطويق الحركات المتطرفة، ولذلك فإن كيرى ذهب للقاء الحرية والعدالة، لكنه لا يمكن أن يلتقى بحزب النور السلفى، وهذا جزء من الاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة".